شبكة ذي قار
عـاجـل










لا يملك هذا المخلوق الهجين المؤذي وغير النافع، إلا أن يقدم لأسياده، خاصة القيادة السياسية والعسكرية- الإستخبارية الإيرانية الفارسية ، ما هو ضار بالعراق وبشعبه وبالآمة العربية.

 

وتنفيذه للتعليمات الفارسية هذه المرة، يأتي في إطار الشحن بالثأر الفارسي الأسود ضد العراقيين جميعاً، جنوبهم وشمالهم، شيعتهم وسنتهم، وكل من رفع سلاحه دفاعاً عن سيادة العراق واستقلاله الوطني، ودفاعاً عن هويته القومية العربية، ودفاعاً عن حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف، وغير قابلة للسقوط بفعل التقادم .. ليس ذلك فحسب، إنما لحسابات إقليمية ساخنة وشيكة الانفجار، قد أملت أن تزيد إيران من تسخيرها لإمكانات العراق وطاقاته وثرواته لصالح سياستها- الإستراتيجية في المنطقة .

 

هذه الأجواء الساخنة، التي يتوقع الكثير حصول ضربة محدودة لسوريا ( إمكانات وقدرات وبناء ) وليس ( نظاماً سياسياً طائفياً دموياً ) ، قد جعلت طهران تشعر بالقلق الكبير لاحتمال فقدانها لأهم موضع قدم عملت عليه منذ أكثر من أربعين عاماً، بدأت علامات سقوطه واضحة، ليس بفعل الضربة التي لم تقع بعد، إنما بفعل السياسة الإيرانية الفارسية التي تدعم وتشجع النظام على تدمير الدولة السورية بجيشها، الذي يمتلك سلاحاً لحرب نظامية لا يجوز استخدامه حيال أسلحة مليشيات معروفة في كثافتها النارية وقدراتها التدميرية، ومع ذلك يندفع النظام السوري في تدمير الدولة السورية وفي قتل الشعب العربي السوري، وحصيلتهم مئات الآلاف من المدنيين وتشريد الملايين .

 

ومن هذه الزاوية، فأن الإبقاء على النظام السياسي في دمشق، الذي لا يمثل الشعب العربي السوري، يعد إمعاناً في التوافق الأمريكي - الإيراني المشترك في إبقاء لعبة الصراع في المنطقة مستمراً وخيوطه في عواصم واشنطن وطهران وتل أبيب قائمة .. حيث يبقى النفوذ الإيراني الفارسي في سوريا حتى لو كان ضعيفاً ، كما يبقى النفوذ الفارسي في الجنوب اللبناني لعبة للشد والجذب على أساس ما يسمى بالمقاومة والممانعة .

 

هذه الافتراضات ما تزال رهن الحديث السياسي والإعلامي العام، ولكن المهم منها ما يدور وراء الكواليس التي تمهد الأجواء وتهيأ مسرح العمليات وترسم حدود التأثير واحتمالات اتساع دائرة الصراع، التي يريدها أو يسعى إليها البعض من القوى الإقليمية ولأهداف محدودة، فضلاً عن الكلف وفواتير الدفع، وإحصاءات ردود الأفعال، وما يرافقها من تحالفات واتفاقات اللحظات الأخيرة من جهة، ودراسة سياسة حافة الهاوية من جهة أخرى.

 

في هذه الأجواء، جاءت زيارة وزير خارجية إيران للعراق .. فما هي مسوغاتها ودواعيها وأهميتها وهدفها ؟!.. وقبل الحديث عن المسوغات والدواعي والأهمية، ينبغي الوقوف عند بعض الملاحظات :

 

- استعجل النظام الفارسي بإرسال وزير خارجيته " محمد جواد ظريف" إلى بغداد مبعوثاً من رئيسه الجديد " حسن روحاني " ليدشن حركته في المنطقة، ويعلن أهمية العراق في ( دعم ) نظام دمشق و ( تعزبز ) جغرافية العراق السياسية و ( يحصنها ) ، حيال الضربة المرتقبة، باعتبار أن هذه الجغرافية باتت تشكل عمقاً تعبوياً بين طهران ودمشق على المستوى السوقي والتعبوي والمالي.!!

 

- دعا " المالكي" إلى المزيد من التعاون الثنائي بين بغداد وطهران لمجابهة التحديات التي تمر بها المنطقة .. فيما سرب مكتبه تصريحاً إعلامياً يقول ( إن لدى القيادة الإيرانية شعور بأن الرئيس الأمريكي غير راغب أصلاً بالضربة .. وإن ظريف أكد أن إيران لن تقدم على الإضرار بالعراق من خلال استهداف المصالح الأمريكية في العراق خلال الضربة .. وإن موقف العراق موقف مسئول، وبالتالي فأن إيران لن تمس سيادة العراق .. وإن هناك توافقاً عراقياً داخلياً حول الضربة مقروناً بموقف إيراني مطمئن يعني أن الأمور ستكون تحت السيطرة ) .!!

 

- تعكس هذه التصريحات قلقاً إيرانياً واضحاً، ليس بشأن الضربة المتوقعة حسب الشعور الإيراني فحسب، إنما القلق ناجم عن تداعيات الضربة على العراق، وهو الأمر الذي دفع "قاسم سليماني" إلى قرار تحريك جيش المليشيات العراقي إلى الحدود العراقية- السورية لإغراض متعددة تقع في مقدمتها منع تواصل الثورتين في كل من سوريا والعراق من جهة، وتسهيل تدفق عناصر الحرس وعناصر فيلق القدس الإيراني عبر العراق إلى سوريا في عمل أطلق عليه العمل ( الإستباقي ) لمنع انهيار نظام الأسد في دمشق عند الساعات الأولى للضربة، طالما فقد النظام سيطرته على معظم الأراضي والمدن السورية وإن دمشق العاصمة محاصرة وفيها جيوب مقاومة شرسة تتنقل من مكان لتضرب في مكان آخر مدعومة من حاضنتها الشعب العربي السوري، وأصبح الأمر في وضع الاستنزاف الكامل، إلا أن النظام الصفوي في طهران يحاول أن يثبت له موضع قدم حتى بعد انهيار النظام ليلعب ورقة مد جسور العلاقة في امتدادات جغرافية مع حزب الله في الجنوب اللبناني، ولممارسة دور المساوم في تصريف شؤون السياسة على أرض سوريا العربية وأرض العراق .

 

- الشعور الإيراني الذي عكسته تصريحات مكتب المالكي، ليس في حقيقته ارتياحاً من أن الضربة لن تقع بسبب من عدم رغبة الرئيس الأمريكي في تنفيذها، إنما هو شعور الإنكار الذي يمارسه النظام الصفوي في طهران إضافة إلى ممارسة سياسة تصدير أزماته إلى الخارج لكي يبعد الأنظار عن ملفاته الساخنة ومنها على وجه التحديد الملف النووي، الذي ابتعدت الأنظار عنه صوب المشكلات الإقليمية وأحداثها، ومنها الثورة في مصر والثورة في سوريا وتفاقم الأوضاع حد الانفجار الواسع في العراق .

 

- " ظريف " يهدد صراحة وبوضوح، إذا حلت الضربة ضد النظام السوري، فأن إيران سوف تتعرض للمصالح الأمريكية في العراق، وهو ( زائر ) للعراق، وليس من حق الزائر أن يتدخل في الشؤون الداخلية لبلد يستضيفه رسمياً، إلا إذا كان صفيقاً أو مخبولاً  أو مستعمراً ، وإلا ما معنى أن لا تتعرض إيران للسيادة العراقية ؟!

 

- والمعنى في هذا التفسير، أن العراق في نظر " ظريف " مستعمرة إيرانية أو محافظة شأنها شأن سوريا، ألم يقل أحد قياديي إيران بأن سوريا المحافظة ( 35 ) يتوجب الدفاع عنها بكل الإمكانات ؟! ، كل هذه التصريحات كلام فارغ حين يتعلق الأمر بالنظام الإيراني ووجوب المحافظة عليه، فأن الخيار هنا بين نظام دمشق أم نظام طهران ؟ سيأتي الجواب أن طهران لا تضحي بنظامها من أجل النظام السوري، وهذا ينسحب على موسكو بطريقة مغايرة .

 

- ولكن، وعلى أساس السيناريو الافتراضي ، إذا تعرضت إيران للمصالح الأمريكية في العراق ، ماذا تتوقع طهران أن تكون ردود الفعل الأمريكية ؟ وهل أن طهران مستعدة لامتصاص ردود الفعل الأمريكية المبررة بالتعرض لمصالحها الحيوية على سبيل الافتراض أيضا ؟! ـ لأن السياسة أفعال وردود أفعال ، وسيناريوهات و سيناريوهات مضادة ، وخطط و خطط مضادة ، فما هو رأي الأحمق ظريف من كل هذا ؟ ، ومع ذلك ، فأن المسألة كلها تقع تحت ضغوط تدفع إلى قبول تنازلات متبادلة والجلوس على طاولة مفاوضات جنيف، تريد طهران أن تكون طرفاً فيها .!!

 

- كانت طهران، وعلى لسان أحد رجالاتها قد هددت بضرب المصالح الأمريكية في العراق في حالة تعرض النظام السياسي في دمشق إلى ضربة عسكرية .. وسرعان ما نفت إيران هذه التصريحات .. فماذا كان الرد الأمريكي ؟ .. الطلب من موظفي السفارة الأمريكية في كل من بغداد وبيروت مغادرة العاصمتين .. والآن يأتي هذا التهديد على لسان وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لبغداد .. فماذا سيكون عليه الموقف الأمريكي هذه المرة من هذا التهديد ؟!

 

- لا موقف لدى الأمريكان من طهران ما دام التوافق الإستراتيجي قائم بينهما على تقاسم المصالح وتقاسم النفوذ في العراق والمنطقة ، على الرغم من أن إيران غير قادرة على تنفيذ تهديداتها .. ربما تكون هنالك لعبة إيرانية مكشوفة، بأن مليشيات خارجة عن القانون هي التي تنفذ أو نفذت التهديد خارج السيطرة .. ولكن هذا التفكير ما تزال حكومة المنطقة الخضراء العميلة تعمل به في قتل الشعب العراقي وتدميره وتشريده في الداخل والخارج تحت سمع وبصر جيشها المليشي، الذي يرى قوات القتل الخاصة ( سوات ) وشرطتها وأمنها وفرق الموت الإيرانية التي يديرها "قاسم سليماني" تعيث في البلاد قتلاً وفساداً وتدميراً .

 

- هذا الـ" الظريف" ، الذي جاء إلى بغداد ليرسم ( توافقاً عراقياً ) مزعوماً ( مقرونا بموقف إيراني مطمئن حول الضربة ) ، ماذا يعني هذا الذي ورد في نص التصريح الذي خرج من مكتب المهتوك في المنطقة الخضراء ؟ يعني ، أن " ظريف" يحمل توجيهات من طهران بتسوية الخلافات الداخلية وطمأنة  عصابات طهران الذين يعيشون الرعب والهلع من قادم الأيام القريبة ، بأن الأمور هي تحت السيطرة، والإشارة هنا إلى خطة "قاسم سليماني" التي قضت بغلق الحدود العراقية- السورية، وليس المنافذ ، وتوزيع الحرس وعناصر فيلق القدس في أماكن معينة ومحددة، اعتقاداً من هذا السادي أن العراق مثل لبنان، حين حركت إيران الجنرال " حسن شاطري" وأسمه الحركي " حسام خوش " مسئول تصدير الثورة إلى لبنان عام 2006 لإعادة البنية القتالية لمليشيا حزب الله في الجنوب اللبناني،  ووضعت تحت تصرفه ( 200 ) مليون دولار لتعويض ترسانة حزب الله من الأسلحة وإعادة بناء منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية .. وكان الجنرال حسن يشرف على صرف  الأموال الإيرانية  وتشكيل تنظيم يجمع بين عناصر الحرس الإيراني وعناصر من حزب الله لدعم نظام دمشق ، كما استطاع أن يعقد اتفاق بين سوريا وإيران يسمح برسو السفن الإيرانية في ميناء ( طرطوس ) .. العراق مرة أخرى، ليس لبنان أبداً، لأن إرادة العراقيين جميعهم هي في حقيقتها ضد الوجود والنفوذ الإيراني في العراق وفي المنطقة .. أما لبنان فهي حالة تختلف، لها خصوصيتها المعروفة.. وما يجري على أرضها يختلف عن ما يجري على أرض الرافدين .

 

- أمريكا قد تعمل على تحجيم السلوك العدواني الإيراني المستشري حتى على مصالحها في العراق والمنطقة لتضع له حدوداً داخل أطر التوافق الإستراتيجي وتقاسم الغنائم، لأن إيران تريد أن تبتلع ما يصعب عليها بلعه، فإما  أمريكا تريد أن تتركها تختنق أو تحجمها بطريق قص الأجنحة ونزع الأنياب.. وإلا فأن استقرار المنطقة لن يستقيم أبداً ويبقى على كف عفريت .!!

 

 





الثلاثاء ٥ ذو القعــدة ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / أيلول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة