شبكة ذي قار
عـاجـل










في ثمانينيات القرن الماضي أخذ بعض الشباب في مناطق عراقية فقيرة يلبسون سراويل الكاوبوي ( الجينز ) العريضة ويصففون شعورهم بنحو مختلف عن الآخرين، ويحيطون معاصمهم بالأساور ورقابهم بالقلائد وكان بميسورك أن تعرفهم من طريقتهم في الكلام والحركات والمواضيع التي يتداولونها، فهم يتوحدون فيها، ولهم عبارات خاصة يستعملونها لا يستعملها سواهم، علق في ذهني منها عبارتا ( نزل الكبنك ) ، و ( طكه بالدهن ) .


كان أؤلئك الشباب يتجمعون مكونين حلقات ليرقصوا على أنغام موسيقى البريك دانس في أماكن مختلفة، ومعظمهم من العاطلين عن العمل أو الهاربين من الجيش إبان الحرب العراقية الإيرانية، تتلبسهم حالة من الشعور باليأس والإحباط والنظرة السوداوية للحياة والمستقبل.


شاعت ظاهرة البريكية بنحو واضح مما جعل الحكومة العراقية تلتفت إليها وتسعى إلى معالجتها عن طريق وزارة الداخلية والفرق الحزبية، وكان الوزير يومها الصديق سمير الشيخلي الذي كلف بإيجاد المعالجات اللازمة لهذه الظاهرة، فانشغلت أجهزة الوزارة بالتنسيق مع المنظمات الحزبية بملاحقة البريكية في كل زاوية وشارع لترمي بهم في مواقف مراكز الشرطة.
في خضم هذه المعمعة التقيت الصديق البرفيسور عبد السلام الطائي وكان باحثاً اجتماعيا تعتمد الداخلية على بحوثه فزودني بدراسة اجتماعية أعدها عن الظاهرة التقطت المثير منها وكتبت عنه مقالاً مطولاً في جريدة القادسية التي كانت تصدرها دائرة التوجيه السياسي في وزارة الدفاع، أثارت اهتمام القراء وأغضبت الصديق الوزير سمير الشيخلي، الذي مازال وإلى وقت قريب جداً عندما يراني يتذكر حادثة البريكية وما كتبته عنها.


كتب البرفيسور الطائي، أمس، سطوراً يقول فيها : ( بعد اطلاع وزير الداخلية السيد سمير الشيخلي على خطورة نتائج تلك الدراسة الميدانية للبريكية وتداعياتها الامنية والسياسية مستقبلا وما كتبه الصحافي المعروف سلام الشماع عنها، دعا إلى عقد مؤتمر وطني عاجل لمديري الشرطة وطلب استدعاء الشماع الذي كان خارج بغداد حينها، وكلف بمهمة إحضاره السكرتيرالصحفي للوزير طاهر الهاشمي لتغطية اعمال المؤتمر .. ووثق الصحافي الاستاذ سلام الشماع تلك الدراسة الخاصة بالبريكية مشكورا في مقال مطول بجريدة القادسية لرئيس تحريرها انذاك السيد أمير الحلو، ولكن العنبكوت الاسود "يجب ان يمر الإسلام من تحت هذه العباءة والعمامة السوداء" في ايران فنجح بخبثه المعهود باغتيال فرحة انتصار العراقيين على العدوان الإيراني، من خلال عمل إيران على صناعة وتطوير منظومة من الخلايا السياسية والامنية النائمة من البريكية الجديدة والعاهرات والمنحرفين في "الموجة الاولى" خلال الحرب العراقية الايرانية، ثم صفحة الغدر والخيانة في "الموجة المتوسطة الثانية" بعد الحرب الايرانية، وجيل الميليشيات الطائفية الحالية في "الموجة شبه الطويلة"، بعد الاحتلال، وأفراد هذه الميليشيات هم امتداد لجيل البريكية السابق ولجيل الكبسلة الحالي من ميليشيات الحشد الطائفي الايرانية ) .


ويعد البرفيسور الطائي حسون الامريكي وجيل البريكية الشرارة الاولى او ( الموجة الاولى ) ، والانتفاضة الشعبا/ يرانية هي ( الموجة القصيرة الثانية ) ، وميليشيات العملية السياسية ( الموجة شبه الطويلة الثالثة ) ، وجيل الكبسلة بأنه ( الموجة الطويلة الرابعة ) جغرافيا وزمنيا.


إن هذا التحليل خرج به البروفيسور الطائي بعد دراسة علمية دقيقة، ونسأل الله أن ينصر ثورة العراقيين على مخلفات الاحتلال وإفرازاته لكي لا نبتلى بالموجة الخامسة من البريكية، والتي لا نعرف كيف ستكون، لكننا موقنون أنها ستكون أشد أذى وأقوى وطأة على مجتمعنا العراقي.

 





الاربعاء ٨ ذو القعــدة ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / أيلول / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة