شبكة ذي قار
عـاجـل










الجزء الاول

الحكم على الحركات والاحزاب الثورية التي تتصدى لإحداث انقلاب نوعي وجذري في مجتمعاتها التي تئن تحت وطأة عوامل التخلف والتجزئة والفقر والجهل يجب ان يبنى على معطيات موضوعية منظورة وملموسة، وليست حسية عائمة او تخمينية لا تمتلك خلفيات احصاء ثابتة ومثبتة. فالانقلاب الثوري المدني يجب أن يستحضر عوامل اجتماعية وثقافية قد تمتد على مساحات زمن طويل يمكن ان تتداخل خلالها مضادات فعل داخلية كعوامل العرقلة والتبطيء والتحبيط المعروفة وعوامل تآمر خارجية تتضمن حسابات المصالح المتقاطعة مع الفعل الثوري لجهاتها. وعليه :

فان الهامش الزمني المتاح أمام التغيير المنشود لا يمكن ان يقنن ولا يحدد, من جهة, وان عملية التغيير الثوري المقدس تأخذ قوة زخمها ومتطلباتها التكتيكية والاستراتيجية من عملية خلود لا تعرف التوقف ولا تحدها حدود ولا نهايات, من جهة أخرى.

تميل الكثير من الدراسات الى الركون الى المقارنات النسبية لبيان فضل هذه الحركة الثورية أو الحزب الرسالي على سواها وخاصة في ساحتنا الفكرية والسياسية العربية دون أن يعبر المقارنون عتبة النسبية في الحالات التي تستدعي الاعلان الفصيح والصريح وبلا تحفظ عن تفرد لحزب البعث العربي الاشتراكي. ان التخفي وراء ادعاءات الموضوعية والانصاف والتعددية الفلسفية والمنهجية السياسية لا يلغي ابدا اعلان القول الفصل:

البعث منتج عربي قومي انساني متفرد
الاسباب التي تدفعنا الى عبور ستار الموضوعية المدعاة هنا هو ان حزب البعث العربي الاشتراكي قد برهن الى جانب ثبات حراكه المتعدد الجوانب على التصدي للمتناقضات الاساسية التي تصفع جبين الأمة عبر و بواسطة ثالوثه المقدس: الوحدة والحرية والاشتراكية, فانه بالإضافة الى هذا التفرد:

1- برهن على حيوية تنظيمية متفردة، بل وفريدة عبر انتصاره على قوانين الاجتثاث التي تعتبر هي الابشع والاقسى والاكثر تطرفا في تاريخ السياسة المعاصرة والحديثة.

2- تمكن من تقديم نموذج راقي لإدارة الدولة والتنمية البشرية في تجربة حكمه في العراق تبرهن ان قادة الحزب وعقيدته وفكره في حالة تجانس تام بين المنهج والعقيدة والميدان ومؤهلين عقائديا واداريا ومدنيا وعسكريا ويحملون مهارات مميزة على مستوى الأمة في التخطيط الاستراتيجي والعمل الدولي والقانوني والتربوي والعلمي والقدرات الفذة على احداث فكرة الانقلاب الثوري المدني عبر تثوير الانسان.

3- اثبتت تجربة الحزب في العراق ان منهج الحزب وعقيدته وفكره في قضايا الاستقلال السياسي والاقتصادي جدية ولها مميزاتها وملامحها الخاصة والثابتة. فتأميم النفط والثروات الوطنية والتكامل الاقتصادي على منافذه واطلالاته القومية من جهة وانتاج علاقات دولية تستند فعلا وحقيقة على مبادئ التكافؤ والاحترام والمنافع المشتركة وغيرها الكثير، كلها تبرهن على ان فكر وعقيدة وما طبق منها ميدانيا في ساحة العراق فخر للإنسان العربي وتعبير عن قدراته المتفوقة في الارتقاء من بين الانقاض والاستلاب والانهاك والباس والاحباط والقنوط .

للبعث صلة ومنافذ اتصال ووشائج بالشعب العربي لا يشبهه فيها اي حزب ولا اية حركة وطنية او قومية عربية. واول سمات هذه الصلة الحية بالجماهير انها غير مبنية على منافع ومكاسب لا فردية ولا عائلية ولا عشائرية. صلة البعث بأبناء الامة هي طريق تحقيق أهداف الامة في الوحدة والحرية عبر نضال وتضحيات تصل الى حد تقديم النفس في طريق الشهادة. البعث وعقيدته الثورية التقدمية الاشتراكية الوحدوية هو طريق الأمة ووسيلتها للنهوض من الكبوة الحضارية التي تعرضت وتتعرض لها بعوامل ومؤثرات ذاتية واخرى موضوعية.

البعثي أول من يضحي وآخر من يستفيد
ومن يتحدث عن بعثيين استفادوا او عراقيين انتموا للبعث ليستفيدوا فهو صادق تماما لأن دولة البعث قد نفعت كل العراقيين فلا بطالة ولا فقر ولا امية في العراق الذي بناه البعث ولم يكن للبعثيين سوى ارجحية واحدة على باقي ابناء شعبنا هي ارجحية تحمل مسؤوليات البناء والاعمار والأمن والدفاع عن الوطن والتضحية في سبيلها. البعث أصلا هو ثورة على الفقر والتخلف التي وقعت حيفا على شعبنا العربي برمته بفعل القوى الاستعمارية والرجعية العميلة وبسبب تدهور روح العطاء عند العرب عموما في حقبة تكالبت بها عوامل داخلية وخارجية لمنعهم من العطاء وارغامهم على التخلف والابتعاد عن مسيرة الانسانية الحضارية والعلمية والتكنولوجية.

لقد حول البعث العراق في اول تجربة متكاملة للحكم تحت قيادة البعث الى ورشة عمل وحول شعبه كله الى شعب قادر على الانتاج معطاء متعلم ينعم بالصحة والرخاء ووضع خطط النمو المتواصل والانفتاح بوسائل مبتكرة على تجربة العراق لتتكامل مع الاقطار الشقيقة كونها محطة الانطلاق في مسيرة تحقيق الوحدة العربية.

وسيبقى البعث حركة للبناء والاعمار والتطوير والتطور والثورة والتحرير. سيبقى سيفا من سيوف الأمة المجرّبة لجز رقبة العوامل المكبلة لتقدمها و توفير عوامل انقلابها على ذاتها طبقا لإرادة الله سبحانه ورسالاته المباركة واولها الاسلام الحنيف ( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما في انفسهم ).

البعث ليس حزبا تقليديا ولا سياسيا بالمعنى الحرفي، بل هو ارادة أمة و روح وضمير توقها وعزمها ووثبتها وشمولية نظرتها للحياة لذلك : فهو منتج عربي قومي لا مثيل له.






الاربعاء ١٩ جمادي الثانية ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / نيســان / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة