شبكة ذي قار
عـاجـل










كلما يمسي وجه الفرس شاحباً وكالحاً اكثر في الفناء الغربي للمنطقة .. كلما تظهر فجأة الحاجة إلى دفقة من الفيتامينات والتلميعات لهذا الوجه الذي خلقه الله عز وجل شاحباً مصفراً تقطر مساماته سموم الحقد على العرب وعلى المسلمين، وعلى العروبة والأسلام على حدٍ سواء .. وجل هم هذه المله نقل زعامة مكة المكرمة الى ( قم ) وتدمير هوية العرب ومحق تاريخهم وحضارتهم الأسلامية انتقاماً وحقداً، قل نظيره في العالم، لا لشيء، سوى أن العرب طردوهم كغزاة لأرضهم وارغموهم على الأيمان بدين الأسلام الحنيف.!!

اخترع الفرس الصفويون سياسة - ستراتيجية اسموها ( المقاومة والممانعه ) ، وألبسوها رداء صراعهم مع ( الشيطان الأكبر ) ومع ( اسرائيل ) ، ليكسبوا بهذه الأطروحة الشارع العربي الذي يحب فلسطين، ويعكسوا للعالم بأنهم ضد الأمبريالية عدوة الشعوب، وضد الكيان الصهيوني مغتصب أرض فلسطين والأراضي العربية، وانهم على مسار تحرير القدس وتحرير الشعب الفلسطيني من الاحتلال الأستيطاني الصهيوني، وتحرير العرب من طاغوت الأمبريالية الأمريكية .. ولكن الحقيقة الراسخة على الأرض التي يكشفها السلوك السياسي والعسكري الفارسي- الصفوي تخالف هذا المنطق تماماً .. فهم باتوا غزاة استيطانيون في العراق وسوريا وجنوب لبنان واليمن والبحرين .. إلخ .. وتمددوا بعد ان خلقوا لهم أذرع عسكرية في هذه الدول العربية وخاصة في العراق ولبنان وسوريا واليمن على وجه التحديد، وأخذوا يلعبون على المكشوف مع أمريكا وتحت الطاولة مع ( اسرائيل ) .

وبعد كل هذا التدخل الايراني الساف، كان تدخل حزب الله في سوريا قد اسقط أهم أعمدة الكذب والخداع لسياسة إيران المعلنة بشكل مضحك وهي تحمل عنوان ( المقاومة والممانعة ) ، فقد تحول هذا العنوان الى سياسة إيرانية تدخلية الى جانب النظام السياسي في دمشق الذي يقتل شعبه ويشرده ويدمر كيان الدولة السورية .. حتى لم يعد هذا الشعار قائماً .. والكل يتذكر، حين استوجبت دواعي السياسة الإيرانية تحريك الموقف، أوعزت لحزب الله بخطف جنود اسرائيليين من اجل احتقان الموقف الذي يصب في الخانة الأيرانية .. فحدثت الحرب وبات وجه إيران مقاوماً وممانعاً كما اصبح وجه حزب الله ممانعاً ومقاوماً ايضا .. وهكذا اظهرت الحالة وجه الصراع وكأنه بين إيران وحزب الله من جهة، والكيان الصهيوني وامريكا من جهة ثانية .. ومن هذا تعززت اطروحة ايران بأنها تلاوي امريكا وتريد ان تقذف بالكيان الصهيوني الى البحر.. والمرمى من هذه السياسة المتفق عليها تحت الطاولة ان تبقى ايران تلك الكماشة التي تحاول ان تطبق على العرب والمسلمين بما يتفق مع منهج الأدارة الأمريكية في تفكيك المنطقة وتأسيس الشرق الأوسط الجديد .

وحين تكشفت اللعبة الكبرى وتهافتت اوراق ايران وتساقطت اوراق حزب الله .. كان من الضروري إعادة تلميع هذه السياسة بصراع آخر يعطي دفقة من الفيتامينات والتلميعات من اجل إعادة الحيوية للوجه الفارسي الصفوي الكالح الذي تهاوى الى الحضيض بعد تدخل اذرع ايران في سوريا واليمن وافتضاح تدخلها السافر والمخزي للعرب وللعالم في العراق .. هنا جاء قصف ( اسرائيل ) لوحدة عسكرية في الجولان تضم قادة عسكريين من حزب الله التابع لأيران في الجنوب اللبناني على رأسهم ( جهاد مغنية ) ، وبرفقتهم عسكريون من الحرس الثوري الإيراني يقودهم جنرال فارسي قضي في هذا القصف مع كامل عناصر حرسه .. ما هو إلا تلميع لوجه حزب الله وبالتالي لوجه إيران على أنهما ما يزالان ( مقاومان وممانعان ) ، بعد هبوط اسهم حزب الله الى الحضيض جراء تدخله السافر والفاضح وغير المبرر في سوريا، والمجازر التي ارتكبها بأوامر الفارسي الولي الفقيه، الذي يدين ( حسن نصر الله ) له بالولاء لحد ارتكاب مجازر ضد الأنسانية، ليس في سوريا فحسب بل في أي مكان يأمره الطاغية الطائفي القابع في طهران.

دعونا نقف على بعض الأمور ومنها على وجه الخصوص ردود الأفعال :

1- أفصحت رسالة قائد الحرس الأيراني ( محمد علي جعفري ) عن غضبه على ( اسرائيل ) مذكراً إياها ( بأنها شهدت غضباً سابقاً والمنتظر الصاعقة المدمرة ) ، وذلك في رسالة بعث بها لمناسبة مقتل ( جهاد مغنيه ) وعدد من مليشيا حزب الله، ومقتل الجنرال الأيراني ( محمد علي الله دادي ) مع ستة عناصر من الحرس الصفوي، في غارة جوية اسرائيلية في القنيطرة السورية .. ووجود الحرس الأيراني ووجود قيادات وعناصر حزب الله على الأرض السورية يؤكد تدخل ايران، وهي الدولة الأجنبية، في الشأن السوري، فيما يعد تدخل حزب الله في الشأن السوري يتعارض مع اطروحات ( المقاومة والممانعه ) .!!

 وقال الجنرال الأيراني ( اسرائيل جرثومة وضرورة ازالتها من المنطقة بشكل كامل ) .. وهنا اذا سألت ايران رسمياً عن هذا التصريح الذي اطلقه جنرال في الخدمة، تكون الأجابة: انه يمثل نفسه وان تصريحه هذا ليس رسمياً .!!

والملاحظ : إن ايران لم تطلق تصريحاً رسمياً بمقتل جنرالها بغارة اسرائيلية على الأراضي السورية، واكتفت بتأكيد مقتل الجنرال ( محمد علي الله دادي ) وعدد من الحرس الأيراني..!!

2- قال عضو المكتب حزب الله في الجنوب اللبناني محمود قماطي ( إن حزب الله لن يصمت طويلاً وسيكون الرد في الزمان والمكان والكيفية والمناسبة ) .. ولكن يسود منذ شهور احباط شديد وقوي وواسع في البيئة التي يعيشها حزب الله .. فهل سيرد بالمثل؟ أم بعبوة ناسفة حفاظاً على ماء الوجه.؟ والتساؤل هنا .. هل يشعل ( حزب الله ) بأمر من إيران حرباً اقليمية مع ( الكيان الصهيوني ) لدواعي تلميع وجه الحزب كجزء من معالجة تداعيات تدخله في سوريا، وهو ( المقاوم والممانع ) .. ودون أن يكون للدولة اللبنانية رأي فيها؟ وهل أن حزب الله هو الدولة اللبنانية لكي يصدر قرار الحرب؟! ، ثم من الذي يتحمل اعباء الحرب الأفتراضية هذه وتبعاتها وتداعياتها؟

3- ( علاء الدين بروجردي ) رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الايراني اعلن ( إن انتقام حزب الله من العدوان الجوي الصهيوني في القنيطرة سيكون قاسياً ) .. ولم يعبر ( بروجردي ) عن اي رد فعل ايراني رسمي، وكأن الجنرال الايراني وعدد من الحرس الايراني لم يقتلوا في هذه الغارة .!!

الأيرانيون بلعوا الحالة المزرية .. لأن وضعهم الخارجي والداخلي، وخاصة ( مفاوضات الملف النووي الإيراني ) لا يسمح باستعراض العضلات الايرانية التي اخذ منها الضمور مأخذاً واضحاً على المستوى الداخلي والخارجي.

وليس غريباً ان تتحدث ايران بلسان هذا الـ ( بروجردي ) عن ما اسماه ( التواطؤ الصارخ مع القوانين والقرارات الدولية، التي ترمي الى اضعاف محور المقاومة في مواجهة الارهاب والاحتلال في المنطقة ) .. هذه صفاقة معروفة عن هؤلاء .. ماذا يعني مقتل الجنرال الفارسي وعناصر الحرس الايراني في الجولان السوري .. ألا يعني إرهاباً بالضد من الشعبين العربيين السوري واللبناني، ومحاولة للتمدد الإيراني واشعال فتيل حرب في المنطقة لا مبرر لها سوى إعادة ماء الوجه لحزب الله وتلميعه وإنعاش زخم طهران في التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية؟!

4- يتحدث منظرون طائفيون عن ان ( حزب الله قد يجد نفسه مضطراً للرد لأعادة بناء هيبة الردع ) .. وهنا يتوجب التوقف عند هذا المفهوم، الذي هو في حقيقته يقع بين دولتين قد تنشب بينهما الحرب .. ويستخدم احدهما أو كليهما اسلوب الردع المتبادل .. والردع هو إفهام الخصم بأن أي تصرف خاطئ سيعاقب عليه .. وفي حالة عدم الرد فأن ذلك يشكل ضعفاً لدى الطرف الذي يتبنى هذا المفهوم وبالتالي، تتعرض صدقيته الى الأنهيار.. ولكن ذلك لن تسري احكامه على حزب في دولة يتصرف على اساس انه دولة ويعرض مصالحها ومصالح شعبها الى الخطر لمجرد تطبيق هذا المفهوم الذي حددته إيران على اساس سيناريو التلميع .. وأن حزب الله يتصرف في نطاق الأستراتيجية الأيرانية، وهو امتداد أيديولوجي وعسكري ميداني لها في لبنان وسوريا .. وتصب اهدافه ونتائج تصرفاته في المصلحة الأيرانية وليس اللبنانية على الأطلاق .. والمصلحة الأيرانية في الظروف الراهنة هي الهروب إلى الأمام بخلق احداث تكرس تلميع وجه ايران الفارسي الكالح من جديد.. والأسرائيليون يعرفون ذلك .. لأن إشعال حرائق يرمي مُوقِدُها الى ترتيب اوضاع تريدها ايران، وخاصة مع ما يحدث في العراق على وجه الخصوص وما يحدث في سوريا وما سيحدث على طاولة المفاوضات المراثونية للملف النووي الايراني.!!

5- ( حزب الله ) هو ذراع إيران في الجنوب اللبناني، ما تزال عناصره المليشية تقاتل الشعب السوري على الاراضي السورية جنباً الى جنب مع قوات نظام دمشق .. فهل تنسحب عناصره المسلحة إلى الجنوب اللبناني إذا ما اشعل فتيل الحرب الأفتراضية على جبهة مزارع شبعا مع الكيان الصهيوني؟ وهل باستطاعته ان يحارب، افتراضاً، على جبهتين؟ وهل باستطاعة ايران ان تخوض بحرسها وجنرالاتها حروب في العراق وسوريا ولبنان في الوقت الذي تعاني فيه من تداعيات اقتصادية قاسية ومدمرة، رغم مكابرتها ومظاهر عجرفتها الفارغة؟ وهل تستطيع ايران بهذا الوضع المزري ان تغير المعادلات على الارض .. حيث أن الأوضاع الراهنة، هي التي ستحدد مفهوم الردع وليس حزب الله ولا حتى ايران؟ وكما نرى فأن إيران وتابعها حزب الله في الجنوب اللبناني يعيشان مأزقاً صعباً وواضحاً ستكشف خباياه القادم من الأيام .!!

6- ايران لا تريد ان تفرط بمخزون سلاحها لدى تابعها ( حزب الله ) ، الذي تدفق إليه عبر الأراضي السورية وتحت اشراف نظام دمشق .. كما انها لا تريد ان تخسر ذراعها المرتبط عضوياً بالجسم السوري العليل، طالما ساعدها في التمدد على اساس مقولة ( المقاومة والممانعه ) التي سقطت إلى الحضيض .. كما أن ليس بامكانها تحمل نفقات حروب جديدة واوضاعها الاقتصادية متدهورة ومزرية .

الوضع الاقتصادي الايراني هو المحك لسلوكها السياسي .. كيف ؟ :

7- مشكلة ايران انها تهذي وتتهم وتهدد كلما ضايقتها اسعار النفط .. فتصب اتهاماتها جزافاً على الآخرين، وهي حالة هروب من مأزق داخلي، وتتهمهم في اطار مفهوم ( مؤآمرة دولية ) تحاك ضدها حتى لا تكون مقاومة وممانعه .. وهذا أمر مضحك تماماً .

- لقد وضعت إيران تخمينات لميزانيتهم العامة التي تبدأ في 21/ آذار- مارس 2015 عند سقف ( 72 ) دولار للبرميل الواحد، والثاني ( 50 ) دولار.. ولكن الأسعار سرعان ما هبطت الى ( 45 ) دولاراً، ومن المحتمل ان تصل الاسعار لوقت قريب الى ( 35 ) دولاراً للبرميل الواحد.!!

وفي ضوء هذه التخمينات فماذا ستفعل إيران ازاء :

- حربها في سوريا وخربها في العراق ونفقاتها على تسليح حزب الله في الجنوب اللبناني وانفاقاتها العسكرية للحوثيين في اليمن وانفاقاتها التسليحية لمنظمة الجهاد الاسلامي في غزة فضلاً عن متطلبات نفقات حربها على الارهاب مع الامريكان في العراق وسوريا.. وخزينة العراق باتت خاوية، لأن ايران قد افرغتها على حروبها ومليشياتها من جهة، وازلامها في العراق قد نهبوها ولاذ بعضهم بالفرار الى خارج العراق، فيما اسس البعض الاخر له وجوداً عقارياً استثمارياً بمليارات الدولارات في عواصم عربية واوربية، والبعض الآخر هَرَبَ بغسيل الاموال ملايين ومليارات الدولارات الى الخارج.!!

سيصل برميل النفط الى دون سعر الـ ( 35 ) دولار للبرميل في غضون الشهور القليلة القادمة كما يتوقع خبراء النفط .. ومن يمتلك رصيداً نقدياً اجنبياً سينجو من المأزق . ومن لا يمتلك شيئاً من هذا الرصيد ستبدأ سفينته بالغرق وسيبدأ ماراثون القفز من سطح السفينة الغارقة كالفئران بدون اطواق او قوارب نجاة .. كما يحصل في العراق وإيران وروسيا ايضا.!!

كيف يرى العالم الاقتصاد الايراني.. ؟

1- يتوقع صندوق النقد الدولي ان يبلغ العجز في الميزانية الايرانية لهذه السنة ( 8.6 ) مليار دولار على اساس سعر النفط ( 80 ) دولار للبرميل الواحد، وإذا انخفض السعر الى ( 40 ) دولاراً، وهو المتوقع، فسيتضاعف عجز الميزانية الأيرانية الى ( 17 ) مليار دولار.!!

2- التوقعات الأيرانية ان تصل عائدات النفط الى ( 25.92 ) مليار دولار في العام المقبل .. والحسبة هنا على اساس سعر البرميل ( 60 ) دولاراً بما فيها كلفة الانتاج .. إلا أن عوائد النفط ستبلغ ( 17.28 ) مليار دولار إذا هبط السعر الى ( 40 ) دولاراً من ضمنها كلف الانتاج .. ولكن ايضاً، ماذا لو هبطت الاسعار الى ( 35 ) ثم ( 30 ) ثم ( 20 ) .. كيف ستكون عليه الميزانية الايرانية عند احتستبها .. والمهم في الأمر ، كيف ستدير ايران حروبها ؟ وكيف ستتمدد ؟!

ايران في مأزق، تحاول ان تغطيه بالمكابرة والعجرفة والتنازلات بدون ان تدفع الأثمان، ولكن الى حين .. وهي تتشبث بأمل نجاح مفاوضات ملفها النووي لكي تحصل على انعاش اقتصادي .. وإن بإمكان امريكا - إذا كانت راغبة فعلاً في منع ايران من انتاج سلاحها النووي - المحافظة على أمن المنطقة واستقرارها وأمن واستقرار العالم، أن ترغم إيران اقتصادياً على اخضاع كل مفاعلاتها النووية وخطوط انتاجها العادية والسرية، وخاصة الحاجة الى السيطرة على اجهزة الطرد المركزي كمياً ونوعياً، وإيقاف سخافة المراوغات والتسويفات واللعب في الزمن الضائع.!!

المفاوضات المقبلة ربما لن توفر لايران مخرجاً للخداع، حتى وان نجحت، فأن ذلك لن يعالج اسعار النفط .. فيما تظل المكابرة الفارسية تتقمص ثوب العجرفة التي ستنتهي برجوع المارد الجعفري الى قمقم ( قم ) في نهاية المطاف.!!






السبت ٤ ربيع الثاني ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / كانون الثاني / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة