شبكة ذي قار
عـاجـل










  فكرة تقسيم العراق .. قديمة في دهاليز صنع السياسة البريطانية.

  وهي فكرة صهيونية .. تتعلق بحماية اسرائيل استراتيجياً .

  تحولت هذه الفكرة إلى مشروع .. تبنته أمريكا رسمياً.

  ويعرف الآن .. بمشروع "جو بايدن" ، وتعديلاته .!!

 

1- لم تكن فكرة تقسيم العراق، فكرة جديدة ظهرت مع احتلال قوات الغزو الأمريكية للعراق عام 2003 ، وإنما هي تنبع من تلك الجداول الإحصائية التي عملت عليها بريطانيا التي احتلت العراق بجيوش مستعمراتها ، حين اخذت تستخدم استبيانات تحصي الناس على اساس الدين والمذهب والقومية والعشيرة والقبيلة ، واظهرت النتائج الفسيفساء الاجتماعي الرائع للشعب العراقي المنسجم في نسيج قائم على الاعراف والقيم العربية الأصيلة .. فيما تمخضت هذه الإحصائيات عن ارقام باتت بريطانيا واستخباراتها تعمل عليها على اساس ( كم شيعي في هذه المنطقة .. وكم سني في تلك .. وكم كردي وتركماني .. وكم مسلم وكم مسيحي ، برتستانتي وكاثوليكي وارثدوكسي .. ثم العشائر العربية وجغرافيتها وحجمها وتأثيرها ومنابع قبائلها ...إلخ )

.

 

2- استخلص المستعمرون البريطانيون من هذه الإحصائيات الإستبيانية في وزارة المستعمرات البريطانية النسب وتوزيعها على اساس ( الأكثرية والأقلية ) ، لتبدأ ماكنة السياسة البريطانية الإستخبارية وغيرها في العمل والتعامل مع هذا النسيج على وفق قاعدة السياسة البريطانية ( فرق تسد ) .. فصنعوا رجالات الحكم من الإقطاع ومن ذوي الثقافات الغربية، ووهبوا هذا وذات من اموال الشعب، ونصبوا الحكومات ورجالاتها وربطوهم بمعاهدات مهينة ومذلة، واستمروا في استنزاف ثروات العراق عن طريق الشركات البريطانية، وفي مقدمة هذه الثروات النفط وحقوله الإستراتيجية .

 

3- والتساؤل هنا .. هل رضي الشعب العراقي بالاحتلال البريطاني المهين؟ والجواب كلا .. فقد ثارت العشائر العربية في العراق على الانكليز واذنابهم .. وكانت الثورات لها طابعاً جماهيرياً يقودها وطنيون تمكنوا من طرد الانكليز من العراق عام 1958، فسقط الملك وسقطت سلطة الانكليز وفر الأذناب وبدأت مرحلة جديدة .. ولسنا هنا في معرض التدوين التاريخي رغم اهميته، إلا أنه مقدمة ضرورية لما هو مطروح في اروقة وزارة الخارجية الامريكية وما تروجه من مخططات لتقسيم العراق.!!

 

4- تسلم الأمريكيون الملفات بعد انحسار الشمس عن المستعمرات البريطانية واخذت تميل إلى الغروب، فيما اخذت امريكا تملء فراغ الوجود البريطاني في المنطقة ودخلت معترك السياسة فيها، وهي بحاجة للخبرة البريطانية، وكان ملف تقسيم العراق واحداً مهماً وخطيراً، ليس على العراق والعراقيين فحسب، إنما على الواقع العربي اولاً وعلى دول المنطقة جميعها، لأن العراق وخارطته الجيوبوليتيكية إذا تفككت تصدعت كل الجدران التي تحيط بهذا البناء .

 

5- وقبل أن يحتل الأمريكيين والبريطانيين العراق عام 2003 ، كان البريطانيون يشيرون للأمريكيين، اثناء وبعد مؤتمر لندن إلى تلك الإحصائيات التي رسموا بياناتها للعمل عليها .. وهكذا بدأت مجاميع المؤتمر تتوافد على امريكا وتتوزع على البنتاغون وعلى الكونغرس وعلى وزارة الخارجية الأمريكية وعلى وكالات الأمن القومي الأمريكية، لصياغة ركائز حكومة عميلة تتولى ادارة الحكم بعد تنفيذ صفحة الاحتلال.. وعلى خلفية هذا التشكيل جرت اتفاقات بين امريكا وايران انبثق عنها التوافق الإستراتيجي المعمول به حتى الوقت الراهن.

 

6- بعد الاحتلال الأمريكي انبثق ( مجلس الحكم ) على اساس تلك الإحصائيات، التي رسم جداولها البريطانيون، فبدأ العمل على وفق الأكثرية الشيعية والأقلية السنية، حيث قسمت ركائز الحكم وهيكلت النظا م وفقاً لمحاصصة طائفية وعرقية استندت على دستور هو في جوهره يمثل روح الإحصائيات البريطانية التقسيمية للمجتمع وللدولة .. ووزعت هيكلية الدولة ومرافقها حصصاً للأحزاب الحاكمة، وكلها تخدم المحتل ولا تخرج عن طاعته إلا بهامش المناورة وخداع الناس والسذج منهم على وجه التحديد.. ( فهذي الوزارة لك ، وتلك السفارة لذاك ، وهذا المنصب الرئاسي وذاك المنصب السيادي ونوابه وحتى المكاتب والدوائر التي شملت النواحي والأقضية والمحافظات.. وسمحت قوات الاحتلال لأحزاب السلطة في أن تكون لها أو تحتفظ بفصيل مليشي مسلح تابع للحزب له مقراته وسجونه الخاصة يستعرضون قوتهم وقواتهم في أي وقت بأسلحتهم وملابسهم عسكرية أو التي يتميزون بها عن غيرهم .. وكل هذا يحصل في ظل حكومة تقود الدولة خارج القوانين، الأمر الذي يعكس للعالم حقيقة دولة المليشيات وليست دولة عصرية قانونية تشريعية تمثل الشعب.

 

7- هذا الوضع التقسيمي، يدفع إلى الإستفزاز وانعدام الأمن والأمان وعدم الإستقرار، فضلاً عن تكريس، ليس مبدأ المواطنة ومبدأ العدالة ومبدأ المساواة، إنما كرس الطائفية وضرب الطوائف الآخرى، كرس احتكار السلطة وإقصاء الفئات الآخرى، كرس تهميش حتى المقربين منهم في خانة الحكم لحساب نزعة التسلط .. الأمر الذي دفع الى مزيد من الإحتقان والتأزم والإنفجار الذي بات يغطي الشعب كله.

 

8- هذا الوضع المتأزم لحد التهتك ، يقصد راسموا خططه القائمة على احصائيات طائفية وعرقية من استمراره، الوصول بالعباد والبلاد إلى حافات التيئيس واليأس من وجود حلول كفيلة بالإنفراج تضمن وحدة الشعب والأرض، لأن ايقاع التقسيم في اذهان الناس لم يكتمل بعد وما زال نشازاً.. ولن يكتمل لأن الشعب كل الشعب هو صاحب القرار والأرادة في تحديد مصيره، ولا احد يستطيع أن ينتزع من الشعب قراره في العيش على أرضه منذ آلآف السنين.. لأن ذلك قدره الوجودي الأمثل.!!

 

الجداول الإحصائية، الطائفية والعرقية، التي اعدها البريطانيون وتبناها الأمريكيون وشارك فيها الإيرانيون بفاعلية ، لأنها أداتهم الطائفية وهم يأملون أن تحقيق لهم اهدافهم في الهيمنة على الحكم في العراق، والعمل على نهب نفطه ومياهه والقفز من خلاله الى خارج حدوده الإقليمية .. إلا أن العقل الإيراني ربما قد اغفل أن ملف تقسيم العراق سينسحب على إيران ويحولها إلى دويلات ( كردية وعربية وتركمانية وفارسية واذرية وبلوشية ) وهي على تخوم دولة الخصم الروسي تاجر السلاح العالمي، والقريبة من المقتربات الأسيوية حيث الصين وثقلها الكاسح.. وربما بات الإيرانيون ينتظرون الفرصة لإقتطاع جنوب العراق بحكم ( المذهب ) وبحكم النفط ولكن من غير المياه.. ولن يستقر الحال لهم أبداً .!!

 

9- الوضع المتأزم المحتقن انتهى الى هزيمة النظام الطائفي .. ومن اجل التغطية على هذه الهزيمة الكارثة التي حلت بقوات النظام العسكرية .. ظهرت اصوات متعددة يدعوا بعضه إلى حماية المراقد المقدسة وبشحن طائفي واضح ومستهجن، وبعضه الآخر يستدعي امريكا للتدخل عسكرياً لتضرب الثورة والثوار، وآخرون باتوا يقرعون طبول الإقليم أو الأقاليم على اساس التقسيم، لأن ذلك حسب عقولهم الخبيثة ( أخر الدواء الكي ) .. فأبواق الشحن الطائفي، وطبول الحرب، وايقاع دفوف الأقاليم ، كلها تعبر عن عقول قاصرة ومصلحية متهافتة وانانية مقرفة تسبح حين تجد المياه الآسنة .!!

 

10- هؤلاء الطبالون موجودون في كل العهود والأوقات، هم يتصيدون في المياه العكرة، ولا يحبذون المياه الصافية التي تعبر عن الوطنية الخالصة والنزاهة الخالصة والأمانة الخالصة والكفاءة وتحمل المسؤولية الوطنية والتاريخية.!!

 

بيقيـــــــــــــــــــة ...







الاربعاء ٢٧ شعبــان ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / حـزيران / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة