شبكة ذي قار
عـاجـل










( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخواناً ، وكنتم على شفى حفرة من النار فأنقذكم منها، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ).


ما جاءت المجالس العسكرية، التي أنشأت على امتداد أرض العراق من الشمال عبر الوسط وحتى الجنوب، إلا نتيجة مخاض عسير استمر أكثر من عشر سنوات من ألآم الاحتلال الأمريكي- الإيراني المزدوج، الذي خلف واقعاً مريراً مدمراً وفاسداً ومنهوباً ومرهوناً لكل من أمريكا وإيران، ويفتقر إلى السيادة والإستقلال الوطني والكرامة الإنسانية .


كما أن هذه المجالس الميدانية التي لها فعلها المؤثر في لجم قوى الاحتلال ومخلفاته فلول الفرس في تدخلهم السافر في شؤون العراق وشعبه العظيم من اجل تدميره واستباحة دماء ابناءه ونهب ثرواته واستعباده واقصاءه عن امته ومحيطه القومي العربي، قد تكلل فعلها بأنشاء المجلس السياسي العام لثوار العراق، وهو المجلس الذي يمثل كل العراقيين وقواهم الوطنية والقومية والإسلامية بدون استثناء، طالما أن منهج الثورة، وهو في اطاره العام، يقوم على التعددية ويحرم اقصاء أي قوة مناهضة للاحتلال الأمريكي والإيراني.


فالثورة في هذه الظروف هي محصلة تفاعل كل الثوار من ابناء الشعب العراقي العظيم وفي مقدمتهم رجال الجيش الوطني والقوى الأمنية الوطنية وكافة فصائل المقاومة العراقية الباسلة، فضلاً عن جماهير الشعب المناهضة للاحتلال الامريكي والفارسي، وهي في حقيقتها هياكل الثورة، التي تعد الإطار الوطني الجامع الموحد لكافة القوى الوطنية والقومية والإسلامية المدنية والعسكرية معاً، دون أن تكون هنالك وصاية من أحد، لأن حالة الثورة لا تتحمل العمل في خارجها، وليس من الوطنية أن تمارس أفعال من شأنها الإيثار بالذات وتضخيمها والتفرد أو العزل بمزاعم الغرور أو بفرض زعامة.. ولأن الثورة لها معاييرها العلمية التي ترفض سياقات العمل في تغليب القضايا الثانوية على القضايا الأساسية، فأن هدف التحرير يتجاوز كل صغار الأمور ويمنع صيغ من شأنها الإقصاء والإستحواذ والإحتكار .. لأن مثل هذه الأساليب لا تخدم الثورة ولن توصل الشعب إلى هدف التحرير الشامل والكامل .


إن شروط الثورة تكمن في إيثار الذات وجعلها في خدمة المجموع العام، وفي خدمة الثورة، حيث تتقلص الأنانية وتعم روح الثورة العامة حتى النصر المؤزر .. فلا يجوز الخروج على القاعدة الأساسية للثورة ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ... ) ، وعلى أساس هذه القاعدة، فلا انتصار خارج وحدة الثورة، ولا انتصار لمن يسعى إلى المجد الذاتي والزعامة الذاتية .. لأن الثورة وشروط نجاحها تستوجب نكران الذات .


إن فرصة نجاح الثورة، وهي تجمع ثوار العراق وقواه ومقاومته الوطنية والقومية والإسلامية وعشائره الثائرة، تمثل قاعدة محورية للثورة لها استحقاقاتها، ومن الصعب إيثار الذات فيها واحتكار جهدها واستبعاد إحدى قواها الفاعلة بأي صيغة كانت.. لأن تحرر العراق مقدمة لتحرر الأمة، وإن سقوط المشروع الفارسي القومي التوسعي هو حالة تحرر للأمة لا يتم إلا من خلال البوابة الشرقية التي تظل المدافع عن مصيرها في كل الظروف والأحوال كمتلازمة تؤكد حقيقة التحرير الجيو- سياسية .. وتلك حقيقة معروفة، على الذين لم يدركوها ويحاولون اللعب والتلاعب بمقدرات الثورة بأنانية ذاتية فاضحة لا تخدم الثورة بل تؤدي إلى إجهاضها، الإنتباه إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية أمام الله والشعب والوطن .. حيث يتوجب أن لا أحد من الثوار يعير للإختلافات الثانوية أي اهتماماً أمام أهداف الثورة الكبرى المتمثلة بإقتلاع المشروع الأمريكي الفارسي المشترك من أرض العراق حفاضاً على مستقبل العراق والأمة العربية .


إن الثورة الرائدة، التي تشتعل نيرانها في العراق، كما أسلفنا، هي نتاج مخاض عسير، وإن اندلاعها لم يكن من فراغ، إنما كانت وما زالت ركائزها وتنظيماتها وفعالياتها قائمة على أساس إستراتيجية المقاومة والتحرير، التي تم إقرارها بعد الاحتلال مباشرة، وفي ضوئها استمر نضال القوى الوطنية والقومية والإسلامية، وجهادها مستمراً في اطار جبهة الشعب المعلنة منذ عام 2005، فضلاً عن القاعدة الشعبية، التي تساند الثورة في العراق وعلى مستوى أقطار الأمة.


فأمام الثورة أهداف مقدسة هي التحرير، لا يجب تجاوزها بأي حال، كما أن مشروع الثورة يتقدم على كل المفردات الأخرى لهذه الفئه أو ذاك الحزب أو ذاك الفصيل ، لأن الغاية الكبرى للثورة ونجاحها، هي اسقاط العملية السياسية الأمريكية الإيرانية، التي هي نتاج الاحتلال وتركته الصفوية الفارسية الحاقدة على الدين الإسلامي الحنيف بتغليب الطائفية والحاقدة على العرب بتغليب العنصرية الفارسية .


إن الثورة وشروط عملها لا تسمح باحداث شروخ في هياكلها أبداً، مهما تكن مسوغاتها ودعاواها، وتحت أي ذريعة، لأن العدو الأمريكي والفارسي يعملان على احداث تلك الشروخ، وعلى الذين يرجحون ذواتهم وأنانيتهم على نجاحات الثورة، أن يعيدوا النظر في حساباتهم، لأن عملهم سيصب في خانة العدو الأمريكي والفارسي .. ولا عذر لهم في أي تراجع أو أي إنكفاء قد يحصل في مسار الثورة، لا سمح الله بذلك.


فحالة الثورة تقتضي من قادتها جميعهم ومن ابناء شعبنا وأطيافهم وكافة مكوناتهم التكاتف والتلاحم والثورة على الحكومة الطائفية الصفوية العميلة، والثبات على الحق والحقوق غير القابلة للتصرف والإجتهاد الفردي، لأن الثورة هي أكبر من أي مكون أو حزب أو فرد أو جماعة .. إنها تمثلهم جميعاً، وهم في قاربها الذي عليهم حمايته من عبث العابثين وتأمر المتآمرين وجهل الجاهلين وألغام الأعداء .. وهذا بحد ذاته يمثل معنى الثورة الأصيل القادر على اقتحام الصعاب وتجاوز المحن واعتلاء خط النصر.. وسيندحر الظلم والظالمين والطائفية والطائفيين، وإن النصر القريب بإذن الله تعالى.


إن جوهر الإنتفاضة الوطنية في العراق يتمثل بقوى وطنية منظمة، تعبر عن كل الشعب العراقي وليس حصراً بفئة معينة أو حزب معين أو شريحة معينة، وهي تعمل في ضوء برنامجها الإستراتيجي المعد للثورة والتحرير.. فهي لم تكن عشوائية أو أنها تفتقر لمنهج التحرر والبناء الوطني .. فقد جاء تشكيل المجلس السياسي للثورة ليمثل كافة المجالس العسكرية التي غطت كل محافظات العراق للتعبير عن الثورة وتمثيل العراق المحرر في الخارج ، فيما يمثل المجلس السياسي كل القوى الوطنية والقومية والإسلامية فضلاً عن فصائل المقاومة الوطنية العراقية في جبهة مسلحة على الأرض، والتي تخوض كفاحاً مسلحاً منذ الاحتلال الأمريكي- الإيراني الغاشم .. هذا الواقع يرفض أي عملية سطو من أي جهة كانت وتحت أي ذريعة .. وعلى الذين يفكرون ويحاولون تهميش غيرهم، عليهم احترام دماء الشهداء الذين سقطوا على أرض العراق الطاهرة، ويحترموا وحدة عناصر الثورة، ويكفوا عن الترويج والإنحياز، ويتجنبوا محاولة تهميش قوى وطنية لها باع في العمل العسكري والسياسي، وإن أي عمل من هذا القبيل سيؤدي إلى انتكاسات في مسيرة الثورة يتحملون نتائجها أمام الله والشعب والتاريخ .. وهنا يتوجب التنبيه لمخاطر أي نزعة أنانية تحزبية يبديها البعض ممن يريدون استغلال الثورة لتنفيذ أهدافهم الخاصة بعيداً كل البعد عن أهداف الشعب العراقي العظيم .!!

 

 





السبت ١ ربيع الثاني ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / شبــاط / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة