شبكة ذي قار
عـاجـل










قرأنا في التاريخ عن ثورات وانتفاضات شعبيه وعاصرنا ثورات وطنية في العراق واقطار عربية اخرى , منها من حققت اهدافها الوطنية لمرحلة من الزمن الا انها تخلت عنها لاسباب ذاتية لانعدام رؤيا سياسية ووضوح في برامجها مبنية على تقديرات وخطط مدروسة , واخرى اجهضت بسبب تأمر داخلي او خارجي لما تشكله هذه الثورة من مخاطر على توجهات القوى الاستعمارية العدوانية اذ عرضتها لأزمات في جوانب متعددة في الحياة لم تستطع تجاوزها .


وما يهمنا في هذا الموضوع هو الثورة العراقية عن غيرها من تجارب وثورات وحركات تحررية في العالم , فالثورة العراقية التي فجرها ابناء العراق الاحرار في محافظة الانبار والمحافظات الاخرى الداعمة لها انطلقت بعد استياء شعبي عارم و ممن تبلور فيه وعي وطني عالي نتيجة للتعامل غير الانساني ومصاردة الحقوق وتدني الخدمات الاساسية والتعمد في الاذلال والتهميش وغيرها من اساليب غير مشروعه قانونا لتغيب المواطن عن ممارسة دوره في الحياة بحرية وكرامة انسانية , لذا فقد انطلقت الثورة العراقية من ارادة وطنية بالاعتماد على قدرات ذاتيه للشعب وتكيفها وفقا لاساليب وخطط تتوافق ومواجهة قوة السلطة الحاكمة في العراق والتي نتج عنها وتكبيدها خسائر كبيرة بين صفوفها مقارنة بين حجم ومعدات الطرفين العسكرية , الا ان اساس هذه النتائج هو ايمان الثوار الراسخ المبني على قناعه ثابته وهي اهم شرط من شروط انطلاق الثورات ونجاحها على مختلف مراحل التاريخ .


فالثورة العراقية هي رأس النفيضه لحركة تحرريه ليس في العراق وانما بداية لثورة عربية ذات سمات وخصائص تؤكدها على الارض انطلقت من مدن عراقية متماسكة ذات نفسيه تتميز بالولاء للوطن ونموذجا للثائر الحقيقي صاحب الاتقاء بمستوى العمل الثوري المقاوم وما يؤمن به من تضحيات وتجرد عن الذات دون اطماع او مشاريع غير مشروعه من ابطال الجيش العراقي السابق الذي شهد لهم التاريخ العسكري بتضحياتهم وبسالتهم في الدفاع عن العراق ضد العدوان الفارسي ومعارك فلسطين والدفاع عن سوريا وصد العدوان الاسرائيلي عن مصر واقطار عربية اخرى دفاعا عن قيم العروبة دون انتظار منحة او منه من احد .


ان الثورة العراقية وما تميزت به كثورة وطنية شارك فيها ابناء الشعب العراقي الاحرار الذين الغوا سمة الطائفية التي ارادت السلطة الحالية ان توصف بها هذه الثورة لتصورها وكأنها مجرد تمرد طائفي لتحقيق اهداف مناطقية محددة مدعومة من منظمات ارهابية ( كداعش ) او غيرها . وبالتالي تهدف عزلها عن محيطها العراقي والقضاء عليها بسهولة , الا انها فشلت في تمرير هذا المخطط من خلال المؤتمر السياسي العام لثوار العراق الذي شارك فيه ممثلين من كافة ابناء الشعب العراقي الوطنين الحقيقين باديانهم ومذاهبهم وقومياتهم وطوائفهم مؤكدين ايمانهم بوحدة العراق ارضا وشعبا وهوية والترفع عن توجهات طائفية والتي تعمل السلطة الحالية كمحاولة على انهاك الثورة من خلال اثارتها للنعرات الطائفية وخلق حاله من الاحتراب الداخلي مما يسهل لها تحقيق اهدافها والتمكن من نزع سمة الثورة عنها كثورة وطنية تحررية تهدف الخلاص وانجاز الاستقلال الوطني الكامل وازاحة النظام وتبعاته .


ان الثورة العراقية بدأت في عقل الانسان العراقي معبرة عن قيم وامال كبيرة وثقة تامة بقدرات الثوار وامكاناتهم الخلاقة في كل المحافظات الثائرة والتي جعلت قوات السلطة الحالية ومليشياتها تتكبد خسائر كبيرة على الرغم من امتلاكها الية وقدرات عسكرية كبيرة ومتنوعه وذات كفاءة عالية الا ان المهم هو من يمتلك الايمان بقضيته وليس من يمتلك السلاح بدون ايمان لتحقيق النصر , فالثائر بأيمانه وسلاحه يستطيع بناء حياة جديده ونهج اساسة الروح الانسانية الملتزمة بالقيم وخصوصية الثورة .


ان الثائر الحقيقي العراقي الاصيل الساعي للتغير هو النموذج للانسان الثوري في عصرنا الراهن لأمتنا العربية المهددة بالتمزق وعدوان مستمر مؤطر بنظريات واخلاقيات واحيانا اوهام غير مشروعه للتدخل في شؤونها واستقلالها وسيادتها بأحتلال مباشر او غير مباشر او بحملات اعلامية او سياسية مشبوهه خارجية او داخلية تعكس حالة لتخلي المواطن العربي عن قيمة و اهدافه القومية وتخضعه لهزيمة وانهيار نفسي وانتزاع الالتزام بروحه الوطنية والقومية بحيث تجعله في منأى عن حديث او الشروع في حديث عن المصلحه الوطنية والقومية .


ان المعيار الذي تطمح لتحقيقه القوى المعادية لا ينطبق ولا يمكن ان ينطبق على الثورة العراقية او ان تتأثر به او تستجيب له وتحت أي اعتبار , فالثوره العراقية لها خصوصيتها التي تتميز بها عن غيرها من ثورات وحركات تحرريه اذ انها خلقت فعلا ثوريا مقاوما وممارسة حقيقة على الارض استنهضت المشاعر الانسانية والاخلاقية والدينية والوطنية لدى العراقين وصعدت من عملياتها الجهادية في مناطق متعددة من ارض الوطن وبذلك قدمت حالة جديدة لحركات تحررية .


ان ظهور ثورة ومقاومة وبقدرات ذاتية افقد توازن السلطة الحالية في الحالتين العسكرية والنفسيه واصابتها بصدمة في سلوكياتها واستهتار يثير الدهشة والاستغراب لتخرصاتها اذ تأنف النفس الابية عن ذكرها ولا يليق المقال لتضمينها.


ان الثورة العراقية صناعة وبرنامج عراقي صميمي ارضا وشعبا وتمثيل سياسي وعسكري تعكس عمق الوعي والايمان بالمصلحه الوطنية مؤكده استقلاليتها والاعتداد بالمستقبل وتبنيها هدف التحرير وفق اطر سياسيه وطنية مستقله دون تأثير خارجي ومن أي اتجاة وهي معايير ثابتة للوطنية لا تقبل أي التواءات او مساومات واستعداد الثورة لمواجهة كل التهديدات للدفاع عن سلامتها وثوابتها واستقلالها لانها الممثلة والمتمسكة بالمصلحه الوطنية والمدافعه قانونا وشرعا عن حقوق الشعب وتطلعاته نحو الحرية والخلاص من النظام الطائفي الحالي , وانها فعلا سياسيا وعسكريا مقاوما على الارض اثبت وجوده حقيقة وليس وهماً او ادعاء .
 






الثلاثاء ١٧ جمادي الاولى ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / أذار / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور عامر الدليمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة