شبكة ذي قار
عـاجـل










هل تتماها الوقائع السياسية الراهنة مع منتجات ومعطيات العصر المعبرة عن توق الإنسان لتقصير المسافات وتحقيق التواصل الايجابي الخلاق المحقق لجزء هام من وحدة البشر كما أراد لهم الباري جل في علاه من التحاب والتواصل والتعاون؟ هل يتمتع كل البشر بمنتجات التكنولوجيا والعلم الحديث وفي مقدمتها منتجات التواصل والاتصال؟ هل الأموال المصروفة على تطوير التقنيات الحديثة يجهزها المستفيدون أم المحرومون من هذه التقنيات ؟


أسئلة كثيرة تقع ضمن الأطر التي تبصرها عيوننا في أرجاء الفكرة التي نتناولها في موضوعنا هذا وقد تكون مدخلا لوضعه تحت مجاهر الكتاب والباحثين لما نرى له من أهمية أخلاقية واجتماعية وسياسية. هي محاولة لخلق معادلة من ثلاث أطراف: عصر الاتصالات والاحتلال الأمريكي ومجازر إيران في رقاب العراقيين.


كان الحصار المفروض على العراق بين الأعوام 1989 و2003 قد حرم العراقيين من خدمات الهاتف المحمول والانترنيت. بعد الغزو والاحتلال توفرت فورا هذه الخدمات ربما كجزء من إغراءات التوافق وخلق البيئة الجديدة الراضية بمنتجات الاحتلال فدفع العراقيون في هذه الإثناء ما يزيد على مليونين ونصف المليون شهيد. ولا نظن إن هناك ادمي في الكون كله يمكن أن يرضى إن يكون ثمن الانترنيت والهاتف المحمول في بلد واحد هو هذا الرقم من الرقاب المقطوعة يضاف إليها معاقين ومغيبين في السجون والمعتقلات ومهجرين داخل وخارج البلد بالملايين مع ملاحظة إن النزيف مستمر.


نحن نؤكد حقيقة هنا هي إن أحد أذرع أميركا الاحتلالية هو الإعلام ومنتجات الأقمار الصناعية من قنوات تلفزة فضائية وانترنيت وهواتف نقالة. وهي أداتها الرئيسية في الترويج وتوطين الفوضى الخلاقة وما تفرع عنها من ربيع و تسميات إرهابية فكلها تتداخل مع بعض لتشكل الوجه الآخر للاحتلال العسكري المتعكز في أحد جوانبه على منتجات غزو الفضاء أصلا. ولأن بعض أدوات مشروع الفوضى ومشتقاتها هو الركون إلى الطائفية لتمزيق العراق ومن ثم بعد ذلك تمزيق الأقطار العربية الأخرى التي مسكت بعض خيوط التطور والتقدم وتمرد بعضها على مشروع الاستسلام للكيان الصهيوني وإرادة الصهيونية الغاصبة الطاغية الظالمة مثل ليبيا واليمن إلى جانب العراق.


لم نسميه عبث أمريكي ؟


لأن ما قامت به أميركا مبني على افتراضات غير مثبتة وحقائق مصنوعة في دهاليز مخابراتية شديدة الظلام ولأنه وهذا مهم للغاية لم يكن محسوب العواقب ولا محدد النهايات والنتائج. وهذه ليست رؤية تحليلية خاصة بنا، بل هي معطيات واقع يعلن عن نفسه بوضوح في العراق المحتل منذ 12 عام. إن أهم ما حققته أميركا في العراق هو تمكين إيران من السيطرة على مقدرات وثروات البلد وأعطتها الضوء الأخضر بالثأر من شعب العراق ورموزه الوطنية والقومية وجيشه وقواه الأمنية وأحزابه الوطنية والقومية والإسلامية. ورغم إن هناك مَن يرى أن أميركا كانت تهدف إلى تجزئة العراق في مدخل ضروري لتجزئة سوريا واليمن وليبيا والسودان فنحن لا نرى في ذلك خطأ غير اننا نرى انها لم تكن في نيتها الأولى الدخول في منهج التجزئة لأنها ظنت إن البلد وشعبه سيستكين ويحتضن الاحتلال الأمريكي وبرامجه السياسية والاقتصادية والإعلامية المعدة لخطة الغزو والاحتلال غير انها تفاجأت تماما بخطأ التقدير كما أسلفنا وخطأ التقدير هو الذي فرض عليها تغيير التكتيكات واستراتيج المشروع الامبريالي الصهيوني الفارسي.


وإذا أخذنا الهدف الآخر المعلن أمريكيا لتسويغ احتلال العراق بعد تقويض نظامه وحل جيشه وتذويب قوته الأمنية وهو هدف الديمقراطية. فان من غير المعقول أن نفترض إن الأمريكان يصدقون ومؤمنون بإمكانية إقامة نظام ديمقراطي بقوة السلاح. الغزو والاحتلال تتناقضان أصلا مع مبادئ الحرية والديمقراطية وعلى هذا فالأمريكان كانوا عابثين في هذا الخط أيضا والنتائج أتت دموية ونتائج معاناة وعذابات لشعب برمته في الوقت الذي أتيحت الفرصة كاملة لدولة الولي الفقيه الفارسي الطائفي البغيض المجرم لتمارس ديمقراطية التفتيت والشرذمة والسباحة في الدم العراقي والسيطرة الكاملة على المشهد السياسي وكل قنوات الوضع الذي خلقه الغزو الأمريكي.


حتى الإقرار بتفاهمات وتعاون أمريكي فارسي لا يقدم تسويفا منطقيا للاختراق الفارسي في العراق ومنه إلى معظم الجسد العربي وأيا كانت مخططات أميركا فان الواقع يصفع وجهها باهانة صريحة و خسائر مادية واعتبارية ضخمة أمام الاختراق الإيراني. إن أميركا تفقد هيبتها وتبدو في حال المقامر الخاسر الذي يتدحرج بشكل متسارع إلى القاع. إن ما يجري فعلا هو فشل أمريكي استخدمته إيران لتمعن في مخططات تمزيق العراق والأمة العربية. إذن هو العبث الأمريكي أو الفشل الناتج عن تهور العقل الحامل للحقد الصهيوني الامبريالي الذي دفع أميركا إلى الاعتداء على العالم كله والقانون الدولي والشرائع الربانية لتقدم رقاب العراقيين هدية للجزار الفارسي.


أعرف تماما إن بعض مثقفي الأمة يرون إن أميركا قادرة على التخطيط المسبق وقادرة على استشراف معطيات المستقبل ومتمكنة من تطويع المتغيرات واحتواء المفاجآت وإنها لا تعبث، بل تعني كل ما تقوله وما نتج هو ما تريده وما خططت له. اعرف إن بعض الإخوة يبذلون جهودا مضنية لتوضيح خطط أميركا في تدمير النظام وحل الجيوش وإلغاء شبكات الحماية القومية لكل قطر عربي وهذا ليس خطأ طبعا ولكنه ليس صحيحا بكامله من وجهة نظري المتواضعة. أميركا فقدت الكثير من الخيوط وقدمت خسائر فادحة لم تكن في حساباتها وأميركا تتخبط و تحاول بكل السبل المشروعة وغير المشروعة تطويع الانفجاريات المدمرة التي كانت سببا فيها لكنها لم تكن قد خططت لها بالمعنى العلمي ولا المنطقي للتخطيط في العراق وباقي أقطار الأمة. فأميركا اكتفت بالتفرج على الناتو حين بدا بتدمير ليبيا وركنت إلى المال وترسانات السلاح العربي المستورد منها ومن سواها من دول الغرب ليكون بديلا لها في سوريا ولكنها ألان تعود لتمد عنقها في ليبيا وفي سوريا. إن الفوضى الخلاّقة وجه من وجوه العبث الأمريكي. وكلنا يتفق إن العبث لا يمتلك مقومات النجاح والانتصار وان قدر الأمة بيد أبناءها كما برهنت المقاومة العراقية الباسلة حيث جعلت أميركا مكشوفة بلا غطاء أمام الزاني الإيراني وهذا بعض حصادها من عبثها وعدوانيتها وظلمها. والله اكبر.






الاربعاء ١٢ محرم ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / تشرين الثاني / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة