شبكة ذي قار
عـاجـل










مما تقدم ان غالبية هذا المسميات ان كانت أحزاب أو تيارات أو حركات ليست نتاج الواقع الاجتماعي العراقي ذاته الذي تدعي التعبير عنه وتمثيله ، بل ماهم الا عناصر ارتمت بأحضان أعداء العراق من امبرياليين أو صهاينه أو شعوبيون تتحكم بهم عقدة الكراهية والانتقام وليست مستمدة من البنية الاجتماعية العراقية الاصيلة أو العقلية الوطنية للشعب العراقي المتأخي والدليل على ذلك الفحيح الذي اطلقه ابو الحسن هادي العامري رئيس منظمة غدر الشعوبية الصفوية في مهزلة مؤتمر ارادة الذي اشرفت على اعداده حنونه الفتلاوي يوم الاثنين 9 شباط 2015 في فندق الرشيد والذي انتهى بمهزلة مضحكه وهرج ومرج وهروب الامعات من امثال سليم الجبوري ومن لف لفهم فاقدي الاحساس الوطني والكرامة الانسانية ،

بل هي مفاهيم ومصطلحات وافدة ومستمدة من الواقع الغربي الصليبي ومن العلوم الاجتماعية الغربية ، أو الشعوبييون الذين وجدوا ظالتهم في النظام الايراني القديم الجديد لما يشكله من عدوانية بكراهيته للرسالة العربية ، ولا نبالغ إن قلنا إن الحيز الأكبر من قاموس المفاهيم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية هي عبارة عن مفاهيم مستجلبة ومركبة بشكل تعسفي وإقحامي على الواقع ( الدولة ، الديمقراطية ، المعارضة ، العلمانية الأحزاب ، البرلمان… الخ ) ، لانها كلها مفاهيم تطلقها تلك القوى الهادفة الى تدمير العراق وسلبه حريته وسيادته على أشياء ليست بالضرورة معبرة عن المعنى الحقيقي لهذه المفاهيم كما تجسدها تعبيراتها الواقعية في العراق مابعد الغزو والاحتلال 2003 والتي تعد من ضمن صراع الارادات على ارض العراق ، وليس معنى هذا أننا نشكل حالة خاصة منفصلة كلياً عن العالم وقيمه وحضارته وأفكاره ،

ولكن القصد أن هذه المفاهيم المشار إليها لا تستمد علميتها ومصداقيتها وشرعيتها من انتظام مقولاتها وعقلانية أهدافها بشكل تجريدي من أصل الواقع الذي زرعت فيه لدماره وتفتيته ، بل تستمد هذه المصداقية التي تدعيها من ارتباطها بواقع اجتماعي محدد ومن قدرتها على التعامل مع هذا الواقع وتغييره لما فيه خدمة الإنسان وأما سلخها عن واقع النشأة وإقحامها تعسفيا على واقع اجتماعي حضاري مغاير ، فلن يؤدي بالضرورة إلى النجاح نفسه الذي حققته في دول النشأة بمعنى آخر يجب أن لا تؤخذ هذه المفاهيم كمقولات جاهزة وترديدها كالببغاء ، بل كنماذج تستلهم وتتكيف مع خصوصيات كل مجتمع ، لا يختلف اثنان في وطننا العربي والدول الاسلامية على أن الظاهرة المسماة المد الأصولي أو الإسلام السياسي هي من قضايا الساعة اليوم ، حيث تفرض نفسها بأشكال متفاوتة الحدة ما بين بلد وآخر ، وتأخذ تعبيرات وتمارس سلوكيات ، قد تختلف في مظهرها الخارجي ،

لكنها تتفق في جوهرها وفي مرجعيتها العقلية والعقائدية التي تنهل منها ـ أو أنها تدعي ذلك ـ بل لم يقتصر الأمر على أصحاب الديانة الإسلامية أنفسهم ، بل دخل الغرب كطرف في الموضوع ، وأفسح حيزاً من اهتمامه وإعلامه لمواجهة هذه الظاهرة وتصنيفها كخطر يهدده ويهدد الحضارة الإنســـــانية المعاصرة ليكون على مقربه من تحقيق احلامه التي تبرهنها أهدافه الستراتيجية والمرحليه ، وهنا ومن أجل تقريب الرؤية التي أراها أن اليمين المسيحي المتصهين يحاول ترويج فكرة ان افعاله في افغانستان والعراق واي بلد اسلامي اخر هو ارادة ارادها الرب لانقاذ العالم المتحضر من شرر المسلمين ، ومن المعلوم هنا أن استحضار الرب أو المقدس لم يكن في يوم من الأيام غائباً عن الحياة الاجتماعية لدى شعوب الشرق عامة فالشرق هو عالم الروحانيات كما يقول علماء الاجتماع الغربيون انطلاقاً من كونه منبع الديانات السماوية إلا أن الاستحضار المكثف للرب وجعله مرجعية لبعضهم للتحريم والتحليل ،

ولإضفاء المشروعية على الوضع القائم أو تجريده منها أخذ اليوم شكلاً أكثر حدة وخلق حالة من التمترس الديني الجماعي جعلت كل الأوضاع القائمة ، سياسية واقتصادية واجتماعية ، أنظمة وإيديولوجيات وعلاقات يعاد النظر فيها وتخضع لعملية تقييم جديدة ليس على أساس شرعيتها القانونية أو الشعبية ، بل على أساس مدى ما يربطها بالشريعة الإسلامية وتعاليم الله جل علاه ، كما يحدد معالمهما أصحاب التيار الديني الاصولي ، من أنظمة تيوقراطية وحركات سياسية دينية فأينما وجهة وجهك اليوم تصطدم بالدين فإذا تحدثت عن السياسة والديمقراطية ، عليك أن تجد صلة بينهما وبين الإسلام وتحديداً الشورى وإذا تحدثت عن الاقتصاد والتنمية فيجب استحضار موقف الدين من هذه الأنشطة وتحديد المحرم والمحلل منها وإذا تحدثت عن الأسرة والزواج فإنهما أكثر الموضوعات إثارة للجدل ،

وعمم على ذلك مختلف أنشطة الحياة فالمسلمون من أكثر المجتمعات احتفالية بدينهم ، إن الله تعالى يتغلغل في نسيج حياتنا ويشكل عنصراً محورياً في نمط تفكيرنا وعقلنا وشعورنا الواعي وغير الواعي وإنه معنا في اليقظة وفي المنام ، في البيت وفي العمل في التجارة وفي السياسة ، في سلوكنا الخير وفي سلوكنا الشرير لاسامح الله ، إنه جل علاه بشكل آخر اللازمة التي تميز عقلنا العربي الإسلامي عن غيره ، لكن الله الواحد الاحد الذي نســــتحضره ليس بالضرورة ( رب العالمين وفق من اتخذ من الدنيا وفتنتها منهجا" ولاغيرها يلهيه ) ، الرب المطلق اللامتناهي رب الجميع بل هو رب يتخيله ويفصله على هواه وبحسب مقاسهم ، رب يعتقدوه ولإضفاء مصداقية دينية قدسية على حالة العجــز عن فهم الواقــــع وإخضــاعه والتعامل معه ، اذن فالخلل ليس في الدين ذاته ولكن في العقليات المتعاملة معه ، وهي العقليات نفسها والبنية العقلية الاجتماعية نفسها التي فشلت في التعامل مع الأيديولوجيات الدنيوية ـ قومية ، اشتراكية ، وليبرالية ـ وفي توظيفها لما فيه خدمة الإنسان العربي ، إنها عقليات ونظم تعيد إنتاج نفسها وتعيد إنتاج الواقع نفسه بمفاسده وبنيته وقيمه السائدة ، بل إنها تعيد إنتاجه بشكل أكثر تشويها فإذا استثنينا مظاهر التحول المادي ـ خلق مجتمع استهلاكي حيواني غير منتج ـ فإن بنى المجتمع الأخرى لم تتغير ـ ، فبالنسبة إلى الأنظمة الثورية لم يتغير الخطاب الرسمي وهو خطاب تبشيري فوقي يحُفظ دون أن يُعْقل وبالنسبة إلى الأنظمة المحافظة ،

فلم توفق في توظيف علاقتها وانفتاحها على الغرب والفكر الليبرالي في إحداث تغييرات جوهرية تمس النظم العقلية والسياسية والاقتصادية والنفسية السائدة ، بل اقتصرت على أخذ قشور حضارة الغرب المادية الاستهلاكية ، وبعض أساليب الممارسة الديمقراطية الشكلية لأن غالبية هذه الأنظمة المحافظة تستمد شرعيتها من الماضي ، ومن المحافظة على ما هو قائم ، وليس من المستقبل وتغيير ما هو قائم ، فالتغيير وتفكيك بني المجتمع التقليدي يفقدها شرعيتها ، وبالتالي يفقدها مبرر وجودها المشكلة المطروحة هي في الواقع أكثر تعقيداً وعمقاً وخطورة مما قد يوحي به السياسيون والكتاب والعلمانيون ،

وحتى أكثر عمقاً من إدراك وفهم أصحاب الحركات الدينية أنفسهم ، ذلك أن التمظهرات الخارجية الشكلانية لا تعكس حقيقة المشكلة، لأنها مشكلة متعددة الوجوه والأبعاد ، وعملية عقلها علمياً لا تكون من خلال التعامل مع تعبيراتها الخارجية ، لكن من خلال الغوص في البنى العميقة للعقل المتعامل معها واستقصاء الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الحافزة على ظهورها ، كإشكالية اجتماعية دنيوية ذلك أن الرب دائم الوجود لا ينقطع حضوره ، والإســلام ـ قرآن وسنة ـ موجود منذ حوالي ألف وأربعمائة سنة والجماعات الدينية لم تأت بآية قرآنية جديدة ولا بحديث نبوي جديد ، كما أن هذه الحركات الدينية أو المد الديني يظهر ويختفي على شكل موجات بين فترة وأخرى ، وهذا الاختفاء ثم الظهور تكمن أسبابه في ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية ، أي أنه يخضع لشروط دنيوية وليست دينية ، وكخلاصة لحقيقة حزب الدعوة وعلى شاكلته الاحزاب الاسلاميه ، ان حزب البعث العربي الاشتراكي وكما أشرت سابقا" قدم تحليلا" شاملا" لهذا الامر في مؤتمراته القومية والقطريه وخاصة المؤتمر القطري التاسع كما أن ما كتبة الرفيقين المرحومين القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق والقائد الشهيد الحي صدام حسين في موضوع البعث والاسلام ونظرة في الدين والتراث كانت الاجابة المحدده لحقيقة تلك التيارات والحركات والاحزاب المنتحله للاسلام ظلما" وعدوانا" عليه لانها بحقيقتها ماهي الا نتاج البغض والكراهية وصراع الحضارات التي يراد منها تجريد الامة العربية من دورها الرسالي وانبعاثها


يتبع بالحلقة التاسعة






الخميس ٢٣ ربيع الثاني ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / شبــاط / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة