شبكة ذي قار
عـاجـل










كان مؤتمر بغداد يسعى الى ايقاف حالة التداعي في الموقف العربي والتصدي لنتائج ( كمب ديفيد ) ، وقد انهارت هذه المساعي بسبب العدوان الايراني على العراق واحتلالها لعدد من مراكز الحدود العراقية وهيمنتها الفعلية على شط العرب، ثم اتسع هذا العدوان واستمر لثمان سنوات.. حيث أسهمت الحرب العدوانية في :

 

- تعدد الخنادق واختلاف مواقف القيادات العربية واخفاقها في تكريس امكاناتها لوقف حالة التداعي واسعة الانتشار التي حلت بالوطن العربي نتيجة لـ ( كمب ديفيد ) والعدوان الإيراني على العراق .

 

- انتقل النظام العربي الرسمي، خلال هذه التطورات من حالة العجز وطلب التسوية السلمية مع العدو الصهيوني الى حالة التواطؤ مع مشاريعه .. وقد شمل، تقديم الدعم اللوجستي للعدوان على العراق عام 1991و 2003 ، ومحاصرة مقاومته الوطنية سياسياً واعلامياً ومادياً .. مع الحقيقة الدامغة بأن احتلال العراق تم من قبل دولة اجنبية ( أمريكا ) بمعاونة دولة اجنبية اخرى ( إيران ) ، والعراق بلد عربي وهو جزء من الوطن العربي، حيث يتوجب على النظام العربي الرسمي منع العدوان وحماية العراق وشعبه .

 

- وكان النظام العربي الرسمي، وحتى الآن، يتشبث بمقولة زائفة تروج ( أن العرب غير قادرين على مواجهة العدو عسكرياً، وذلك بسبب الخلل في التوازن الأستراتيجي ) الأمر الذي مكن هذا النظام يتمسك بما يسمى ( قرارات الشرعية الدولية ) ، التي لا تطبق على اعداء العرب التاريخيين.!!

 

وقد ادى ذلك الى محاربة المقاومة الوطنية الفلسطينية والمقاومة الوطنية العراقية، التي هزمت المشروع الامريكي واسقطته، فيما كانت المقاومة الوطنية اللبنانية، التي اختطفها ( حزب الله ) وجيرها بأسم ولي الفقيه في طهران، قد حققت طرد الإسرائيليين من الجنوب اللبناني، ولكن تدخلها السافر في سوريا قد كشف زيف ( حزب الله ) الذي يرفع يافطات ( المقاومة والممانعة ) بتدخله الدموي الى جانب النظام الطائفي لقتال الشعب العربي السوري وتشريده بالملايين .. وهذا يعني :

 

- ان المقاومة العربية في أي ساحة كانت بامكانها مواجهة المشاريع الامريكية والصهيونية وبامكانها ان تنزل الهزيمة بهذه المشاريع الاستعمارية .

 

- وان المقاومة العربية في اي ساحة عربية كشفت وعرت مقولات النظام العربي الرسمي حول افتقارها الى القدرة على المواجهة العسكرية للعدو .

 

وكان النظام العربي الرسمي يتهم المقاومة العربية بأنها :

- مُغامِرة وليس بمقدورها مواجهة جيش نظامي كالجيش الاسرائيلي والامريكي.

 

- وان العراق اصبح يمتلك قوة عسكرية كبيرة، بعد انتصاره في الحرب الإيرانية- العراقية في 8/8/1988 ، وبات يهدد جيرانه والمنطقة بأسرها.!!

 

الأمر .. الذي قدم مبرراً للعدوان عليه في عام 1991 وحصاره واحتلاله عام 2003، وضلوع النظام العربي الرسمي في حصار العراق والتقيد باجراءاته العدوانية كان واضحاً .. فيما احتل العراق بمباركة عدد من الحكومات العربية وصمت عربي مطبق، اعتقاداً من هذه النظم انها ستكون في مأمن من المشاريع الأجنبية العدوانية على الأمة العربية ممثلة بالمشروع الصهيوني ، والمشروع الإيراني الصفوي ، والمشروع العثماني ، ومشروع الشرق الأوسط الجديد الكبير.!!

 

المقاومة الوطنية العراقية .. جوهر حركة التحرر العربي :

 

بيد ان المقاومة الوطنية العراقية كانت قد شرعت في عملها المقاوم منذ الاسبوع الاول للاحتلال وهي مستمرة لحد الآن ..

 

وبدلاً من دعمها وحمايتها والانفتاح عليها فقد واجهت ما يلي :

 

أولاً- حصاراً سياسياً واعلامياً من لدن النظام العربي الرسمي.

 

ثانياً- لم يحرؤ النظام العربي الرسمي على الاعلان عن دعمه للمقاومة حتى ولو بصيغة اعلام يواكب الفعل المقاوم الذي كبد المحتلين خسائر كبيرة من الصعب تغافلها .!!

 

ثالثاً- ضلوع بعض الانظمة العربية بتوفير ( الشرعية ) السياسية لحكومة الاحتلال في بغداد، سواء بالسماح لممثل حكومة الاحتلال من اشغال مقعد العراق في جامعة الدول العربية ، وتبادل التمثيل الدبلوماسي مع حكومة الاحتلال.. خلافاً لميثاق الجامعة العربية والمواثيق والمعاهدات العربية التي وقعتها الأمانة العامة للجامعة .!!

 

رابعاً- مشاركة بعض النظم العربية - التي كانت ممراً للعدوان على العراق - في محاربة المقاومة الوطنية العراقية، بدعوى التعاون مع قوى الاحتلال لامريكي لمحاربة ما يسمى بالارهاب .!!

 

خامساً- سكوت النظام العربي الرسمي على محاولات تقسيم العراق وتفتيت كيانه طائفياً .. ودعم ما يسمى بالعملية السياسية التي ترتكز على المحاصصة الطائفية والأثنية .

 

سادساً- عدم اكتراث النظام العربي الرسمي بالمخاطر التي تهدد الأمن القومي العربي ، وعدم الاهتمام بضرورة تحديد تلك المخاطر والتحديات الجدية منها والمحتملة، كالخطر الفارسي.

 

المقاومة الوطنية العراقية محاصرة .. لماذا ؟

- لأنها ، وهي التشكيل الوطني الجامع لمختلف القوى الوطنية والاسلامية ، قد تمكنت من مواجهة تحديات الاحتلال ومقارعته وتعطيل مشروعه، الذي يسمونه مشروغ الشرق الاوسط الجديد .. وبدلاً من ان تحظى المقاومة العراقية بالدعم العربي فقد راح النظام العربي الرسمي يمارس اسلوب التعتيم والضغط الاستخباري على القوى الوطنية النخبوية العربية لمنعها من تقديم الدعم ومنع التداخل معها من اجل منع اسنادها .. الأمر الذي جعل المقاومة الوطنية العراقية :

 

- محرومة من عمقها العربي الإستراتيجي .. والمقصود بهذا العمق ( الشعب العربي بما يمثله من قوى وطنية وقومية واسلامية وطنية ) .

 

- فيما باتت بعض الشخصيات ( القومية الوطنية ) تخلط الاوراق في مؤتمراتها وندواتها السياسية تأسيساً على خلفية النظرة الخاطئة حيال النظام الوطني قبل الاحتلال وحيال حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يقود نضال الأمة.

 

- كما باتت هذه الشخصيات والقوى ، المشكوك في ولآئها القومي، تمارس الخطأ ذاته حيال الدور الايراني في المنطقة واعتباره ( ظهيراً ستراتيجياً للأمة العربية ) .. في الوقت الذي يبتلع فيه هذا الظهير، العراق وسوريا وجنوب لبنان واليمن وقبلها الأراضي العراقية والجزر العربية في الخليج .. حيث تمارس هذه الشخصيات اسلوب ( تحريف ) الحقائق الجيوبوليتيكية، التي تفصح عن استحالة أن يكون النظام الفارسي ظهيراً ستراتيجياً لأي قطر عربي ولا للأمة العربية بأي حال من الأحوال .. فيما يعمل النظام الايراني على شق وحدة المجتمع العربي بصورة عامة والمجتمع العراقي بشكل خاص طائفياً واثنياً ، وقيامه بدعم المليشيات والاحزاب الطائفية، التي نشأت في طهران، بالسلاح والأموال وبعناصرالحرس الثوري الايراني، وهي تخوض عدوانها على الشعب العراقي في الشمال والوسط والجنوب على حد سواء .. والهدف قمع الشعب العراقي وتحويل ولآئه إلى طهران عن طريق البطش والتشريد والتهجير القسري .

 

- إن ايران تدعم ( حزب الله ) في الجنوب اللبناني الى الحد الذي بات فيه يهدد كيان الدولة اللبنانية ويشل حركتها السيادية .. وتدعم ايران منظمة حماس ومنظمة الجهاد الى الحد الذي يحقق لطهران تحريك الموقف بشكل ضاغط لمصلحتها الاستراتيجية من جهة، وتقسيم وحدة نضال الشعب الفلسطيني بين واقعين فرضهما الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين منذ الكثر من ستين عاماً .. وهو الأمر الذي يصب في المصلحة الإيرانية والصهيونية جملة وتفصيلاً .

 

هذه الاشكالية .. قد اربكت الارضية التي تستند عليها بعض القوى والشخصيات القومية بشأن الدور الايراني في العراق والمنطقة .. والتي صاغت امريكا ستراتيجيتها في ضوء هذا الدور الذي يشيع الحروب الطائفية والعرقية وعدم الاستقرار لعقود طوال من السنين .. فيما تبتلع ايران الجزر العربية الثلاث في الخليج العربي، وتحتل مدن وقرى عراقية اعترفت بها اتفاقية الجزائر لعام 1975، والتي الغتها طهران من طرف واحد ، وتهيمن على شط العرب ، وعلى حقول نفط العراق تحت ذريعة الحقول المشتركة .. هذه الذريعة ظهرت بعد الاحتلال عام 2003 .!!

 

المشاريع الاستعمارية الفاضحة والمكشوفة :

إن مقولة .. ( إيران ظهيراً ستراتيجياً لحركة التحرر العربي والخشية من فقدانها ) .. هي مغالطة فاضحة ، طالما روجت لها طهران .. فيما بات الاعلام الامريكي يروج لمشروعين امريكي وايراني يتصارعان في المنطقة .. والهدف من ذلك هو ( فرز القوى ) في المنطقة والتخندق خلف مقولة ما يسمى ( قوى الاحتلال ) و ( قوى المقاومة والممانعة ) التي تعرت تماماً .. وهي اكذوبة واضحة، لأن امريكا ومشروعها استعماري، وان ايران مشروعها استعماري- طائفي ، وهما يعملان معاً بالضد من المصلحة القومية العليا للأمة العربية، وهما يتوجهان في هذه الحقبة الخطرة نحو تمزيق نسيج الواقع الاجتماعي للأمة والغاء هويتها القومية ومنعها من النهوض بمشروعها القومي العربي.

 

أمريكا دولة اجنبية لها مصالحها .. وإيران دولة اجنبية لها مصالحها ، ولن يكونا ظهيراً يساند قضايا الأمة العربية في وحدتها وتحررها ومستقبلها .

 

اسئلة مطروحة على بعض الشخصيات والعناصر والقوى التي ما تزال تعتقد بالنهج السياسي الايراني :

 

- لماذا .. وعلى حساب من يتم التعاون الإيراني الأمريكي في المنطقة؟ هل هو في صالح دولها وشعبها العربي المسلم .. إذا ما نظرنا إلى الشواهد الخطيرة التي اثبتها الواقع المعاش على الأرض؟!

 

- لمصلحة من يصب التعاون الايراني الامريكي لحكم العراق منذ اكثر من أحد عشر عاماً ؟ .. والشواهد والقرائن والدلائل واضحة وضوح الشمس بأنها تصب في صالح إيران اولاً وفي صالح امريكا ثانياً ، وفي صالح الكيان الصهيوني ثالثاً، والخاسر الوحيد هو الشعب العراقي.

 

- لماذا تهدد إيران بابتلاع البحرين ، وهي دولة مستقلة وذات سيادة؟

 

- لماذا تستمر ايران باحتلالها الجزر العربية في الخليج العربي؟

 

- لماذا تصر ايران على ان يكون لها نفوذ في المنطقة يتساوق مع اصرارها على السلاح النووي منذ اكثر من اثنى عشر عاماً من المراوغة والخداع والتضليل ؟!

 

- ثم ، لماذا ترسل إيران دعاتها إلى الدول الإسلامية على وجه التحديد، وليس الدول المسيحية، للتبشير بالمد الفارسي الصفوي .. ألم يكن ذلك بهدف شق وحدة المسلمين ؟ ولمصلحة من يشرذم المسلمين ؟!

 

- ثم ، لمصلحة من يتمزق نسيج الشعب العربي في كل قطر عربي على اساس ( طائفي واثني ) مقيت ؟ ولمصلحة من يصب هذا النهج الذي تمارسه ايران في المنطقة ؟

 

هذه الأسئلة مطروحة على الذين لم يحسموا مواقفهم بعد، او الذين يعيشون ضبابية الخداع والتضليل الايرانيين، والذين لم يتعرفوا بعد جيداً على الدور الايراني المخرب في العراق والمنطقة، والذين ما يزالون يرون ان ايران ظهيراً ستراتيجياً لحركة التحرر العربي.

 

يتبـــــــــــــع ....






الجمعة ٦ صفر ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / تشرين الثاني / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة