شبكة ذي قار
عـاجـل










هذا الاستعصاء على الاحتواء لا يزال يثير حفيظة كثير من الغربيين ، الذين عجزوا أو رفضوا أن يتهموا خصوصية القيم الإسلامية ، التي تقبل التفاعل وترفض الذوبان والانسحاق ويمكننا ان نعرض تلك الرؤيه في الامور التاليه


* ألامرالأول أن ألانظمه الغربيه وخاصة المتطلعه الى التفرد وبناء الكيان الامبراطوري لها ( أمريكا ) بعد انهيار سور برلين وسقوط الشيوعية راح يبحث عن ألعدو المتوقع والمحتمل وتضافرت ظروف متعددة رشحت الإسلام كي يشغل ذلك الموقع بديلاً عن الشيوعية ويبدو أن هذه الفكرة راقت لأغلبية النخبة في أمريكا


* الأمر الثاني أنه بعد غياب الاتحاد السوفيتي وتفرد أمريكا بصدارة العالم الأول فإن دعاة تمدد الإمبراطورية الأمريكية في فضاء الساحة التي خلت انتعشوا ، الأمر الذي دعاهم إلى بلورة مشروعهم في كتابات عدة بينها المذكرة الشهيرة التي قدمت إلى الرئيس الاسبق بيل كلينتون في عام 1997م حول القرن الأمريكي الجديد وكان موقعوا المذكرة خليطاً من (( الأصوليين الإنجيليين المتعصبين المخالفين مع غلاة الصهاينة )) في أمريكا والكيان الصهيوني في فلسطين المحتله


* الأمر الثالث أن أحداث 11 أيلول وفرت لفريق الأصوليين المتعصبين والمتصهينين في الإدارة الأمريكية حجة قوية لاعتبار العالم الإسلامي عدواً يجب قهره وتطويعه ، حتى لا يظل مصدراً يهدد الأمن القومي الأمريكي ولأن هذا العالم يكره الأمريكيين – كما ادعوا - فقد يخرج من بين أبنائه يوماً ما في المستقبل من يكرر ما جرى في 11 أيلول نجد أن هذه الرؤية التي صممت بحيث تخدم في النهاية هدف قهر المسلمين وتطويعهم باسم مكافحة الإرهاب ، بعدما قامت بتبسيط مسألة كراهية المسلمين للولايات المتحدة مع التجاهل التام لدور السياسة الأمريكية في زرع بذور الكراهية والسخط ولكننا أشرنا إلى تلك النقطة باعتبار أنها شكلت خلفية للسياسات الأمريكية التي اتبعت في المنطقة واستخدمت السلاح في بعض الحالات ، ( إسقاط نظام طالبان في أفغانستان ، وغزو واحتلال العراق ، وقصف مصنع الشفاء في السودان ) ثم لجأت إلى ما سمي بحرب الأفكار في بقية الدول العربية والإسلامية كانت فكرة صراع الحضارات التي أطلقها المستشرق اليهودي الأمريكي برنارد لويس ، وقام بتأصيلها والترويج لها عالم السياسة الأمريكي صمويل هنتنجتون ابتداء من عام 1993م ، جاهزة لتسويغ وتبرير المواجهة بين الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة وبين العالم الإســــلامي ، ذلك أن هنتنجتون بعد أن ميز بين سبع حضارات في العالم ( الغربية والأمريكية اللاتينية الأرثوذوكسية ، الإسلامية ، الكونفوشيوسية ، الهندوسية ، اليابانية ، ورشح الأفريقية كحضارة ثامنة محتملة ) - فإنه دعا إلى الاحتشاد في مواجهة الحضارة الإسلامية بوجه أخص ، في الأغلب بسبب أنها أكثر استعصاء على الاحتواء من أي حضارة أخرى على وجه الأرض ، من ثم فإن رسالته التي تعبر عن رأي مدرسة كاملة للنخبة الأمريكية ذات الانتماء اليميني هي التأكيد على أن الصراع ليس محله المصالح فحسب ولكنه أصبح بعد انتهاء الحرب الباردة صراع ثقافات وأديان ، على الصعيد النظري تلاحقت الأدبيات التي وسعت من مفهوم المواجهة بين الغرب والعالم الإسلامي وكان كتاب البرابرة والحضارة في العلاقات الدولية ، لمؤلفه مارك سالز حلقة في هذا الاتجاه ،

 

إذ قسم العالم إلى متحضرين يمثلون النموذج واجب الاحتذاء ، وهؤلاء هم الغربيون أساساً ، وبرابرة متخلفين يقفون على الشاطئ الآخر المواجه لهم ، وهم مصدر العنف والفوضى في العالم ، هذه الأفكار تشبع بها تيار اليمين الديني المحافظ في أمريكا وشاءت المقادير أن يكون أبرز عناصر الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس بوش الابن من المنتمين إلى ذلك التيار ، الأمر الذي هيأ فرصة مواتية مكنت هؤلاء من إسقاط أفكارهم ورؤاهم على مجال التطبيق العملي ، خصوصاً في مجال العلاقات الدولية منذ تسلمت الإدارة الأمريكية السابقة مسؤولياتها في بداية عام 2001م تكدس التحالف بين اليمين الديني السياسي وكانت أهم نقاط الالتقاء بينهما في مجال السياسة الخارجية هي بسط الهيمنة الأمريكية على العالم والدفاع عن المصالح الصهيونية وكيانها في فلسطين المحتله وحين وقعت أحداث 11 أيلول احتلت فكرة تطريح العالم الإسلامي عنواناً رئيسياً في مشروع الهيمنة ، لقد استدعت أحداث 11 أيلول مجموعة من الأفكار ذات الجذور الدينية التي أصبحت حاكمة للأداء السياسي الأمريكي حتى الآن وهو ما عبرت عنه حزمة من المصطلحات والمعاني من قبيل أن أمريكا واجهت الشر المهدد للامن القومي والاوربي وينبغي أن ترد هجومه وتتخلص منه وأن ذلك قدر أمريكا ومسؤوليتها أمام التاريخ وهي حرب صليبية جديده وكما اعلنها المجرم بوش الابن عند اعلانه بدء العمليات العسكرية لغزو واحتلال العراق وسوف تستغرق وقتاً طويلا" لأن صانعي الشر يكرهون قيمنا ، وقد دقت أجراس صراع الحضارات الذي لابد أن ينتصر فيه الغرب ، ومما كانت له دلالته في هذا السياق أن القس الذي قام بالصلاة على أرواح ضحايا الهجوم على برجي مركز التجارة العالمي هو بيلي جراهامك ، الذي يعد أهم وأعظم رجل دين في أمريكا وهو في الوقت ذاته أحد قيادات الرابطة الوطنية للإنجيليين وله مواقفه المشهودة في إشهار العداء للإسلام وفي التأييد المفرط للكيان الصهيوني ،

 

وأن أحداث 11 أيلول فتحت ملف العداء للإسلام على مصراعيه وأعطت الضوء الأخضر لخصومه من المتعصبين الإنجيليين أو الكائدين الموالين (( لإسرائيل )) لكي يجروا بتجريمهم له والنيل منه حتى أن وزير العدل الأمريكي جون أشكروفت وهو ابن لقسيس قال في احد خطبه في معرض تجريحه للإسلام إن إله المسيحيين يضحي بابنه في حين أن إله المسلمين يحثهم على أن يرسلوا أبناءهم إلى الموت (( كان يعلق على العمليات الاستشهادية في الأرض المحتلة )) ورغم أنه من غير المألوف أن يتحدث أحد كبار المسئولين في الإدارة الأمريكية بهذه اللغة ، إلا أن أجواء التحامل على المسلمين واستباحة عقائدهم تكفلت بتمرير الكلام ، وهو ما تكرر في وقت لاحق ، حين تحدث أحد كبار موظفي وزارة الدفاع – الجنرال ويليام بويكيني نائب وكيل الوزارة لشؤون الدفاع – عن اله المسلمين سبحانه وتعالى وقال انه (( مجرد وثن )) إذا كان ذلك كلام الرسميين الذين يفترض أنهم يمثلون الإدارة والسياسة العليا ، فإننا نستطيع أن نتصور المدى الذي ذهب إليه آخرون ممن لا يحسبون على الإدارة ولا على السياسة العليا ، ولا يحتاج الأمر لأن يبذل المرء جهداً في قدح الذهن لكي يتصور الموقف لأن الصحف اليومية ما برحت تنقل إلينا بين الحين والآخر تلك الآراء الجارحة التي تتردد في المحافل ووسائل الإعلام الأمريكية من بذاءات القس نالويل ،

 

إلى مقالات كتاب أعمدة الصحف ، مروراً ببرامج التلفزيون الوثائقية وغير الوثائقية ، من أننا لا نبالغ إذا قلنا أنه ما من شيء في الإسلام إلا وتعرض للتجريح من الله سبحانه وتعالى إلى شخص النبي صلى الله عليه واله وسلم إلى القرآن الكريم ، الذي جرى التشكيك في مصدره وصياغته ، فضلاً عن التنديد بقيمه ومعانيه خصوصاً الجهاد ، وذلك بالإضافة إلى الهجوم الحاد على الشريعة ، وتسفيه تعاليمها ومقاصدها وإذا كان ذلك حظ الإسلام كدين ، فإن حظوظ المسلمين كاشخاص لم يكن أفضل ، حيث تعرضوا لحملة شرسة استهدفت اغتيالهم معنوياً الأمر الذي كان له صداه بين قطاعات غير قليلة من الجمهور الأمريكي الذي نجحت إلى حد كبير حملة تنفيرهم من الإسلام والمسلمين


يتبع بالحلقة ألاخيرة






الاحد ٩ محرم ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / تشرين الثاني / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة