شبكة ذي قار
عـاجـل










الصحفي البريطاني جوناثان كوك في العام 2008 كشف عن الدور الذي لعبه الكيان الصهيوني في إذكاء الصراع بين الحضارات ومحاولة جعل تلك المقولة اساساً لنظرة العالم الى مكوناته الأساسية لاســـــيما البلدان الاسلامية  ، و في كتابه  ((  إسرائيل وصرع الحضارات ))   يكشف كوك  بوضوح محاولات الكيان الصهيوني استخدام مقولة صراع الحضارات لإعادة صياغة الشرق الاوسط بأكمله على نحو موافق لها ولمصالحها  ويؤكد كوك أن الحرب الأهلية ودعوات التقسيم التي رافقتها كانت على وجه التحديد هي الهدف الأول لغزو العراق ، وأن هذا الهدف لم يوضع في واشنطن ، وإنما في مكان اخر ويقصد تل ابيب ، والحالة العراقية التي تسودها الانقسامات الطائفية والدينية والعرقية تشكل المواصفات المثالية للدولة العراقية من وجهة النظر الصهيونية وبحسب التصور الصهويني فمن يسيطر على العراق يتحكم استراتيجياً في الهلال الخصيب وبالتالي الجزيرة العربية  ،  فضلا عن موارده الضخمة  ،  فقد سبق وقال نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني  لآرييل شارون (( ان الولايات المتحدة هاجمت العراق أولاً ، وقبل اي شيء من أجل خاطر إسرائيل  ))  ويقول  جوناثان كوك ان  (( إسرائيل  ))  منذ عام 1980

 

(( قررت اتباع سياسة ملخصها هو تقسيم كل شيء على الضفة الاخرى ، أي في الجانب العربي ، بداية من الفلطسينيين ثم زحفاً وأحياناً ركضاً ، إلى بقية الدول العربية  ويضيف كوك أن المحافظين الجدد كانوا يشاركون إسرائيل بقوة في ضرورة مواصلة هذه الاستراتيجية لإلغاء اي دور لدول الشرق الأوسط واغراقها في مشكلات داخلية تعمق من ضعفها ويتابع كوك ، أن الهدف هو بدء موجة من الصراع الطائفي انطلاقاً من العراق الى كل المنطقة ، وكان العراق مكاناً جيداً لإختيار هذه الاستراتيجية لأسباب متعددة كان منها ، انه تمكن في السابق من تحقيق وئام طائفي وإعلاء لراية الوطن على راية الطائفية ، فقد كانت نسبة الزيجات المختلطة بين الطوائف المتباينة هي الأعلى في الشرق الاوسط ، وكان من الواضح انه إذا نجحت تلك الاستراتيجية في العراق فان بامكانها ان تنجح في اماكن أخرى كثيرة ويقول كوك ان هدف اسرائيل من ذلك كان ادخال العراق في دائرة الاضطراب الدائم وزرع بذور شقاق طائفي اقليمي يقطع الطريق على دعوة القومية العربية ذات الطابع العلماني ، واطلاق اليد الاسرائيلية بترحيل عرب 1948 من فلسطين الى خارج ارض / إسرائيل الكبرى/ بحجة ان الجميع في الشرق الأوسط يبعدون بعضهم البعض على أسس دينية وعرقية فلماذا لاتفعلها إسرائيل ويقول كوك ان احداث الحادي عشر من ايلول 2001 أتاحت فرصة ذهبية لأصحاب هذه الرؤية وجعلت الحديث عن صراع الحضارات وتفتيت الشرق الاوسط يخرج من مجالس الهمس الى العلن )) ،

 

ويفيد احد العاملين في مكتب رئيسة لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الامريكي ان (( إسرائيل )) تدفع باتجاه قيام حرب اهلية في سوريا على الطريقة العراقية او اللبنانية ، وان مصلحتها تكمن في انهيار النظام الحالي دون قيام نظام اخر في مكانه ، وهذا يؤكد وجود مشروع يتعمد إغراق سورية في الفوضى والإقتتال ، وليس غير ذلك وهذا الذي يحصل منذ قرابة الاربع سنوات ، وإخراجها كلية من معادلات المنطقة ليسترخي الكيان الصهيوني وتطمئن عيون قادته وأهله إذاً مخطط تفجير المنطقة بدء من العراق وهذا ماأوضحه النائب الامريكي جيمس مورون/ بقوله  -  ان اليهود الأمريكيين هم المسؤولين عن دفع الولايات المتحدة الى الحرب على العراق  -   وهذا ماأكده بدوره المفكر الأمريكي / كولينز بايبر/ بقوله -   ان الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على العراق تندرج في مخطط اقامة اسرائيل الكبرى  وان اللوبي الصهويني في الإدارة الامريكية هو الذي كان يدفع بقوة واستماتة في اتجاه الحرب  - وهذا كله   يصب في ذات المجرى الذي تحدث عنه الصهويني الفرنسي برنار هنري ليفي في كتابه - الحروب التي لانحب  -  الصادر في  تشرين الثاني 2011 ، وقد عبر الجنرال احتياط / عاموس يادلين / رئيس الاستخبارات العسكرية الصهيونية السابق  في تصريح له في أواخر كانون الثاني الماضي  عن شماتته ، وسروره بنفس الوقت ،

 

عندما قال (( ان اسرائيل كانت مستعدة ان تدفع ثمناً غالياً ، يتمثل بالتنازل عن هضبة الجولان ، مقابل اخراج سورية من محور سوريا ـ ايران (الراديكالي ) في حين ان ذلك من شأنه ان يحدث اليوم دون ان ندفع اي ثمن طبعا هو يراهن  بذلك على وهن وضعف سورية مستقبلا ، ووعود  بعض اطراف المعارضة السورية  )) ، ان الدعوات الى اضعاف العرب وتقسيم المنطقة الى كانتونات عرقية ودينية وقبلية كانت دوماً موضع مخططات وتصورات استراتيجية لمعاهد البحوث الامريكية التي يسيطر عليها اللوبي الصهويني ، وهذه المعاهد طرحت دوماً اهمية الهمينة  ((  الاسرائيلية )) على المنطقة وايجاد نظام اقليمي شرق اوسطي بدلاً من النظام الاقليمي العربي  وهذا ما تساهم به الجامعة العربية ، وجميعنا يتذكر طرح شيمون بيريز بعد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991  عن قيام شرق اوسط كبير ، ينسجم مع هذه الرؤى والاستراتيجيات الصهوينة  وهذا مارفعته ايضاً وزيرة الخارجية الامريكية السابقة كوندوليزا رايس عندما تحدثت عن ولادة شرق أوسط  جديد في بداية عدوان  2006 على لبنان ، واعادت الحديث عن نظرية / الفوضى الخلاقة ، إذ ان هذه النظرية هي مشروع مطروح حتى قبل احتلال افغانستان وانهيار الاتحاد السوفيتي من قبل معاهد البحوث الامريكية ، ثم أعادت رايس اثارة هذا المشروع من جديد والسعي الى تحقيقه ، وربما ما تشهده المنطقة اليوم هو من أحد ثمرات جهودها الهدامة   التفتيت الطائفي على مستوى المنطقة يحتاج بالضرورة الى طائفيين ،

 

أو الى نوعيات تدعي الليبرالية والعلمانية ولكن لا تدري خطر ما تفعل ، أو أنها مخروقة بوسيلة أو بأخرى ، أو تحركها دوافع وأحقاد وكيديات خاصة  فالقوى العلمانية واليسارية والقومية والليبرالية الحقيقية والمبدئية والصادقة مع ذاتها ، لا تؤدي هذا الغرض ، لأن تكوينها الفكري والثقافي والعقائدي لا يسمح لها بذلك  إذا من هو المؤهل للقيام بهذا الدور  ؟؟  والجواب طبعا هي القوى الدينية المتعصبة  والمتطرفة والتكفيرية ، والنوعيات الأخرى التي أشرت اليها آنفا ، فضلا عن كل من يُغذي الثقافة الطائفية بالقول أو الكتابة أو الفتاوى والخطابات والمقابلات والأحاديث والألفاظ ... الخ   هؤلاء جميعا هم الرهان لجر المنطقة الى الدائرة التي تخطط لها دوائر الصهيونية العالمية ، وهي تفتيت المُفتت أو تقسيم المقسم  من خلال الضخ والحقن الطائفي حتى الصدام ، ثم تجزئتها على مقاسات تتلائم مع الامن الصهيوني  ومستقبله لقرن قادم على الاقل ، لأن سايكس –  بيكو قد شاخَتْ ولم تعد   صالحة لخدمة هذه الإستراتيجية  الصهيو- أمريكية  ،  لا أعتقد أن أحدا أكثر سعادة من الكيان الصهيوني في فلسطين المحتله  في هذا الزمن الرديء الذي تمر به الامة العربية  وما يحصل لابنائها  والكيان المغتصب وجنرالاته يتفرجون على الوضع العربي في مشهد من مشاهد المسلسلات يكون فيها بطل المسلسل من خلق الفتنة والإقتتال بين أبناء القرية ، الذين كانوا مُوَحَدين ضده  بعد أن أرسل للمختار بعض المعونات من الزيت والسمنة والسُكّر والأرز لتوزيعها ،، ثم وشَى به وأنه إحتفظ بمعظمها الى نفسه ،، فدارت المعركة ووقف البطل على شرفته يتفرج ويقول : يا سلام ما أجمل هذا المنظر  ،

 

والسؤال أخيرا ، هل ستتمكن  (( اسرائيل وأمريكا  ))  من تنفيذ هذا المخطط الجهنمي والخطير من  خلال البوابة الطائفية  ؟  ولكن المواطن الذي اختمر ونضج في عنفوان المواطنه الصالحة المعبره عن عمق الارتباط بالتراب الوطني يجيب  بالوضوح والدقه  النابعه من الايمان  الواعي عتقادي أنها لن تتمكن لأن الشعب العربي الحي وأوعى بكثير من أن تتمكن الصهيونية وحلفائها من جرها الى أتون هذه المحرقة ، حتى لو وُجد هناك من بينها قوى وتيارات ونخب وأفراد تسير في التيار الغربي -- الصهيوني منها عمدا وجهلا ،، ولكن هذه تبقى بالنسبة لشعب العربي عبارة عن أسماك ميتة  والبديهية  التي لاتحتاج البرهان ((  أن الأسماك الميتة وحدها هي من يسبح مع التيار ))  فحذارِ ،، حذارِ ،، حذارِ يا أبناء امتي  من غول بنار الطائفية لأنها ستأكل الجميع ، بينما جمع الكفر ومن تحالف معهم  يردد من الشرفه التي يتفرجون منها على مسرح الاحداث  يا سلام ما أجمل هذا المنظر  ؟؟؟؟

  

ألله أكبر  ألله أكبر   ألله أكبر

المجد والخلود للذين قارعوا قوى العدوان واجندتهم  بالايمان الواعي الصادق ولا يلوي ذراعهم الا الله الواحد الاحد

وليخسأ الخاسئون






الجمعة ٢٣ ذو الحجــة ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تشرين الاول / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة