شبكة ذي قار
عـاجـل










أهم العوامل المؤثرة في صياغة التكوين الفكري والعقائدي

للفرد والأمة : العنصر الجيني الوراثي

الحلقة الخامسة

موقف الإسلام العظيم من قضية العرق والعوامل الوراثية

 

بسم الله الرحمن الرحيم

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا )

صدق الله العظيم

 



تمهيد:-
منذ قرابة عام وتسعة أشهر وبالتحديد في الثامن عشر من كانون الثاني / يناير عام 2012 ، ونحن ننشر سلسلة دراستنا هذه (1) والتي تتمحور حول معرفة
أهم المؤثرات التي تتحكم في حياة الإنسان وفي سلوكه وقراراته وخياراته وما الذي يحرك الإنسان بهذا الاتجاه أو ذاك في هذه الفترة أو تلك فهي اذن دراسة انثروبولوجية تندرج ضمن دراسات علم الانسان "الأنثروبولوجيا العامة" .


لقد نشئت فكرة وضعنا لهذه الدراسة عقب الاحداث والتحولات المفاجئة والغريبة التي طرأت على شخصية الانسان العربي في العديد من الاقطار العربية التي شهدت ما بات يعرف بالربيع العربي . فدراستنا هذه لا تبحث عن اسباب الربيع المزعوم انما تبحث عن اسباب التناقض الكارثي والازدواجية الخطيرة التي طرأت على شخصية الانسان - الفرد - المواطن العربي في العقد الاول من القرن الحادي والعشرين ، ولفهم التحولات والتناقضات التي شهدها المجتمع العربي في المئة عام الاخيرة عموما.


خلال العام وتسعة اشهر المنصرمة من عمر دراستنا هذه كنا قد توقفنا كثيرا ولأشهر عديدة عن نشر سلسلة اجزاءها وحلقاتها ، وذلك احتراما للمظاهرات والاعتصامات الوطنية التي عمت أرجاء واسعة من بلدنا العراق العظيم . فبالرغم من عدم نجاحها في تحقيق ما تطلع اليه احرار العراق من انهاء لحكم عملاء قم وطهران وواشنطن الا انها نجحت والى حد بعيد في ان تكون مظاهرات وطنية صادقة بعيدة عن تناقضات وازدواجية مظاهرات الربيع العربي ، تلك المظاهرات التي علت اصوات الوطنين الاحرار على داعاة الطائفية والفدرالية .


 واليوم وبعد ان اتممنا كامل حلقات الجزء السادس من دراستنا هذه ، والمتحمورة حول دراسة تأثير العوامل الوراثية على حياة الانسان وسلوكه وقراراته وخياراته فقد بادرنا الى مواصلة نشرها ليتمكن القراء الكرام من الاطلاع عليها لاسيما وهي تحمل الكثير من المفاجئات والمعلومات المهمة التي ندعوا ونرجو ان يتم الوقوف عندها مليا ونسال الله عزوجل ان يمكن اجيالنا القادمة من استثمارها وتطويرها والأخذ بها لترى النور كسياسة وبرنامج عمل يطبق على ارض الواقع .


 لقد تناولنا في الحلقة الأولى من هذا الجزء "السادس" تأثير الجينات الوراثية في وراثة السمات الجسمية والمرضية ، حيث اوضحنا بان الإنسان حينما يولد فانه سيرث من والديه وسلالة عائلته سمات جسمه ومظهره وحالته الصحية ، كوراثة لون وشكل العين والأنف والبشرة والشعر ومدى استعداد جسمه للإصابة بأمراض معينة دون غيرها . كما اوضحنا بان الجينات الوراثية ومثلما تورث السمات الجسمية والصحية فأنها تورث ايضا نشاط الغدد والخلايا المنتجة للهرمونات أي ما اسميناه بالبصمة الهرمونية.


وفي الحلقة الثانية كنا قد تناولنا دور وتأثير الجينات الوراثية في صياغة وتشكيل شخصية الإنسان ، ومدى تأثير الهرمونات في سلوك الإنسان ومشاعره ، حيث اوضحنا رأي علماء الطب عموما والوراثة خصوصا والمستند على ادلة علمية وتجارب واقعية بإمكانية وراثة الإنسان لطباعه ومشاعره وأحاسيسه وعادته من والديه وسلالة عائلته ، وذلك بحكم وراثة الانسان لبصمته الهرمونية.

 

وفي الحلقة الثالثة تناولنا دور وتأثير الجينات الوراثية في عملية التفكير ، حيث توصلنا الى وجود هرمونات معينة تؤثر في تشكل فكر الانسان عبر تأثيرها بجزيئيات عملية التفكير اي بقدرة الانسان على الفهم والتعلم والاستيعاب والتخطيط واتخاذ القرار وبقوة ذاكرته وإحساسه بالبهجة والاستمتاع والتخيل ، بالإضافة الى تأثير الهرمونات في حواس الانسان وفي مشاعره والتي تلعب دورا مهما في عملية التفكير. وخلصنا الى ان وجود تأثير هرموني في جزيئيات عملية التفكير يقدم لنا الدليل على امكانية وراثة طريقة التفكير ما دام الانسان يرث بصمته الهرمونية وان كان هذا الدليل غير مباشر و لا يورث الفكر نفسه .

 

وفي الحلقة الرابعة تناولنا الحقائق العلمية لتأثير الجينات الوراثية على الانسان وهنا نشدد على عبارة "حقائق" والتي ثبت وجودها علميا وتم تشخيصها واكتشافها من قبل علماء الوراثة أنفسهم ، وليس من اختراعنا نحن ، انما كل الذي عملناه في هذه الحلقة هو ربط اكتشافات العلماء بعضها بالبعض الاخر وبشكل عمدنا على ان يكون تسلسلي سهل الفهم حتى يتيسر لمختلف فئات وشرائح الناس استيعابه . ولحساسية ما تناولناه وبيناه في هذه الحلقة نقصد الرابعة فأننا قد وجهنا جميع القراء وبالأخص من قد يشكك في بحثنا الى الاطلاع على المصادر التي تم اختيارها بعناية دقيقة لنترك لهم امر التحقق من صحة ما نقول .

 

وبهذه الحلقات الاربعة نكون قد تجاوزنا منتصف الجزء السادس والذي يضم سبعة حلقات تناولنا فيها تاثير العنصر الجيني الوراثي على حياة الانسان من عدة اوجه وزوايا . ففي هذه الحلقة فاننا سنبين موقف ديننا الاسلامي العظيم من تاثير العوامل الوراثية في حياة الانسان . وهنا قد يتبادر الى اذهان البعض وبالأخص "العلمانيين" سبب اعتمادنا في جل كتابتنا وبحوثنا المنشورة على اسلوب ربط الحديث بموقف ديننا الاسلامي العظيم ..؟! وقد يرى بعض اؤلئك اننا نفرط في هذا الاسلوب من دون داعي حقيقي..!!


ففضلا عن كوننا مسلمين ملزمين دينيا بعدم مخالفة شرع ديننا العظيم ، فان أي بحث او أي دراسة تأخذ على عاتقها مسؤولية توفير حلول لمشاكل الامة وما تعانيه ما ازمات وأمراض خطيرة فان ذلك البحث وتلك الدراسة محكومة بالفشل المحتم ما لم تأخذ بعين الاعتبار موقف الاسلام منها . ذلك لأن الدين اصبح بفضل تجاره اهم ساحة للصراع والتصفيات السياسية ، بل واهم واخطر مشكلة تواجه الامة على الاطلاق ، فقد بات من المهم والمهم والضروري جدا على أي باحث يريد حل مشاكل الامة ان يبين موقف الاسلام لا موقف رجال الدين وتجاره .


وهنا نود ان ننبه الاخوة القراء الى التركيز حول عبارة (موقف الاسلام منها) لأننا هنا لا نقصد موقف رجال الدين او حتى علمائه انما نقصد بيان ما جاء في القران الكريم او الاحاديث النبوية الشريفة المطهرة ، وإذا ما اضطررنا لان نقتبس قول هذا الكاتب او ذاك العالم او الباحث فأننا لا نقتبس إلا بما يوافق مع ما جاء في القران الكريم والسنة النبوية المطهرة وهي اصل مصادر العلم في ديننا العظيم كما سبق وأوضحنا ذلك في الجزء الرابع من دراستنا هذه .

 
اما من يتسال عن سبب تناولنا لموقف الاسلام من تاثير العوامل الوراثية في حياة الانسان في هذه الحلقة بذات دون غيرها ، فذلك لاننا ارتأينا ان نبين موقف الاسلام قبل ان نبين ونوضح الفوائد الناتجة من استثمار علم الوراثية وتبنيه من قبل العديد من دول العالم وبالتالي كيفية استثمارنا نحن العرب لهذا العلم المليء بالكنوز والمفاجئات.


هل ندعو الى إعادة "أنتاج" انسان عربي ضمن مواصفات خاصة ؟!!
قد يتسأل البعض عن مضمون دراساتنا عن تأثير العنصر الوراثي في حياة الانسان ، وعن نوايانا الحقيقة التي دفعتنا باتجاه وضع هذه الدراسة . فقد يذهب البعض الى وضع تصورات خاطئة او مفبركة عن دراستنا هذه ، وربما قد يتسابق البعض الى تكفيرنا ، او الى نسف فكرتنا من الاصل فيعملون على تشويهها ولفها بالأكاذيب . ولذا وهو ما يقع في صميم دراستنا هذه ، فأننا سنجيب عن تلك الاسئلة ونسبق اصحاب الغرض السيئ ، فحديثنا هنا عن تأثير العنصر الجيني الوراثي في صياغة التكوين الفكري والعقائدي للفرد والأمة ليس كما قد يتصور البعض خطئاً ، فيعتقد اننا ندعو الى اعادة "انتاج" انسان عربي ضمن مواصفات خاصة ؛ بل اننا ندعو عن اعادة تربية وتنشئة وبناء ذلك الانسان ومن ثم المجتمع العربي كله وبجميع السبل والطرق العلمية بما في ذلك السبل الوسائل التي تستثمر علم الوراثة استثمارا علميا مشروعا بعيد كل البعد عن الكفر والإلحاد وعن اي وسيلة عنصرية او اجرامية لا تراعي حقوق الانسان وحرياته الشخصية ولا تقيم لها وزناَ . وسنوضح ذلك ضمن هذه الحلقة.


موقف الإسلام العظيم من قضية العرق :-
قد يتسرع البعض للرد ايجابيا او سلبيا على هذا الموضوع ، بل وقد لا تكون اجابته سريعة فحسب بل قد يتوه في دروب البحث عن بيان موقف الاسلام من العرق . فهنالك من يتهم الاسلام بممارسة التميز العرقي وهنالك من سيأخذ على عاتقه التصدي لهذه الشبهات . ولكننا هنا قد عزمنا على تناول هذا الموضوع تناولا كاملا بحيث يجيب على كافة الاسئلة ومن جميع النواحي .


في الحقيقة فان موقف الاسلام من قضية العرق اكبر مما يتبادر الى الاذهان ، وللأسف الشديد فقلما رائينا من تحدث عنه بشكل تام ووافي . ان موقف الاسلام من العرق لا يمكن ابدا ان يختزل تحت باب التميز العرقي فحسب سواء كان الباحث عن ذلك يقر بممارسة الاسلام للتميز العرقي او سواء كان يرد على تلك الشبهة . ان موقف الاسلام من هذه القضية المهمة والخطيرة يأتي في العديد من المواقع في القران الكريم والسنة النبوية المطهرة ، احاديث وممارسات يومية لرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قدوة المسلمين وإمامهم .

 

ومن خلال الاستعانة ببعض المصادر والأبحاث (2) فأننا سنتناول العديد من المواضيع ذات الصلة في بيان موقف الاسلام من قضية العرق (Race) ، فدائما ما تجيء مصطلحات العرقية والعنصرية والتمييز العنصري والتفوق العرقي (3) عند الحديث عن العرق مثلما ستأتي مصطلحات اخرى عند الحديث عن موقف الاسلام من ذلك ، كمرتبة ومنزلة المرأة والرق والعبيد والجاريات وحقوق باقي الامم والأديان والجزية ونحوها ، لذا فأننا سنبتعد قليلا عن مضمون بحثنا المخصص لدراسة  تأثير العنصر الجيني الوراثي في حياة الانسان .

  
ما المقصود بالعنصرية والتمييز العرقي :-
ورد تعريف العنصرية في المعاجم العربية بأنها (تعصُّبُ المرء أو الجماعة للجنس) أما التمييز العرقي فهو (التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَشَرِ بِحَسَبِ أُصُولِهِمُ الْجِنْسِيَّةِ وألوانهم) (4) .
 

ومن اجل ان نستوعب معنى العنصرية استيعابا كاملا وصحيحا وحتى نتجنب الفهم الخاطئ لها ، فأننا نرى ضرورة التعرف على معنى التعصُّبُ ، ذلك لان تعريف العنصرية جاء مبني على هذه المفردة . فالتعصُّبُ في اللغة عند العالم اللغوي الكبير ابن منظور رحمه الله هو من العصبية ، والعصبية : أن يدعو الرجل إلى نصرة عصبته والتآلب معهم على من يناوئهم ظالمين كانوا أو مظلومين (5) ، وذلك استنادا الى حديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حينما سُئل عن العصبية فأجاب صلى الله عليه وسلم (العصبية أن تعين قومك على الظلم) (6) .  


وبالتالي فان رؤيتنا لتعريف العنصرية بشكل واضح وصحيح (هو ان يعين المرء بني قومه "عرقه" على ظلم الأقوام "الأعراق" الأخرى ) ، أما تعريفنا للعنصري : فهو من يقوم بممارسة العنصرية اي هو (الشخص الذي يعين بني قومه "عرقه" على ظلم البشر من الأقوام "الأعراق" الأخرى) ، وهكذا فأننا نعرف التمييز العرقي على انه نتاج ممارسة الشخص للعنصرية أي (الحط من مكانة الإنسان وامتهان ادميته واحتقاره لعرقه وجنسه ولونه ، أو بمعنى ابسط : احتقار واستصغار البشر من بقية الأعراق والأجناس والألوان) (7) .


وهنا نود ان ننبه الى ملاحظة في غاية الاهمية فالعنصرية حديثا هي العصبّية كما كان يسميها العرب قديما ، لا كما يدعي البعض بان العصبية هي العشيرة والقبيلة. فعن أبي هريرة قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم : أي الناس أكرم ؟ قال : " أكرمهم عند الله أتقاهم" قالوا : ليس عن هذا نسألك . قال : "فأكرم الناس يوسف نبي الله ، ابن نبي الله ، ابن خليل الله" . قالوا : ليس عن هذا نسألك . قال: "فعن معادن العرب تسألوني ؟" قالوا : نعم . قال : " فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا"(8) . فالحديث الشريف يبين لنا بوضوح جلي بان الاسلام لم ينهى ابدا عن الاعتزاز بالنفس والنسب بل ينهي ان يكون ذلك مدعاة لإثارة الخلافات التي كانت بين القبائل العربية قبل الاسلام وحرصا على وحدة المسلمين ونبذ الفرقة والفتنة والاقتتال فيما بينهم حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس منا من دعا إلى عصبية ، وليس منا من قاتل على عصبية ، وليس منا من مات على عصبية) صحيح مسلم .

 

ولإدراك هذه الحقيقة لابد لنا إن نشير إلى احدى أهم القصص التي وقعت في عهد رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، والتي تبين احدى أساليب اليهود في تأمرهم على الإسلام والمسلمين . فقد مر شأس بن قيس - وكان يهوديا شديد الطعن على المسلمين - على نفر من الأوس والخزرج بعد إن الإسلام ما بينهم من أحقاد وضغائن فغاظه ما رأى من ألفتهم وصلاح ذات بينهم فجلس إليهم ، واخذ ينشدهم شيئاً فشيئاً إلى إحداث الماضي المشحون بالعداوة والخصومة ، واخذ ينشد بعض ما قيّل في حروبهم من الشعر فحرك من وجدانهم وهاج عصبيتهم ، ومازال بهم حتى تنادوا فيما بينهم : السلاح ، السلاح ، وكاد يقع الصدام بينهم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم مخاطباً إياهم (أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إن هداكم الله للإسلام وأكرمكم به ... واستنقذكم من الكفر وألف بين قلوبكم) فعرف القوم عندئذ أنها نزعة من الشيطان وكيد من عدوهم فبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضاً ، ثم انصرفوا مع رسول الله سامعين مطيعين قد أطفأ الله عنهم كيد عدو المسلمين شأس بن قيس (9) ، وفي هذه الحادثة نزل الوحي الإلهي ، قال تعالى ( قل يااهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من امن تبغونها عوجا وانتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون . ياايها الذين امنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين . وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ) إل عمران 99-101.


فالفرق بين العصبية والقومية هي ان الفرد حينما يحب ويعتز ويفتخر بقومه وقوميته ووطنه وأمته ويحاول ان ينهض بواقعها ويدعوا الى وحدتها يقال له قومي او ذا توجه او فكر قومي ، بينما حين يعين الفرد قومه وأمته وأبناء عرقه على ظلم الاخرين وينصرهم وان كانوا على خطئ ، فهنا يتحول ذلك الفرد من قومي الى عنصري او عصبي او متعصب كما بينّه لنا رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وكما شرحه ابن منظور رحمه الله في معجم لسان العرب ، فالفرق بين العصبية والتعصب والمتعصب ، وبين القومية والقومي واضح ، ولكن مع هذا فجل رجال الدين يصرون على اعتبار القومية كلمة مرادفة للعصبية او حتى للجاهلية ، ذلك لان رجال الدين يجدون في القومية منافسا كبيرا لهم يجردهم من امتيازاتهم ومصالحهم الدنيوية الفاسدة التي يسعون إلى لباسها لبوس الدين والتقوى زورا وبهتانا .

 

أما في الحقيقة وما هو واقع ، فان أي باحث او متابع يتحرى عن الحق والحقيقة ويتجرد من أي غاية نفعية فاسدة فان ابلغ وأوضح صورة على العنصرية سيجدها في الصهيونية العالمية والتي تؤمن بان اليهود هم شعب الله المختار (10) حيث يكون اليهودي هو سيد العالم بينما تخدمه بقية الامم والشعوب وأولهم العرب والمسلمين والمسيحيين (11) والذين لايأبه لهم اليهودي ولا يقيم لأدميتهم أي وزن أو اعتبار بل أنهم ليسوا خدما فحسب بل أنهم مجرد غوييم (12) .


هل هنالك فرق بين الاعراق ، وما موقف الاسلام من ذلك ..؟!!
عند الحديث عن العرق وعن تأثير العوامل الوراثية في حياة الانسان ، تقفز امامنا العديد من المصطلحات والمفردات كالعرق والعنصرية والتمييز العنصري او العرقي والذي اشرنا اليه انفا ، ولكن ثمة مصطلح اخر يتردد دائما بين الفينة والأخرى على السنة الناس ، علماء وأطباء وساسة ومؤرخين وفلاسفة ناهيك عن الكتاب والأدباء والباحثين وعامة الناس ، إلا وهو التفوق العرقي ..؟!!


دائما ما يأتي مصطلح التفوق العرقي عند الحديث عن الالمان وبالأخص في عهد الرايخ الثالث بقيادة حزب العمال القومي الاشتراكي الالماني "النازي" بل وأصبحت عبارة التفوق العرقي ملازمة ليس فقط للنازية فحسب بل لكل من ينادي بالقومية ايضا. وهكذا فان الباحث في هذا المجال سيجد نفسه امام كم هائل من المواضيع والأحداث والتي ينبغي كلها ان تدرس وتتناول بشكل علمي بعيد عن أي مجاملة او عاطفة قد تأخذ الباحث نفسه الى غير الحقيقة فيجانب الصواب استجابة لأهوائه وتوجهاته الفكرية والسياسية ، وهو ما نحاول جهد الامكان ان نتجنبه في دراستنا هذه.


فعلى الرغم من كوننا قوميين عرب ، نؤمن وندعوا الى وحدة الامة العربية بل والى توحد جميع الشعوب ضمن قومياتها الام ، فأننا وبنفس الوقت وبنفس القدر من الايمان والحماس ندعوا الى سيادة لغة المحبة والتعاون بين جميع الامم والشعوب والقوميات والأعراق . وما دراستنا هذه الا لكشف بعض الحقائق المغيبة عن الناس عمدا .


ان الحديث عن القومية وعن موقف الاسلام منها سبق وتناولناه في دراستنا المنشورة تحت عنوان ( البعث في ميزان الشريعة الاسلامية / الجزء الثاني شرعية الفكر القومي للبعث) وبالتالي وبحسب مضمون دراستنا هذه فاننا نكتفي بلفت انظار القارئ الكريم الى دراستنا السابقة (13) . اما الحديث عن ما يشاع بنظرية العرق النازية فسبق وتناولناه في دراسة منفصلة نشرت تحت عنوان ( لماذا نكره هتلر : اكذوبة نظرية العرق النازية) كما سنتطرق اليها ضمن الحلقة القادمة ان شاء الله في اطار الحديث عن استثمار علم الوراثية (14) .


اما ما نحن هنا بصدده ولكوننا قد خصصنا هذه الحلقة لبيان موقف الاسلام من العرق وتأثير العوامل الوراثية على حياة الانسان ، فسنجيب اولا عن السؤال الذي يتبادر للكثيرين منا عما اذا كان هنالك فرق بين الاعراق وهل يوجد عرق متفوق وأخر متخلف ، ثم ننطلق لبيان موقف الاسلام من هذه القضية .


مما لاشك فيه ان البشر يختلفون فيما بينهم اختلافا كبيرا ومتفاوتا ، سواء من حيث اللون والشكل والقامة او من حيث اللغة والعادات والتقاليد والأديان او من حيث  مدى تقدمهم الحضاري والثقافي والعلمي . وسبب هذه الاختلافات لا تعود فقط الى العوامل البيئية المحيط بالفرد او بالمجتمع مثلما لا تعود فقط الى الجينات الوراثية والعرق عموما ، انما هو اختلاف ناتج عن الاثنين ، عن البيئة وعن العرق .


وهنا مرة اخرى ندعوا القراء الكرام الى ضرورة الانتباه الى مسالة في غاية الاهمية والخطورة ويتوجب التوقف عندها والتمعن بها والتركيز عليها وعدم تجاهلها او القفز عليها ، إلا وهي مسالة ان اختلاف الناس في الاصل لم يكن اختلافا عرقيا ناتجا عن عوامل وراثية ابدا ، فالله عزوجل قد انعم على الانسان في احسن تقويم قال سبحانه (لقد خَلقنا الانسانَ في أحسنِ تقويم) التين 4 ، فاختلاف الناس كان ناتجا عن البيئة المحيطة بالفرد والجماعات ومن ثم بالأمة كلها ، قال سبحانه (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) النساء 79 ، فأدام وحواء عليهما السلام هما ابوين كل البشر وما من انسان إلا ويرجع نسبه اليهما قطعا من دون ادنى شك مهما حاول البعض تشويه هذه الحقيقة التي اكدتها جميع الاديان وبالأخص السماوية .


ولكن لما زادت ذرية ادام وحواء عليهما السلام وانتشرت في ارجاء الارض ولاسيما بعد طوفان نوح عليه السلام فهنا برزت الاختلافات كنتيجة حتمية لتباعد البشر فيما بينهم وكنتيجة حتمية لما تمليه العوامل الجغرافية من تأثير كبير على حياة الانسان . فالساكن في الجبال غير الساكن في السهول ، ومن سكن في الهضاب والصحاري غير من سكن في السواحل وحول الانهر ، مثلما اختلفت حياة من سكن المناطق الباردة عمن سكن المناطق الحارة .


فمثلا نجد سكنة الجبال والتي غالبا ما تكون مناطق باردة تملئ بالثلج في الشتاء وسيول المياه بالصيف قد عدوا انفسهم لتحمل مشقة سكنهم تلك المناطق ابتداءا من ملابسهم وبيوتهم وطعامهم حتى وسائل تنقلاتهم وزراعتهم وصيدهم وصناعاتهم طرق تجارتهم ، فتكيفوا معها حتى  اصبحت طريقتهم في العيش والتنقل والزرع والصيد والتجارة عادة تعودوا عليها بمرور الزمن وأصبحت جزء لا يتجزأ من حياتهم وحينها تحولت من مجرد وسائل للعيش الى عادات وتقاليد وأعراف وقوانين وبالتالي الى ثقافة وحضارة خاصة بهم . وهكذا الحال مع سكنة البوادي والصحاري والهضاب والسهول والسواحل ، فمثلا فان تميز العرب بالكرم ناتج عن تفاعل العرب مع بيئتهم الصحراوية حيث تنعدم سبل الحياة وتتعسر ، فحينما يحل مسافر او قافلة تجارية على قرية ما في عمق الصحراء كان من واجب اهل تلك القرية توفير مستلزمات الحياة لهولاء المسافرين ولدوابهم ، وهو ما سيفعله هؤلاء المسافرين بدورهم هم الاخرين ايضا لو مرت بهم قافلة تجارية او اشخاص مسافرين من القرية التي اكرمتهم او من قرية غيرها .


اذن نخلص من هذا بان الجغرافية طبعت ساكنيها بطبيعتها ، ولا ننسى فمثلما ادى اختلاف الارض الى اختلاف حياة الانسان وسبل عيشه وعاداته وتقاليده وأعرافه وقوانينه وحضارته وثقافته ، فقد ادى ايضا الى اختلاف السنتهم ولغاتهم. فحينما يسكن الانسان منطقة ما كان لابد منه ان يطلق اسما معينا يفسر فيه ارتفاع الارض او انخفاضها ، حرارتها او برودتها ..الخ فمن هنا بدا الانسان بتسمية الاشياء والأحداث والتطورات التي شهدتها حياته . فمثلما نستحدث اليوم اسماء معينة لاكتشافاتنا واختراعاتنا كالهاتف والسيارة والطائرة والدبابة والسفينة او كالأسماء الاجنبية كالموبايل والانترنت والتلفزيون فقد كنا نستحدث اسماء وألفاظ معينة لمناطق سكننا وعيشنا وتنقلاتنا ونحو ذلك . ومثلما استحدث سكنة الجبال مفردات جبل وجبلية وسيول ووديان وما ينبت فيها من زرع كأشجار اللوز والجوز مثلا او يرعى فيها من دواب كالدببة والغزلان والأسود والذئاب ، فقد استحدث سكنة الصحراء مفرداتهم الخاصة كالبادية والصحراء والواحة والإبل والتمر ونحو ذلك . وحينما التقى سكان الجبال بسكان البادية فقد تبادلوا المعلومات وترجموا المفردات كل حسب طريقته الخاصة ، ولهذا فأننا اليوم نقسم اللغات الى لغات عالمية وأخرى اقليمية كشجرة عملاقة تتفرع منها الفروع والأغصان ولنفس السبب فقد ارجع علماء اللغة بعض اللغات الى بعضها الاخرى كما هو الحال في اللغات السامية او الهندوأوروبية ..الخ (15) .


كما ان تباعد التجمعات البشرية من قرى ومدن بعضها عن البعض الاخر واختلاف مناطق سكن البشر الاوائل قد ادت مجتمعة الى التعجيل باختلاف البشر لغويا وثقافيا وحضاريا والى اختلافهم من حيث الالوان والأشكال .
ومما يدعم صحة حديثنا هذا هو ما جاء في القران الكريم حيث يخبرنا الله سبحانه وتعالى بأننا جميعا من نفس واحدة قال سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء1.


وبالتالي فان لكل عرق ولكل امة ما يخصها من عادات وتقاليد وأعراف وقوانين وحضارة وثقافة ومنزلة تميزها عن غيرها وتتناقلها عوامل الاكتساب والوراثة من جيل لأخر ، فالاختلاف بين البشر اختلاف غير محدود ولا يمكن احصاءه وتعداده انما قد يمكن احصاء الفوارق والاختلافات الرئيسية فيما بينهم كاختلاف اللغة والثقافة والمهارات واللون والشكل.


وهنا يتوجب علينا جميعنا ان نركز على ملاحظة مهمة اخرى ، وهي ان تميز بعض البشر بميزة او مميزات ما ، فقد تميز الاخرين ايضا بمميزات اخرى . أي وبمعنى اوضح فان تميز العرب بالكرم فقد تميز الفرس بالعناد مثلا ، وان تميز العراقيين بالبأس والشدة فقد تميز المصريين بالطاعة والعمل الدءوب ، وان تميز اليهود بدهائهم فقد تميز الالمان بذكائهم (16).


هكذا تميزت الامم والشعوب والأعراق كل بمميزاته الخاصة التي نتجت اولا عن تكيف البشر الاوائل مع جغرافية مناطق سكنهم (العوامل الجغرافية) ، ومن ثم بسبب توارث البشر لمميزاتهم عبر الجينات الوراثية (العوامل الوراثية) وعبر العوامل الثقافية المكتسبة (العوامل البيئية) .


وهنا قد يحاججننا البعض بقوله سبحانه وتعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات 13 . ويعتقد ان كلام الله سبحانه وتعالى يبين لنا ان البشر لا يختلفوا عن بعضهم البعض وان معيار التفضيل والتخيير قائم على مدى ايمانهم وتقواهم لله سبحانه وتعالى ، وبالتالي فان حديثنا عن وجود مميزات للأمم والأعراق يقع صاحبه في المحظور بل بالكفر والعياذ بالله .


وهنا لن نجيب بالفلسفة او المنطلق او بالتحليل او الاجتهاد الشخصي ، بل سنجيب يقوله الله سبحانه وتعالى وفي نفس الاية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات 13 .


كيف ..؟!!
فلو تمعنا جيدا في قوله تعالى (َجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ) لوجدنا ان الله عزوجل يخبرنا بأنه قد جعل البشر شعوبا وقبائل ، والشعوب جمع شعب ، والشعب تطلق على عدد كبير من الناس ينتمي إلى أصل واحد ، كالعرب والفرس والروم ، اما القبائل فهي جمع قبيلة وهي دون الشعب عددا كقبيلة قريش وغطفان ونحو ذلك ومثلما للعرب قبائل فلروم وغيرهم من شعوب الارض قبائل ايضا .والغرض من ذلك كله محدد بيّن واضح إلا وهو التعارف حيث قال سبحانه (َجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) ، فما المقصود بتعارف الشعوب والقبائل هنا ..؟!!


على عكس ما قد يذهب اليه البعض فهو ليس من باب ان تذكر القبيلة الفلانية اسمها وحسبها لقبيلة اخرى ، انما المقصود به هنا هو ان تتعاون الشعوب والقبائل فيما بينها وذلك بتبادل خبراتها ومعلوماتها وبما تزرعه وتنتجه وتصنعه وتكتشفه وتخترعه ونحو ذلك ، وبالتالي فان ذلك التعارف والتعاون والتبادل سيقود تلك الامم الى افشاء المحبة والمودة والسلام والامن والاطمئنان فيما بينها ، اي ان رؤيتنا للتعارف هنا تاتي كمعنى قوله سبحانه وتعالى (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة 2. كما نفهم ان يكون التعارف قائما على المنفعة كما جاء في حديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حينما سئل (من أحب الناس ؟ قال صلى الله عليه وسلم : أنفع الناس للناس) .


فالله عز وجل قد  خلق البشر شعوب وقبائل مختلفة ، ليتعارفوا فيما بينهم ويتبادلوا ثقافاتهم ومعلوماتهم وخدماتهم ، ولولا اختلاف البشر لما قدر للحياة ان تستمر بل لانقرض الجنس البشري برمته منذ امد بعيد وفسدت الارض ، قال تعالى (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ) البقرة 251. فاختلاف البشر وفر لهم فرص اكبر للنجاة من الكوارث الطبيعية ومن الاوبئة والأمراض والحروب والمجاعات مثلما وفر فرص اكثر ليستكشف البشر ويستثمروا ثروات الارض وكنوزها وخيراتها ويعمروها بالإيمان والتوحيد ونشر رسالته الخالدة الخاتمة ، قال سبحانه وتعالى (وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ*الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) الحج 40-41.


اذن فالاعتراف بوجود خصائص عرقية وراثية معينة لشعب دون أخر ، وسواء كانت سمات ايجابية او سلبية ليست جريمة ولا يمكن لأي عاقل ومنصف ان يصفها او يصف صاحبها بالعنصرية او بالتعصب العرقي . بل ولا يمكن لأي مسلم حقيقي يدرك الاسلام بنية صافية لوجه الله عزوجل ، ان يعتبر حديثنا هذا دليل على الكفر او المعصية او حتى على الكبر . فمثلا وكما هو معروف بين اوساط كافة المسلمين ورغم كل الخلافات الفقهية والمذهبية فان وصف مسلم ما بصفة حميدة لا تنفيها عن غيره من المسلمين وان تميز ذلك الرجل واشتهر بها ، وبمعنى أوضح فأننا حينما نصف ابا بكر رضي الله عنه بالصديق فهذا لا يعني ان غيره لم يكن صديقا بل ان اشتهار ابا بكر بهذه الصفة ترتبط وتعود الى واقع معين إلا وهو ان ابا بكر كان من اوائل من صدق الرسالة والنبوة على رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وهكذا وبنفس المعنى حينما نصف عمر رضي الله عنه بالفاروق وعثمان رضي الله عنه بالذي النورين وعلي رضي الله عنه حينما نصفه بالكرار ..الخ .


ان اختلاف البشر في الاعراق شبيه الى حد كبير ايضا في اختلاف مستوياتهم الوظيفية والمادية ، قال سبحانه (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) البقرة 143، فلو كان الجميع بنفس المستوى المادي او الوظيفي لتعسرت سبل الحياة الى الدرجة التي تهدد البشر في صميم حياتهم ، فلولا تنوع الوظائف لما تنوعت اشكال الحياة وتطورت وازدهرت الثقافات والحضارات والفنون والعلوم . فمثلما يحتاج البشر للطعام فلابد من وجود فلاح يزرع الارض ولابد من وجود من ينقلها للمستهلك ومن يبيعها ومن يعلبها ومن يصنع منها ادوية وعلاج لأمراض البشر وهكذا ما سائر الوظائف التي يشغلها الانسان .


 وكلما ظهرت حاجة جديدة في المجتمع ، ظهر هنالك من يبتكر او يخترع وسيلة جديدة لتلبية تلك الحاجة ، وحينها يكون قد خلقت فرص عمل لآلاف او ملايين البشر . هكذا توفرت فرصة الحياة حينما لم يكن على الارض سوى ادم وحواء عليهما السلام ، وهكذا توفرت فرص الحياة لآلاف البشر الاوائل وهكذا يمكن ان تستوعب الارض مليارات من البشر بل والى مئات المليارات منهم خاصة اذا ما احسنوا استثمار كنوز وثروات الارض استثمارا جديا صالحا يعطي الارض حقها وحق من خلقها وخلقهم .


فمثلما ينبغي لا يستهين العالم بالعامل ومثلما ينبغي ان لا يستهين الضابط بالجندي (17) فينبغي ان لا يستهين البشر بعضهم بالبعض الاخر وان تميز البعض منهم بمميزات انعم الله عليهم بها دون غيرهم . ولا فضل لعربي على أعجمٌ إلا بالتقوى والتقوى هنا كما يقول الأمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه هي ((الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل)) فهي عبادة وأخلاق وليست بالنسب والحسب والعدد والقوة .


وهنا مرة اخرى ندعوا الجميع الى الانتباه والتمعن والتركيز على قوله سبحانه (أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) فمن يريد منزلة طيبة كريمة عند الله سبحانه وتعالى فان التقوى هي السبيل ، فالكرم والتفضيل والمكانة الرفيعة هنا ناتجة عن تقوى الانسان لله عزوجل لا عن لون البشر او اشكالهم او خبراتهم ومؤهلاتهم ومميزاتهم المكتسبة والعرقية ، ولكن لنركز في عبارة (عِنْدَ اللَّهِ) لا عندنا نحن البشر ..!!!


اي ان معنى هذه الاية الكريم وهو واضح بين إلا ان الكثيرين منا يجهلونه او يتعمدون ذلك لغايات في نفوسهم ، فمعنى الاية الكريم هو ان الله عزوجل يخبر البشر بان اصلهم كلهم واحد من ادام وحواء عليهما السلام ، ومن ثم جعلنا شعوب وقبائل متعددة مختلفة كل له لونه وشكله وسكنه وثرواته وخيراته ومميزاته والتي تنتقل من جيل لأخر بالوراثية والاكتساب ، ولكن فان هذا التعدد وهذا الاختلاف ينبغي ان يستغله البشر لصالحهم لا لخرابهم ودمارهم ، فهي دعوة وأمر من الله عزوجل بان يتعاون البشر فيما بينهم لما فيه منفعتهم ومصلحتهم ، ولكن فان الله سبحانه وتعالى وحتى لا ينسى البشر الغاية التي خلقهم الله عزوجل لها إلا وهي عبادتهم للواحد الاحد ، فانه سبحانه لا يعطي كرمه والمنزلة الكريمة الطيبة إلا من اتقاه هو سبحانه (أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) فالله عليم لما في الغيب خبير بما في النفس البشرية (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) وبما تنويه وتطلبه لا بما تدعيه او تظهر عليه او تمتلكه من مميزات ومؤهلات دنيوية فانية. قال سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات 13 . وقوله عزوجل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء 1.


وفي ذات السياق يوجهنا رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم"إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" (18) .


فخلاصة قولنا هنا ، فان الله سبحانه وتعالى قد جعل اختلاف البشر يتعدى اللون والشكل واللسان ، فاختلفت حضارات البشر وتعددت ثقافاتهم ومؤهلاتهم ومميزاتهم الدنيوية التي يتناقلونها من جيل لأخر بالتربية والتنشئة وببقية عوامل البيئة والثقافة المكتسبة وبالعوامل الوراثية عبر جيناتهم الوراثية . هكذا اختلفت اعراق البشر ، وهكذا تميزت الامم بعضها عن البعض الاخر ، وهكذا اكرم الله كل امة من امم بني ادام بمنزلة دنيوية خاصة طبعتها عواملها الوراثية بطابعها الخاص ، وحافظت على مكاسبها وقدراتها ومؤهلاتها ومميزاتها وان تغير احوالها وعوامل بيئتها الثقافية المكتسبة .


ان خلاصة قولنا هذا لم يأتي من فراغ او محض خيال او تمنيات او تلاعب به الاهواء والمشاعر والأحاسيس ، انما هو ناتج دراسة علمية استمرينا فيها لأشهر طوال بالبحث والتنقيب عن حقائق علم الوراثة وكيفية استثمار افاقه الرحبة الواسعة والتي طالما حاول اعدائنا ومازالوا يحاولون ان يجعلوا من هذا الميدان ومن هذا العلم ميدانا وعلما خاصا بهم محضور على غيرهم استثماره او حتى الولوج فيه ، فالتهمة بالعنصرية والتمييز العرقي جاهزة حتى قبل ان نحاول ذلك .


ولكن مع كل هذا فالأسف والأسى على هذا الحال لا يأتي ولا ينبع إلا من انفسنا التي صدقت اكاذيب اعدائها حتى اغفلنا العديد من ايات القران الكريم وأحاديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم التي كشفت لنا حقائق مهمة في علم الوراثة وبينت مدى اهمية العرق في الحفاظ على سلامة الانسان وسلامة الامم والشعوب وضمان ديمومتها وازدهارها.


الاسلام وعلم الوراثة :-
لقد أشار القرآن الكريم إلى هذا العلم والى تأثير الجينات الوراثية للآباء والأجداد على الأبناء والأحفاد بالكناية البليغة ، والإشارة الحسيّة اللطيفة ، حيث قال سبحانه وتعالى (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الكَافِرِينَ دَيَّاراً * إنَّكَ إنْ تَذَرْهُمْ يُضِلّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إلاَّ فَاجِراً كَفَّارَاً) نوح 26-27.


فنوح عليه السلام يدعو لله سبحانه وتعالى ان لا يبقي لقومه الكفرة ديار ، لان لو بقى لهم بقية لأضلوا عباد الله ، ولا يلدوا وينجبوا إلا من هم فجرة كفرة . وبالتالي فان هذه الاية وعلى لسان نوح عليه السلام تبين لنا اثر الجينات الوراثية للآباء في قوم نوح توريث الكفر لأبنائهم والعياذ بالله .  وانتبه هنا ايها القارئ الكريم إلى كلمة (يَلِدُوا) بمعنى الولادة والإنجاب لا بمعنى التربية والتنشئة. فالقاعدة في الاصل ان يلد الكفار من هم فجرة كفرة ،  فالكفار يورثون الكفر لذريتهم بالولادة لا بالتربية والتنشئة فحسب.

 

ولكن فقد يحتج علينا البعض بحديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه (ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ) (19) .

 

ان حديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، قد جاء عاما لا خاصا ، بينما جاء دعاء نوح عليه السلام خاصا لا عاما ، وبالتالي فانه لا ينفي صحة ما ذهبنا اليه في ان كفار قوم نوح يورثون الكفر لذريتهم بالولادة لا بالتربية والتنشئة فحسب . نقول كفار قوم نوح لا كل الكفار ولو كان كذلك لما اهتدى الالاف من الكفار الى الاسلام العظيم . فنبي الله نوح عليه السلام دعى الله عزوجل ان لا يبقي لكفار قومه بقية بعد ان ايقن بان لإصلاح يرتجى فيهم او في ذريتهم بينما الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوا الله سبحانه ان يهدي قومه وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان يرى بإمكانية هداية قومه وصلاح ذريتهم .

 

كما جاء في احدى الاحاديث الشريفة ما يؤكد قولنا اعلاه ، فعن عائشة رضي الله عنها ( أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ فقال : لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال : إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم ، قال : فناداني ملك الجبال وسلم عليّ ، ثم قال : وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك فما شئت؟ إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا .) متفق عليه (20).


 وهنا نود ان ينتبه الجميع الى قول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه ويتمعن به جيدا ، فحينما سأله ملك الجبال ان شاء الرسول ان يطبق الجبلين على الكفار ، فان الرسول صلى الله عليه وسلم اجابه (بل أرجو) فرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ولحسن اخلاقه وتواضعه مع الله سبحانه وتعالى ولأنه رحمة للعالمين كما في قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) فانه صلى الله عليه وسلم يرجوا من الله عز وجل ان يهدي قومه ورجاء الرسول صلى الله عليه وسلم كالطلب والسؤال فهو واقع كما قال العلماء وهو ما حدث فعلا فاهدى الله قوم رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .

 

وإذا ما كان الاجدر بدراستنا هذه ان نأخذ القاعدة العامة ونقيس عليها لا على الخاصة ، أي ان نأخذ ونقيس على حديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه بان الانسان يولد على فطرته مسلما ، بدل ان نأخذ ونقيس على دعاء نوح عليه السلام وهو دعاء خاص اقتصر على كفار قومه ..؟


ان من الضروري والمهم ان نشير الى شواذ القاعدة ونتعرف عليها وحتى نكون مدركين للسبب الذي أخذ الله سبحانه وتعالى ذرية اليهود بجريرة ابائهم ، وهو كحال قوم نوح وعاد وثمود ولوط عليهم السلام ، حيث عم وشمل عذاب الله تلك الاقوام كلهم بما لا يبقي لهم ذرية ونسل ، وذلك ليس لان الكفر قد عم الجميع فحسب بل لأن لا خير فيهم ولا يرجى صلاحهم وصلاح ذريتهم فهم يتوارثون الكفر ولادة لا تربية وتنشئة فحسب.


وهنا نود ان ننبه الى مسالة في غاية الاهمية وندعو القارئ الكريم الى الانتباه اليها بأقصى درجات التركيز والتمعن ، فان لكل قاعدة شذوذ ، فان كانت قاعدة البشر وفق ما جاء في الاسلام العظيم ان يلد الانسان وهو على فطرته مسلما ، فان الشذوذ عنها ان يلد الانسان على غير فطرته . أي وبمعنى اوضح وبصريح العبارة لا يلد وهو مسلم وان كان الظاهر على ابويه انهما مسلمين ، وهذا هو ما يفسر لنا سبب ردة بعض "المسلمين" عقب وفاة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسبب وقوع الفتن في صدر الاسلام . فعلى ما يبدو فان المرتدين وأصحاب الفتن عربا وفرسا ويهود قد توارثوا الكفر والفجور والمعصية من ابائهم وأجدادهم .

 

وقد جاء في القران الكريم ما يؤكد على صحة قولنا بوجود أثر الجينات الوراثية للآباء في بعض الاقوام على توريث الكفر لأبنائهم ، وذلك بقوله سبحانه وتعالى (وَالبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْم يَشْكُرُونَ) الأعراف 58 . وقد جاء في تفسير ابن كثير لقوله سبحانه وتعالى (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه) بمعنى الأرض الطيبة يخرج نباتها سريعا حسنا  ، كقوله سبحانه وتعالى (فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا) آل عمران 37 ، أما قوله سبحانه (والذي خبث لا يخرج إلا نكدا) قال مجاهد وغيره : كالسباخ ونحوها . وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في الآية : هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر(21).


كما جاء في العديد من الأحاديث النبوية الكريمة ما يدل على تأثير الجينات الوراثية وان لم يأتي ذكرها صراحة ً، ومن ذلك ما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه (( أن رجلاً أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ولد لي غلام أسود ، فقال صلى الله عليه وسلم : هل لك من إبل؟ قال نعم ، قال : فما ألوانها ؟ قال : حُمر، قال : هل فيها من أورق (البعير الذي ليس بناصع البياض كلون الرماد) قال : نعم ، قال : فأنى ذلك ؟ قال : لعله نزعة عرق ، قال : فلعل ابنك هذا نزعة عرق.))(22). فالحديث الشريف يؤكد أن السمات الجسدية كاللون تنتقل بالوراثة من الأجداد إلى الأحفاد ، حتى وإن لم تظهر في والدي الطفل ، فالحديث الشريف يؤكد الأثر الوراثي للأجداد والأسلاف - مهما بعدوا - في الإنسان . والرسول صلى الله عليه وسلم ضرب مثالاً واقعياً للأعرابي الناكر للون ابنه الذي لا يشبهه ، وهذا ما أكدته الأبحاث العلمية والطبية الحديثة تحت باب "الطفرة الوراثية" واسماه العرب "نزعة عرق" .


الفطرة الانسانية :-
ورد في الإسلام العظيم ذكر مصطلح آخر يشبه والى حد كبير مفهوم ومضمون علم الوراثة ، وهو ما يعرف بالفطرة الإنسانية .


لقد اختلف العلماء في معنى الفطرة ، ولكنهم وبنفس الوقت قد أكدوا على أنها أمر فيه صلاح الإنسانية وخيرها ، فالقرآن الكريم نسب الفطرة إلى الله سبحانه وتعالى ، وهذا يعني أنها أمر محمود . فالقرآن الكريم دائما ما ينسب الشيء المحمود إلى الله عزوجل ، (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) الروم30 ، وقوله سبحانه وتعالى (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) ال عمران 37 ، ومعنى وأنبتها نباتا حسنا أنشأها إنشاء صالحا . وذلك في الخلق ونزاهة الباطن ، فشبه إنشاؤها وشبابها بإنبات النبات الغض على طريق الاستعارة ، ونبات مفعول مطلق لـ " أنبت " وهو مصدر " نبت " وإنما أجري على "أنبت " للتخفيف  (23) .

 

ومما يدل على فطرية السلوك الأخلاقي في الإنسان قول النبي صلى الله عليه وسلم للأشج عبد القيس (( إن فيك لخلقين يحبهما الله ورسوله : الحلم والأناة ، فقال الصحابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله : أخلقين تخلقت بهما أم جبلني الله عليهما ؟ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل جبلك الله عليهما ، فقال الصحابي : الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله)) (24). كما جاء في الحديث المروي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء) .


لذا فقد عرف العلماء الفطرة على أنها ((النظام الذي أوجده الله سبحانه وتعالى في كل مخلوق ، والفطرة التي تخص الإنسان هي ما خلقه عليه جسداً ، وعقلاً ، فمشي الإنسان فطرة جسدية ، ومحاولته أن يتناول الأشياء برجليه خلاف الفطرة الجسدية ، واستنتاج المسببات من أسبابها ، والنتائج من مقدماتها فطرة عقلية... الخ)) (25) ، بينما عرفها آخرون على أنها ((الميل المركوز في أصل الخِلقة لتفضيل الإسلام ، والأخذ به ، وليس منها مجرد ولادة الطفل على خلقه خالية ، لا إيمان بها ولا كفر ، ولا معرفة ، ولا إنكار كالصفحة البيضاء)) (26) وقيل أيضا أنها ((بصيرة ثابتة في جوهرها يولد المرء مزوداً بها لتنزع به نحو الخير في صورته الكلية المجملة - توحيد الله- وتمثل في جوانبها الروحية ، والعقلية ، والنفسية نظاماً متكامل الحلقات)) (27) .


وبناءً على ما تقدم ذكره ، فان للفطرة مفهومين ، مفهوماً خاصاً ، وهو التوحيد ، ومفهوماً عاماً وهو الخصائص والصفات التي خلق الله الناس عليها وتشمل الدوافع الفطرية ، والاستعدادات العقلية ، والنفسية ، والأخلاقية المزود بها ، وظهور التساؤلات عن الكون ، والحياة ، والإنسان ، واتفاق عقول الناس ، والارتياح لما يعد معروفاً ، والنفور مما يعد منكراً.


تحريم لحم الخنزير :-
تشيع فكرة بين أوساط المسلمين بان سبب تحريم لحم الخنزير على المسلم لأنه يحتوي على مواد معينة تذهب الغيرة والحفاظ على شرف الإنسان ، وذلك لان من عادات الخنزير أجلكم الله تعالى انه دياث بعكس الإبل ، حيث جاء تحريم أكل لحم الخنزير في القران الكريم في قوله سبحانه وتعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الأنعام 145 . ولكن فالمتعن في الآية الكريمة لن يجد سبب تحريم أكل لحم الخنزير وفق ما شاع بين أوساط المسلمين بأنه يذهب الغيرة ، إنما جاء التحريم لسبب آخر وهو الرجس أو الفسوق . ومعنى الرجس هو النجس القذر والعمل القبيح والذي لا خير فيه ، وأنه من صفات الشيطان . أما معنى الفسوق فهو الخروج عن طاعة الله عز وجل إلى معصيته والمعصية هنا من الكبائر التي هي دون الشِّرك والكفر ، فلا تخرج من الملَّة ، ولكنها تُنقِصُ الإيمان نقصًا ظاهرًا ، كالزِّنى والسَّرقة وشرب الخمر واكل لحم الخنزير متعمدا وبلا اضطرار .  وبالتالي فليس لنا أن نؤكد صحة هذه الشائعة وان لم نكن لننفيها ، فقد يأتي يوم ويثبت العلم لنا بان لحم الخنزير يحتوي على مواد معينة تؤثر سلبا على هرمونات خاصة بسلوك الانسان وأخلاقه وموقفه من قضية الشرف ، والله اعلم .


الاسلام العظيم وأهمية العرق وضرورة الحفاظ على سلامته :-
نعود مرة اخرى لتأكيد بعض ما جاء انفا ، فمما لاشك فيه فان البشر يختلفون فيما بينهم من حيث اللون والشكل والقامة ومن حيث اللغة والعادات والتقاليد والأديان ومن حيث  تقدمهم الحضاري والثقافي والعلمي .  وهذه الاختلافات لا تعود الى العوامل البيئية المحيطة بالفرد او بالمجتمع فحسب ، مثلما لا تعود الى العرق فقط ، انما هو اختلاف ناتج عن الاثنين ، عن البيئة وعن العرق .


 فلكل عرق ولكل امة ما يخصها من عادات وتقاليد وأعراف وقوانين وحضارة وثقافة ومنزلة تميزها عن غيرها وتتناقلها عوامل الاكتساب والوراثة من جيل لأخر. فاختلاف البشر غير محدود ولاسيما في اللغة والثقافة والمهارات واللون والشكل. وقد جعل الله عزوجل هذه الفوارق نعمة للبشر لا نقمة وجعل اختلاف اعراقهم رحمة لا مدعاة للتعصب والظلم وإراقة الدماء بل انه سبحانه وتعالى قد أمرهم بالأخوة الانسانية حيث لا يظلم احدهم الاخر فلا يستحقره ولا يبخس حقه وقدره في الحياة ، قال سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات 13 .

 

فالله عز وجل قد  خلق البشر شعوب وقبائل مختلفة ، ليتعارفوا فيما بينهم ويتعاونوا ويتبادلوا خبراتهم ومعلوماتهم وبضائعهم ومزروعاتهم واكتشافاتهم فتسود بينهم مشاعر المحبة والمودة والسلام والأمن والاطمئنان . ولولا اختلاف البشر لما قدر للحياة ان تستمر بل لانقرض الجنس البشري برمته منذ امد بعيد . فاختلاف البشر وفر لهم فرص اكبر للنجاة من الكوارث الطبيعية ومن الاوبئة والأمراض والحروب والمجاعات مثلما وفر فرص اكثر ليستكشف البشر ويستثمروا ثروات الارض وكنوزها وخيراتها . قال وقوله الحق (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) الملك 15.


 

فغاية خلق البشر عبادته هو الخالق ، الواحد ، الاحد ، الرزاق ، العزيز ، العليم ، مالك الملك ، الجبار ، العظيم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 21 ، فانه سبحانه وتعالى لا ينظر الى صورنا او علومنا او عددنا او عدتنا انما الى قلوبنا وأيماننا وتقوانا له سبحانه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"، فلا دافع لحسابه وعذابه إلا من اتقاه واتقى خلقه فيه ، قال سبحانه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء 1.


وليعلم بني ادم كلهم ان رضى الله وكرمه لن يناله احدا لوراثة او حسبا او نسبا او علمنا ، بل لتقواه هو وحده ، قال وعز من قال (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) فالله عليم بما في الغيب خبير بما في النفس البشرية (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) .


 كما امر الله سبحانه وتعالى البشر بالحفاظ على حياتهم التي وهبها هو سبحانه وتعالى لهم ، وهو بيده وحده يقرر متى يعطيها ومتى يأخذها فحياة الإنسان بدأت وتستمر بقرار منه سبحانه وتعالى ، فلا يجوز لأي انسان ان يزهق روحه لأي سبب او حجة . بل ان الله عزوجل قد حذر الانسان من فعل كل ما من شانه ان يعرض روحه للهلاك او حتى للأذى (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة 195 . وعلى الانسان ان يؤدي واجبه على اتم وجه وأفضل صورة كخليفة لله تعالى على الارض (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) البقرة 30 ، فروحه ليست ملكه ، بل ملكه هو الخالق العظيم ، وهي وديعته التي اودعها عنده ، وهي امانة وجب على الانسان الحفاظ عليها ، وهي هبة الله وهديته فواجب الانسان صيانتها واحترامها وتكريمها والحرص على سلامتها .


 فالحفاظ على صحة الانسان وسلامته وسلامة نسله وجنسه ، ليس حقا كفله الله له فحسب ، بل هو تكليفا وواجبا مقدس قد امره به وبينه لنا رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فعن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((تخيروا لنطفكم ، فانكحوا الأكفاء ، وانكحوا إليهم
)) (28) فهذا حديث عام للنبي صلى الله عليه وسلم يحث فيه على اختيار الزوجة الصالحة ذات الصفات الحميدة والصحة الجيدة. وفي الاطار نفسه ينقل لنا أبي هريرة رضى الله عنه انه قال (( كنتُ عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتاه رجلٌ ، فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار ، فقال له صلى الله عليه وسلم : أنظرتَ إليها ؟ قال : لا ، قال : فاذهب فانظر إليها ؛ فإنَّ في أعين الأنصار شيئاً )) رواه مسلم . (29) .


كما يروى عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أنه قال لبني السائب وقد اعتادوا الزواج بقريباتهم ((مالي أراكم يا بني السائب قد ضويتم - ضعفتم وهزلتم - غربّوا النكاح لا تضووا )) (30). فالأثر يدل على الحرص على سلامة الأولاد من الأمراض ، والعاهات الوراثية المتناقلة بين الأقارب ، ففي التغريب تزداد الأجسام صلابة وقوة وتماسكاً ، في حين أن الزواج من القريبات ، ولأسباب وراثية يجعل النسل ضعيفاً من حيث الجسم والذكاء وقد يورث الأولاد صفات خلقية ذميمة وعادات اجتماعية مستهجنة.


 بل ان رسولنا الكريم  محمد صلى الله عليه وسلم قد نبه عن اهمية العرق والنسب والسلالة البشرية وبأهمية وضرورة حسن اختيار الزوجة السليمة الصالحة ، بقوله صلى الله عليه وسلم (تنكح المرأة لأربع : لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) (31) وقوله صلى الله عليه وسلم (تخيروا لنطفكم ، فإن العرق دساس) (32) فهذا الحديث جاء عاما أكثر من غيره فلم يبين أي شئ يدس بالعرق ، وبالتالي نفهم من حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم انه قصد العمومية هنا ، لا الخصوصية فالعرق أذن يدس العديد من العناصر الموروثة .


وهنا وجب علينا ان نبين امرا في غاية الاهمية فقد يظن البعض ان رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قد حصر وارجع سلامة الابناء والعرق والأجيال الى الام دون الاب ، وهذا ظن خاطئ ، فرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حينما خاطب الرجال وأمرهم بان يتخيروا لنطفهم ، فذلك بحكم عادة الزواج بان يطلب الرجل يد المرأة للزواج بها لا العكس ، فالرجل هو من يتقدم لخطبة المرأة بعد ان اختارها هي دون غيرها شريكة لحياته اما لأولاده وللمرأة حق القبول او الرفض. كما جاء عن الإمام عليّ رضي الله عنه قوله (حُسنُ الأخلاق بُرهانُ كرم الأعراق) فصلاح الوالدين يهيّء الأرضيّة لصلاح الولد كما أنّ فسادهما يهيّء الأرضيّة لفساده وانحرافه. وقوله صلى الله عليه وسلم (الناس معادن ، والعرق دساس ، وأدب السوء كعرق السوء) (33) .

وفي ذات المعنى ودليلا على صحة وسلامة ما سبق وتحدثنا عنه بان لكل عرق ولكل امة ما يخصها من عادات وتقاليد وأعراف وقوانين وحضارة وثقافة ومنزلة تميزها عن غيرها وتتناقلها عوامل الاكتساب والوراثة من جيل لأخر ، فقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : وخلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم ، واختار من بني آدم العرب ، واختار من العرب مضر ، واختار من مضر قريشا ، واختار من قريش بني هاشم ، واختارني من بني هاشم ، فأنا خيار إلى خيار ، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم ، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم (34).

 وعن أبي هريرة قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: إن الله حين خلق الخلق بعث جبريل ، فقسم الناس قسمين ، فقسم العرب قسما ، وقسم العجم قسما ، وكانت خيرة الله في العرب ، ثم قسم العرب قسمين ، فقسم اليمن قسما ، وقسم مضر قسما ، وقسم قريشا قسما ، وكانت خيرة الله في قريش، ثم أخرجني من خير ما أنا منه (35).


وأخرج الترمذي والحاكم وغيرهما عن سلمان قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا سلمان ؛ لا تبغضني فتفارق دينك. قلت : يا رسول الله كيف أبغضك وبك هدانا الله! قال : تبغض العرب فتبغضني (36) . وأخرج الحاكم والطبراني عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حب قريش إيمان وبغضهم كفر ، وحب العرب إيمان وبغضهم كفر ، فمن أحب العرب فقد أحبني ، ومن أبغض العرب فقد أبغضني .
 
 

وهنا قد يدعي البعض بان الصهيونية العالمية او اليهودية لم تكن الوحيدة التي تبنت افكار عنصرية وانتهجت التمييز العنصري فيتهم ديننا الاسلام العظيم بأنه هو الاخر قد تبنى نفس الموقف ونفس النظرة وانتهج نفس النهج في التمييز العرقي . فما هو موقف الاسلام العظيم من العرق وما هي حقوق باقي الامم والأديان التي اقرها الاسلام لهم..؟!!


الاسلام وحقوق باقي الامم والأعراق :-
يخاطب القران الكريم الإنسان بشكل عام وليس المسلم فحسب بما يرفع من شانه ويكرمه ويحسن اليه ، كما في قوله سبحانه وتعالى (إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين) ص 71 – 74 ، )ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)  الإسراء70 ، )لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) التين 4.
 
كما يقدم لنا القران الكريم دليل اخر في اتجاه نبذ الفرقة والتعصب العنصرية والتميز العرقي بل يحث البشر على التعاون والمحبة وتبادل المنافع بما يحقق مصلحة الجميع فالله لا يقيم الناس على الوانهم وأعراقهم انما على تقواهم كما في قوله سبحانه وتعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) الحجرات 13 ، وقوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء 1، وقوله سبحانه وتعالى (مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ۗ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) لقمان 28.

 كما يبين لنا رسولنا الكريم محمد الله صلى الله عليه وسلم معيار التقييم عند الله سبحانه وتعالى لا يستند الى الواننا او اعراقنا بل الى تقوانا كما جاء بحديثه صلى الله عليه وسلم (أيها الناس ، إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، كلكم لآدم ، وآدم من تراب ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، ليس لعربي على عجمي ، ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أبيض ، ولا لأبيض على أحمر- فضل إلا بالتقوى. ألا هل بلغت ، اللهم فاشهد ، ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب) رواه البخاري (37) .

وفي نفس المعنى واحتراما لآدمية الإنسان بحد ذاتها بعيدا عن دينه ومعتقده فيروى عن النبي صلى الله عليه وسلم (انه قام من مجلسه احتراما لجثمان ميت مر أمامه وسط جنازة سائرة ، فقام من كان قاعدا معه ، ثم قيل له فيما يشبه التنبيه ولفت النظر : إنها جنازة يهودي ؟ عندئذ جاء رد النبي صلى الله عليه وسلم  واضحا وحاسما : أليست نفسا ) رواه البخاري (38).

 أي إن أساس التفضيل عند الله عزوجل هي التقوى فليس للعربي أي تميز وتفضيل عند الله عزوجل لكونه عربي ، وبمعنى أوضح فالعربي إن كان كافراً أو مشركاً أو عاصياً فليس له أي تفضيل على غيره من الأقوام والأمم والشعوب ونفس  الحال مع غير العرب .
 

 

 الاسلام وحقوق باقي الأديان :-
 

يبين لنا القران الكريم ان المؤمنين من الاديان السماوية الاخرى لهم اجرهم وجزائهم عند الله عزوجل حيث قال سبحانه وتعالى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) البقرة 62 .

كما ان الله سبحانه وتعالى يحث المسلمين على أمر في غاية الاهمية وهو ان نحترم باقي الاديان ونؤمن بأنبيائهم عليهم السلام حيث جاء في القران الكريم قوله سبحانه وتعالى (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ) البقرة136 ، وقال عز وجل)شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) الشورى 13، وقال عز وجل (والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما) النساء 152 ، وقال عز وجل (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) البقرة 285.
 
كما جاء في أحاديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ما يوصي المسلمين بعدم التمييز بينه وبين أخوته الأنبياء عليهم السلام حيث قال صلى الله عليه وسلم (لا تفضلوني على يونس بن متى) (39) . وفي ذات السياق يروى عن الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه (أنه صادف شيخا يهوديا ضريرا يتكفف الناس ، فأخذه بيده إلى بيت المال يقول لعامله عليه : انظر هذا وضرباءه "امثاله" ، فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم). ومن هذا المنطق ايضا فيروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه امر بعقاب ابن واليه على مصر عمرو بن العاص ، عندما ضرب ابنه صبيا قبطيا ، فأصر عمر على أن يقتص الصبي القبطي من ابن عمرو بن العاص ، قائلا له : اضرب ابن الأكرمين !! ثم وجه قوله إلى القائد المسلم قائلا : مذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا (40) .
 
كما تبين لنا معاهدة استسلام القدس ، التي كتبها معاوية بن أبي سفيان  ، ووقع عليها الخليفة عمر بن الخطاب ، وبطريرك المدينة سوفروينوس ، نيابة عن المسيحيين ، وأثبتها الطبري في تاريخه بالنص الآتي:

 (بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان : أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم ، ولكنائسهم وصلبانهم ، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها ، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ، ولا من صليبهم ولا شيء من أموالهم ، ولا يكرهون على دينهم ، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود ، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص ، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله ، ومن أقام منهم فهو آمن وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية ، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بيعهم وصلبهم ، فإنهم على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم حتى يبلغوا مأمنهم ، ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل فلان ، فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية ، ومن شاء سار مع الروم ، ومن شاء رجع إلى أهله ، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم ، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء ، وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية) وختم عمر الكتاب بتوقيعه ، ثم شهد عليه خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، ومعاوية بن أبي سفيان ، الذي كتبه بيده عام   15 للهجرة (41) .

 وقد منحت نفس الشروط من المسلمين إلى سكان المدن الأخرى في جميع أنحاء الأقاليم التي اجتمعت تحت راية الإسلام .كما منح أبو عبيدة شروطا مماثلة للسامريين في نابلس. وتلك الشروط تمثل جوهر الذمة التي تحكم العلاقات المقبلة بين المسلمين وغير المسلمين ، وبصفة أساسية ، فقد ضمنت الأمن للأشخاص والممتلكات ، والحق في ممارسة الديانات غير الإسلامية ، والحفاظ على المؤسسات العامة التي لديهم أيا كانت ، مثل الكنائس ، والمدارس التي دائما ما كانت تلحق بالكنائس (42) .

 
نظام الجزية الاسلامي .. ضمان للحقوق ام استلاب لها ..؟

كما سبق وذكرنا فقد يتهم البعض ديننا الإسلام العظيم بأنه هو الأخر قد تبنى وانتهج التمييز العرقي تحت باب الجزية ، كقوله سبحانه وتعالى (
قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) التوبة 29. وقد يرى في الآية القرآنية الكريمة الأنفة الذكر صورة من صور الظلم والقهر والإذلال للشعوب التي دخلت في رعوية الأمة المسلمة ، فما هي الجزية وهل يمكن أن تعتبر تحت باب التمييز العرقي (43) ..؟!!


 لم تكن الجزية نظاما خاصا بالإسلام فحسب بل قد وردت في الاديان وعند الشعوب الاخرى وان كانت على صور اخرى ، فالعهد الجديد شيوع ينقل لنا احدى تلك الصور حين قال المسيح لسمعان (ماذا تظن يا سمعان ؟ ممن يأخذ ملوك الأرض الجباية أو الجزية ، أمن بنيهم أم من الأجانب ؟ قال له بطرس من الأجانب.قال له يسوع : فإذاً البنون أحرار) انظر"متى 24-25/17" .

والأنبياء عليهم السلام حين غلبوا على بعض الممالك بأمر الله ونصرته أخذوا الجزية من الأمم المغلوبة ، بل واستعبدوا الأمم المغلوبة ، كما صنع النبي يشوع مع الكنعانيين حين تغلب عليهم (فلم يطردوا الكنعانيين الساكنين في جازر. فسكن الكنعانيون في وسط افرايم إلى هذا اليوم وكانوا عبيداً تحت الجزية) ، فجمع لهم بين العبودية والجزية ، انظر "يشوع 10/16".

والمسيحية لم تنقض شيئا من شرائع اليهودية ، فقد جاء المسيح متمماً للناموس لا ناقضاً له ، "انظر متى 5/17" ، بل وأمر المسيح أتباعه بدفع الجزية للرومان ، وسارع هو إلى دفعها ، فقد قال لسمعان (اذهب إلى البحر وألق صنارة ، والسمكة التي تطلع أولا خذها ، ومتى فتحت فاها تجد أستارا ، فخذه وأعطهم عني وعنك) انظر "متى 24-27/17 ".

 ولما سأل اليهود نبي الله عيسى عليه السلام حسب ما جاء في العهد الجديد عن رأيه في أداء الجزية أقر بحق القياصرة في أخذها (فأرسلوا إليه تلاميذهم مع الهيرودسيين قائلين: يا معلّم نعلم أنك صادق، وتعلّم طريق الله بالحق، ولا تبالي بأحد لأنك لا تنظر إلى وجوه الناس. فقل لنا: ماذا تظن ، أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا؟ فقال لهم: لمن هذه الصورة والكتابة؟ قالوا: لقيصر. فقال لهم: أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر، وما للّه للّه) انظر متي "21-22/16" .

 اما الجزية في الاسلام فقد أمر الله عزوجل بأخذ الجزية من المقاتلين دون غيرهم حيث جاء في تفسير القرطبي (الذي دل عليه القرآن أن الجزية تؤخذ من المقاتلين وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنما توضع على الرجال الأحرار البالغين ، وهم الذين يقاتلون دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني) (44) .

كما لم يكن المبلغ المدفوع للجزية كبيراً تعجز عن دفعه الرجال ، بل كان ميسوراً ، لم يتجاوز على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الدينار الواحد في كل سنة ، فيما لم يتجاوز الأربعة دنانير سنوياً زمن الدولة الأموية . وفي عهد عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ضرب الجزية على أهل الذهب: أربعة دنانير، وعلى أهل الورِق: أربعين درهما؛ مع ذلك أرزاق المسلمين، وضيافة ثلاثة أيام (45)  .

 يأمر الله في كتابه والنبي في حديثه بالإحسان لأهل الجزية وحسن معاملتهم ، وتحرم الشريعة أشد التحريم ظلمهم والبغي عليهم ، فقد حثّ القرآن على البر والقسط بأهل الكتاب المسالمين الذين لا يعتدون على المسلمين  (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) الممتحنة 8. والبر أعلى أنواع المعاملة ، فقد أمر الله به في باب التعامل مع الوالدين ، وهو الذي وضحه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر بقوله : (البر حسن الخلق) (46) .
 
وفي التحذير من ظلم أهل الذمة وانتقاص حقوقهم يقول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ( من ظلم معاهداً أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة) (47) . ويقول صلى الله عليه وسلم (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً ) (48) . وحين أساء بعض المسلمين معاملة أهل الجزية كان موقف العلماء العارفين صارماً ، فقد روي عن هشام بن حكيم بن حزام انه مر على أناس من الأنباط بالشام قد أقيموا في الشمس ، فقال : ما شأنهم ؟ قالوا : حبسوا في الجزية ، فقال هشام : أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا) قال : وأميرهم يومئذ عمير بن سعد على فلسطين ، فدخل عليه ، فحدثه ، فأمر بهم فخُلوا (49) .
  

ملاحظة : تم الانتهاء من هذه الحلقة قبل عدة اشهر ولكن تم التعديل عليها في الايام الاخيرة مما ادى الى تأخر نشرها .
 


 
 

الهوامش:

 

1-  اطلع على الجزء الاول من دراستنا المنشور تحت عنوان (هل نجحت المخابرات الأمريكية في تجنيد الشعب العربي برمته / الجزء الأول : هل نابت الجماهير العربية المليونية عن جيوش أعداءها في ذبح أمتها ) :

http://www.albasrah.net/pages/mod.php?mod=art&lapage=../ar_articles_2012/0312/ra2ft_190312.htm

 

2- لا نتفق مع كل ما جاء في المصادر والأبحاث والمقالات التي تم اعتمادها في هذه الحلقة وذلك لأننا نرى بان تلك المصادر قد خلطت الصالح بالطالح فضاع على القارئ الكريم ما هو الصحيح والصائب والمفيد من ما هو خاطئ ومضر بل وان بعض ما جاء في المصادر لا يعدو سوى ان يكون مسخ قد نسخ من مصادر ذات توجهات مسمومة او ان كتابها لم يتأنوا جيدا في تأليفها فاكتفوا بترديد ما يقولوه الاخرون كالببغاء .

 

3- انظر المزيد من المصطلحات التي غالبا ما تأتي عند الحديث عن العرق :

http://www.almaany.com/home.php?language=arabic&lang_name=English&word=%D8%B9%D9%86%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9

 

4- انظر المصدر :

http://www.gerasanews.com/print.php?66208

 

5- تعريف التعصب عند ابن منظور ، معجم لسان العرب :

http://www.lesanarab.com/kalima/%D8%B9%D8%B5%D8%A8

 

6- الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي ، المحدث : أبو داود ، المصدر : سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم : 5119 .

 

7- قومه هنا بمعنى عرقه ، لا بمعنى مجتمعه او محيطه او شعبه او امته . اي الاشخاص الذين يرتبطون فيما بينهم برابطة الدم . فالمجتمع والشعب وحتى الامة قد تدل على خليط من الاعراق كما هو الحال في الشعب العراقي حيث فيهم العربي والكردي والتركماني او كما هو الحال مع الامة الاسلامية حيث تتالف من عشرات الشعوب والاعراق.

 

8- قال البخاري رحمه الله : حدثنا محمد بن سلام ، حدثنا عبدة ، عن عبيد الله ، عن سعيد بن أبي سعيد ، وقد رواه البخاري في غير موضع من طرق عن عبدة بن سليمان ، ورواه النسائي في التفسير من حديث عبيد الله - وهو ابن عمر العمري - به ، انظر المصدر :

http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&1756

 

 

9- للمزيد من المعلومات ، انظر المصدر :

http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&80359

 

10- شعب الله المختار ، انظر المصدر :

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B4%D8%B9%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1

 

11- ماذا يقول تلمود اليهود عن المسيح والمسيحيين ومقدساتهم وإنجيلهم :

 http://www.palestine-info.com/arabic/terror/alfikr/mshrh_ali.htm

 

12- الجوييم او الغوييم وهي كلمة عبرية معناها الأغيار او الغرباء ، اقرأ المزيد :

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%BA%D9%8A%D8%A7%D8%B1

 

13- البعث في ميزان الشريعة الاسلامية / الجزء الثاني : شرعية الفكر القومي للبعث.

http://rafatali2012.blogspot.com/2012/11/blog-post_5707.html

 

14- لماذا نكره هتلر : اكذوبة نظرية العرق النازية .

http://rafatali2012.blogspot.com/2013/07/blog-post_293.html

 

15-  عائلة اللغات :

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D9%84%D8%A7%D8%AA_%D9%84%D8%BA%D9%88%D9%8A%D8%A9

 

16- سنتناول موضوع اختلاف ومميزات الامم والأعراق في الحلقتين القادمتين من هذا الجزء لذا نرجوا ان لا يتسرع البعض علينا بالأسئلة والاستفسارات والنقد .

 

17- قد يفهم البعض تشبيهنا لعلاقة العالم بالعامل والضابط بالجندي باننا نقصد ان هنالك اعراق ذكية متفوقة واخرى غبية متخلفة ، وهذا ما لانقصده ولا نؤمن به ، وسنوضح هذه المسالة بشئ من التفصيل بالحلقة الاخيرة من هذا الجزء بعونه تعالى.

 

18- قال مسلم رحمه الله : حدثنا عمرو الناقد ، حدثنا كثير بن هشام ، حدثنا جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم ، عن أبي هريرة ، ورواه ابن ماجه عن أحمد بن سنان ، عن كثير بن هشام – به ، انظر المصدر :

http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&1756

 

19- انظر المصدر :

http://www.islam2all.com/hadeeth/moslem/alqadr.php?alqadr=6

 

20- انظر المصدر :

http://www.alsiraj.net/hadith/html/page052.html

 

21- انظر المصدر :

http://www.almaany.com/home.php?language=arabic&lang_name=%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A&word=%D8%B9%D9%86%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9

 

22- رواه البخاري ، صحيح البخاري ، كتاب الطلاق ، باب إذا عرض لنفي الولد ، ج5 ، ص  2032 ، حديث رقم (4999) .

وانظر ايضا :

http://articles.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&155764

 

23- تفسير القرآن ، التحرير والتنوير ، انظر المصدر :

http://www.alro7.net/ayaq.php?aya=37&sour3

 

24- انظر المصدر:

http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?hflag=1&bk_no=103&p813903

 

25- محمد الطاهر بن عاشور. التحرير والتنوير، بيروت، مؤسسة التاريخ، ط1، 2000م، ج21، ص 48.

 

26- محمد عز الدين توفيق. دليل الأنفس بين القرآن والعلم الحديث، القاهرة، دار السلام، 1998م، ص 22.

 

27- أحمد الدغشي ، الأساس الفطري للتربية الإسلامية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة اليرموك، كلية الشريعة، إربد، الأردن، 1995م، ص 12.

 

28- رواه الحاكم. المستدرك على الصحيحين، ج2، ص 176، حديث رقم (2687).

http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=2571&idto=2573&bk_no=74&1135

 

29- عبد الله السعيد. من الأعجاز الطبي في الأحاديث الشريفة، عمان، دار الضياء للنشر والتوزيع، ط1، 1989م، ص 19.

 انظر ايضا :

http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=4208&idto=4211&bk_no=53&625

 

30- الماوردي ، أدب الدنيا والدين، ص 34، وصححه الألباني. ، انظر ايضا : http://ar.islamway.net/fatwa/27902

 

31- للمزيد من المعلومات انظر المصدر :

http://www.ibnbaz.org.sa/mat/11541

 

32- أخرجه ابن ماجة من حديث عائشة رضي الله عنها مختصراً دون قوله: (فإن العرق دساس) ، سنن ابن ماجة ج1 ص633، رقم الحديث 1968 . وقال العراقي: وروى أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس (تزوجوا في الحجر الصالح فإنّ العرق دساس) وروى أبو موسى المديني في كتاب "تضييع العمر والأيام" من حديث ابن عمر وكلاهما ضعيف . المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار بذيل الإحياء ج2 ص40-41 . وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ج3 ص56 ، رقم الحديث 1067 .

 

33- للمزيد من المعلومات انظر المصدر :

http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=502&p303049&h141

 

34- أخرجه الحاكم في المستدرك والطبراني في المعجم الكبير والأوسط ، قال الهيثمي: وفيه حماد بن واقد وهو ضعيف يعتبر به، وبقية رجاله وثقوا ، وقال الهيتمي في مبلغ الأرب: حديث سنده لا بأس به، وإن تكلم الجمهور في غير واحد من رواتـه ، المصدر نفسه .

 

35- أخرجه الطبراني في المعجم الأوس، ط قال الهيتمي في مبلغ الأرب : سنده حسن ، المصدر نفسه .

 

36- هذا حديث حسن غريب وقال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، وقال الذهبي في التخليص : قابوس بن أبي ظبيان تكلم فيه ، المصدر نفسه .

 

37- صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (23536)، والبيهقي في شعب الإيمان، باب في حفظ اللسان، فصل ومما يجب حفظ اللسان منه الفخر بالآباء وخصوصا بالجاهلية والتعظيم (5137)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2700).

انظر المصدر :

 http://bayanelislam.net/Suspicion.aspx?01-07-0041&value=&type=#_edn1

 

38- أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الجنائز ، باب من قام لجنازة يهودي (1250) ، ومسلم في صحيحه ، كتاب الجنائز ، باب القيام للجنازة (2269).

http://bayanelislam.net/Suspicion.aspx?01-07-0041&value=&type=#_edn1

 

39- أبي فداء الحافظ ابن كثير، البداية والنهاية ، المجلد الأول - الجزء الأول، صفحة 236.

 

40- أخرجه علاء الدين البرهان فوري في كنز العمال ، كتاب فضائل الفاروق رضي الله عنه ، باب عدله رضي الله عنه (36010).

http://bayanelislam.net/Suspicion.aspx?01-07-0041&value=&type=#_edn1

 

41- تاريخ الطبري ، محمد بن جرير الطبري ، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1407هـ، ج2، ص499.

http://bayanelislam.net/Suspicion.aspx?01-07-0041&value=&type=#_edn1

 

42- المصدر نفسه .

 

43- الجزية في الإسلام :

http://www.saaid.net/Doat/mongiz/14.htm

 

44- انظر الجامع لأحكام القرآن (72/8).

 

45- انظر مشكاة المصابيح ح (3970) ، وصححه الألباني.

 

46- رواه مسلم برقم (2553) .

 

47- رواه أبو داود في سننه ح (3052) في (3/170) ، وصححه الألباني ح (2626) ، و نحوه في سنن النسائي ح (2749) في (8/25) .  

 

48- رواه البخاري ح (2295) .

 

49- رواه مسلم ح (2613) .


 

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 

الرفيق رأفت علي والمقاتل النسر

بغداد الجهاد

 

 





الاربعاء ٢٨ شــوال ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / أيلول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق رأفت علي والمقاتل النسر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة