شبكة ذي قار
عـاجـل










ثلاث معطيات عرفتها الأمة العربية في تاريخها المعاصر و بخاصة ما بعد الحرب الثانية وحتي نهايات القرن العشرين شكلت مجتمعة علامات النهوض و بدايات تلمس التعاطي الواعي بما يعنيه من علمية مع ثقافة العصر والتأسيس لدخول العرب بثقلهم المادي و البشري و المعنوي طور الفعل التاريخي . ثلاث معطيات مثلتها تجربة عبد الناصر و المقاومة الفلسطينية و تجربة الحكم الوطني في العراق بقيادة البعث ، بما تباينت فيه من جزئيات و ما اشتركت فيه من ثوابت لعل أهم هذه الثوابت أنها كتجارب انطلقت من أن نهوض الأمة و الشعب العربي ان كان قطريا أو قوميا لا و لن يكون اطلاقا من مضامين ثقافة الماضي "آداب قديمة ، علوم انسانية ،مقدسات " الثقافة التي تتمثل معرفة محددة و اخلاق محددة ، ثقافة الإمتياز لمجموعة من الأشخاص. بل من ثقافة ترمي تهيئة الإنسان للتغير المتعاظم السرعة في شروط حياته ، ثقافة تشديد اللهجة و استفزاز الروح الناقدة و المبدعة ، ثقافة أبوابها مشرعة للجميع حتي يتوفر لكل فرد التكوين و الإعلام الضروريان للمساهمة الواعية و الخلاقة في المبادرات و القرارات .


طبيعي سيقول البعض عن أي أبواب مشرعة تتكلم و أي ابداع في غياب الحرية و المجتمع كل المجتمع تحت طائلة الرقابة ؟ سأجيب بتساؤل من التاريخ أعطوني تجربة واحدة تأسست فيها الدول و بنت نماذج تعد مراجع استشهاد اليوم دون أن يكون لذراع المركزية أسبقية فيها من ( تجربة بناء الدولة العربية الإسلامية في عهد أبي بكر " رضي الله عنه "الي تجربة الثورة الفرنسية الي تجربة الثورة الأمريكية الي تجربة الثورة البلشفية دون أن يكلف هذا البعض نفسه عناء قراءة تجربة ألمانيا في عهد بيسمارك او تجربة الصين في عهد ماوتسي تونغ ) ... رغم كونها كتجارب لم تكن محاطة بذات الكم من الأعداء كما هو الحال لتجربة عبد الناصر أو تجربة الحكم الوطني بقيادة البعث في العراق أو تجربة المقاومة الفلسطينية ، و لا كانت كتجارب من حيث الحيز الجغراسياسي تقع لا في مناطق التقابل الحضاري و لا في سرة العالم بقديمه و حديثه و معاصره كما هو بائن اليوم و مؤشر . و اليقم هذا البعض بجرد مقارن للكم الهائل من المبدعين في ميادين المعرفة ــ العلمية ،و الجمالية ، و التحسبية ــ ذات العلاقة بتسهيل بلوغ أو تلمس ملامح السعادة و الكرامة الإنسانية حتي لا نقول عيشها ان كان في شكلها الجمعي أو الفردي ممن انجبتهم هذه التجارب .


تجارب خضعت للشيطنة التي لازالت قائمة أو الحروب بالوكالة التي تعد صيغة من صيغ الإعتراض لحمل العرب القبول بنظام معطي و انتهت الي الحروب المباشرة قصد اسقاطها لفائدة ذات الهدف .


هــــدف نعيش وقائع انهياره في احتلال العراق منذ 2003؛ هدف مدخل بما يعنيه من ابعاد استراتيجية في الفعل الغربي ــ الأمريكي . انهيار لم يحمل هذه القوة و لا تلك المتحالفة معها رغم ما الحقته من كوارث بالعراق و بالمنطقة عامة علي الإقلاع عنه ؛ لتفعل توجهها بحرب ثقافية كبري تتجاوز ملكات أبناء الأمة العربية علي مجاراتها و هي أخطر و أكثر إذاء للأمـــة و الشعب العربي من حروب القنابل و الصواريخ خاصة و هي كقوة دولية المتحكمة في مداخل ادارتها ؛ حرب تهدف الزج بالمقدسات و الآداب القديمة و العلوم الإنسانية بما تعنيه من معارف محددة و ما تفرضه من أخلاق محددة ... قصد تثبيت ثقافة عامة الإمتياز فيها لحفنة من الأشخاص في شاكلة كرادلة و قساوسة العصور الوسطي ــ يوزعون صكوك الغفران :

 

مفاتيح الجنة ـــ و بارونات و سيناتورات القرن العشرين والواحد و العشرين يتوزعون السلطة في نظام معطي في ظاهره جزء من العصر و في روحه و آلياته لا يفترق كثيرا عن أنظمة السلطة في عهود ما قبل الميلاد .



d.smiri@hotmail.fr
 






الاربعاء ٢٦ محرم ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / تشرين الثاني / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة