شبكة ذي قار
عـاجـل










 ( الدك إيفك اللحيم )

 مثل شعبي

 

الحكمة هي وليدة التجربة، وحكماء الشعوب يستخلصون من تجاربها الحِكَمْ، وبعضها يبدأ ولا مجال للتغافل عنه، ثم يتسع لكي تنطبق الحكمة على الواقع.

 

قال العلماء ( إن الضغط يولد الإتفجار ) .. وهذه المقولة التي استخلصت من تجربة علمية يمكن أن تتسع لتأخذ نصيبها على أرضية المجتمع .. حتى أن شكلاً يماثل أو يطابق هذه المقولة يظهر في الموروث الثقافي للمجتمع العراقي والذي يقول ( الدك إيفك اللحيم ) ، أي أن الطرق على صفيح ساخن يفكك الروابط في النتيجة .. وهذه الحكمة يعرفها العالم ويعرفها العراقيون.

 

الشعب العراقي يتعرض منذ عام 2003، وهو عام الاحتلال ولحد الان الى ضغط الأنتهاكات، من الصعوبة ان يتصورها العقل، من قتل بالجملة وتشريد بالجملة ونهب بالجملة وفساد بالجملة وتهتك بالجملة.. ولم يقتصر إهدار الكرامة الإنسانية ومحق حقوق الانسان على منطقة دون غيرها .. فالظلم في ظل الاحتلال وحكومته الراهنة قد طال الشمال والوسط والجنوب.. كما أن اشتعال النيران في الأنبار وديالى والموصل وبغداد وغيرها لا يعني أن الرماد الكائن في مناطق لا يختفي تحته جمر الإتقاد، حين تختمر الأوضاع وتمسي القدرة على هضم أو استيعاب الظلم صعبة جداً أو معضلة لن تحل إلا بفتيل النار .. فجبل الجليد العائم لا يعني كل الحقيقة الموضوعية التي تكشف عنها حركة الواقع، إنما تكمن في غاطس الجبل العائم، الذي يتحرك حسب القوانين الموضوعية لحركة الواقع، وهي تختلف من واقع لأخر وحسب طبيعة التكوين البنيوي لمجتمع الحركة .. فافتراض اشتعال النيران دفعة واحدة افتراض متعجل وغير صائب، لأن اتساعها يحتاج إلى زمن للنضج من أجل الإتساع، والنضج والتعجيل في الإنضاج مرهون بالوعي بالأزمة والتثقيف على أساسها.. ولا يعني ذلك أن تترك الأمور للزمن حتى تنضج، لأن حالة التعجيل تختلف ولا تكون على حساب زمن النضج في الحركة .. وما دام الطَرْقُ مستمراً على الصفيح الساخن فأن الضغط يولد اشتعال النيران واتساعها .. فكلما اتسع الظلم وزادت معدلات القتل والنهب والسلب والتهجير الطائفي والعنصري، كلما اتسعت حلقات نيران الثورة إلى مديات .. وما دام فتيل الثورة قد اتقد واتسع في اخطر واقع استراتيجي، فأن خيارات الظلم تتسع، وبإتساعها تتسع نيران الثورة .. وكل ذلك يقع في خانة الشروط الذاتية لحركة الثورة .. أما ظروفها الموضوعية التي تحيط بها، سواء في شكل داعم أو مهمل أو معتم أو متآمر أو معرقل أو مجهض، فلها حساباتها المهمة والخطيرة، وخاصة في نطاق التخطيط الإستراتيجي لحركة الثورة .

 

الثورة الجماهيرية في العراق قد اندلعت ، ولن يوقفها أحد .. لا من داخلها ولا من خارجها، لأنها متمسكة بمنهجها ومتحلية بالثبات على الأرض .. والثورة المسلحة هي حرب تحرير وليست صفحات معارك، وليست انتصارات جزئية أو خسارات جزئية، وليست تقدماً بالأمتار والمسافات أو تأخراً وتراجعاً عنها .. أنها معادلة صعبة لإعادة تشكل الواقع إلى طبيعتة، بعد التخريب المتعمد والتدمير والتفكيك الذي تسبب في وضع الشعب العراقي أمام خيار الوطنية أو التبعية الأجنبية .. وكل الخيارات الأخرى لا تعني شيئاً امام خيار الوطن للجميع وليس حكراً على محتل اجنبي امريكي أو إيراني أو غيرهما، إنما الشعب هو الذي يحتكر قراره الوطني المستقل بإرادته الحرة .

 

فنيران الثورة هي في اتساع .. ما دام الدم يسفح على الدوام ولكرامة الإنسانية تهدر على الدوام .. وما دام الظلم يطل برأسه من كل زاوية .. وما دام النهب والسلب لثروات الشعب قائم على قدمٍ وساق .. وما دام التهجير القسري يأخذ صبغة التطهير الطائفي والعنصري .. فأن نار الثورة هي في اتساع، وتلك حتمة معروفة في الفكر السياسي، على اساس ( التحدي والإستجابة ) .. أما معادلات الخارج السياسية، فأن متغيراتها قد تفاجيء الجميع، لأنه ( لا صديق دائم، ولا عدو دائم، إنما مصالح دائمة ) .. ومثل هذه المصالح هي الأخرى ليست دائمة أيضاً، حيث المتغيرات التي تفرض شروطها حين تمسي حالة الحسم شرطاً للتغيير.!!






الجمعة ٢٣ رجــب ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / أيــار / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة