شبكة ذي قار
عـاجـل










الباحثين والمؤثرين في سـياسات الادارة الامريكية المتعاقبة اتجهوا الى موضوع صدام الحضارات - نظرية أخذت شهرتها بعد انهيارالاتحاد السوفياتي عام 1990 وبروز أمريكا كقوة عظمى أولى ووحيدة في العالم - ، الصراع بين الدول والجماعات دائماً ما تولد نتيجة للرغبة في السيطرة على شيء ما كالناس والأرض والثروة ، القوة النسبية ، أو هي القدرة على فرض الرأي والثقافة الخاصة بدولة أو شخص ما على جماعة أو دولة أخرى باللين أو القوة ، فكرة الصراع الإنساني قديمة في حد ذاتها لكن أشهر من تحدثوا عن صدام الحضارات أو ما يعرف أحيانا باسم صراع الحضارات ) هو الدكتور وعالم المستقبليات المغربي المهدي المنجره في أوائل التسعينيات ) وهو أول المنظرين لهذه النظرية ، والذي يعنينا كيف يفهم الغرب هذا المصطلح واسلوب استخدامه والغايات الاساسيه منه الصراع بين الحضارات واستهداف الحضارة الإسلامية والعالم الإسلامي به في هذه المرحلة بالذات أي التصادم فيما بين الاســــلام كقيم ومبادىء انســانية ونظام الاهي كامل يتوافق والتطور الزمني الذي يمر به الانســـان بحاجاته والنظام الغربي الذي يعمل بكل ما أوتي من قوه الى فرض ارادته ومن هنا لابد وان يكون هناك الاختراق الداخلي - لفرض الارادة الغربيه عامه أو الامريكية خاصه - وكانت هذه الرؤية هي التي تتحكم باليمين المســـــيحي المتطرف ( نصارى يهود ) والذي يدين به المجرم جورج بوش الابن واعتقاده بان التفويض الالاهي يحتم عليه القيام بحروبه في افغانســـــــــــتان والعراق وفي اي منطقه يراها هو وطاقمه وقوى الضغط ونتذكر العبارات الاولى التي تفوه بها عندما أعلن بدء العمليات العســـــــكرية عام 2003 لغزو العراق واحتلاله عندما قال وبدون تردد (( انها الحرب الصليبية الجديده )) وعليه لابد من التوقف امام الحجه التي يعتمدها الغرب بعدوانيته على العرب والمســــــلمين ومن أهم حجيتهم اشــاعة الديمقراطية وحقوق الانسان ،

أشــــــارالكاتب والباحث محمد أركون إلى أن العلمنة موقف للفكر أمام مشـــــــكلتين (( الأولى مشـــــــكلة المعرفة وكيف يمكن أن نعرف الظواهر ؟ وكيف يمكن أن نفهم العالم بشكل دقيق ومطابق ؟ ، لا يجوز حرمان الإنسان من حق الفهم بحجة أي شيء كان ، والثانية كيف يمكن إيصال هذه المعرفة بعد اكتشافها وبلورتها إلى الآخرين ؟ وعندما نتوصل إلى نتائج جديدة ومحددة في مجال علمي ما تبقى علينا مسؤولية لا تقل أهمية عن الاكتشافات هي مسؤولية التوصيل ، أي توصيل هذه النتائج إلى الآخرين أي الجمهور )) ،

ويؤكد محمد أركون أنه عانى شخصياً من هذه الناحية كثيراً ومازال وخصوصا فيما يتعلق ببحوثه المتعلقة بالفكر الإسـلامي والفكر العربي ، وبصورة عامة يمكن القول إن ما عزز نجاح العلمانية في الغرب وتقبل الناس إياها من دون أن يشـعروا أنهم يتخلون عن مسـيحيتهم بالتعامل معها أن المجتمع الغربي العلماني هيأ للناس شـروطاً حياتية دنيوية أفضل مما كانوا عليه ، ساعدتهم على حل مشاكلهم اليومية ، ومكنتهم من القوة والقدرة على التحكم في الطبيعة وفي المجتمع من دون أن يحتاجوا إلى فتاوى رجال الدين المسيحي أو ينتظروا حلولاً سماوية أو يهربوا من الدنيوي إلى الأخروي ، فهم مع عدم إنكارهم آلاخرة ما بعد الموت وضعوا نصب أعينهم آخرة دنيوية يعملون من أجلها وهي المستقبل ، فعملوا لدنياهم وعملوا لآخرتهم بمفهوميها آلاخرة ما بعد الموت والآخرة بمعنى المستقبل ، فلم تعد الآخرة تعني نسيان وتجاهل الدنيا بحاضرها ومستقبلها ، بل هي المستقبل اللامنظور واللامتناهي وهكذا فكلما زادت قدرة الانسان على فهم الحياة والتحكم في واقعه وحل مشاكله ، قلت حاجته إلى الهروب من الواقع إلى الخيال أو الأيديولوجيا أو الأسطورة أو انتظار حلول سماوية لمشاكله ، وقد وردت العبارة التاليه في رؤية الكاتب والباحث محمد أركون (( وبالتالي قلت حاجته إلى استحضار الرب لينوب عنه في حل مشاكله وهذا لا يعني ضعفاً في درجة الإيمان ، بل على العكس ،

قد يؤدي إلى زيادة الإيمان بالله والإيمان بعظمته وحمده وشكره على إنارته العقل البشري ليتمكن الإنسان من حل مشاكله والتحكم فيما يحيط به )) ، ومن هنا يمكننا طرح سؤال - ماهي أسباب ودوافع ظاهرة المد الأصولي عندنا نحن المسلمين ؟ ، فيكون الجواب المتفق عليه من الغالبيه انها دينية المظهر ودنيوية المصدر لوجه الآخر للمشكلة وهو ما يطلق عليه تسمية المد الأصولي ، ولا تفهم العلمانية التي اعتمها المفكرون والسياسيون الغربيون في عالمنا العربي الإسلامي ، إلا بفهم الأصولية الإسلامية ، ولا تفهم بالتالي هذه الأخيرة إلا من خلال علاقتها الجدلية التناقضية مع دعاة العلمانية وتطبيقاتها في النظم والدساتير العربية وربما لا يحتاج المفهوم الأصولية إلى الرجوع إلى أصولها الغربية كما يذهب بعض الكتاب العرب ، فالأصولية لغة ومعنى واصطلاحاً مستمدة من اللغة العربية ومن التاريخ العربي الإسلامي فهي تأتي من الأصل فأصل الشيء هو الأساس الذي يقوم عليه ونشؤه الذي ينبت منه والعودة إلى أصول الإسلام ومنابته الأولى ليست بالشيء الجديد في التاريخ العربي الإسلامي الأمر الذي أتاح لظاهرة الأصولية بعداً زمنياً مكنها من الوصول إلى مرحلة التأسيس النظامي داخل المجتمع ، أي أنها أصبحت جزءاً من الواقع الاجتماعي ، يتعامل المجتمع معها ليس بهدف إيجاد حل نهائي لها كظاهرة اجتماعية دينية ، بل للتكيف معها واستيعابها وتدجينها وتبيئتها بما لا يخل بانتظام النسق الاجتماعي ، وبالتالي يصعب التكهن باستئصال المشكلة ـ الظاهرة ـ على المدى القريب ، في ظل البنى العقلية والاجتماعية نفسها ، وفي ظل الشروط والأوضاع المشار إليها سابقاً ، وخصوصاً أن كل الأطراف تسعى إلى توظيف الدين لخدمة مصالحها الخاصة ، بما في ذلك الأنظمة نفسها التي تشتكي من ظاهرة التطرف الديني ،

إن تكرار ظاهرة التطرف الديني أو الحركات الأصولية ، ووجودها في غالبية المجتمعات الإسلامية مع تباين صور التعبير عنها من حالات تفجر واحتدام أحيانا ، إلى حالات تعايش مع الوضع القائم وظهور المشكلة على شكل موجات وفي فترات متقطعة وأخذها طابعاً عصبوياً استقطابياً - ارادة طرف لابد من الاخذ بها - كل ذلك يدفع إلى القول (( إن العوامل الحقيقية لظهور الظاهرة هي عوامل دنيوية ، تتعلق بشروط الحياة وأشكال نظمها المختلفة فإذا سمحت الظروف السياسية والاجتماعية والأوضاع الاقتصادية بتوفير شروط حياة أفضل للمجتمع ، وبخلق توازن بين أنساقه أو شرائحه المختلفة ، وتوفير متطلبات التعايش السلمي بين مختلف شرائح المجتمع وطوائفه ـ تعايش بالتراضي لا بالقهر ـ توارت المشكلة بشكلها المتطرف وانتفى مبرر استحضار الرب لينوب عن البشر في حل مشاكلهم أما إذا اختل التوازن وعجزت السياسة عن خلق حالة تعايش وانسجام داخلي ، وإذا تأزمت الظروف الاقتصادية وأصبحت الفلسفات والأيديولوجيات الدنيوية عاجزة عن حل مشاكل المجتمع ، وأصبح الشباب يعيش في حالة ضياع وتشتت وفقدان ثقة في كل شيء ، تظهر الحركات الدينية كعامل تحريض وإثارة ، وكعامل استقطاب وتميز أو كعامل رفض واحتجاج ـ أو كل ذلك ـ لتدخل الميدان موظفة خطاباً يزعم أصحابه أنه البرنامج البديل القادر على حل مشاكل المجتمع ، أي أن الحلول المقترحة يضفي عليها طابع ديني لغياب أو فشل الحلول الدنيوية العلمانية ،

لكن المشكلة في جوهرها تبقى دنيوية لاشك في أن التطرف الديني هو تصرف لا عقلاني ، بينما الإسلام والتدين بشكل عام ، في مغزاه العميق الروحي والأخلاقي ، هو تصرف عقلاني ، ولكن ما يجعل التدين عملاً لا عقلانياً ، أي يوصله إلى مرحلة التطرف الاستقطابي القائم على تكفير الآخر ونبذه ، هو لا عقلانية الواقع القائم من نظم وأنظمة ومؤسسات وسلوكيات فإرهاب الأنظمة وفسادها )) ، جملة هذه الملاحظات التي تناولتها بين القوسين توقف عندها حزب البعث العربي الاشتراكي بمؤتمره القطري التاسع عندما تناول المسألة الدينية وما تفرزه وما ينبغي على الحزب ومناضليه القيام به ، وفي حوار أجرته صحيفة الراية القطرية في 24 مايو 2002م مع الدكتور ساجد العبدلي ، الأمين المساعد للشؤون الإعلامية في الحركة السلفية الكويتية قال عن مصطلح ألاصوليه الاسلاميه (( هذا المصطلح يحمل تشويها كبيرا للمقاصد الشرعية من العمل السياسي ، وقد يعطي إيحاء بأن هناك إسلام سياسي وآخر دعوي وآخر خيري وهكذا ، بينما الإسلام واحد ، وهو دين شامل لا يتجزأ لكل مناحي الحياة ولم يكن المسلمون يفصلون بين العمل السياسي والدعوة في يوم من الأيام ، بل كانت جميعها كلا متكاملا هذا المصطلح - الإسلام السياسي - نتج في جملة ما نتج عنه عن الميول التجريدية التي تركز على فهم الإسلام كدين عبادة وتكاليف عبادية أكثر من كونه نظاما سياسيا وتنظيميا للدولة واجتماعيا ، أي أن النظرة صارت تشدد على الدين والمعتقد أكثر من النظام والنهج والكيانية الإسلامية المنشودة )) وهنا نجد ان رؤية الدكتور ساجد العبدلي تلتقي مع نظيرية ولاية الفقيه التي يتخذها نظام الملالي في ايران وسيله واسلوب تحقيق اراداتهم الدنيويه وهنا توافق الارادات ، ووجدت نفسي لابد من الوقف أمام ما يقوله الدكتور جعفر شيخ إدريس في مقال مهم له عن هذا المصطلح (( عبارة الإسلام السياسي كأختها الأصولية صناعة غربية استوردها مستهلكو قبائح الفكر الغربي إلى بلادنا وفرحوا بها وجعلوها حيلة يحتالون بها على إنكارهم للدين والصد عنه فما المقصود بالإسلام السياسي عند الغربيين ؟

كان المقصود به أولاً الجماعات الإسلامية التي انتشرت في العالم العربي وفي باكستان والهند وأندونيسيا وماليزيا وغيرها تدعو إلى أن تكون دولهم إسلامية تحكم بما أنزل الله تعالى - ما الذي يأخذه خصوم الإسلام السياسي عليه ؟ أما الغربيون فاعتبروه أولاً ظاهرة غريبة بعد سني الحكم الاستعماري الذي ظنوا أنه وطَّد الحكم العلماني على المنهاج الغربي ، ووضع أسساً متينة للتبعية وضمان المحافظة على المصالح الغربية فشق عليهم أن تنبت في بلاد المسلمين نابتة تعارض هذه العلمانية التي يرونها تعم العالم بأسره كيف تنشأ جماعات تسير عكس هذا التيار العالمي ، وتدعو إلى الرجوع إلى حكم ديني إسلامي ؟ )) ومن هذه الرؤية التي خرج بها الدكتور جعفر شيخ ادريس يتبين جليا" ماهي بواعث زرع الفكر الديني المسيس الذي يستند اساسا" على الطائفية السياسية لانها المنفذ الذي يتمكنون بها ومن خلالها تمزيق النسيج المجتمعي العربي الاسلامي


يتبع بالحلقة الثالثة






الاثنين ٦ ربيع الثاني ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / كانون الثاني / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة