شبكة ذي قار
عـاجـل










تحدثنا في مقال سابق عن تحولات في الإستراتيجية الأمريكية .. كما تناولنا لعبة الإستراتيجية الأمريكية في صفحتها الجديدة التي باشر الرئيس الأمريكي "أوباما" رسم خطوطها العامة في حملة ( الشراكة الإستراتيجية ) وظف فيها ( الناتو ) ودول من خارجهِ أجنبية وعربية، صوب اهداف محددة تقع في العراق و في سوريا .

 

حكومة العراق وبإيعاز من أمريكا طالبت بالتدخل العسكري الأمريكي والعالمي لضرب ( الإرهاب ) في سوريا، لأنه حسب زعمها ( أن الإرهاب يتدفق على العراق من سوريا ) ، وكأن العراق يخلو من ارهاب مليشيات السلطة الطائفية الإيرانية، التي يعاني منها الشعب العراقي.

 

تحديد جغرافية العراق مسرحاً للعمليات العسكرية الأمريكية والغربية ومشاركاتها الحربية الشكلية جاء كغطاء للتدخل و كشرعية مزعومة لعودة قوات الإحتلال الأمريكية إلى العراق لتقوم بأعمالها القذرة بعد أن افتضح أمر جيوش سلطة العملية السياسية الطائفية وفشلها وانهيارها أمام زخم ثورة الشعب العراقي بكال فصائله وثوار عشائره الأصيلة وقواه الوطنية الثائرة .

 

إذن .. عودة القوات الأمريكية ثانية إلى العراق .. جاءت نتيجة لفشل العملية السياسية وافتضاح أمر الوكيل الإيراني الذي يدعم العملية السياسية التي هي إيرانية فارسية صفوية بامتياز .. وكل هذا التهريج والمؤتمرات والتحركات المكوكية والمجازر وقطع الرؤؤس والحرب الإعلامية غير المسبوقة .. وكل هذا الحشد والتسابق على المشاركة في حرب معلنة بأنها ستطول لعشر سنوات قادمة، خطتها الإستراتيجية مهيئة للرئيس الأمريكي الجديد القادم إلى البيت الأبيض .. وكل هذا التضخيم لمسمى معين .. وكل هذا التقزيم لمسمى آخر في ساحة الصراع ، هو في حقيقته مظهر وغطاء فاضح للتدخل العسكري المباشر .. ولكن ، لماذا العراق تحديداً ؟ :

 

1- لأن العراق، الدولة الوحيدة في ظل النظام الوطني قد تمكن من أن يرتقي بإمكاناته وقدراته المادية والبشرية والأعتبارية إلى مستوى التوازن الإستراتيجي مع الكيان الصهيوني.. وهو الأمر الذي أرعب مركز القرار الصهيوني في قلب واشنطن بضرورة إرجاع الميزان إلى مستوى تتفوق فيه ( اسرائيل ) على كل عناصر القوة في الأقطار العربية مجتمعة .. فعمدت أمريكا، وهي رأس الحربة الصهيونية، إلى إنهاك العراق بفتح الجبهة الإيراني التي استمرت ثمان سنوات انتصر في نهايتها العراق .. ثم شددت الخناق عليه في حرب طاحنة مع حصارها الجائر استمرت منذ عام 1991 ، حتى دخول قوات تحالف الشر بغداد عام 2003 .

 

2- لأن العراق الدولة الوحيدة، الذي شكل العمق الإستراتيجي الحقيقي للقضية الفلسطينية، دعماً وإسناداً في كل المجالات وعلى أرض الواقع دون منة أو لدواعي الكسب السياسي العابر الذي تمليه الظروف السياسية .. إنما لدواعي متطلبات الصراع التاريخي لتحرير فلسطين من أجل تحرير الأمة من تبعات السيطرة الصهيونية والإستعمارية .

 

3- لأن العراق، الدولة الوحيدة الجادة في رؤية صراع الأمة مع أعدائها التاريخيين في ضوء الحقائق، التي تستوجب إدراك العمق الإستراتيجي الذي يشكله كل قطر عربي حيال القطر العربي الآخر في متلازمة الدفاع في العمق أو العمق في الدفاع .

 

4- لأن العراق، الدولة الوحيدة، الذي شخص وحدد طبيعة المشاريع العدوانية الأجنبية والصهيونية التي تعد مصدراً أساسياً لتهديد الأمة العربية وأمنها القومي ومصالحها العليا، وعمل على وضع استراتيجية الدفاع وشارك فعلياً في حروب الأمة مع أعدائها .. فقد منع العراق وأوقف هجوماً إسرائيلياً وشيكاً كاد أن يسقط دمشق لولا جيش العراق الوطني .. كما شارك في حرب عام 1948 وشارك في حرب 1973 .. وفي المقابل شارك نظام دمشق مع الجيش الأمريكي وحشده الغربي ضد العراق الدولة العربية في العدوان عام 1991 .. كما اصطف نظام دمشق مع دولة اجنبية في عدوانها على العراق وهي إيران ، ويعد هذا الموقف في المفهوم القومي من المحرمات ( أن يساند بلد عربي بلداً اجنبياً يعتدي على بلد عربي آخر ) .. وفي الوقت الذي لم يصبر العراق على احتلال ايران لـ ( الفاو ) العراقية حتى انجز مهمته الوطنية بتحريرها ، ولم يطلق نظام دمشق طلقة واحدة على الاحتلال الإسرائيلي للجولان طيلة أكثر من ستة وثلاثين عاماً وحتى الوقت الحاضر، فيما دخل هذا النظام في محادثات رسمية، بوساطة تركية، مع الكيان الصهيوني.. والغريب في الأمر يدعي ويعلن مزاعم المقاومة والممانعة .!!

 

5- لأن العراق، الدولة الوحيدة الذي رسم نهجه السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني والثقافي والفكري والحضاري بالأمة العربية، والذي يصب في قيام دولة الوحدة العربية، التي لو كان قدر لها النجاح لما حصل الذي حصل للأقطار العربية كلها ولتحققت ستراتيجية موحدة للبناء وللردع .!!

 

6- لأن العراق يرتبط تاريخه بـ ( نبوخذ نصر ) الذي انقذ فلسطين والفلسطينيين من مذابح الإسرائيليين ، كما حررها ( صلاح الدين الأيوبي ) الأرض المقدسة من جيوش الصليبيين كما نفذ القائد الشهيد ( صدام حسين ) تهديده ( إذا ما اعتدت اسرائيل على اي دولة عربية سيحرق العراق نصف إسرائيل ) ، بدفقة من الصواريخ التي حطمت اسطورة العمق الإستراتيجي للعدو الإسرائيلي.!!

 

7- لأن العراق الدولة العربية الوحيدة، الذي وقعت على عاتقه مهمات ستراتيجية قومية، وقدر العراق هو الدفاع عن بوابة الشرق للأمة العربية، وتحمل وزر هذه المهمة حيث صد هجوم التتار والمغول والفرس الصفويون عبر التاريخ .!!

 

والقائمة هنا تطول، التي تضع العراق في مقدمة الأقطار العربية تحت المجهر للعدوان على الأمة العربية .. انظروا .. بعد احتلال العراق ماذا حلَ بالأقطار العربية واحدة إثر أخرى ، وماذا ايضاً حلَ بفلسطين

 

فبعد كل هذا الوهج المنبعث من عمق التاريخ .. ماذا يقول "أوباما" ، وماذا يقول ( علي خامنئي ) ؟ فإذا كانا قد قرأى التاريخ فسيعيدان حساباتهما إلا واحد سيظل متغطرساً ومتعجرفاً مسكون بالخوف من الخقيقة التي تقول ( أن إيران بارعة في الدجل .. وخائفة ومرعوبة من المواجهة .. وشغوفة بالكذب والخداع والمراوغة .. ورائدة في الإنحناء للعاصفة ) .. فيما يبقى " أوباما " الزوج المخدوع الذي يكتشف الكارثة، كما قيل، بعد فوات الأوان.!!

 

الشراكة الإستراتيجية التي يقودها " أوباما " ، هي الصفحة الجديدة والمنقحة لأستراتيجية الحرب على الأرهاب التي اعتمدها " بوش " الصغير، والتي خط مرتسماتها " شمعون بيريز " من اجل قيادة المنطقة سياسياً واقتصادياً في ضوء مشروع بيريز الاقتصادي الذي ينطوي على الأمن الإسرائيلي تحت رعاية أمريكية فارسية .. لماذا فارسية ؟ لأن الدولة الإيرانية هي دولة اجنبية ومصالحها تمتد إلى عمق ملف الأسر البابلي .. وهو دَيْنٌ في رقبة إيران وأنظمتها المتعاقبة .!!

 

والتاريخ بكل صفحاته يقول أن ستراتيجية الحرب على الارهاب قد افتضح أمرها وتهرأت وباتت نتائجها وخيمة ووبالاً على أمريكا وعلى من يصطف معها وعلى العالم .!!






الخميس ٨ ذو الحجــة ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / تشرين الاول / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة