شبكة ذي قار
عـاجـل










من الثابت ولا جدال عليه إن الإسلام دين الله الذي انزله على رسوله الكريم محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم , وان هذا الدين بشر به قبل التنزيل , وفي متن الديانات التي انزلها الله سبحانه وتعالى على أنبياء سبقوا دعوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم , ومنهم إبراهيم وموسى وعيسى , وعندما حاول أعداء الدعوة الإسلامية , تسفيه ما جاء به الرسول (ص) قال رب العزة ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقران مبين لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ) وأكد ذلك في موطن آخر وفي سورة الحشر ( لو أنزلنا هذا القران على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله ) لقد احكم الله سبحانه وتعالى إسلامه بقران مبين , وبرسول لا ينطق عن الهوى , إن هو إلا وحي يوحى , وتضمنت هذه الرسالة السمحاء بابين أساسيين : وهي العبادات والمعاملات , وتوجد رابطة وصلة وثيقة بينهما , لا يمكن قراءة الباب الثاني وفهمه , إلا من خلال نصوص واحكام الباب الأول , فكل الأعمال والممارسات التي جسدها المسلمون الأوائل , هي نتيجة لإيمانهم وتمثلهم لما انزله الله تعالى , وفهمهم لمعاني آياته وأحاديث الرسول ( ص) , ومن المؤكد أن جميع الأعمال والممارسات آنذاك كانت صحيحة ولا خطأ فيها إطلاقا , بسبب أن قائد الدعوة والمرتبط بالسماء , من خلال جبريل عليه السلام النبي محمد ( ص ) هو بين قومه والمؤمنين بدعوته , وعندما يقع الخلاف في مسألة معينة , فان الرسول ( ص ) بوجوده سيقول حكم الله وشرعه , وينتهي الاجتهاد أو التأويل , وقد ينطبق هذا الحال على جموع المسلمين في القرن الأول أو الثاني , لقربهما من الدعوة ورجالها , وخاصة المعمرين منهم , لكن بعد هذا الزمن ظهرت مدارس في الفقه وعلوم القران والسنة النبوية , وبالرغم من أن هذه الفروع والعلوم من مصدر واحد هو الله سبحانه وتعالى ودين محمد ( ص ) , ومن مشكاة واحدة , لكن اختلف المسلمون في مسائل لا تشكل شيأ في جوهر وحقيقة الإسلام , ( ونحن لا نريد هنا إيرادها , لأننا لسنا من الفقهاء والعلماء , لكننا من القراء والمتابعين لتاريخنا وديننا الإسلامي الحنيف ) , ونتيجة هذا الاختلاف في الرأي وفي الاجتهاد فقد تعمق بمرور الزمن, وأصبح في الإسلام فرق ومذاهب وكتبوا عن الفرقة الناجية , وأصبح هناك أتباعا ومقلدين لهذا الشيخ أو ذاك , حتى في داخل المذهب الواحد , لكن الشيء الايجابي الذي تجمع عليه هذه المذاهب , أن الجميع يؤمن بالله ورسوله وبالقران الكريم والسنة النبوية الشريفة , وخلافا لما يثيره أعداء الدين كي يعمقوا الفرقة بين المسلمين عندما ابتدعواوافتروا , من أن أهل السنة لا يحبون آل الرسول وبيت النبوة ,وان الشيعة لا يحبون خلفاء الرسول وزوجته عائشة ( رضي الله عنهم وعنها ) , فهذا قول باطل بحق أبناء الإسلام الذين يصلون على النبي وال بيته , في كل صلاة وبكل مناسبة ويقدسون خلفائه والرجال الذين كانوا من حوله , والطرفان يرون أن هذا الدس ما هو إلا خنجر يغرس في جسد الإسلام الحنيف , من اجل تمزيقه وتفريق أبنائه , والعمل على هدم أركانه , وإذا ما تجاوزنا هذا الأمر , ونعده باطلا كما ورد في كتب الطرفين وأقوال علمائهم وفقهائهم , ومنهم الأئمة الخمسة الكبار ( الإمام جعفر الصادق , والإمام أبو حنيفة النعمان , والإمام مالك ابن انس , والإمام محمد ابن إدريس الشافعي , والإمام احمد ابن حنبل , رضي الله عنهم وأرضاهم ) كنا قد حققنا انجازا كبيرا على طريق الوحدة الإسلامية , والتي ستنعكس بشكل ايجابي كبير على وحدة الأمة العربية , التي كان فقهاء ورواد الإسلام ومحاربيه الأوائل منها , والتي حاول البعض تفريقها على أساس الطائفة والمذهب كي ينالوا منها مقتلا , وكما يحصل الآن في أكثر الأقطار العربية التي أصبحت تئن تحت وطأة الطائفيين وتصرفاتهم والتكفيريين وممارساتهم, التي لا تمت بأية صلة إلى أصول الإسلام وأركانه وحقيقته وجوهره , وإنما هي من بدع الأجنبي , الذي حاول ويحاول في كل مرة وفي كل وقت وعصر, من النيل من الإسلام وحاضنته الأصيلة الأمة العربية , التي حباها الله فأعزها بالإسلام ( وكذلك جعلناكم امة وســـطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) لقد مضى على الإسلام أكثر من ألف وأربعمائة وخمسة وثلاثين عاما ,ولو القينا نظرة فاحصة على هذا الدين وعلى الأمم التي اعتنقته , لوجدنا أن أحفاد أولئك الرواد وأهل بيت الدين والذين نشروا عقيدته في زمن صدر الرسالة وما بعدها لعدة قرون إلى كل أنحاء الأرض وهم العرب , قد تخلفوا عن الهدف الأعلى والأسمى الذي أراده الله تعالى لهم ولهذا الدين , وشهدوا تراجعا كبيرا عن مسارات التطور في العقيدة والوحدة والألفة والمحبة والتكاتف , وحتى في مجال التطور التقني والصناعي , فالعرب الذين هم مادة الإسلام وأدواته وفقهائه استطاعوا أن يبنوا دولة الإسلام الأولى , والتي كان من نتائجها بناء حضارة كبيرة , أسهمت في تطوير وتقدم أمما وشعوبا كانت تعيش عصر الظلام وعصور الإباحية , إلا أن المؤسف أن هؤلاء الأحفاد ابتعدوا عن جوهر الرسالة وتعاليمها السمحاء , وبدل من أن يوحدوا صفوفهم ويتشبثوا بروحية الرسالة وقول الله تعالى وأحاديث رسوله الكريم , كي يتعمق الإيمان في صدورهم فتأتي أعمالهم ونواياهم نقية نقاوة الدين نفسه , راحوا للبحث في ثانويات وفرعيات وجزئيات الأمور, التي لا تغن عن جوع وعقدوا مدارس البحث وكتبوا وألفوا وتناظروا , وألقى البعض على البعض الآخر تهم الخروج على الدين , بل والافتراء على الله كذبا , فكان هذا مقتل الأمة و بداية طريق التمزق والفرقة والتناحر الذي قاد إلى الكراهية والضغينة والتخلف في مسارات كثيرة في الحياة , وهنا ينبري أعداء الإسلام السفهاء ليقولوا لأوساطهم ومن صار على شاكلتهم : انظروا هذا دين محمد وأتباعه الذين ناصبهم أجدادنـــا ( اليهود ) العداء كيف يتصرفون وكيف يكيد الواحد للآخر , كيف تقطع الرؤوس باسم هذا الدين وكيف ترمى الجثث المغدور بها على المزابل والنفايات (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ) كما ان الله سبحانه وتعالى اراد ان يقول لعباده ان المغفرة يمكن ان تشمل اي من الذنوب الا الشرك به سبحانه , ) إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا))[النساء:48] لاحظ هنا رب العزة والجلالة يغفر ما دون الشرك به , فلماذا لا يغفر الانسان لاخيه اذا كان قد وقع فعلا في الزلل او الخطا ؟ الذي قد يكون نتيجة موروث او تاثير محيط او تضليل او عدم رؤيا صحيحة في تفسير نص او معنى لحديث شريف او لنجاح اعداء الدين وما اكثرهم في كل زمان ومكان , في دس ما يسيء للاسلام ولوحدته ونقاء فكره وتعاليمه .


ان الذكر ( القران الكريم ) محمي ومصان من الله سبحانه وتعالى ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ) وان نصوصه ومعانيه لا خلاف عليها , من وجهة نظر فقهاء اللغة وعلماء الكلام والاصول , فلماذا هذا الضجيج الذي يحاول القيام به بعض من لم تكتمل علومهم الفقهية والدينية والشرعية ويريدون ان ينصبوا انفسهم دعاة عقيدة من الطراز الاول ؟ , أو اولياء لهذا العصر , أما أن يكون انهم قد اندسوا على هذا الدين من اجل احداث الشرخ الكبير بين ائمته وفقهائه وجمهوره ؟, الذين تنظر لهم الامة الاسلامية بانهم ائمة حقيقيون في الافتاء وفي الاقناع وفي التفسير وفي الحديث والسنة , وفي فقه ال البيت الذي حاول الكثير الدخول عليه وتسييسه والانتفاع منه , بل والاساءة له والافتراء عليه , في اسواق المصالح والكسب السياسي الرخيص , ان الفهم الحقيقي للاسلام لا يأتي من خلال الطعن والمهاترات والتكفير والاتيان بالبدع البعيدة عنه وعن روحه في اطار الامة الاسلامية , بل من خلال البحث والدراسة ومد اليد للاخر في ابداء الراي والحوار الهادف على قاعدة حب الدين والاخلاص لمن ينتمي له , مع الاعتزاز الكامل بسفر الرسالة العظيم رموزا ورجالا وقادة وفتوحات وتضحيات وبطولات , وان هذا الحوار الذي تجمع عليه الامة , والذي يتصدى له من هو مؤمن بالله ومحب لدينه وفرح لبيان مواطن القوة والضعف فيه , وابعاد الخطأ والشطط الذي يحسب على هذا الدين القيم , نتيجة تصرف مقصود او غير مقصود , سيكون هو الطريق السديد والوسيلة لخدمة الاسلام في زمن تكالبت عليه كل قوى الشر الفاسدة والكافرة للنيل منه ومن رسالته السمحاء .

 

 





الاربعاء ٣٠ صفر ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / كانون الثاني / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو مجاهد السلمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة