شبكة ذي قار
عـاجـل










( ١ )


أظنني ، والظنّ شيء من الإجتهاد ، ليس كلّهُ آثام ، كتبت مرة ، إنَّ المعامع والمعاضل والمصائب أخوات ، إنْ حضرت واحدة فوق مائدتك ، جاءت بأُخياتها سرابلَ مسربلة ، مثل خيط دود . نشرة الأخبار منفّرة . أشياء بائتة يتمّ إعادة إنتاجها وتدويرها كما ثمائن مزبلة . ثمة أنصار تنطر هرس دمشق بمجرشة البرابرة ، بمواجهة معترضة تريد من لسان النار ، أن يكون برداً وسلاماً وعافية ، على الشام وأهلها الطيبين المبهجين . عشّاق الهرسة - جُلّهم - طائفيون ، ومثلهم تماماً معترضتها . من باب القيل والقال والتقويل والتأويل ، إنّ تدحرج كرسيّ بشار ، سيهزّ الأرض ومن عليها ، عند عتبة كرسيّ خامنئي ، لكنّ دماغي وليس هواي ومهواي ، يقول لي إنّ الأمر ليس بكذلك ، وقد رسمنا الباء بذيل كذلك ، بَطَراً أو تفخيماً أو تدهيشاً أو توكيداً حتى وإن جاء بباب الغلط المستحبّ . ما أشوفه في حال تحقق منطور أنصار الهرسة ، هو أنّ إيران الحيّالة البراغماتية أُمّ الثلاث ورقات ، ستتعامل مع دحرجة رأس الأسد وثلة معه ، مثل تعامل قافلة صحراء تائهة في عشرة بعران ، تشيل سناماتها بضاعة ثمينة ، وببطن واحد من هوادجها الماخرة عباب الرمل والبيداء ، ثمة مجروح يلعي ويتوجع ويتوسل ويتناوح مع أخير أنفاس ممكنة ، ما يبلبل عقل القافلة ، ويهدّ من خزين جسدها ويُكرِهها على الوقوف في ظلّ وفي شمسٍ وفي مذئبة ، لمعافاة الجريح وتضميده . ألجريح هنا ، بضاعة فائضة كاسدة ثقيلة ، وحيث يهبط الملَك لقبض روحه فيقبضها ، سيكون بمستطاع الناس المنثورة على المفازة ، أن تنصت إلى مسير القافلة ، وقد صارت هلهولة تهلهل حتى قطع النفَس .

 

( ٢ )


فإن سألك سائل عن العراق ، فإعلم أنها تلك البلاد التي كان اسمها بلاد ما بين النهرين ، وقد أنتجت أرضها ، واحدة من أعظم الحضارات في التأريخ ، لكنها اليوم أرض صحراء جدباء مغبرة مريضة مفككة ، حوائطها واطئة ، وبيبانها منخورة ، تتسلقها أوساخ الأرجل ، ويلعب فوق ساحتها ، حثالة الأرض وحراميتها ومرتزقتها وقساتها ، برعاية وسقاية وحماية الوحوش الأمريكان الهمج ، أبناء وبنات المواخير والزرائب وأكياس النفاية . أجلاف الكويت التي هي مثل عفطة في سوق الصفارين ، لم يكتفوا بموت أزيد من مليوني عراقي رافديني ، منذ واقعة الثاني من آب ، لعام الرمادة والقحط والخراب ، الف وتسعمائة وتسعون ، ولم تنغسل قلوبهم ، وتتطهر نفوسهم والصدور ، بعد أن دسّوا نصف ضروع العراق ، في أفواههم الشرهة ، فحلبوا عشرات مليارات الدولارات الحرام ، على شكل تعويضات منفوخة ، بقصص مفبركة ، حتى جاءتهم الفرصة التأريخية المنتظرة ، بعد أن حولتهم أمريكا الوغدة ، إلى بوابة ماخور عملاق ، ولجت منه ، كل جيف وقتلة وسفلة وشواذ الدنيا ، ليتم انتاج واحد من أفسد وأتعس بلدان الله فوق أرضه الواسعة ، حتى ضاقت بأهلها وضاقوا بها ، فانتشروا خفافاً وثقالاً على مغارب الشتات الموحش ، ومشارقه . خارطة مشيخة الكويت الضئيلة ، كبرت وتمددت وأكلت من رمل وماء ونفط العراق ، فلا أحد يحكي ، ولا ماحود يبكي ، ولا ولد يثغب ولا عشيرة تصيح . شركات سمسرة كويتية عملاقة ، تستثمر وتبيع وتشتري في العراق ، وخراجها مليارات ممليرة ، لكنهم ما زالوا يرضعون صدر العراق ، ويعضّونه ، حتى تحقيق حلمهم المريض ، بعراق معطوب ، لا حجر فيه قائماً فوق حجر ، ولا ولد فيه قاعداً ببيت أبٍ . طعنة بظهر طعنة ، وأخيرها دكة مزاد بيع خور عبد الله ، العراقي أباً عن جدّ عن تأريخٍ ماجدٍ لو أسقطْتهُ فوق جبلٍ لانهدَّ وناخْ . يشتموننا في كل محفل وفي كل نادٍ ، وبعض قوّاليهم يصفوننا بلغة ، لا تُنطق حتى في مواخير عرض اللحوم البيضاء البضّة ، ثم يظهر بيننا ، كتّاب وأدباء وسياسيون ورجال دين ودنيا ، من الصنف الذي يشبه قارضة أظافر مرتزقة ، تكرّز تحت أقدام دونية ، يدافعون عنهم ، وحجتهم الأبدية ، هي أن البادىء أظلم . يا ألله يا كريم يا قوي يا قادر يا رحيم : إحم بلدنا ، واهده صراط القوة والحق والكرامة ، وخلّصه وطهره من رجس الخوف والخنوع والجهل والتجهيل والضلّالة الفاسدين ، ولا تجعل أهله ، نياماً قانطين مستسلمين ، ناطرين ظهور رجل من أهلك ، مستلاً سيفه ، عاملاً غضبه على رقاب الناس ، مالئاً الأرض عدلاً ، بعد أن ملئتْ جوراً ، وأنت تدري ، أيها العزيز الجميل ، أن هذا الرجل الإفتراضي ّ ، لن يظهر أبداً ، لكن حشداً من عبادك المضلَّلين والمضلِّلين ، قد استعملوا هذه الخرافة ، كما ابرة هيروين منوّمة ، حتى نامت الناس وسكتت واستسلمت وقنطتْ ، فبحقك يا رب الكون كله ، لا تجعل نومتنا أبديّة مؤبدة .


alialsoudani2011@gmail.com

 

 





الخميس ٧ ذو القعــدة ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / أيلول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي السوداني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة