شبكة ذي قار
عـاجـل










ليس غريباً أن يعمد رئيس الدبلوماسية الروسية إلى لعبة تحمل وجهين متلازمين ، هما خلط الأوراق في مسائل السياسة، و" لآفروف " بارع فيها، والتحريض، بمنح الغطاء على القتل والأنتهاكات التي تجري ضد الأنسانية في العراق على وجه التحديد.

لم يتحدث " لآفروف" عن حزب البعث العربي الأشتراكي طيلة الفترة الماضية، على الرغم من المسرح المخيف الذي تسفح عليه دماء العراقيين من لدن الأمبريالية الأمريكية عدوة الشعوب، ومن هذه الدماء التضحيات التي قدمها البعث اكثر من مائة وستون ألف بعثي سقطوا ضحايا الأستعمارين الأمريكي والإيران منذ عام 2003 حتى هذا العام، الذي بدأ سعار النظام الإيراني الطائفي المتخلف يتعالى بكل وضوح وصراحة بعيداً عن ( التقية ) المعهودة، التي غادرها ودفع بقادته العسكريين الفرس وفي مقدمتهم سليماني يجول ويصول على أرض العراق ولا احد يحاسبه على انتهاكاته وجرائمه ضد الأنسانية، وبات يلعب على المكشوف أمام أمريكا وامام مجلس الأمن وامام الجامعة العربية وامام العالم اجمع دون خشية من أحد أو وجل .

ولكن "لآفروف" تحدث عن الحزب هذه المرة وامام حشد من الدبلوماسيين الروس في الأكاديمية التابعة لوزارة الخارجية الروسية يوم 27 / 2 / 2015 وافصح بشيء من عدم الدراية في حقيقة ما يجري على ارض العراق .. وحاول ان يدس الشك ويشوه الحركة الوطنية المقاومة في العراق بربطها كما تحاول أمريكا وإيران في نهجهما المخادع بـ ( محاربة الأرهاب ) والتحشيد من اجل ضرب حركة التحرر الوطني بدواعي خلط الأوراق .. هذا النهج الرخيص الفاضح هو مثار استغراب الشعب العراقي وقواه الوطنية والأوساط العربية .

والغريب في الأمر .. أن رئيس الدبلوماسية الروسية قد تعمد مثل هذا التصريح أمام الأكاديمية الروسية، وفي ظروف مهمة تمر بها المنطقة بصورة عامة والعراق بشكل خاص، بأن علاقة البعث مع ( داعش ) هي نتيجة تضرر الحزب وطرد أعضاءه من كافة مؤسسات الدولة بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 .. ويبدو أن "لآفروف" يتحدث بوجهين،

الأول : ويمثل الحقيقة، وهي أن الغزاة الأمريكيين قد طردوا كل البعثيين وعددهم بالملايين وحرموهم وعوائلهم من مصادر أرزاقهم، كما حلو الجيش العراقي وحرمو منتسبيه وعوائلهم من مصدر رزقهم، وكذا حلو بعض مؤسسات الدولة السيادية الأخرى . أما الوجه

الثاني : لم يكن حقيقياً كما أبداه "لآفروف" بأن البعث له علاقة بـ ( داعش ) نتيجة لهذا الواقع .. والهدف من هذا الربط هو إجهاض الحركة الوطنية العراقية بما فيها البعث ، وذلك بوضعها في خانة ( محاربة الأرهاب ) .. هذا الأمر يعد فرية ادخلت البعث مع فصائل وطنية اخرى تحت ( قبة ) الأمريكان التي تمارس سياسة محاربة ( الأرهاب الدولي ) المعروفة، وخلطت الأوراق بطريقة تجمع بين الخبث والغباء في محاولة ربط العلاقة التي لا يقرها الواقع .

"لآفروف" يحاول أن يلعب على وتر يغازل فيه الأمريكيين الذين يعادون البعث ويغازل فيه الإيرانيين الذين يعادون البعث ايضاً ولهم اجندتهم في التوسع الأقليمي .. والروس يدركون اهداف النظام الطائفي في طهران ويعلمون بجرائمهم ومجازرهم التي ارتكبتها مليشياتهم التي يقودها جنرالاتهم .. كما يعلمون دوافع إيران لألغاء ( الجيش العراقي النظامي- رغم كونه مليشي التشكيل بالدمج- ) وتأسيس بدلاً منه جيشاً مليشياً أسمه ( الحشد الشعبي ) على غرار ( الحرس الثوري الإيراني ) . ومن هنا .. تبدأ اللعبة ( الروسية الأيرانية الأمريكية ) على أرض العراق بتجريف الأرض وحرق المنازل والبساتين ونهب الممتلكات وارتكاب ابشع المجازر بدم بارد من قبل مليشيات الحشد الشعبي الطائفية، التي تتحرك بأمر من ولي الفقيه ( علي خامنئي ) مباشرة ومن خلال ( علي السيستاني ) ومن ثم "قاسم سليماني والمهندس" واتباعهما "العامري والخزعلي" وغيرهما .

وروسيا تعلم وامريكا تعلم بأن مليشيات ( الحشد الشعبي ) الطائفية، التي أفتى بها "علي السيستاني" وبأمر من "علي خامنئي" ما جاءت إلا لتحل محل الجيش تحت مزاعم امريكية تشير إلى أن هذا الجيش بحاجة إلى سنين من اجل جاهزيته .. والمغزى من ذلك هو فسح المجال الذي حضَرَ له ( المالكي ) لتأسيس الحشد الطائفي رسمياً على أرض العراق تحت مسميات قد تنتهي بـ ( الحرس الوطني ) الذي يمثل تجمع كل المليشيات الطائفية.. وهو نسخة ممائلة لـ ( الحرس الثوري الأيراني ) .!!

وعلى الرغم من اعلان البعث رسمياً على لسان ناطقه الرسمي الدكتور خضير المرشدي من خلال فضائية ( روسيا اليوم ) أن لا علاقة لحزب البعث العربي الأشتراكي بداعش .. إلا أن "لآفروف" يحاول جاهداً ان يجد رابطاً يجمع بين البعث وداعش لأغراض ضرب الحركة الوطنية العراقية التي تصارع الأحتلال الأمريكي وتابعه الإيراني.

إن مثل هذا العزف على ايقاع واحد بين عواصم، موسكو وطهران وواشنطن، على ارض العراق هو عزف يراد منه تمكين إيران وتقوية نفوذها في العراق بعد ان بدأ هذا النفوذ بالضمور في سوريا ويضعف في اليمن ويعيش مأزقاً في الجنوب اللبناني.. نتيجة الضعف الأقتصادي الذي تعاني منه إيران من جهة ونزيف الأنفاقات العسكرية الخارجية التي جعلت الخزانة الإيرانية تشهر إفلاسها على الملأ .

والملاحظ .. أن السعار الذي بلغ أشده في دخول إيران ساحة الصراع بوضوح وصراحة وعلانية بقوات عسكرية ومليشيات الحرس الإيراني، وتزويد الحشد الطائفي بالأسلحة الإيرانية علانية، وصمت العالم .. هذا المدخل المكشوف تماماً بات يستهدف ( تغيير ديمغرافي في الخاصرة الجيو- ستراتيجية للعراق المحاددة لإيران وهي ديالى ) .. على الرغم من أن النظام الإيراني يعاني من مأزق اقتصادي ومن مأزق أيصال الأسلحة إلى نظام دمشق، الذي يعيش هو الآخر اختناقات هائلة .. وحين اخفقت إيران في فتح ممر في العمق الأستراتيجي صوب سوريا .. عمدت إلى إيصال السلاح عن طريق اسطول طيران ( طهران – النجف – دمشق ) .!!

روسيا تلعب لعبة الحرب وتغذي منهج طهران التي تريد ان تضرب أكثر من عصفور بحجر..ولكن مثل هذه المحاولات في قراءة ما يحدث على أرض الواقع ستفشل، لأنها قراءة غير واقعية وتعوزها الحسابات الدقيقة، لا تصريحات تتسم بالتخمين والغباء ربما .!!






الثلاثاء ١٢ جمادي الاولى ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / أذار / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة