شبكة ذي قار
عـاجـل










والأغرب من كل هذا فإن باب "المرجعية" النجفية العظمى ومقر حوزتها لم يُغلق أبدا عن الاستقبال والترحيب لزيارات ممثلي الأمم المتحدة وسفراء الدول العظمى وممثلي المنظمات العربية والإقليمية والدولية الزائرة لها طوال 11 سنة من سنوات الاحتلال، ولكن بابها ظل مغلقا، ولم نسمع يوماً أنه استقبل ممثلا أو وفداً من رجال المقاومة العراقية وثوار العراق، ولا حتى المراجع الدينية الشيعية والعربية والنجفية التي رفضت الاحتلال وقاومته لأجل التداول واستطلاع أوضاع العراق.


ورغم تجاهل "المرجعية" الشيعية النجفية لنشاطات وتعاظم ضربات أبطال المقاومة، ومنها فصائل مقاومة وطنية انطلقت من أرض محافظات الجنوب حاملة، السلاح لصد جرائم المعتدين، إلا أن المرجعية ظلت تدعي بأن "المقاومة السلمية هي الأفضل"، وتحججت في " أنها تخاف على سفك دماء العراقيين"، وبذلك فهي كانت تغالط حقائق ومنطق التاريخ، وشرائع الإسلام نفسه، وبذلك فهي تتحمل وزر ومسؤولية كبيرة، طالما أنها ارتضت لنفسها أن تكون مرشدة وقائدةً، ولكنها ظلت تطالب، في ذات الوقت، أتباعها بالطاعة لتوجيهاتها ومنعهم من الالتحاق بصفوف المقاومة وتعطل نداء الجهاد، عندما عملت على وأد الخط الجهادي أو خط المواجهة مع العدو المحتل.


وعندما اشتدت المواجهة مع قوات الاحتلال وحكومة إياد علاوي واندلاع القتال في النجف تكشف دور وتدخل المرجعية الشيعية للفصل بين الفُرَقاء لمنع امتداد العمل المقاوم إلى النجف والجنوب العراقي فانغمس مندوبوها في تهالكهم للحصول على منصب رئيس الوزراء ورغم أن المرجعية تعرف أن إياد علاوي كان رجل المخابرات الأمريكية، وهو احد خدم المشروع الأمريكي في العراق، ولم يتردد عن استعمال القمع الدموي وارتكاب الجرائم في الفلوجة والنجف أيضا. وكان دور موفق الربيعي، كمستشار للأمن القومي مشبوها في وظيفته وعلاقته بالمرجعية كوسيط تفاوضي وناقل البريد من وإلى المرجعية مع نجل المرجع الأكبر السيد رضا السيستاني.


تم ذلك تحت رصد سمع وعين وتوجيهات المرجعية لإخضاع السيد مقتدى الصدر والتفاوض معه لأجل وضع السلاح، ومن ثم بيعه للأمريكيين بثمن بخس، وفرض الاستجابة عليه لشروط ومبادرات عملاء أمريكا؛ وبذلك تمت تصفية انتفاضة صفر ـ نيسان المجيدة عام 2004 التي شملت كل العراق، التي اكتملت بها خارطة العراق المقاوم شمالا وجنوبا، سنة وشيعة.


وللأسف وقفت الأحزاب الشيعية وممثليها في مجلس الحكم، سيئ الصيت، ومعها منظمة بدر والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بقيادة آل الحكيم موقفا طائفيا مقيتا من قضية المقاومة العراقية، حتى وصل الأمر بإمام جمعة الصحن الحيدري إلى الدعوة لخروج تظاهرة ربع مليونية للتنديد بالشباب الذين ضحوا بأنفسهم دفاعا عن مقدساتهم، ولا غرابة هنا إن ذلك الإمام لم يطلق دعوته تلك إلا بعد أن أصبحت دبابات الأمريكان تقف عند ساحة ثورة العشرين على بعد مئات الأمتار من مركز النجف.


وتساءل الشارع العراقي كله، ومنه الشارع الشيعي خاصة، حينها عن موقف إمام جمعة الصحن الحيدري: ( ... إذا كنت قادراً على تسيير تظاهرة الربع مليون؛ فلماذا لم تخرج تلك التظاهرة للضغط على الاحتلال أو التنديد بجرائم الأمريكان في أبي غريب، أم أنها لا تستحق ذلك؟؟).


إن أغرب ما يُسَّجَل عن أحداث تلك الفترة هو إعلان المرض المفاجئ للسيد علي السيستاني، والحديث عن مرض " عجز عنه كل أطباء العراق"، رافقه غياب بعض المرجعيات في النجف، وهو موقف يسجله العديد من المراقبين (... إن المرجعية الخائرة الضعيفة في هروبها يمثل كارثة كبرى لم يسبق لها مثيل)، ويجزم البعض: (... إن قوى الاحتلال وحلفائها من الخاسرين ما كانوا ليرتكبوا جريمتهم تلك لولا الضوء الأخضر الذي أخذوه من المرجعية لغرض تصفية المقاومة).


وما المبادرات التي طُرحَت، والتي صفق لها الكثيرون من أتباعها، وطَبَّلوا لها من أنها : "شاركت في حقن الدماء"، وتناسى هؤلاء: إنها سفكت الدماء وهتكت الأعراض، وإن الحكومة إياد علاوي العميلة ومبادرة حلفائها من "المرجعيات" أنقذت الأمريكيين من مأزقهم أكثر مما أنقذت العراقيين من شرور المحتلين وأفعال حكومتهم المحلية.


في قراءة ذكية ومنصفة في الموقف السياسي الشيعي في العراق بعد الاحتلال الأمريكي ضمن بيان أصدرته ( جماعة الطالب المسلم المستقلة في النجف الأشرف )، صدر يوم الاثنين 12 شعبان 1425 هــــ جاء فيه :


( ... لقد ظهر حينها دور للمرجعية عندما عجزت قوات المارينز عن اختراق النجف الأشرف، فجاءت بمبادرتها لوقف القتال؛ بينما لم تحرك ساكنا من قبل عندما ذُبح آلاف الشرفاء من أبناء العراق المجاهدين).


وجاء في نفس بيان ( جماعة الطالب المسلم المستقلة في النجف) أيضا، في خلاصة تقييمها للوضع العراقي آنذاك: ( ... إننا نندد اشد التنديد بكل الذين اختاروا أن يهربوا، وأن يوفروا الغطاء الشرعي للأمريكان؛ رغم أنهم لا يحتاجون إليه طبعاً، بينما هم نكَّلوا وسحبوا، أو هكذا أوهموا الناس، أنهم يسحبون المشروعية عن أبناء وطنهم).


وفي هذا الحديث لا يمكن استبعاد السيد على السيستاني من المسؤولية الشرعية لما جرت من أحداث في النجف تحت سمعه وبصره، وهو الذي لم يَعد من رحلته الإستشفائية من لندن إلا بعد أن استمكن الأمريكيون وحكومة إياد علاوي على الموقف من جديد .


وإن كان البعض لا يريد تحميل المرجعية تقاعسها في وأد الفتنة، وفي حرمة الدماء العراقية؛ لكن مجريات الواقع المرير في كثير من المحطات الصعبة التي مر بها العراق أثبت أن ما قامت به المرجعيات لم يكن كافيا ولم يكن مسؤولا؛ لذا اندفع السياسيون الشيعة في تصرفات كانت توحي للجماهير أنهم كسبوا عطف المرجعية، وهم خدامها، وهم مُباركون في كل ما يقومون به من أفعال وتصرفات ومواقف، وكما جاء ذلك في كل تصريحاتهم ورواحهم ومجيئهم من والى النجف، ومنهم إبراهيم الجعفري ومقتدى الصدر ونوري المالكي وبقية أركان التحالف الوطني الحاكم للعراق منذ أكثر من ثمان سنوات.


كثيرة هي الدلالات والوثائق والحقائق التي قدمها ونشرها " مراجع نجفية " ورجال دين من السنة والشيعة، إضافة إلى مساهمات قيمة لكتاب وباحثين عراقيين، من عرب وسنة عالجوا فيها موضوعات تخص " الحوزة" و" المرجعية" وما بينهما .


ويعد المرجع الإسلامي آية الله السيد احمد الحسني البغدادي من أهم المراجع الدينية المنادية بمقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق، وهو فقيه ثوري رسالي بحق، ويُعَّد من أبرز رموز المؤسسة الدينية الشيعية الثورية في العراق، وإضافة لكونه أحد مراجع النجف الأشرف الناطقين، له أكثر من ثلاثين مؤلفاً أهمها ( السلطة والمؤسسة الدينية الشيعية في العراق)، و (فقهاء وحركيون بين الثورة والسكون)، و ( الخطاب الآخر مع آية الله أحمد الحسني البغدادي)، فضلاً عن موسوعته الكبرى بعنوان ( الميثاق الإسلامي) التي صدرت بأكثر من عشرة مجلدات، وعُرف بمواقفه ومناهضته للاحتلال ودعمه للمقاومة العراقية ، حتى سماه البعض انه يمثل حقاً صوت و " مرجعية المقاومة".


في مقابلة صحفية مطولة وحوار إعلامي صريح لنا معه عبر الانترنيت مساء 24 تشرين الاول/ اكتوبر 2011، منشورة في الجزء السادس ـ القسم الأول من كتابه متعدد الأجزاء [هكذا تكلم احمد الحسني البغدادي...] ص (152 ـ165 ) (وسؤالنا عن قراءته لمشهد المؤسسة النجفية الدينية تجاه الفتنة التي يمر بها العراق؟؟.


أجاب السيد أحمد الحسني البغدادي: ( ... ظهرت في الساحة العراقية العمائم البيضاء والسوداء، وورائها الأحزاب الليبرالية الإسلامية التي تتماهى مع الاحتلال الأمريكي، فاقد العواصم الخمس المشهورة في الساحة الفقهية، ثم تفشّى هذا التماهي في رموز المؤسسات الدينية كلها، وهذا خلاف النصوص التشريعية القرآنية منها والنصوص النبوية الشريفة.... قلنا مراراً وها نحن نكررها تكراراً من جديد ...) ويضيف بالنسبة لأتباع أمثال هذا المرجع : (... لا يكفي للإنسان المسلم المكلف أن يبكي طول حياته على شهيد واقعة ألطَّف في كربلاء، وفي الوقت نفسه يقَّلد من لا يفتي حتى الآن بشجب وجود المحتل الفاقد العواصم الخمس، فضلاً عن مقاتلته وطرده من دار الإسلام... ثم أن هذا النادب حظه في كل لحظة، الصائح بأعلى صوته: " يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيما" سوف يرفض هذا " المرجع" المنافق، ولا يقلده، لأن هذا الموقف من أشد أنواع الحرام، وهو بمنزلة إعلان الحرب على الله ورسوله خاتم الأنبياء والمرسلين بمقتضى اطلاقات الأدلة الجهادية القرآنية منها والحديثية الصحيحة وعمومياتها).


في مقابلة صحفية سابقة، منشورة في الجزء الثالث من كتابه المتسلسل: [هكذا تكلم احمد الحسني البغدادي... المقاومة مستمرة والاحتلال إلى زوال وشعبنا لن يموت] ، يجيب السيد احمد الحسني البغدادي بوضوح عن إدانته لموقف المرجعيات الأربع من قضية الاحتلال في العراق وقضايا أخرى. وفي مقابلة معه مع صحيفة الوطن العمانية بتاريخ 9 ماي / آيار 2006 صَنَّفَ وضع المرجعية والقيادات الإسلامية الشيعية منها أو السنية بتقسيمها إلى ثلاثة أقسام :


القسم الأول: يريد خروج المحتل فوراً من العراق وإقامة الدولة التعددية الشورية، وعدم استثناء أية طاقة وطنية تحت مظلة الإسلام، ويعيش بها المسيحيون والآشوريون مكرمين معززين من خلال الإسلام، بوصفه حضاريا أُممياً إنسانياً.


القسم الثاني: يريد خروج المحتل بجدولة زمنية، إلا أنهم يؤيدون العملية السياسية، وهذا خطأ إستراتيجي من وجهة القانون الدولي، وكذلك من وجهة إسلامية، لأنه مادام هناك احتلال لا بد أن يتدخل بالعملية السياسية ويعين الأكثرية من العملاء والتابعين له.


القسم الثالث: هم الوكلاء والجواسيس، يحاولون بكل الطرق اللا مشروعة دعم الأمريكان، ودعم العملية السياسية، ودعم المشروع الأمريكي في المنطقة،، فهم يريدون بقاء الأمريكان؛ بل ويطالبون الأمريكان أن يكون العراق ولاية من ولاياتهم؛ وهؤلاء عملاء أعداء للدين والوطن والأمة، وتترتب عليهم آية الجزاء ـ على ما أرى ـ من وجهة ثورية إسلامية. ....وبالتالي فإن الخلاف بين بعض المرجعيات هو سُنًّة تاريخية، لا بد من الخلاف... سواء كانت مرجعيات دينية قابعة في قم أو النجف، أو الأزهر...


ومن بين تلك المسميات سيجد القارئ الكثير من الأماكن التي تتموضع فيها " حوزة" و " مرجعية" السيستاني، ولأجل تسهيل مهمة التصنيف لها لا بد من الاطلاع على خلفية وصول السيستاني إلى موقع "المرجع الأكبر" في تلك "الحوزة النجفية" في جزء آخر من هذه الدراسة.


وعندما يروج الأمريكيون : من أن تلك المرجعيات ذات ثقل كبير في الشارع العراقي، وهي كما كان يظن وزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كيسنجر انه : [ لو أفتت المرجعيات الدينية بخروج الشعب العراقي إلى الشوارع ضدنا لمدة أسبوع لما بقينا في العراق ساعات]، فهم يعرفون من يخاطبونهم بهذا الخطاب الأمريكي المقصود؛ لذا حرص الأمريكيون على استمالة صمت المراجع الأربعة، وعلى رأسهم السيد علي السيستاني والعمل على ضمان قبوله التعايش مع الاحتلال من دون أن يصدر تلك الفتوى الموعودة ضد الغزو والاحتلال الأمريكي، خصوصا أن الجماهير وبحسها الثوري كانت ترى: إن الجهاد الدفاعي ضد العدو الأمريكي لا يشترط فيه الرجوع إلى فقيه أو العودة إلى نداء أو فتوى من مرجع، لذلك وجدنا مجاهدي أبناء الشيعة يقاتلون القوات الأمريكية والبريطانية منذ اللحظات الأولى لوصول القوات الأمريكية إلى ميناء أم قصر، وهم بذلك لم يرجعوا إلى أي " مرجع" ليأخذوا الإذن منه لكي يقاتلوا الغزاة الأمريكيين.


وعندما توغلت قوات الاحتلال ودخلت إلى العاصمة بغداد واتسع معها نطاق عمليات المقاومة الجهادية من لدن كافة الفئات والطبقات وأبناء المحافظات العراقية ضد المحتل زادت الجماهير قناعة: أن لا فائدة من الاستئذان من تلك المراجع التي أيدت وساندت العملية السياسية تحت مظلة الاحتلال الكافر الفاقد لأية شرعية قانونية.


وعلى مدى سنوات الاحتلال وتواجد القوات الأمريكية الملموس والبائن على ارض العراق لأكثر من عشرة سنوات استمر السيد المجاهد احمد الحسني البغدادي في فضح مواقف تلك " المرجعيات " السائرة مع مواقف الاحتلال وما رافق تلك المواقف من تضليل إعلامي واسع، أرادت به وسائط الإعلام الأمريكية والإيرانية أن توحي للعالم وكأن أمر المرجعيات الشيعية وخلفها مقلديها من عوام الشيعة وخاصتها، مرهون بمواقف ما سمي بـ " المراجع الأربعة"، وهم الذين جاءوا من خارج الحدود، وقد ركز الإعلام الأمريكي بشكل مقصود ومضلل على : ( ... إن المراجع الأربعة هم بيدهم القرار الشيعي، في الوقت الذي لم يكن في الفكر الشيعي أي تأطير لمرجعيات أربعة).


هذا التأطير مشبوه مُضَّلل، حيث لا يوجد في المدرسة الإمامية إطلاقاً تأطير المرجعية الدينية، كما يوجد مثل ذلك في المدرسة السنية، حسب رأي السيد الحسني البغدادي، وهو تأطير يراه السيد الحسني البغدادي:


( ... إنها لعبة مقصودة من أجل تضليل الشعب العربي والإسلامي، والمرجعيات الأربعة هذه، ثلاثة منهم غير مؤثرين، وغير معروفين من قبل المسلمين، لا داعي لذكرهم، وواحد معروف ومؤَثر في الجملة).


وفي خطابه بالجزائر على منصة المؤتمر القومي العربي السادس عشر.قال:
(... إن ما يسمى بالمراجع الأربعة، فهذا كذب وافتراء، هناك مرجعيات عظيمة في لبنان وفي إيران وفي العراق...إنه إعلام "تضليلي" أن تؤطَّر المرجعية بأربعة جاءوا من خارج حدود العراق...ولكن مثل هذا الإعلام الديماغوجي قد أثر على الشعب العربي.).


ويشير السيد الحسني البغدادي في مقابلة له مع قناة الجزيرة يوم 12 ماي/ آيار 2006 : ( ... نكتشف أن المرجعيات في النجف الأشرف لم تكن لها خبرة سياسية، ولم يكن لها موقفاً واضحاً وجريئاً لإلغاء الدستور الدائم، وليست لها علاقة صميمية مباشرة مع الجماهير الساحقة، لهذا يوجد طلاق بائن بينها وبين الجماهير).


وفي مقابلة له مع مجلة الأفكار اللبنانية في 13 كانون الأول/ ديسمبر 2004 يرى السيد احمد البغدادي إن السيد علي السيستاني وقع في تناقض أيديولوجي إسلامي فقهي. فعندما صدر قانون " إدارة الدولة العراقية"، أي ما يسمى بالدستور المؤقت الذي وضعه الأمريكيون، صَرَّح حينها السيد علي السيستاني :


( بأنه من المتحفظين في بنود عشرة) ، وجرت مراسلة بينه وبين الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بخصوص تحفظه هذا، ولكنه وقع في تناقض صارخ، إذ دعا الشعب العراقي للذهاب إلى صندوق الاقتراع، مع أن الدستور المؤقت فيه بنود تعطي للإسرائيلي الحق في حيازة الجنسية العراقية، وفيه بند المحاصصة، وهو بند يستهدف تفكيك العراق وتقسيمه إلى دويلات شيعية في الجنوب، وسنية في الوسط، وكردية في الشمال.


هذان البندان هما من أخطر البنود التي ستحطم كيان هذا الشعب العظيم ذا التراث وصاحب الوثبات والانتفاضات ضد كل المخططات التآمرية الإستكبارية، ولقد قال السيد السيستاني كما قال " بوش" :


[ ... يجب أن يتم الانتخاب في اليوم الموعود]، وهم نَسَّوا أو تَنّاسوا: أنه عندما تتحقق الانتخابات على الطريقة الأمريكية سيكون هناك تصاعد للمقاومة المشروعة، وسَيُهزم العملاء والجواسيس، ما دامت هذه الانتخابات بإملاءات أميركية، وما دام قانون إدارة الدولة العراقية قد كتب بلغة انجليزية، وبإملاءات أميركية، وسيبقى شعب العراق شعباً عروبيا إسلاميا متصدياً ضد المؤامرة العولمية الرأسمالية المجرمة).


ورداً على سؤال للصحفي بول ماروديس نُشر في مجلة الأفكار اللبنانية بتاريخ 13/12/ 2004 يجيب السيد البغدادي : (... بما أن السيد السيستاني يؤيد الانتخابات بلا قيد أو شرط، ويعتبر أن من يتخلف عن الاقتراع يرتكب مخالفة شرعية، وحتى الآن هو لم يفت بحرمة المحتل، فضلاً عن مقاتلته، فماذا تقولون لمقلديه، وبماذا تنصحوهم؟ ).


يجيب السيد أحمد الحسني البغدادي وبالأدلة القطعية في كثير من كتاباته ومؤلفاته: (... إن السيد السيستاني لا يُفتي بحرمة وجود المحتل على ارض عربية إسلامية، فتلك مسألة شائكة وخطيرة ولا تفسير لها؟؟) ، لذا فهو يدعو كل من قلد السيد السيستاني أو من هو معجب بمشروعه السياسي الحالي ويقول له : ( إن الله سبحانه وتعالى فقط ،بوصفه المطلق، وان المجتهد قد يخطئ وقد يصيب، وان مسألة الجهاد الدفاعي لا يشترط الرجوع بها إلى الفقيه، لأن الدفاع عن حرمة الوطن، وعن قدسية الدين، وعن كرامة الأمة لا يشترط فيه أخذ الإذن من الفقيه بوصفه جهاد عين... وهذا بخلاف الجهاد الابتدائي، يشترط بوجود المعصوم " ع " وإذنه، ... والجهاد الدفاعي لا يشترط الرجوع إلى الفقيه؛ فبمجرد أن يدخل بلادنا العدو المغتصب لثرواتنا الطبيعية يجب أن ندافع عن أرضنا وكرامتنا بلا مراجعة فقيه، وهذا منصوص عليه كتابا وسنة وإجماعاً وتاريخاً ووجداناً وضميراً، نقاتل بالرصاص الحي من أجل تحرير العراق، من شماله إلى جنوبه، بلا مراجعة هذه المحاور التي ذكرتها، والله أكبر وجهاداً حتى النصر).


تبقى إسهامات الباحث والمفكر العراقي عادل رؤوف، مدير المركز العراقي للإعلام والدراسات، ورئيس تحرير مجلة دراسات عراقية، وما كتبه حول موضوعات " الحوزة " و " المرجعيات" النجفية متميزة وتستحق التنويه والتعريف والتذكير بها. وهو الكاتب ألذي عرّى هذه " المؤسسات " المتلبسة بالخيانة للوطن وللعراق خاصة.


فضح عادل رؤوف ما تسمى بـ " المرجعيات" في العراق، وخاصة في خلال العديد من كتبه ومنها : [محمد محمد صادق الصدر... مرجعية الميدان ]، صدر عام 2005 وكتابه [ العمل الإسلامي في العراق... بين المرجعية والحزبية] وكتابه [ أنبياء و أصنام " حوزة الأرض والوطن... " حوزة الوافدين إلى الوطن] صدر 2009، وسبق له أن فضح أدوارها في عديد كتاباته مبينا وشارحا وظيفتها المُكَّلَفَة بها في العراق من خلال تشكيل وخلق أنماط من "آلهتها" البشرية ووضع هالات من التقديس " لأصنامها" ليصبح العراق من ضمن ظروف ومسببات أخرى، تضاف إلى ادوار تلك المرجعيات، مكانا للجريمة والمتاجرة السياسية بلافتات الدين والمذهب والطائفية.


وكما يشير المؤلف في مقدمة كتابه أعلاه : ( ...لا يمكن القول بأن " حوزة" النجف [كانت] لها شخصيتها المستقلة، التي أخذتها بعد انهيار ألكيانية الإسلامية، لكونها [ظلت] حاضنة في ذلك الوقت لأكثر " المراجع" الفرس والعرب بما يكرس طغيان الطابع الفارسي أكثر من الطابع العربي، وبما يصل إلى حد الصراعات " القومية".. ).


في مقدمة كتابه القيم هذا يصل الكاتب عادل رؤوف (ص 25 ) إلى مقارنة ذكية مستقاة من بين ركام الشواهد والدلالات والوثائق التاريخية، يلخصها بما يلي : [... وفي ظل الأحداث " الحوزوية ـ السياسية"، في إيران تنتهي الحال إلى دولة تطل رموزها " الحوزوية" في سياق الجدل والصراع السياسي الكوني، بخطابات يومية حول السلاح الذري، والمنجز العلمي والتكنولوجي، لكن رموز " حوزة" النجف يرتكسون إرتكاساً في الفكر الصفوي الخرافي، ويحولونه إلى مشروع مشترك مع الاحتلال لإدارة امة بكاملها]، وسيصبح منجزهم "الإسلامي " مقابل منجز " حوزة " قم ، ممثلا بتنظيم المسيرات المليونية بمناسبات الشعائر الحسينية وحمايتها ورعايتها بمخزون الفكر الصفوي الوافد كله ،مضافا إليه محمولات خرافية أخرى ، وبهذا الإيجاز يصح القول على "حوزة" قم بأنها "حوزة" السياسة، في تلك اللحظة وعلى"حوزة" النجف بأنها"حوزة" و"آلهة" الخرافة .....].


إن هذا الكتاب الذي نشر منذ خمس سنوات يبقى وثيقة وشهادة حية عن الوضع المتردي لما عُرف بحوزة النجف، تؤكد حقائقه ومشاهداته عن ما أنجزته "حوزة" النجف وانشغالها بتنظيم ما يسمى "المسيرات المليونية "، ومغالاتها في إخراج وتنفيذ وتمثيل مشاهد العزاء الحسيني، حتى بات هذا المشهد قرينا ومتزامنا للحدث السياسي العراقي المعاصر من خلال محاولة أصحاب المشروع الصفوي ووكلائهم زج ملايين التعساء العراقيين في منادب ومئآسي ومقاتل، وحتى صراعات و حروب، ليس لها أول ولا آخر، مستهدفة تقسيم وتدمير حياة عرب العراق بشكل مقصود .


للمقالة هوامش ومراجع وإحالات موثقة

 

 





الاحد ١ رمضــان ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / حـزيران / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة