شبكة ذي قار
عـاجـل










وعلى ضوء ما أشرت اليه في الحلقة الرابعة لابد من الاشاره الى - تقرير بيرنارد - والذي يشير صراحة الى ان وجود عالم اسلامي يتفق في توجهاته مع النظام العالمي الجديد ، بأن يكون ديمقراطيا وفاعلا اقتصاديا ، ومستقرا سياسيا ، وتقدميا اجتماعيا ، هو النموذج الذي تفضله أمريكا والغرب ، اما الشركاء المطلوبون لذلك المشروع فيمكن تحديدهم عن طريق الجهود الأكاديمية والبحثية للوصول الى فهم الصراع الايدولوجي الدائر داخل العالم الاسلامي وتغذيته ، والتمييز بين التيارات المتنافسة داخل الفكر الاسلامي الراهن ، ومن هنا يرى بعض الباحثين والمتخصصين بالمجتمعات العربية الاسلامية أن مشروع – راند - متأخر كثيرا عن ألجهود ألسياسية للاتصال بالمرتبطين بملالي ايران من العراقيين وتحديد دورهم في المشروع اللاحق - النظام العالمي الجديد - الذي اقره الرئيس الامريكي الاسبق بوش الاب قبل 2 أب 1990 وكان من اهم نقاط ذلك النظام (( قيام حكومة معتدلة في العراق ، و تواجد عسكري امريكي واوروبي غير مكشوف ، و اشراك ايران وتركيا و{اسرائيل} في دور مشترك في العراق )) , اما بعد 2 أب 1990 فقد كانت المبررات للتخطيط ضد العراق اكثر وجاهة بالنسبة للمخططين الســـتراتيجيين الأمريكان وحلفائهم الغربيين والصهاينة وتركيا وايران ,

وكان ما تلى الانسحاب العراقي من الكويت وما رافقه من فوضى بفعل الوافدين من خلف الحدود والمتعاونين معهم في الداخل لتنفيذ صفحة الخيانة والغدر وجه الانتباه اكثر فأكثر نحو مايسمون بالمعارضين العراقيين الذين تحركوا بارادة ايرانية والذين كان يقيم معظمهم في أيران وسوريا وغالبيتهم من الاصول الفارسية الذين تم تسفيرهم بفعل دورهم المخل بالامن الوطني القومي العراقي , لكنهم فضلوا بعد ذلك الذهاب الى واشنطن ولندن وغيرها من الدول الغربية ومع هذا كله فان الامريكان كانوا يعلنون ان الاسلام ليس عدوا داهما لهم ، فقد اعلن عن هذه الرؤية ادوارد د جيرجيان مساعد وزير الخارجية الامريكية لشؤون الشرق الأدنى وافريقيا ، ولكن الحقيقة هي ان تيار متشدد داخل الادارة الامريكية وما يمثله عقائديا" هو من ألد اعداء الدين الاسلامي والمسلمين ،

وهذا يعني بالضرورة ان لا يكون هناك تيار معتدل وهذا صحيح لكن ذلك التيار المعتدل كان ضعيفا وصغيرا تمثله نخبة محدودة من الباحثين السياسيين امثال ( جون سبوزتو ) و ( ستيفن زوترو ) واخرين كانو يعتبرون الارهاب ( التطرف المتخذ من الدين الاسلامي عنوان ) هو ازمة بسبب فشل الانظمة الأسلامية والعربية جرى تصديرها الى الخارج ، وللقضاء عليها لابد من أجراء اصلاحات , وهذا ألموقف تراجع كثيرا اذ انتهى الجدل كالعادة الى تغلب التيار المتشدد اثناء هذا السجال حول الاسلام السياسي وأسبابه واهدافه ، ظهرت مدرسة الأستشراق الجديدة الداعية الى تحالف امريكي وجماعة الاتجاه الايراني في مواجهة التيارالأسلامي الذي يشكل العمود الفقري لايديولوجيا القاعدة وكانت مقدماته التوافق الامريكي الايراني في افغانستان , وكانت تلك المدرسة لاتحرض على المنخرطين في التيار السلفي المتطرف وحدهم بل يشملون بالتحريض السعودية ايضا كونها تعد الحاضنه والمموله والدعاة المتبنين للفكرة والمشجعين على الانخراط فيها غالبيتهم سعوديين ، هذه المدرسة التي تدعو الى التحالف مع من يدعون انهم من اتباع ال بيت النبوه تمتد جذورها الى عام 1991 وكانت رؤيتهم التقدم من الكويت الى العمق العراقي لتغيير النظام السياسي الوطني فيه فأقامت من ذلك التاريخ جسور العلاقة مع مايسمون بالمعارضين العراقيين وفي مقدمتهم المجلس الاعلى الاسلامي وحزب الدعوة والتيارات الاخرى التي بحقيقتها نتاج ايراني بحت ويليهم الاكراد – قيادة الحزبين - ، بعد انسحاب العراق من الكويت كان القرار الامريكي هو توجيه ضربات قوية الى البنى التحتية العراقية لأسباب تتعلق بعدم انضاج مشروع غزو العراق واحتلاله في حينه ,

فأن الأمريكان بدأو يمدون جسور التعاون مع ما يسمون بالمعارضة العراقية وفي مقدمتها وابرزهم ماذكرت اعلاه , وكان من اول الغزل الموجه لها , ماذكر مثلا في الكونغرس الامريكي من ان نسبة الواقع الاجتماعي الذي يمثلونه 73% وانهم مضطهدون و للاقتراب منهم وفهمهم قد يعزز فكرة التقارب معهم من قبل اوساط سياسية واعلامية امريكية وللاستفاده من قوتهم ومواقف مراجعهم من العمل اللاحق - الاحتلال وتغيير الواقع السياسي العراقي - , في تلك الفترة خرجت مجلة نيوز ويك بغلاف له عنوان مثير ( صعود اتباع ال بيت ) , وكان واضحا من اشارات بدت ضعيفة ثم كبرت فيما بعد , ان قيادات اتباع ال البيت وبالتالي قواعدهم هم الاســـتثمار القادم في الســـتراتيجية الامريكية لمواجهة الســلفيين , وفي الوقت نفسه فأن هناك فكرة كان يجري طرحها باسـتمرار هي ان مراجع منهج ال البيت في العراق يختلفون عن ألمراجع ألايرانين , و يمكن استخدامهم ضد مبدا ( ولاية الفقيه ) لان غالبية المراجع المقلدين يعتمدون الولاية المحدوده بالمعاملات والعبادات , وان صراعا يمكن ان يحدث بعد الاحتلال بين حوزتي قم والنجف ,

وكان يدور في الكونغرس الامريكي كلام حول الاعتماد على اتباع اهل البيت في المنطقة باعتبار منهجهم ( فكرا معتدلا ) وانه الند الوحيد للفكر السلفي على مد العصور ، ضربة 11 أيلول حسمت الجدل في الاوساط الامريكية النافذه في صناعة القرار بالرغم من تلمس جذور للتقارب الأمريكي والتيار المدعي تمثيل اتباع ال البيت في العراق , كانت نقطة التحول الكبرى في انتقال الفكرة الاولى الى حيز التخطيط والتطبيق بعد منحها مشروعية شعبية , لكن الموضوع يعود الى قناعة الادارة ألامريكية بخطأ الرهان على الطرف الاخر الذين لاينتمون لمرجعية واحدة , ويصعب ضبطهم والتحكم في مخرجاتهم وقراراتها في حين يبدو اتباع ال البيت هم ألاكثر تنظيماً وولاءاً لمرجعياتهم الدينية , مما يجعل التحكم في ردود افعالهم ممكناً عن طريق فتاوى المراجع وسلطة وكلاء المرجعية الدينية ,

وقد كان مما جلب السرور الى الأمريكان ان خرجت تظاهرات حاشدة في ايران تدين الأرهاب وتبدي التعاطف مع أمريكا ، بعد 11 أيلول أدرج اسم العراق ( في محور الشر ) وأتمت أمريكا صياغة القصة الكاملة لسيناريو غزو واحتلال العراق , بعد تفعيل قانون تحرير العراق الذي صدر في ولاية الرئيس الامريكي الاسبق كلنتن 1998 , وخصص نحو مئة مليون دولار لما يسمى بالمعارضة الديمقراطية العراقية , التي يقودها عملياً أشخاص يدعون أنهم من اتباع منهج ال البيت ومنهم أحمد الجلبي وأياد علاوي الذين أصبحوا نجوم المعارضة العراقية , فتدافعت معاهد الدراسات والبحوث التي تحاول أزالة ما سمي بـ ( الألتباس ) الغربي بشأن قيادة وقواعد هذا المنهج وتعقد الحلقات النقاشية في أكبر مراكز البحوث , التي كان أشهرها ( مجلس العلاقات الخارجية ) المعني بتبعات صعود اتباع منهج ال البيت في العراق والموجودين في الأقطار العربية , بل تطور الأمر فيما بعد الى صناعة وجود لهم في مصر والمغرب أو بعبارة أدق احتوائه وتطويره والمطالبة بأنصافهم ( كونهم المحرومين من الحقوق والتمثيل السياسي ) كانت أيران تمد اذرعها والأمريكان يتكفلون بحماية تلك الأذرع واصبح الهاجس في الولايات المتحدة الأمريكية من أساسيات أهتمام صناع القرار وتحولت منظمات كانت محسوبة على ( الارهاب ) الى منظمات مرحب بها أمريكيا" , يتقاطر قادتها على واشنطن , كحزب الدعوة الأسلامية العميل ،

والمجلس الأعلى للثورة الأسلامية ...الخ وتحولت واشنطن وتليها لندن , أماكناً بديلة عن طهران ودمشق وفي هذا الشأن يمكن تصور عمق ألعلاقات , وهنا لابد من الاشاره أنه بعد مقتل محمد باقر الحكيم في النجف أقيم له مجلس عزاء في أكبر الفنادق الفخمة قرب البتناغون , وكان المتحدث الرسمي فيه نائب وزير الدفاع الأمريكي أنذاك - بول وولفويتز - , الذي وقف يتلقى العزاء ويعدد مناقب فقيدهم ومن الأدلة البارزة على حسم أمريكا لموضوع اختيار الحليف المستقبلي , أن لجنة الكونغرس التي كانت تشرف على تخريج الأئمة للجنود المسلمين في جيش الامريكي , أمرت ان يتولى التدريب علماء من اتباع منهج ال البيت والصوفية ، ويروي الكاتب - تمام البرازي - قصة عن الدور الذي كان اتباع ايران يلعبونه في ذلك التحالف بأن ممثل احد منظماتهم في الخليج والتي لها مكاتب في واشنطن عرض على صحفي عربي أن يترجم المقاطع التي تنتقد الأديان الأخرى , وتحث على الجهاد في الكتب المدرسية لدولة الخليج وقد أعتذر الصحفي عن تلك المهمة المريبة وبعد ذلك بأسبوع نشرت الواشنطن بوست مقالاً لممثل المؤتمر اليهودي الأمريكي يقول فيه ان لدى المؤتمر اليهودي مشروع لترجمة الكتب المدرسية في تلك الدولة العربية المسلمة , لأثبات أنها تعادي اليهود كانت هنالك جهود حثيثة من باحثين ومفكرين أستراتيجيين يسعون لطمأنة الأمريكان بأن هؤلاء بعد تغيير الواقع السياسي العراقي لن يختاروا تفليد النموذج الأمريكي في ( ولاية الفقيه ) , فمثلاً وقبل أسابيع فقط من غزوواحتلال العراق ,

القى ( أسحاق نقاش ) صاحب كتاب ( .... العراق ) محاضرة بعنوان ( .... ومستقبل العراق ) قال فيها ان السيناريو الأكثر أستجابة سيكون تدمير ( نظام البعث ) وأستبداله بحكومة تعددية تحصل فيها الأغلبية من اتباع اهل البيت على امكانية الوصول الى السلطة وأن هؤلاء الذين تم أنعاشهم والمتمركزين في النجف بأمكانهم أن ينافسوا قم , بأعتبارها مركز التأثير في العالم الأسلامي ، وكان هنالك لوبي أيراني يعمل لأنجاح عملية التقارب والتنسيق والتحالف بين أمريكا ومنتهجي فكر ال البيت العراقيين , ومن ثم أيران منها ( مركز التعدادية الاسلامية ) الذي اسسه الصهيوني ( زاينال باييس ) وهدف المركز كما أعلن ( تشجيع الأسلام المعتدل في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم , ومحاربة نفوذ الأسلام المسلح , وأحباط جهود المنظمات المتطرفة )


يتبع بالحلقة الاخيرة






الثلاثاء ٢٢ ربيع الاول ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / كانون الثاني / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة