شبكة ذي قار
عـاجـل










لكل امة أو شعب أو فرد في إطار الجماعة فكر يستنير به , وهذا الفكر مترشح من واقع الحياة ومعاناتها وتفاعلاتها , أو انه فكر انزله الله تعالى على احد أنبيائه الذين اختارهم للتبشير برسالاته , وهناك من يزاوج مابين ماهو سماوي وارضي ( وضعي ) من اجل أن يحافظ على حالة التوازن بين ماهو منزل من الإله وبين ما وضعه العقل الإنساني , وقد يكون هذا الأخير يمثل حالة النجاح عندما يخفق الفكر الوضعي في معالجة قضايا كثيرة في حياة الأمة أو الشعب الواحد , إن الفكر في حد ذاته قوة تاريخية وقوة اجتماعية كبيرة ومجرد وضع قضية معينة في صيغة فكرة شاملة تكون أول مساهمة سياسية أو اجتماعية في إرساء حركة وتوجه جماعة أو شعب أو امة على أسس صلبة قابلة للتطور والانفتاح على الحياة من أوسع أبوابها , لقد مر العرب بحقب تاريخية عديدة , وأسسوا حضارات سادت ثم بادت وكان لتلك الحضارات ثقافة وفكر ومنهج سياسي وعادات وتقاليد اجتماعية , وفي تاريخ العرب شاء الله أن يبعث رسلا , تضمنت رسالاتهم أحكام ووصايا وقواعد في مجال العبادات والمعاملات وشؤون الحياة , وكان الإسلام هو الدين الذي استطاع أن يقوض مفاهيم الجاهلية التي كانت سائدة لمئات السنين , فبعد أن كان الناس يعبدون الأصنام ويتبركون بها انتقلوا إلى عبادة الله الواحد القهار , بعد أن شعروا بحلاوة الدين الجديد وبحلاوة الإيمان بالله من خلال الإيمان بالدين وبالرسول محمد صلى الله عليه وسلم , قائد الدين الجديد والمبشر به , وقد استطاع العرب أن يبشروا بمبادئهم الجديدة وينشروها إلى ابعد نقطة في الأرض , في زمن الخلافة الراشدة , وفي زمن الدولتين العربيتين الأموية والعباسية , ويأتي هذا بفعل الإيمان الكبير الذي جسده المسلمون في سلوكهم وفي قراراتهم , ولكن عندما ضعف هذا الإيمان لديهم ابتعدوا عن روح الرسالة الأولى , فاستطاع الأجنبي أن يحتل عاصمتهم بغداد ,

 

في العام 656هـ --- 1258 وبهذا أطفئت شمعة منيرة متوقدة في تاريخ امة العرب أولا والأمة الإسلامية , فعم الضعف والفساد وتفككت الدولة العتيدة إلى دويلات , مما دعا كتاب التاريخ والمؤرخون إلى إطلاق صفة ( الفترة المظلمة ) على حقب تاريخية طالت لمئات السنين تعرضت بها الأمة إلى احتلالات عديدة ,على يد الروم والفرس والعثمانيون, ثم الطليان والبريطانيون والفرنسيون , وعندما فاقت الأمة على نفسها في مطلع القرن العشرين , وجدت أنها مقسمة إلى دويلات ضعيفة لاتقوى على البقاء , يجوب بها المستعمر من الشمال إلى الجنوب , وبفعل قانون ( إن الأمة الحية لابد أن تسترجع قواها الذاتية وتبني حاضرها وتزيح تراب الزمن منها ) كان الفكر القومي يعلو صوته في إرجاء الأمة في مصر والشام والعراق وفلسطين وفي الجزائر وليبيا واليمن والسودان وتونس وهنا بدأت مرحلة التحرر الوطني من السيطرة الاستعمارية الحاقدة , والتي قادت إلى استقلال أقطار الأمة وإزاحة المستعمر من صدور أبنائها , وقد رافق هذه المرحلة ولادة البعث العربي الاشتراكي , انه البعث حامل لواء الأمة في معارك المصير , فقد ولد من رحم الأمة ومن حجم معاناتها التي مرت بها وهي تئن تحت إقدام الغزاة الطامعين , ولد البعث الذي أرسى فكر الأمة في الوحدة والحرية والاشتراكية , البعث الذي صاغ نمط الحياة الجديدة لها بما يوازي تاريخها ومكانتها بعد أن أطلق محركات الروح العربية وكيف تتفجر هذه الروح عطاءا ونضالا وجهادا , كما انطلقت في أيام سومر وأكد وبابل وأشور والحضر, وكيف تفجرت وفاضت إيمانا عندما بعث الله نبيه الكريم محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم , مبشرا لهذه الأمة , وإذا بدعوة الله يعلو صوتها في كافة إرجاء جزيرة العرب وفي بلاد ماوراء النهر وفي الأندلس والى مشارف الصين وكان حملتها وروادها من امة العرب , فالبعث عندما ظهر في ثلاثينيات القرن الماضي وعقد مؤتمره التأسيسي الأول في السابع من نيسان / 1947 كان الحزب المؤهل الأول لقيادة الأمة , وأداة تغيرها نحو مشروعها القومي الكبير, والحفاظ على هويتها القومية وتقاليدها وأعرافها التي ترشحت من واقعها بأسلوب حضاري متطور , انه ملامسة حية لقيم الإنسانية جمعاء , ولهذا فالبعث قومي الجوهر أممي التطبيق , أي إن أي شعب أو امة يمكن لها أن تنهل من هذا الفكر العربي الإنساني بما يقويها على النجاح في وحدتها وفي رفاهية شعوبها , لقد امتلك البعث سر قوته في إيمانه بعقيدته التي جعلها بوصلة في تحقيق أسمى الغايات لشعبه في القطر الواحد ولامته على مساحة أقطارها جميعا , ومن هذا فان ماتعرض له رفاق البعث في العراق من تحديات كبيرة على يد أمريكا والصهيونية ومن تعاون معهما من عرب الجنسية وخونة العراق وشعبه , لن ينالوا من ذلك الإيمان المطلق الذي جسده الرفاق في معارك المصير فهم مؤمنون بالله وبالعقيدة البعثية وبالأمة وشعب العراق الأبي الشجاع , فكانوا مشاريع استشهاد عندما توجه المعتدون والغزاة نحوهم ,ورغم احتلال العراق فالبعث انبرى للغزاة في مقاومة قل نظيرها , في الفاو مدينة الفداء وبوابة النصر العظيم , وفي البصرة وفي ذي قار , ذي قار هاني ابن مسعود الشيباني ( يوم انتصف العرب من العجم وحققوا النصر عليهم ) وعلى ارض واسط وتخوم النجف وفي معركة المطار التي كانت مقبرة لمئات الغزاة والمحتلين ,

 

وها هي مقاومة البعث ترفع راياتها في سماء العراق بقيادة قائد البعث وفارسه الرفيق المناضل والمجاهد عزت ابراهيم ( حماه الله ) حادي رفاقه الذين عاهدوا الله وعاهدوا مبادئهم وأرضهم وشعبهم فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا , تحية لهذا الإيمان الراسخ والعامر في صدور الرفاق والى يوم التحرير , والتحرير قادم لا محال .

 

 





الخميس ٢٦ ذو الحجــة ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / تشرين الاول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو مجاهد السلمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة