شبكة ذي قار
عـاجـل










ما يحصل في العراق من قتل جماعي واغتيالات منظمة ’1000 قتيل في شهر سبتمبر فقط ‘ لم يحصل في أي مكان في العالم في ظل حكومة يقال ‘أنها منتخبة ديمقراطيا ولها دستور وقانون مستقل’ ومؤسسات عسكرية وامنية يربو عدد منتسبيها على المليون فرد يرصد لها ميزانية سنوية طائلة لا تتوفر لأي دولة بحجم العراق. ومن الملفت للنظر’هو صمت العالم امام هذه المذابح المستمرة منذ عشرة اعوام في الوقت الذي تلجئ فيه دول اعضاء في مجلس الامن باعلان الحرب على حكومات اخرى لكونها عجزت او قد تعجز عن ايقاف حالة العنف والتقتيل التي أشعلتها ؛ حتى وان كان عدد ضحايا هذا العنف لا يساوي العشر من عدد ضحايا العنف في العراق الغارق في مستنقع الارهاب والقمع واللصوصية الذي اجبر نوري المالكي على الاستنجاد بالمجتمع الدولي لمساعدة العراق للقضاء على الإرهاب ؟


لكن ما المقصود بالإرهاب الذي يتكلم عنه المالكي ويحث الدول لكي تساعده في مكافحته لنفهم طبيعته ومن هم الذين يقفون وراءه؟ هل هو الأرهاب الذي يستهدف العراقيين يوميا والذي يجري تحت سمع وبصر الحكومة أم أنه أمر آخر؟ ومن هو الذي بحاجة حقيقة لوقف الإرهاب ؟ هل هي الحكومة أم الشعب العراقي الذي يحصد ويلقى لنار يراد بها حرق ارض الرافدين ؟


من أجل تحديد وتعريف وتوصيف الإرهاب والعنف في العراق الذي ليس في مصلحة اي مسؤول سياسي محلي او دولي تعريفه على حقيقته لا بد من العودة الى الاعلام والمواقع الإخبارية التي تزدحم بها أخبار القتل والاغتيالات والانفجارات. ويمكن اعتماد عينة منها لمواقع إعلامية عراقية وعربية وغربية لتحليل صورة وتوصيف العنف والإرهاب في العراق كما يظهر في أخبارها. احد هذه المواقع هو السومرية نيوز الذي يعود لأحمد المالكي ابن رئيس الوزراء ويدار من لبنان.


ولعل هذا الموقع هو من أدق المواقع التي تغطي عمليات قتل الشعب العراقي وما يجري في العراق من أرهاب فعلى مدى نهار واحد يمكن للقارئ أن يجد أكثر من خمسين خبرا من مجموع مائة وخمسين لها علاقة بالإرهاب. ولو أخذنا اي خبر من اخبار السومرية يخص الموضوع لما فهمنا شيئا عن محتوى الخبر، بداية لأن مصدر الخبر غالبا ما يرفض أعطاء أسمه او ان المصدر بوليسي وسياسي غير معروف ، واذا قرأنا متن الخبر فلن نفهم لماذا تتم التفجيرات ولماذا القتل؟ وما سبب عمليات الأرهاب اليومية في بغداد والموصل وصلاح الدين وغيرها من المدن العراقية؟ ومن يستهدف القوات الأمنية ولماذا تستهدف هذه القوات الأمنية المدنيين وتقتلهم وتدهم بيوتهم وتفتشها وتسجن هذا وتعتقل ذاك ؟ علما ان وظيفة الخبر هي الأجابة عن كل الأسئلة التي تجعل منه معلومة مفيدة واخبارية حقيقية، أن أخبار السومرية لا تجيب عن اي سؤال لفهم الخبر يمكن للقارئ معرفة ما يجري في بلده، انها تتجاهل أعطاء المعلومات الكافية لتشوش على القارئ ما يحدث حتى لا يفهم القارئ من يقوم فعلا بالأرهاب، أخبار السومرية هذه لا تقول لنا من هو الإرهابي ولا تعطي سببا للعمليات اليومية ولا تزود القارئ بمصدر معروف له مصداقيتة- ؟


لماذا تصاغ الأنباء بمثل هذه الطريقة؟ غموض كامل؟ أن مثل هذه الأخبار هي صياغات مدروسه جيدا ومصنوعة مع سبق الأصرار والترصد لهدف تضليل القارئ وعدم ايصال الحقيقة له عما يجري وعن ماهية الأرهاب الذي يضربه، مما يضع مثل هذا النوع من الأخبار في موضع البروباغندا الحكومية، مثل هذا التشويش والغموض حول الأرهاب في العراق وأخفاء المعلومة لا يقتصر فقط على مواقع عراقية حكومية او تابعة للدولة او مرتبطة بهذه الجهة او تلك، بل ان قنوات فضائية معروفة ووكالات انباء عالمية’وصحفا ومجلات ومواقع أخبارية غربية تسوق مثل هذا النوع من الأخبار مثل رويترز والوكالة الفرنسية وغيرهما، تحجم هذه المواقع في اخبارها ومقالاتها عن الكلام عن الأحتلال الأمريكي وبقايا وجوده وعلاقته بما يجري من أرهاب وارتباط حكومته بالأدارة الأمريكية مباشرة الا بطريقة سطحية جدا وكأن هذا البلد لم يتم غزوه ولم يعث فيه الغزاة دمارا ولم يدمر، ولم تهدم دولته ومرافقه المتعددة ، الرسالة التي توجهها هذه المواقع والأجهزة الأعلامية للقارئ هي ان ما يحدث ليست الا حربا اهلية بين السنة والشيعة وان ما يجري هي حرب مدنية بسبب اعطاء السلطة لمكون معين وتهميش الثاني لأنه من بقايا النظام السابق الذي ظلم طائفة ومكونا في شمال العراق، هذه هي الصياغة التي تحكم الحديث والكلام عن الأرهاب في العراق وعن كل ما يحدث فيه، اضافة الى ان اخبار العراق لم تعد مثيرة ولا تحتل اي مكان والأفضل لأجهزة اعلام الدول الأطلسية عدم الكلام عنه ولا عما يجري فيه فالجميع له دور في جريمة غزوه ونهبه وقصف أبنائه باليورانيوم، على هذا النمط تستمر الوكالات والصحف والأعلام العربية والعالمية بتناول ما يحدث في العراق لإنكار حقيقة وجود أي مقاومة للشعب العراقي رافضة للاحتلال ورافضة لحكومة وكلاء وضعتهم لاستكمال أحكامها وتحقيق أهدافها في السيطرة عليه ووضع يدها على مصيره وثرواته، لكن المالكي لا يستنجد بالمجتمع الدولي لأيقاف هذا الأرهاب الذي يضرب الشعب العراقي لأنه هو من يصمت عليه ومعه كل الطبقة السياسية وما يسميه المجتمع الدولي، طلب المالكي النجدة من الولايات المتحدة لأن فصائل المقاومة العراقية البطلة قد هزمت قواته شر هزيمة واستولت على معدات مليشياته الطائفية من عربات وهمرات وأسقطت طائرتين واخرجت ما تبقى من هذه القوات خارج مدن بيجي وهيت وفي مدينة الموصل تلقى قواته الهزيمة وتتراجع مدحورة.


ان أخفاء حقيقة الإرهاب حكوميا والتلاعب بها إعلاميا لم يعد يخفى على الشعب العراقي مثلما لم يعد يخفى عليه صناعة الطائفية المقيتة لتقسيم وتدمير النسيج الاجتماعي العراقي. لم يتردد العراقيون الذين خرجوا يوم الخامس من الشهر الجاري في ثلاث عشرة محافظة وخاصة في المحافظات الجنوبية، في النجف وكربلاء من اتهام البرلمانيين والكتل السياسية والمرجعيات الدينية علنا وفي المقابلات التلفزيونية بالإرهاب وبان الحكومة هي التي تقتل المواطنين وتؤجج الفتنة والفرقة وإلهاء الشعب لمصالحهم الضيقة. وقام رؤساء عشائر الجنوب في رسالة الى أبناء البصرة المهجرين برفض ما تقوم به القوات الحكومية من إيذاء لهم وتهجيرهم من مناطق سكناهم مما يقلق الحكومة وكتلها السياسية الفاسدة التي لم تتأخر بنشر الموت في عمليات جديدة ضربت جميع العراقيين لا تفرق بينهم ، وشاهد العراقيون فيديو مسربا لشباب’يتجولون ليلا في منطقة الأعظمية يستفزون العراقيين بنغمة الطائفية، فاذا لم يستطع المالكي السيطرة على ما يحدث وهو في الحكم منذ سنوات الا يستطيع ايقاف مثل هذه الشراذم الصغيرة المدفوع لها لتمزيق وثيقة الشرف التي تباهى قبل اسابيع على توقيعها أم ان ذلك هو ايضا امر مستحيل وصعب؟ لماذا يعتقل الناشط والمنظم للتظاهرات عدنان الشحماني ورفاقه وتترك هذه العصابات سائبة تعوي كالغربان؟


ان استنجاد نوري المالكي رئيس وزراء حكومة الاحتلال بالرئيس الأمريكي أوباما هو طلب المزيد من آلات القمع لمزيد من الاغتيالات ومزيد من التنكيل بالشعب العراقي وهو طلب ضوء أخضر أضافي من الولايات المتحدة التي دمرت العراق لسحق مقاومته من جديد. أن نوري المالكي يطلب المزيد من الإرهاب ضد الشعب العراقي وليس مكافحته بدليل سياسة تكميم الأفواه الإعلامية التي تفضح الطبقة السياسية وما غلق مكاتب قناة البغدادية في بغداد ومقتل صحافيي الشرقية والتفجيرات الأخيرة في الكاظمية والأعظمية الا رسائل أضافية من هذه الحكومة للشعب العراقي لذا ليس هناك من طرف يمكن ان ينجد العراقيين من إرهاب لا حدود له ولا نهاية الا هذه التظاهرات والأعتصامات التي خرجت في كل المحافظات وخاصة الجنوبية وللمرة الثانية خلال شهر وتطويرها الى حركة شاملة وواسعة وعصيان مدني هدد به المتظاهرون، كما اعلنوا انهم سيذهبون الى بغداد لإسقاط البرلمان في حال لم تف الحكومة بوعودها للناس، ان انقاذ العراق والتخلص من الأرهاب لن يأتي الا من شعب موحد ينبذ الخطاب الطائفي والفرقة وتتعاون كل شرائحه واطيافه وتتآخى وتنتظم في النضال ضد المشروع التدميري للعراق.

 

 





الثلاثاء ٣ ذو الحجــة ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / تشرين الاول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء سعيد السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة