شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد ان أوضحنى من هم الكلاب السائبة التي تنهش بالجسد العراقي قبل وبعد الغزو والاحتلال لابد وان نتطرق وان كان جزئيا" الى العلاقة فيما بينهم التي تنعكس سلبا" على الواقع العراقي يكون ضحيتهم العراقيين المساكين الباحثين عن قوتهم والامن والامان والخدمات ، ما يسمى بالمعارضة قبل وقوع الغزو والاحتلال عام 2003 تعاني الأنقسام المزمن بين فصائلها بسبب النزاعات الطائفية , والقرب او البعد من الأمريكان ومن الأيرانيين , وهي تفتقر الى القيادة الموحدة الجامعة وقد حاولت الأدارة الأمريكية تقوية تلك الجماعات الخانعة لارادتها , وكان مفهومها لتلك التقوية كسب محمد باقر الحكيم وضمه بشكل علني وواضح الى مشروعها , مفترضة انه قائد له نفوذ على قوى المعارضة ونفوذ داخلي في العراق , ولا يمكن ان نفترض ان الامريكان كانوا غافلين عن حقيقة ان سر قوة محمد باقر الحكيم أنما تكمن في الدعم الأيراني له لا أكثر ولا أقل ، بعث نائب وزير الدفاع الأمريكي أنذاك { بول وولفويتز } مهندس أحتلال العراق , رسالة الى الحكيم في طهران يطلب منه بشكل رسمي حضور مؤتمر لندن في 2002 وقد أضيف الى رسالة أيفاد مبعوثين اثنين من الأدارة الأمريكية , أجتمعا بالحكيم في الكويت , تقول النيويورك تايمز في عددها الصادر في 25 - 11 - 2002 {{ يبدو أن أية الله على أستعداد للتعاون مع واشنطن أذا ضمنت له مركزاً رفيعاً في النظام الذي سوف يأتي بعد الهجوم على العراق ... لكنه يريد من القوات الأمريكية ان تترك العراق بعد الأنتهاء من مهمتها }} كان المجلس الأعلى يتباهى بقوته ونفوذه العسكري داخل العراق { كما يزعم } , وبأنجازات فيلق بدر الذراع العسكري للمجلس ,

الذي لم تكن عملياته تزيد على قتل جندي او شرطي او عضو في حزب البعث خصوصاً في الأهوار التي تحولت أثناء الحرب الأيرانية العراقية 1980 – 1988 الى ملجأ للهاربين من الخدمة العسكرية والفارين من وجه العدالة من القتله والسراق , والمطلوبين للأمن لأرتباطهم بأحزاب تمولها أيران الدولة التي كان العراق في حالة حرب معها ومثل المجلس الأعلى كان الشيوعيون يفتخرون بأنهم يقاتلون في كردستان { في تنظيمات الأنصار } وهؤلاء ايضا لم تكن شباكهم تصطاد الا جندياً ذاهباً الى أهله في أجازة , أو خارجاً من وحدته ليغتسل في حمام عمومي ! من هؤلاء كان الامريكان يخططون لتجنيد ثلاثة الاف ليكونوا ادلاء لجيش الأحتلال الأمريكي فيما بعد وقبل أن نذكر شيئاً عن جهود مايسمى بالمعارضة في التحريض على الدولة العراقية سوف نتحدث عن خطوة من يدعون انهم يمثلون اتباع ال البيت كذبا" وبطلانا" لأنجاز ألألتحام الكامل بالمشروع الأمريكي الأحتلالي للعراق , والأنخراط في مشاريعه المستقبلية بتقديم أنفسهم على أنهم الخيار الافضل لأمريكا في هذه المنطقة من العالم ,

تلك الخطوة هي اصدار { أعلان متبعي اهل البيت بالعراق } ، ان غالبية هذا المصطلحات والمفاهيم ليست نتاج الواقع الاجتماعي ذاته الذي تحاول التعبير عنه وليست مستمدة من البنية اللغوية أو العقلية للناس المشكلين للحيز المجتمعي بل هي مفاهيم ومصطلحات وافدة ومستمدة من الواقع الصفوي الجديد والغربي ، ولا نبالغ إن قلنا إن الحيز الأكبر من قاموس المفاهيم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية هو عبارة عن مفاهيم مستجلبة ومركبة بشكل تعسفي وإقحامي على الواقع ان كان - الدولة أوالديمقراطية ، المعارضة ، العلمانية الأحزاب ، البرلمان… الخ - ، كلها مفاهيم تطلق على أشياء ليست بالضرورة معبرة عن المعنى الحقيقي لهذه المفاهيم كما تجسدها تعبيراتها الواقعية في دول المنشأ ـ الحضارة الغربية ـ وليس معنى هذا أننا كعرب ودول اسلامية نشكل حالة خاصة منفصلة كلياً عن العالم وقيمه وحضارته وأفكاره ، ولكن القصد أن هذه المفاهيم المشار إليها لا تستمد علميتها ومصداقيتها من انتظام مقولاتها وعقلانية أهدافها بشكل تجريدي ، بل تستمد هذه المصداقية من ارتباطها بواقع اجتماعي محدد ومن قدرتها على التعامل مع هذا الواقع وتغييره لما فيه خدمة الإنسان وأما سلخها عن واقع النشأة وإقحامها تعسفيا على واقع اجتماعي حضاري مغاير ، فلن يؤدي بالضرورة إلى النجاح نفسه الذي حققته في دول النشأة ، بمعنى آخر يجب أن لا تؤخذ هذه المفاهيم كمقولات جاهزة وترديدها كالببغاء بل كنماذج تستلهم وتتكيف مع خصوصيات كل مجتمع ، لا يختلف اثنان في وطننا العربي والدول الاسلامية على أن الظاهرة المسماة المد الأصولي أو الإسلام السياسي هي من قضايا الساعة اليوم ،

حيث تفرض نفسها بأشكال متفاوتة الحدة ما بين بلد وآخر وتأخذ تعبيرات وتمارس سلوكيات قد تختلف في مظهرها الخارجي ، لكنها تتفق في جوهرها وفي مرجعيتها العقلية والعقائدية التي تنهل منها ـ أو أنها تدعي ذلك ـ بل لم يقتصر الأمر على أصحاب الديانة الإسلامية أنفسهم ، بل دخل الغرب كطرف في الموضوع ، وأفسح حيزاً من اهتمامه وإعلامه لمواجهة هذه الظاهرة وتصنيفها كخطر يهدده ويهدد الحضارة الإنسانية المعاصرة ومن المعلوم هنا أن استحضار الرب أو المقدس لم يكن في يوم من الأيام غائباً عن الحياة الاجتماعية لدى شعوب الشرق عامة فالشرق هو عالم الروحانيات كما يقول الغربيون ، انطلاقاً من كونه منبع الديانات السماوية إلا أن الاستحضار المكثف للرب وجعله مرجعية لبعضهم للتحريم والتحليل ، ولإضفاء المشروعية على الوضع القائم أو تجريده منها أخذ اليوم شكلاً أكثر حدة وخلق حالة من التمترس الديني الجماعي جعلت كل الأوضاع القائمة { سياسية واقتصادية واجتماعية ، أنظمة وإيديولوجيات وعلاقات } يعاد النظر فيها وتخضع لعملية تقييم جديدة ، ليس على أساس شرعيتها القانونية أو الشعبية ،

بل على أساس مدى ما يربطها بالشريعة الإسلامية وتعاليم الله جل علاه ، كما يحدد معالمهما أصحاب التيار الديني ، من أنظمة تيوقراطية وحركات سياسية دينية فأينما يممت وجهك اليوم تصطدم بالدين فإذا تحدثت عن السياسة والديمقراطية ، عليك أن تجد صلة بينهما وبين الإسلام وتحديداً الشورى ، وإذا تحدثت عن الاقتصاد والتنمية فيجب استحضار موقف الدين من هذه الأنشطة وتحديد المحرم والمحلل منها ، وإذا تحدثت عن الأسرة والزواج فإنهما أكثر الموضوعات إثارة للجدل وعمم على ذلك مختلف أنشطة الحياة فالمسلمون من أكثر المجتمعات احتفالية بدينهم ، إن الله يتغلغل في نسيج حياتنا ويشكل عنصراً محورياً في نمط تفكيرنا وعقلنا وشعورنا الواعي وغير الواعي وإنه معنا في اليقظة وفي المنام ، في البيت وفي العمل في التجارة وفي السياسة ، في سلوكنا الخير وفي سلوكنا الشرير ، إنه جل علاه بشكل آخر اللازمة التي تميز عقلنا العربي الإسلامي عن غيره ، لكن الله الذي نستحضره ليس بالضرورة رب العالمين وفق من اتخذ من الدنيا وفتنتها منهجا" ولاغيرها يلهيه ، الرب المطلق اللامتناهي رب الجميع ، بل هو رب يتخيله ويفصله على هواه وبحسب مقاسهم ، رب يعتقدوه ولإضفاء مصداقية دينية قدسية على حالة العجــز عن فهم الواقــــع وإخضــاعه والتعامل معه فالخلل { ليس في الدين ذاته ولكن في العقليات المتعاملة معه }، وهي العقليات نفسها والبنية العقلية الاجتماعية نفسها التي فشلت في التعامل مع الأيديولوجيات الدنيوية ـ قومية ، اشتراكية ، وليبرالية ـ وفي توظيفها لما فيه خدمة الإنسان العربي ، إنها عقليات ونظم تعيد إنتاج نفسها وتعيد إنتاج الواقع نفسه بمفاسده وبنيته وقيمه السائدة ، بل إنها تعيد إنتاجه بشكل أكثر تشويها فإذا استثنينا مظاهر التحول المادي ـ خلق مجتمع استهلاكي حيواني غير منتج ـ فإن بنى المجتمع الأخرى لم تتغير ـ ،

فبالنسبة إلى الأنظمة الثورية لم يتغير الخطاب الرسمي وهو خطاب تبشيري فوقي يحُفظ دون أن يُعْقل وبالنسبة إلى الأنظمة المحافظة ، فلم توفق في توظيف علاقتها وانفتاحها على الغرب والفكر الليبرالي في إحداث تغييرات جوهرية تمس النظم العقلية والسياسية والاقتصادية والنفسية السائدة ، بل اقتصرت على أخذ قشور حضارة الغرب المادية الاستهلاكية ، وبعض أساليب الممارسة الديمقراطية الشكلية ، لأن غالبية هذه الأنظمة المحافظة تستمد شرعيتها من الماضي ، ومن المحافظة على ما هو قائم ، وليس من المستقبل وتغيير ما هو قائم ، فالتغيير وتفكيك بني المجتمع التقليدي يفقدها شرعيتها ، وبالتالي يفقدها مبرر وجودها المشكلة المطروحة هي في الواقع أكثر تعقيداً وعمقاً وخطورة مما قد يوحي به السياسيون والكتاب والعلمانيون ، وحتى أكثر عمقاً من إدراك وفهم أصحاب الحركات الدينية أنفسهم ، ذلك أن التمظهرات الخارجية الشكلانية لا تعكس حقيقة المشكلة، لأنها مشكلة متعددة الوجوه والأبعاد ، وعملية عقلها علمياً لا تكون من خلال التعامل مع تعبيراتها الخارجية ، لكن من خلال الغوص في البنى العميقة للعقل المتعامل معها واستقصاء الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الحافزة على ظهورها ، كإشكالية اجتماعية دنيوية ذلك أن الرب دائم الوجود لا ينقطع حضوره ، والإسلام ـ قرآن وسنة ـ موجود منذ حوالي ألف وأربعمائة سنة ، والجماعات الدينية لم تأت بآية قرآنية جديدة ولا بحديث نبوي جديد ، كما أن هذه الحركات الدينية أو المد الديني ، يظهر ويختفي على شكل موجات بين فترة وأخرى ، وهذا الاختفاء ثم الظهور تكمن أسبابه في ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية ، أي أنه يخضع لشروط دنيوية وليست دينية

يتبع بالحلقة الاخيرة






الاحد ٢ جمادي الثانية ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / أذار / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة