شبكة ذي قار
عـاجـل










قبل أن ينتقل المركز الصهيوني من أوربا إلى أمريكا، كان قد حقق أربعة أهداف أساسية خطط لها هذا المركز، بعد أن رسخ مفهوم عائلة ( روتشيلد ) لبناء الثروة وتراكمها من أجل بناء القوة وخاصة في جانبها المالي والسياسي والأعلامي .. وهذه الأهداف :

1- إنعقاد المؤتمر الصهيوني في بازل عام 1897 ، الذي وضع الخطط لمراحل تنفيذ أهداف المحفل الصهيوني الأول.

2- تحقيق وعد بلفور عام 1948 .

3- تحقيق الهجرة الصهيونية المنظمة إلى فلسطين المحتلة من لدن بريطانيا.

4- تتنفيذ دفع التعويضات للكيان الصهيوني على أساس مزاعم المحرقة.

 

في هذه المرحلة أنجز المركز الصهيوني العالمي أهدافه على طريق تنفيذ المشروع الصهيوني، والتي استمرت منذ عام 1897 حتى عام 1979 .

وبإنجاز المركز الصهيوني أهداف هذه المرحلة، كان قد انتقل إلى أمريكا ليبدأ المرحلة الثانية، لكي تتولى فيها أمريكا دور ( الجرافة ) الأمبريالية لتعبد الطريق لتنفيذ المشروع الصهيوني في المنطقة .. فماذا حققت أمريكا للمركز الصهيوني العالمي منذ عام 1948 :

- قدمت أمريكا للكيان الصهيوني دعماً عسكرياً متواصلاً بمعدل ( 2.3 ) مليار دولار سنوياً عدا المساعدات والهبات في اطار برنامج المساعدات الخارجية.. كما استخدمت دبلوماسيتها لحماية الكيان الصهيوني من العقوبات التي يرتبها القانون الدولي جراء سلوكه الأجرامي ونزعته التوسعية وعدوانه المستمر.. وذلك بإستحضار الفيتو .. فيما كانت ( إسرائيل ) تشن حروبها ضد الدول العربية التي تقع على الخط الأول، احتلت خلالها الأراضي العربية في اطار استراتيجية ( الأرض مقابل السلام ) وعلى منوال " هنري كيسنجر " الى المنطقة وقرارات مجلس الأمن الدولي الناتجة عنه 242 و 338 .

- ثم بدء مسيرة ( السلام ) من أوسلو إلى وادي ريفر وما بعدها .

- ثم حرب التحريك عام 1973 وزيارة السادات لتل أبيب .

- ثم معاهدة كامب ديفيد .

- وتبادل التمثيل الدبلوماسي .

- ثم الأعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.. الذي فصل الكفاح الفلسطيني المسلح عن بيئته العربية وحرم المنظمة من عمقها الأستراتيجي العربي.

- تم ذلك في أحضان جامعة الدول العربية الناشطة في مجالات التواطؤ مع القوى التي تعمل على تدجين الثورة ودفعها الى الرضوخ الى ما يسمى بسياسة الأمر الواقع .

- الخط الأول في عرف الكيان الصهيوني قد تم تكبيله بمعاهدة ( كمب ديفيد ) ومعاهدة ( وادي عربه ) و ( معاهدة الجولان ) و ( معاهدة مزارع شبعا ) .

- يبقى الخط الثاني الأكثر خطورة في عرف المؤسسة الأمنية- السياسية الإسرائيلية، ويتمثل بالعراق وعمقه العربي وفي مقدمة هذا العمق دول الجزيرة والخليج العربي .

- أما الفناء الخلفي للخط الثاني، فقد تم تحييد دوله حيال الصراع العربي- الإسرائيلي، والمتمثلة بـ ( باكستان والهند وتركيا ) ، حسب نظرية الأمن الإسرائيلية ..

- ولم يشمل هذا التحييد ( إيران ) ، لأن الأستراتيجية الإسرائيلية تقر بعدم تحييد إيران، بغض النظر عن النظام السياسي الحاكم فيها، وذلك بفعل العلاقات الوثيقة التي تربطها بالكيان الصهيوني منذ العصور القديمة .

- تحييد تركيا قد تم بعدد من معاهدات التعاون العسكري والأمني والمشاريع العسكرية المشتركة مع الكيان الصهيوني.

- فيما هنالك خطوطاً رسمتها نظرية الأمن الإسرائيلية تتناول ما أسمته الخطوط الثانوية المتمثلة بدول المغرب العربي، ووضعها في دائرة اهتماماتها في خطط التوغل الإسرائيلي في القارة الأفريقية.

وحين تدخلت جيوش الأتحاد السوفياتي في افغانستان واحتلت عاصمتها كابل عام 1979، كانت النقلة الأستراتيجية الأمريكية المقابلة هي خلع الشاه في إيران وترجيح المؤسسة الطائفية في قم وتمكينها من قيادة إيران بتنصيب خميني في عام 1979 .!!

اعتقاداً من امريكا أن إيران الخميني ستمنع السوفيات من الزحف عبر افغانستان إلى منابع النفط في الخليج العربي وهي مياه دافئة ، وإن إيران خميني ستشكل الرد العملي على النقلة السوفياتية حيال افغانستان عبر التيار الأسلاموي الذي تم تجنيده لطرد الجيوش السوفياتية الغازية لكابل ، وإن إيران خميني يمكن إستخدام أداتها الطائفية والمذهبية لتحقيق المشروع الأمريكي الكبير في الشرق الأوسط .. وكان الهدف الأول للمتغير في إيران هو العراق لأنه يشكل القوة الأستراتيجية التي يرتكز عليها ميزان تعادل القوى في المنطقة، وإن اسقاط حجر الأساس في هذا التعادل سيمهد لأمريكا وإيران والكيان الصهيوني اجتياح المنطقة وإعادة رسم خرائطها الجيو- سياسية من أجل تأسيس نظام جديد للأمن الأقليمي.

- العراق - وحسب المنظور الأمني الإسرائيلي- بات يشكل الخطر الأول .. ومن هنا جاء التخطيط الصهيوني الأمريكي المشترك لتحطيم ميزان تعادل القوى في المنطقة .. وهي النقلة الأستراتيجية الأولى التي تنطلق منها نحو المنطقة برمتها لتأسس قاعدة للتهيمنة على العالم عن طريق الأمساك بمنابع وخطوط النفط والغاز ، فضلاً عن إحكام قبضتها على ملف المياه المؤجل في الوقت الحاضر.

- فالتكالب على تدمير العراق جاء كصفحة أساسية في قرار اسرائيلي لمعالجة الخط الثاني الذي يشكل الخطر الوشيك- حسب زعمها- على أمنها .

- لعبة النفط مفاتيحها في واشنطن، وليس في اي مكان آخر .. لسببين، الأول : التخزين الأستراتيجي للنفط في الدول المستهلكة، والثاني: أن خطوط النفط مرتبطة بالقوة، وبفرضية تشير الى ان ( تخزين أمريكا للنفط ستراتيجياً ، يؤدي الى خفض الأسعار، وإن خفض الأسعار يؤدي الى ارتفاع سعر الدولار ) .!!

عمدت أمريكا منذ عام 2003 إلى ضخ نفط العراق الرخيص في كل آبارها الخاوية وملئتها كخزين استراتيجي .. ثم اعلنت انها ستصدر نفوطها مستخرجة من صخور نفطية ذات الكلف العالية، بعد ان كانت تستورد النفط من منطقة ( الشرق الأوسط ) بكميات تصل إلى 65.00% من حاجتها مع تزايد معدلات استهلاكها للطاقة .. فكيف تتحول إلى مصدر للنفط خلال عقد من السنين ؟! وهل يتوازى استخراج النفط من الصخور وكلفه العالية وتصديره مع تزايد استهلاكها للنفط ؟ .. أين هي اللعبة في مسألة الخزين الأستراتيجي النفطي الأمريكي المنهوب من العراق؟

لعبة الحرب على الأرهاب :

- الكيان الصهيوني يريد العراق ضعيقاً لا يهدد أمنه- حسب نظرية الأمن الإسرائيلية- ويريده مقسماً ومفككاً، باعتبار أن التقسيم والتفكيك هما الأداتان الرئيستان اللتان تحرمان العراق من تكامل عناصر قوته في وحدته ارضاً وشعباً .. والتقسيم والتفتيت قد عمل عليه الكيان الصهيوني زمناً طويلاً ولن يستطع ان يصل الى نتيجة .. ولكن أداة التقسيم والتفتيت هي موجودة وحاضرة لدى النظام الإيراني الذي يتعاون مع امريكا علناً، ويتعاون مع الكيان الصهيوني سراً لتقسيم ارض وشعب عدو مشترك هو العراق بصورة خاصة والوطن العربي على خارطة الشرق الأوسط الجديد بشكل عام.

- إيران تريد العراق ضعيفاً لكي يسهل عليها دخول المنطقة والهيمنة عليها وتحقيق احلامها بإحياء إمبراطوريتها الأستعمارية البائدة . وعلى هذا الأساس وظفت ايران كل امكاناتها المالية والآيديولوجية الوسخة وسياستها المخادعة من اجل الوصول الى هذا الهدف منذ عام 1979 وهو عام تنصيب خميني على رأس السلطة واجندته إعلان الحرب على العراق.

ومن هنا يظهر الهدف المشترك بين ( اسرائيل ) وإيران هو إضعاف العراق وتقسيم ارضه وشعبه .. فيما تقوم الولايات المتحدة بإعادة ترسيم الخرائط الجيو- سياسية للمنطقة برمتها وبالقدر الذي تسمح به الظروف .. وما نراه الآن من تدخل عسكري ايراني مكشوف وصلف في خاصرة العراق الشرقية على وجه الخصوص .. تجريف الأرض وحرق البساتين وتشريد السكان وتدمير مساكنهم ونهب ممتلكاتهم وارتكاب المجازر الوحشية باسلوب التطهير الطائفي والعرقي .. هدفه ( تغيير ديمغرافية هذه الخاصرة اضافة الى مناطق جغرافية اخرى واسعة محاددة للحدود الإيرانية العراقية والعمل على ضمها الى اراضيها بأسلوب سياسة ( القضم التدريجي لأراضي العراق ) ، كما حصل حين احتلت ايران قصر شيرين وزين القوس والمحمرة نزولاً إلى الأحواز.. وهو الأسلوب الأسرائيلي ذاته الذي يجرف الأرض ويبني المستعمرات ويدفع الفلسطينيين الى الموت أو الهجرة.!!

- أمريكا .. هي الأخرى تريد العراق ضعيفاً ( لا يهدد جيرانه – والمقصود الكيان الصهيوني ) ، كما تريد تخريب المنطقة وإعادة ترتيب أوضاعها بما يحقق، الأمن لـ ( أسرائيل ) فضلاً عن نهب منابع النفط والغاز .. وإعادة ترتيب المنطقة يتم عن طريق أداة إيران الطائفية والعنصرية .. وهذه السياسة تجمع بين أمريكا وإيران والكيان الصهيوني حول هدف مشترك هو استمرار إضعاف العراق وتقسيمه .

- أمريكا و ( إسرائيل ) تركتا إيران في الظرف الراهن تتدخل في العراق والمنطقة وتسفر عن وجهها الطائفي الكريه ، ولا يهم امريكا النتائج التي تتمخض عن هذا التدخل، كالقتل وارتكاب المجازر وتشريد المواطنين ونهب ممتلكاتهم وحرق منازلهم تحت مزاعم محاربة الأرهاب .. فالذي يحصل الآن هو الآتي:

- إن سياسة النأي عن النفس التي أعلنتها امريكا، هي في حقيقتها سياسة، أعلنتها بكل صراحة ووضوح تقوم على ( التوازن في مكونات العملية السياسية ) ، والمقصود في هذه السياسة، وفلسفتها الأستراتيجية ( لا منتصر ولا مهزوم ) ، هو استمرار إيران بالتطهير الطائفي والعرقي في العراق، وتحت مزاعم أنها لن ترسل قواتها إلى العراق، ولكنها سمحت بتدفق القوات الإيرانية لمهمات القتل والتهجير القسري للمواطنين، فيما تتولى أمريكا القتال الجوي

تعلن حكومة الاحتلال في بغداد بأنها ليس بحاجة إلى قوات اجنبية أو عربية، ولكنها بحاجة إلى قوات إيرانية اخذت تتدفق على العراق ( دروع وآليات ومدرعات وجنود واسلحة مختلفة وعتاد ومستشارين.. إلخ ) .. وهذا تم بموافقة أمريكا لكي تكتمل متطلبات الحرب على ( الأرهاب ) .

ادارة أوباما باتت تجر المنطقة تدريجياً إلى حروب صغيرة تتحول إلى حروب كبيرة.. بعدها يشعر الجميع بأنهم في مستنقع بما فيهم إيران .. وعندئذٍ سيطلبون الأنقاذ .. وأمريكا ستتقدم كمنقذ، ترتب ألأوضاع وتقصي من تشاء لصالح الأمن الأسرائيلي ولصالح الأبقاء على المخزون النفطي العربي وخطوط امداداته ولكن في ظل خرائط جيو- سياسية جديدة يشرف عليها نظام جديد للأمن الأقليمي .. هذا السيناريو الذي يؤسس مستنقعاً مخيفاً لن تخرج المصالح الأمريكية منه سالمه أبداً .. وكما خلقت أمريكا إرهاباً منذ سبعينيات القرن المنصرم، وفرخ هذا الأرهاب وتناسل ثم تكاثر واتسعت قدراته واساليبه، فأن العالم ربما سيترحم على القاعدة وعلى بن لآدن .. لأنه يختلف عن نهج قطع الرؤوس الذي تمارسه المليشيات الصفوية، التي تعتمد عليها أمريكا .. فيما تبقى إيران تعمل لمنهجها الفارسي الصفوي وليس لأحد وإن إغوائها بالجزرة دون العصا سوف لن تترك أحضان موسكو.. ولن تقدم شيئاً لها في العراق والمنطقة .. والرابح هو الكيان الصهيوني الذي استخدم أمريكا واستخدم إيران من اجل تنفيذ مشروعه .. إنها الخديعة الكبرى أيها الأغبياء .!!






السبت ٢٣ جمادي الاولى ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / أذار / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة