شبكة ذي قار
عـاجـل










تبين لنا بوضوح مخاطر استخدام الدين الاسلامي لتحقيق الرغبات والشهواة الدنيوية ببواعث لاتخدم وحدة المسلمين وتشد من عضدهم فعليه لابد من الوقوف عند هذا مصطلح ( الإسلام السياسي ) لمعرفة نشأته ومن يقف ورائه ويتبناه وما يراد منه في حياتنا العربية الاسلامية ، وقد بحثتُ عن مصدر هذا المصطلح وماقيل عنه فتحصل لي التالي ، قال الأستاذ عطية الويشي في كتابه حوار الحضارات ( ص 210 ) أول من استخدم هذا المصطلح هو هتلر حين التقى الشيخ أمين الحسيني مفتي فلسطين آنذاك ، إذ قال له (( إنني لا أخشى من اليهود ولا من الشيوعية ، بل إنني أخشى الإسلام السياسي ! )) وقال الدكتور محمد عمارة في كتابه الإسلام السياسي والتعددية السياسية من منظور إسلامي ( ص 5 - 6 ) (( إنني لا أستريح كثيرًا لمصطلح " الإسلام السياسي " رغم شيوع هذا المصطلح ، وصدور الكثير من الكتابات حول هذا الموضوع وتحت هذا العنوان )) وفيما أذكر ، وفي حدود قراءاتي فإن أول من استخدم مصطلح الإسلام السياسي هو الشيخ محمد رشيد رضا لكنه استخدمه في التعبير عن الحكومات الإسلامية التي سماها ( الإسلام السياسي ) ويعني الذين يسيسون الأمة في إطار الأمة الإسلامية لكن مصطلح الإسلام السياسي يُستخدم الآن ،

 

ومنذ العقود الثلاثة الماضية وصعود المد الإسلامي والظاهرة الإسلامية ، بمعنى الحركات الإسلامية التي تشتغل بالسياسة ، وفي هذا المصطلح الإسلام السياسي شبهة اختزال الإسلام في السياسة ، لأنه ليس هناك إسلام بدون سياسة ، وقال الأستاذ علي صدر الدين البيانوني المراقب العام للاخوان في سوريا (( بالنســـبة لمصطلح الإســـلام السياسي إنه مصطلح ناشئ أصلاً عن الجهل بالإســـلام الذي جاء بالعقيدة والشــــريعة ، خلافاً للمســــيحية التي جاءت بالعقيدة فقط ، ونادت بإعطاء ما لله لله ، وما لقيصر لقيصر إنك حين تجرّد الإسلام من بعده التشريعي ، لا يبقى إسلاماً ، وإنما يتحوّل إلى شيء آخر إن الإسلام دينٌ شاملٌ لكل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، فليس هناك إسلام سياسيّ ، وإسلام اقتصادي ، وإسلام اجتماعي .... الخ بل هو إسلامٌ واحد ، شاملٌ لكلّ جوانب الحياة ، ولذلك نرفض مقولة الإسلام السياسي )) ومن هنا اتوقف عند الملاحظات الذي ابداها المفكر الراحل والمستشار محمد سعيد العشماوي والتي تناول فيها مصطلح الاسلام السياسي حيث قال (( ادّعت جماعة الإخوان كثيرًا أنها دعوية تربوية غير أن الأعوام التالية لانتهاء الحرب العالمية الثانية شهدت خروج الجماعة من حال الكمون إلى حال الظهور ،

 

فشرعت كتائبها تطوف بالأحياء والمدن تدق الطبول وتستعمل بعض الهتافات ذات الأثر الوجداني العميق على عاطفة الشعب الدينية ، ومنها قولهم ( القرآن دستورنا ) وهو شعار قديم صاغه فقهاء السلطان العثماني الأحمر عبد الحميد الثاني حتى يمكنه أن ينقلب على الدستور الذي اعتمده بنفسه لحكم تركيا ، واذا كان هذا الشعار قد مكن السلطان المذكور من إلغاء الدستور ، وهو ما أدى إلى عزله سنة 1909 ، فإن رفعه في مصر كان يعني الاتجاه إلى قلب نظام الحكم ، وإلغاء دستور 1923 وجعل السلطة دينية مطلقة ، يحوزها المرشد العام الأول - حسن البنا - ، والقرآن كما نعرف هو دستور المسلمين في منظومة العقائد والأخلاق ، لكنه لم يتضمن أي حُكم أو بيان عن السلطة والنظام والسياسة العامة والتزامات المحكومين والحكام وتاريخ الإخوان لم يخلُ من توظيف سيِّئ لآيات القرآن ، وقد وقف مؤسس جماعتهم يتلو الآية * واذكر في الكتاب إسماعيل * إنه كان صادق الوعد * ، يريد بها إسماعيل صدقي رئيس الوزراء فيما هي نزلت في اسماعيل النبي بن إبراهيم عليهما السلام أي أن الإخوان حوَّلوا العقيدة إلى أيدلوجيا ؟! نعم جماعة الإخوان حولت العقيدة إلى إيديولوجيا واســــتغلت المشـــاعر الدينية لتحقيق أهداف نســبية ، واستخدمت آيات القرآن في تحريف واضح وتزييف فاضح ، وحرفتها عما أُ نزلت له ، خدمةً للسياسة وخدعةً للناس ، وقد تأكد للجميع بما لا يدع مجالاً للشك ،

 

أن الجماعة لا تعمل لرفعة الإسلام وانما تستخدمه لأغراض سياسـية ، لذلك نشـــــرت كتابي ( الإسلام السياسي ) ، لأُفرَّق بين اســـتخدام الدين للوصول إلى الســـلطة والتمكن منها وبين الإسلام المستقيم أو المستنير ، الذي يضع الإيمان في القلب لا في التنظيم ، ورغم ثورة الإخوان فقد اســــتقر وصف ( الاســــلام الســــــياسي ) في الحديث عنهم ، ومعهم كل الجماعات التي حذت حذوهم وصار التعبير شــــائعاً ذائعاً في العالم كله ، ولعل ذلك ما جعل مرشــــدهم الســــابق - مهدي عاكف - يقر بما صار واقعاً ويعترف أن الإخوان جماعة ســياسـية لتقطع جُهيزة قول كل خطيبِ الخلافة ابتدأت بالعنف وســــارت علي العنف - ذكرت أن الخلافة نظام فاسد بطبيعته ، وهو ضد المسلمين والإسلام نريد أن نتعرف على الأسس التي دعتك لوجهة النظر هذه ، علماً بأن البعض يعتقد أن الخلافة تكليف إلهي وأنها ستعود يوماً ما مستندين في ذلك إلى بعض النصوص الدينية ؟ الخلافة لم تذكر في القرآن كلفظ إلا مرتين حيث يقول القرآن * يا داوُد إنا جعلناك خليفةً في الأرض * ويقول * إني جاعلٌ في الأرض خليفة * ومعنى خليفة في الآيتين أنه يأخذ قوته من الله بالإيمان الذي يقر في القلب ولا يوجد في الشعائر ، وعندما اجتمع المسلمون في سقيفة بني ساعدة ، إثر وفاة النبي حدث لغطٌ كبير ولم يحدث اتفاق على من يُختار لقيادة الأمة الإسلامية من بعده ، حتى قال عمر لأبي بكر أعطني يمينك لأبايعك فبويع على ذلك ،

 

وانهال القريشيون على ( سعد بن عُبادة ) زعيم الخزرج ضرباً لأنه كان ينازعهم في الأمر، فالخلافة بذلك ابتدأت بالعنف ثم سارت على العنف ، فمعاوية بن أبي سفيان بايع لابنه يزيد في حياته وجعله ولي عهده ووقف أحد المسلمين ليقول ( إذا مات هذا - مشيرا إلى معاوية - فخليفته هذا – مشيرا إلى يزيد - ومن أبى فله هذا – مشيرا الى السيف ) ، وقال عبد الملك بن مروان لابنه الوليد وهو على فراش الموت ( لا تبك عليَّ كالنساء ولكن إذا متُّ فشمر وائتزر والبس جلد النمر واحمل سيفك علي عاتقك واسأل من يبايعني ؟ فمن بايع فخلِّ سبيله ومن امتنع فاقتله ) ، وأعتقد أنه لا يعبر عن الخلافة على مدى العصور الإسلامية ما هو أبلغ من هذين المثلين أعني حادثة - معاوية - ومقولة - عبد الملك - وخلافة الأُمويين قامت بعد حرب وقتل الحسن والحسين ولم تسقط الخلافة الأُموية إلا بحرب قادها ( أبو مسلم الخرساني ) واشتد العباسيون على أتباع علي بن طالب حتى أن العلويين تمنوا عودة الخلافة الأُموية !! وفي خلافة العباسيين وتحديدا في خلافة الابن الرابع لـ هارون الرشيد قامت السلطنة السلجوقية ، وقد أنشأها تتار تسموا بـ الأتراك ، نسبة إلى لغتهم الأتراكية وذلك لأن أم هذا الخليفة كانت من التتار ، فأَمِن لهم الخليفة وترك لهم مقاليد الحكم ، وبهذا نشأت السلطنة السلجوقية التي لم تنته إلا بهزيمتها أمام بني عثمان ، وهم تتار أيضاً وبعد انتصار بني عثمان تسمى حكامهم باسم سلطان العالم ، وعاثوا في أوروبا احتلالاً وفساداً ، وكانوا يخطفون الأولاد المسيحيين النبهاء ويجعلونهم جنودا وهم - الانكشارية - ،

 

الذين لا ولاء لهم إلا للسلطان وحده ، وبهم سادت السلطنة العثمانية مساحةً واسعةً من أوروبا والشرق الأوسط ، ولما أراد الجرمانيون والطليان والفرنسيون والإنجليز وقف تهديد السلطنة العثمانية ، ووقف وحشيتها قامت الحروب الاستعمارية التي هي رد فعل لعنف السلطنة العثمانية وما فعلته في اوروبا الخلافة مستحيلة التحقق مرة أخرى • قد يفهم البعض من ذلك أنك تدافع عن الاستعمار ؟ بالطبع لا ، فأنا لا أبارك الاستعمار وإنما قلت إن الاحتلال الفرنسي والإيطالي والإنجليزي للشرق الأوسط هو خوفٌ واضح من هذه الدول على مستقبلهم من العثمانيين ومحاولة لاستباق عدوانهم باحتلال أراضيهم ، ونزع أظفارهم ، ومن هنا وقعت بدايةً الحروب البلقانية ثم حروب الشرق الأوسط واحتلال الدول ونحن من دفع الثمن ، لكن هل ستعود الخلافة مرة أخرى ؟ - الخلافة مستحيلة التحقق مرة أخرى ، لأنها كما ســــــلف لم تقم إلا بغلبة قوة مســلمة على قوة مســــلمة أخرى ، وذلك يســتحيل حالياً ، حيث كل البلاد الإســلامية ضعيفة ، والقوة انتقلت إلى الغرب المسيحي ، وهذا الغرب يعطينا السلاح بحساب ، بحيث نكون دائماً متخلفين عنه ، ولا تكون لنا الغلبة إطلاقا ))

يتبع بالحلقة الخامسة






الاحد ١٥ صفر ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / كانون الاول / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة