شبكة ذي قار
عـاجـل










ان عجز النظام العربي علي استيعاب المتغيرات الدولية منذ 1990 ، و ان كان العراق قد أشرها منذ 1975من خلال القول علنا و بخطاب مسموع و مقترن بالفعل المادي " إن عملية التكون في السياسة الدولية يشارك فيها الجميع ، اما كعوامل أساسية ،كل من موقعه ، و حسب ظروفه و قدرته في التأثير ، و في تصورنا أن السنوات العشرين القادمة ، سوف تشهد مراكز قوي و مراكز استقطاب جديدة ، تؤثر في السياسة الدولية تأثيرا قياديا ، بالإضافة إلي مركزي الاستقطاب الحالين . ففي تصورنا أن الصين سوف تكون مركزا للتأثير و الاستقطاب .... و سيكون الوطن العربي مركز حركة فاعلة للاستقطاب...."صدام حسين : 12/06/1975 ــ المختارات الجزء الخامس ص :13/14 ؛ في جانب ما يسجله الوضع الدولي اليوم من متغيرات متسارعة ، و في الجانب الثاني حرف مسارات الحراك الشعبي الذي اندلع منذ نهاية 2010 ، بما جعل مشهد الوضع العربي اليوم شبيه بالوضع الفرنسي في نهاية القرن الثامن عشر، بالرغم من اختلاف السياقات والقوى والظروف. كما أشرها العراق خلال تجربة الحكم الوطني في جانبها الثاني فعلا ميدانيا سواء علي مستوي النهوض الشامل الذي سجلته التجربة بما استهدفته من جعل الكرامة حقيقة معاشة لا قيمة مؤملة ؛ الفعل الناجح الذي مثل العامل الأساسي فيما عبر عن نفسه بصيغة الإعتراض التدميري لها بقيادة العقل الصهيو ــ الأمريكي المجرم و بمن اشترك معه بصيغة الأداة من دول العالم الأخري بخاصة ايران و بعض العرب ..لنجد أنفسنا كعرب و بعد مرور عقد من الزمن علي احتلال العراق و خروجه من دائرة الفعل العربي في وضع متناقضاته تتزايد بصيغة لا تنسف الأماني و الآمال التي عايشناها بمفهوم الرؤية ، و انما بما ينسف حتي توازن العقل العربي عامة .


فاليوم نري مجالا عربيا واسعا ، يشعر فيه مئات الملايين من العرب، أكثر من أي وقت مضى بجملة ثوابت مشتركة :


ـ أنهم بالفعل أبناء أمة واحدة، تربطهم تواريخ وثقافة وهموم ومصير والتزامات ومسؤوليات مشتركة.


ــ أنهم جزء من مجال جغرافي بالغ الثراء، من جهة الموارد، على الأقل في جزء هام منه ، و ثراءً لا ينعدم في ما تبقي من أجزاء .


شعور يسجل حضورا عند الغالبية من العرب في اقتران بان حقهم المشترك في هذه الثروة ليس غائبا وحسب و انما منعدما ، بما ولد درجات عالية من إحباط التوقعات حد أن البعض منهم لا يتردد في التعبير عن البحث في حالات طواها التاريخ اما لكونها آنية أو أقل تعبيرا عنه لإحيائها و التشبث بها علي أنها تعبيرا عن انتمائه البديل ... بحث يفسر بمنطق رد الفعل الغرائزي و لكنه من الخطر بمكان لما يخلقه من أرضية خصبة تتسرب منها الإستهدافات في وقت تتكالب فيه كل القوي علي النهش في جسد هذه الأمة .


علينا ان نفهم و بعد مرور حدود القرن من الإنهيار العثماني و السيطرة الإمبريالية الغربية المباشرة ، و ولادة نظام الدولة الحديث ، من أن دولة الاستقلال العربية ( دون اعتبار فترة الدولة في عهد عبد الناصر و الدولة في ظل البعث في العراق حتي 2003) لم تحقق ولو الحد الأدنى من طموحات الشعب العربي و في كل الأقطار العربية لا في الرفاه ولا في النهضة ولا في الاستقلال وحماية البلاد من المخاطر الأجنبية و لا حتي اقتربت من اشعار أبناء الشعب في أنهم مواطنين لهم كرامتهم الذاتية فما بالك بالكرامة الجماعية . بل الأسوء من كل ذلك أن الأنظمة الحاكمة وليدة مرحلة ظهور النظام ــ الدولة ، التي قادتها أصلاً أقليات اجتماعية أو فئوية، أصبحت بمرور الزمن أكثرانغلاقاً ،وأكثر أقلية ،وأكثر سيطرة على مقدرات الحكم والثروة ، و عمقت اختلال التوازن في ذهن الفرد حتي في انتمائه لشعبه و امته و للوطن في حد ذاته .


في مقابل هذا المشهد الرسمي الظاهري ، ساهم انتشار التعليم الجماعي خلال القرن الماضي في تنمية وعي الأفراد وارتفاع مستوى طموحاتهم ، بدون أن يكون مستوى هذا التعليم كافياً لإطلاق مناخ من الإبداع والنهوض ، وبدون أن تكون خارطة وجهود التنمية كافية لاستيعاب هؤلاء المتعلمين وتوفير حياة كريمة لهم .


صحيح لقد أفسح التطور المتسارع في وسائل الاتصالات مساحة واسعة لتبادل المعلومات، ونافذة أوسع على العالم، بينما يعيش المواطن العربي فيما يشبه السجن الكبير هذا اذا لم تقد بعض من أفراده الي الحجر ، في تغييب كامل لحقوق الإنسان في شكلها العالمي و حقوق المواطنة في مضامينها الوطنية . فالدولة غيبت الشفافية في تعاملها و، وتجاهلت أدني مسؤولياتها اتجاه الشعب و، و حجبت حقه في محاسبتها . وأحلت بديلا عن ذلك مناخا من القمع وضيق مساحة الحريات، ليسجل الواقع :


1 ـ التراجع البائن في مستوى التعليم منذ بداية التسعينات من القرن الماضي لإحكام سيطرت الطبقة الحاكمة على مقاليد الحكم والثروة معاً.


2 ـ تحول الفساد إلى سلوك راسخ لمؤسسة الحكم والطبقة الحاكمة ، تحول مقترن بتدهور معدلات التنمية بصورة مفزعة ، لا فقط مقارنة بدول بدأت مسيرة التنمية في أوقات متأخرة نسبياً، مثل كوريا وماليزيا والهند والبرازيل، بل حتي بعدد متزايد من دول إفريقيا وأميركا اللاتينية.


طبيعي كنتاج لهكذا سياسات أن تنحسر حدود الاستقلال الوطني بصورمتسارعة ، وتنهار مقاومة الدولة العربية، الواحدة منها تلو الأخرى، أمام الإستهدافات الخارجية ان كانت عالمية أو اقليمية عامة كما هو مؤشر في العراق بعد احتلاله و تنصيب صنائعه علي هرم السلطة اليوم و لبنان و سوريا و اليمن و البحرين ، و أمام دولة الكيان الصهيوني منذ احتلال فلسطين .


اليوم ، تضيق مجالات المناورة ــ خطابا أو فعلا ــ لشخوص "النظام العربي القديم " التي استخدمها في أكثر من محطة و كلما انكشف فشله أمام الشعب العربي بما يجعل أبناء الأمة أمام مسؤولياتهم في التغير سلوكا و نظرة لواقعهم و التغييركتعبير مادي للتغير بما يجعلهم أبناء عصرهم دون القطع مع قيمهم بما يمكنهم من امتلاك ارادتهم لا ان يكونوا خاضعين لما تمليه الري الدخيلة و التي هي تعبير عن ارادات أمم أخري .


d.smiri@hotmail.fr
 

 





الاربعاء ٨ صفر ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / كانون الاول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة