شبكة ذي قار
عـاجـل










ما تناولناه في الحلقة الرابعة بين وبالدقه كيف استخدم الاخوان المسلمين  الايات القرأنية  لتحقيق  اهدافهم  وتضليل المواطنين  واثارة عواطفهم  ليتحولوا الى قاعدة غير واعيه ومدركه لما يخطط ويراد تحقيقه ابتعادا" عن مصالحهم  وتمنياتهم بالحياة ورغيف الخبز الذي هم بأمس الحاجة اليه  ،  وان هذا الاسلوب مارسه ايضا" حزب الدعوة العميل في تحركه بين البسطاء لتضليلهم وتوريطهم بافعاله الاجرامية  وان ما تم نشره من خلال وسائل الاعلام  في العقد الثامن من القرن المنصرم كاعترافات لعناصر متورطه بجرائم الاخلال بالامن الوطني اشارو فيها الى كيفية كسبهم وتوريطهم بما قاموا به استهدافا" لمؤسسات الدولة  والاجهزة الامنية  من خلال  تنفيذ الاغتيالات او  التفجيرات  ،  والرؤية التي خرج بها المرحوم  محمد ســـعيد العشــماوي المشـــار اليها بالحلقة الرابعه  كانت المرجعية  في النجف الاشـــرف قد  حددتها في العقد الســادس من القرن المنصرم  ،  وأصدرت فتواها  بترك العمل في اللجان الثقافية التي تحولت فيما بعد  ( حزب الدعوة الاســــــلامية  )  وطلبت من الطلبة الدارســـين فيها  ومنهم   (  محمد باقر الصدر   ،  ومهدي الحكيم ،  محمد باقرالحكيم  ومهدي الاصفي  ، مرتضى العسكري  ،  والمدرسي  )  التوقف وترك العمل فيها لانها خرج عن منطوق المرجعية  التي اجازت  العمل في اللجنه التوجيهية  للوقوف بوجه المد الشيوعي في الكليات والمعاهد عام  1960  وتحولت الى حزب سياسي  ،  الا ان  الكل عدا محمد باقر الصدر  انقطع عن النشاط السياسي  وفي عام 1961   أعلن البراءة وترك العمل واصدر فتواه بعدم الارتباط  من قبل العلماء وطلبة العلم  ، ولم يمتثلوا الى فتوى المرجعية  واتخذوا مسميات  مثل جند الامام  و العلماء المجاهدين ... الخ  اسلوبا" للعمل  والتي بنتيجتها  النهائية هي الاحزاب والتيارات والكتل  التي تعمل الان في العراق مابعد الغزو والاحتلال وتمتلك المليشيات الاجرامية التي تعيث بالعراق  فسادا" واجراما" بأبشع ممارساتها  وأساليبها"  ،

 

وعند البحث المستفيض عن تلك الاحزاب نجد  انها  أسست  ونمت في خارج الوطن العربي  وتم زرعها  فيه لاهداف  ونوايا  وأجنده الغرض منها اختراق الامة العربية فكريا" لتمزيقها مجتمعيا"  يقول المرحوم الرفيق القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق في موضوع قضية الدين في  فكرالبعث العربي  ((  فكرتنا إيجابية تنتهي دوماً الى تقرير الحقائق الإيجابية  ،  ولكن يجب أن لا ننسى بأن بين وضعنا الآن وبين هذه الحقائق الإيجابية التي يجب أن نصل اليها عندما يتحقق الإنقلاب العربي ، مسافات شاسعة يجب أن يبقى فيها التوتر شديداً بين وضعنا السلبي المريض الذي نعيشه وبين المرامي الأخيرة لفكرتنا ،  وان تكون لدينا الشجاعة الكافية واليقظة التامة لكي نتبين كل مفاسد أوضاعنا ونحاربها محاربة لا هوادة فيها   وان نشق من خلال هذه المعركة السلبية التي نحارب فيها المفاهيم البالية المشوهة  ، طريق القيمة الإيجابية التي سنصل اليها آخر الامر . كثيراً ما قيل لنا  ، خلال السنوات التي مر بها الحزب في نضاله ، من جماعات رجعية  ، متأخرة في عقليتها   استغلالية في سلوكها تمثل المصالح والعقلية والأوضاع التي يتوجب علينا القضاء عليها  ، كثيراً ما قيل لنا  : ما دامت نظرتكم إيجابية وما دمتم تعرفون قيمة الدين فما الفرق بيننا وبينكم ؟ الفرق كبير جدا  ، هو الفرق بين النقيضين . نحن نعتبر أن الرجعية الدينية تؤلف مع الرجعية الإجتماعية معسكراً واحداً يدافع عن مصالح واحدة  ، وانها أكبر خطر يهدد الدين  . ان هذه الرجعية التي تحمل لواء الدين في يومنا هذا وتتاجر به وتستغله وتحارب كل تحرر باسمه وتدخله في كل صغيرة وكبيرة لكي تعيق الإنطلاقة الجديدة  ، هي أكبر خطرعلى الدين  وهي التي تهدم مجتمعنا وتشوهه  ، فلولم نكن نحن ولو لم  تكن حركتنا موجودة لتهدد المجتمع العربي بأن يشوهه الإلحاد  اذ أننا بمقاومتنا الرجعية الدينية بدون اعتدال وبدون مسايرة وبمواقفنا الجريئة المؤمنة منها  ، ننقذ مجتمعنا العربي من تشويه الإلحاد ، ولكن هذا شيء والسلوك والتصرف شيء آخر ، او بالأصح يجب علينا أن نعرف كيف نترجم فكرتنا ترجمة عملية وكيف يجب أن يكون تصرفنا العملي مؤدياً الى الغاية المطلوبة  : ان جمهور شعبنا ما زال متأخراً وما زال خاضعاً لمؤثرات رجال الدين من شتى المذاهب والطوائف  . فلو اننا ذهبنا الى جمهور الشعب ، وليس لنا غنى عنه اذ بدونه لا نستطيع أن نحقق أي تبديل أساسي في الحياة العربية ، لو ذهبنا اليه بأفكار فجة وبأساليب غير محكمة وتصرفنا تصرفات هي أقرب الى ردود الفعل والنزق والمرض النفسي منها الى الإيمان بحركة منقذة  ، فأخذنا نطعن بالدين ونتبجح بالكفر ونتحدى شعور الشعب في ما يعتبره هو مقدسا وثمينا  ، نكون بدون فائدة وبدون أي مقابل أغلقنا أبواب الشعب في وجه الدعوة وأوجدنا ستارا كثيفا بيننا وبينه حتى لا يعود قابلا او مستعدا لأن يسمع منا شيئا أو أن يسايرنا في نضالنا ودعوتنا فالمناضل البعثي يجب أن تتوافر فيه شروط صعبة جدا وتكاد تكون متناقضة ، فهو حرب على كل تدجيل باسم الدين والتستر وراءه لمنع التطور والتحرر والإبقاء على الأوضاع الفاسدة والتأخر الاجتماعي ، ولكنه في الوقت نفسه يعرف حقيقة الدين وحقيقة النفس الإنسانية التي هي ايجابية قائمة على الايمان لا تطيق الانكار والجحود ، وان جمهور الشعب ليس هو العدو بل هو الصديق الذي يجب أن نكسب ثقته . صحيح انه مضلل مخدوع ولكننا نحن لا نستطيع أن نكشف له انخداعه إلا إذا فهمناه وتجاوبنا معه وشاركناه في حياته وعواطفه ومفاهيمه  ، فنحن في كل خطوة نخطوها نحوه نستطيع ان نطمع بخطوة من جانبه يأتي بها إلينا، لذلك يكون المناضل البعثي مهددا دوما بالخطر : فهو ان سلك هذا السلوك مهدد بأن يتزمت وان ترجع اليه عقليته الرجعية التي ثار عليها ، وهو ان سلك سلوكا آخر معاكسا ، إن شهر السيف على المعتقدات الخاطئة مهدد بأن يصبح سلبيا وان يخون ما في فكرة البعث من ايجابية فيلتقي بهذا مع السلبية الشيوعية التي رفضناها او ان يلتقي مع أي شكل من أشكال التحرر الزائف المقتصر على التظاهر والتبجح  . إذن على المناضل البعثي  ، عندما يحارب الرجعية ويصمد أمام هجماتها وافتراءاتها وتهيجاتها وإثاراتها  ، ان يتذكر دوما انه مؤمن بالقيم الايجابية والقيم الروحية وانه انما يحارب تزييف القيم من قبل الرجعية ولا يحارب القيم نفسها  . وانه عندما يساير جمهور الشعب ويتصرف تصرفا حكيماً معه دون أن يجرح عواطفه لكي ينقله تدريجيا الى مستوى الوعي اللازم  ، عليه أن يتذكر انه رجل ثائر متحرر لا يقبل لنفسه ولا لأمته مستوى رجعيا رخيصا من الإعتقاد ولا صورة مشوهة للعقيدة الروحية  ، وان مسايرته للشعب ليست الا وسيلة مؤقتة لكي يهيئه لأن يفهم الامور الصعبة .  ان ثقة البعثي بالإنسان عامة وبالإنسان العربي خاصة يجب أن تغريه دوما بالمزيد من الجرأة في مكافحة المعتقدات الخاطئة الجامدة  ، وان لا يحسب ان الأمة العربية لا تتحمل هذه الكمية من الثورة والتحرر فهي خصبة عميقة  ، وهي مختزنة لتجارب مئات السنين من الآلام، مئات السنين من التأخر والظلم  ، لذلك فهي مهيأة كل التهيؤ لان تتفجر وان تبلغ مستوى روحيا فيه كل الجرأة )) 

 

كما أن هذه الاحزاب او التيارات  نجدها ماهي الا امتداد للحقب التأريخية التي مر بها الوطن العربي  احتلالا" ان كانت  فارسية أو عثمانية  ،  ان الفرس مثال ممتاز لهذه الحالة من التشبث بالهوية  وتغليبها على رابطة الاسلام  ، فبالرغم من اعتناق بلاد فارس للاسلام الا ان الهوية القومية الفارسية بقيت هي المحرك الاساس للحاكم  والنخب في تعاملها مع العرب  وكانت نزعة الانتقام من العرب والتطرف في العمل لاقامة امبراطورية فارسية اقوى من رابطة الاسلام  ، لذلك شهدت العلاقات العراقية -  الفارسية حروبا بعد ظهور الاسلام اشرس من الحروب التي وقعت في المنطقة قبله ، اما العرب فانهم  وبالاضافة لتشربهم برسالة الاسلام التي حدت من التعصب القومي وعدته من اثار الجاهلية ، فانهم تبنوا مفهوما للقومية حدده النبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم  بتعريفه التطبعي للعربي ، فازال عنصر الاستعلاء من الفكر القومي العربي وجعله فكرا يعبر عن انتماء ثقافي  ، سمح للعروبة ان تخرج من جزيرة العرب وتصل الى المغرب العربي وتدمج في بوتقتها اجناسا شتى دون تمييز او تعصب لعرق ما ، بعكس القومية الفارسية التي كانت  وبسبب تعصبها القومي ونزعة الاستعلاء لديها  ، عاجزة عن التوسع بقبول هويتها من قبل الاقوام الاخرى والاندماج بها ، فلجأت الى الحروب والدسائس للتوسع وفي مقدمة الدسائس فبركة هوية طائفية بين المسلمين استخدمتها وتستخدمها لاختراق حصون العرب وتمزيقهم  ، فصاغ مفكروها منظومة طائفية لا صلة لها بالاسلام بل هي نتاج فكر قومي فارسي  يتمثل في تمجيد تراث ما قبل الاسلام بما في ذلك القيم والتقاليد الزرادشتية ، ان النزعة التامرية الفارسية بعد الاسلام ليست سوى تعبير اصيل عن تجذر الرابطة القومية الفارسية  ، وتحكمها في النخب الفارسية وكان ابرز مظاهرها التاريخية اضافة لفبركة الطائفية داخل الاسلام وعملها وفقا لخطط طويلة المدى لتدمير الهوية العربية واختراق الانسان العربي  ،  هذه الحقيقة التاريخية هي التي استخدمها بعض المنتمين لتيارات الاسلام السياسي لاتهام القومية العربية بتهمتين خاطئتين (( التهمة الاولى وصفها بانها تعصب جاهلي ، والثانية القول بانها متأثرة بالقوميات الاوربية )) ، وفي كلا الاتهامين نجد الخطأ واضحا وفاضحا  ، فالتعصب القومي في القومية العربية غير موجود لان المكون الجوهري لها وهو الاسلام الذي يمنع التمييز بين البشر بشكل عام وبين المسلمين بشكل خاص على اسس العرق واللغة  صحيح ان هناك نزعات تعصب قومية عربية تظهر في فترات محددة تقف في مواجهة تعصب قومي اخر ، لكنها رد فعل اني وليست فعلا اصليا ودائما  والمثال هو الموقف من الدولة العثمانية حيث ساهم العرب في بناءها على اساس انها دولة اسلامية لكنهم انقلبوا عليها حينما بدأت تمارس سياسة التتريك وتذويب هوية العرب  كما ان العرب وقفوا ضد النخب الشوفينية الفارسية اثناء قيام الدولة العباسية لانها تعمدت شتم العرب ، بل انها كانت تسيطر على البيئة الثقافية والسياسية في بغداد العباسية بعد ان وصلت الى مركز الخلافة بالزواج والاموال وغيرها

 

يتبع بالحلقة السادسة






الثلاثاء ١٧ صفر ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / كانون الاول / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة