شبكة ذي قار
عـاجـل










الإستراتيجية الصهيو - أمريكية، معنية بتدمير عناصر قوة الأمة .

أحد أهم عناصر قوة الأمة العربية ، هي الجيوش العربية .

تفكيك هذه الجيوش .. يتم بجرها إلى مستنقع حرب شوارع .

نتائج هذه الحرب .. استنزافها وتفكيكها وإضعافها وتدميرها .

 

في عالم السياسة، اختيار الأهداف والوسائل يتم على أساس وجوب أن تكون الكلف غير باهظة للوصول إلى الهدف، حيث تقاس قيمة الهدف عادة بقيمة كلف الوصول إليه، فإذا كانت الكلف باهظة لا تتناسب مع قيمة الهدف السوقي، يتريث صانع القرار ويفتش عن وسيلة أخرى ممكنة تحقق له الهدف المرسوم بأقل قيمة وبأقل الخسائر.

 

جربت "إسرائيل" حروبها الخاطفة ضد العرب لعقود، حققت خلالها أهدافها العسكرية باحتلال الأراضي الفلسطينية والعربية، ووضعتها في إطار سياسة أسمتها إستراتيجية " الأرض مقابل السلام "، وجَرَتْ العرب إلى مفاوضات عقيمة استمرت عقود من الزمن، جنت "إسرائيل" اعتراف الفلسطينيين بدولة الاحتلال الاستيطاني الصهيونية، ووضعت الفلسطينيين في حلقة مفرغة أسمتها "العصى والجزرة"، على أساس الترهيب والترغيب ( بدويلة فلسطينية منزوعة السلاح وقابلة للحياة وقادرة على أن تعيش مع جيرانها بسلام ) ، والمعني في ذلك، الكيان الصهيوني خصراً .. ثم عملت على تقسيم القوى الفلسطينية والعمل على إيقاع  تقسيمهم جيو- سياساً ( الضفة وقطاع غزة ) ، ودفعهم باتجاه التصادم كمرحلة أولى تنتهي بإفراغ قطاع غزة من سكانها صوب سيناء مصر، ودمج الضفة مع الأردن كوطن بديل .. وما تزال مراحل المخطط الـ ( جيو- إستراتيجي ) قيد التنفيذ .

 

لم تعد ( إسرائيل ) قادرة على خوض حروب إقليمية مكلفة في الدماء والإمكانات المادية مع تطور قدرات التدمير الحديثة، وكذا أمريكا لم تعد تجرؤ على خوض حروب واحتلال شبيه بما قامت به من عدوان غاشم على العراق .. فالتزمت ( إسرائيل ) الصمت حيال ما يحدث في المنطقة، واكتفت أمريكا باستخدام إستراتيجية ( المفاوضات- والعقوبات- والحصار- والتهديد باستخدام القوة من خلال الناتو ) .!!

 

الهدف المركزي من كل هذا المخطط الأمريكي- الإسرائيلي، هو تجريد المنطقة العربية من عناصر قوتها بطريقة جرها إلى مستنقعات التصادم الداخلي واستنزافها عن طريق خلق حالات التصادم في مكونات التناقضات ذاتها، على وفق واقع الصراع، ومتطلبات استمراره .. ومن هنا يتوجب الانتباه إلى أن ما وراء هذا المخطط هو إقامة نظام أمن إقليمي يتشكل من كل من ( إيران وتركيا وإسرائيل ) برعاية أمريكية، وهذا ما رسمه مؤتمر الناتو الذي عقد في أنقرة عام 2010.!!

 

لا يجب أن يستدرج الجيش المصري لمستنقع صراع الشوارع، والجيش السوري أنموذجاً غاص في لجة الصراع مع مكونات مليشية تحكمها عقيدة مغايرة لعقيدة قتال الجيوش النظامية .. فالفخ نصب للجيش المصري قبل سقوط نظام حسني مبارك وقبل ما يسمى بـ ( الربيع العربي ) ، فأمريكا لا تستطيع تحمل مغامرة الحرب في المنطقة إلا من خلال ما يسمى بـ ( الشراكة الإستراتيجية ) ، وهذه الشراكة لا تتم إلا من خلال ( الناتو ) ، والفيتو الروسي – الصيني قد أغلق على هذه الشراكة فعلها الحربي، ولم يتبق أمام أمريكا والناتو والقوى الإقليمية سوى الاعتماد على خيار الداخل والقوى المتعاونة معهما، ومن هذه القوى الرئيسة " الأخوان المسلمين" الذين يعتبرون الآن رأس الحربة الأمريكية الإسرائيلية الإيرانية للنيل من الجيش المصري، وذلك باستدراجه إلى مستنقع الصراع الداخلي، بزيادة وتيرة التصادم بواسطة الدعم الخارجي .

 

إن مهمة الجيش ليست لحل مشكلات الأمن في الداخل، إنما المهمة تقع على عاتق الشرطة وقوى الأمن الداخلي، باعتبارها القوة المعنية بإنهاء حالة الاحتقان عن طريق القانون والمحافظة على هياكل الدولة ومؤسساتها ومراكزها السيادية، فضلاً عن عدم التفريط بمعادلة المساواة والعدالة الاجتماعية وحماية المواطنين كل المواطنين دون استثناء أو تمييز، والعمل على تنفيذ الأهداف التي رسمها قرار التصحيح .

 

معادلة استخدام القوة قد تغيرت كلياً على مستويين، اشتمل المستوى الأول على الوضع الإقليمي، حيث سقط خيار استخدام القوة بين الوحدات السياسية الكائنة في المنطقة، أما المستوى الثاني فقد اشتمل على الوضع الداخلي، حيث التصادم بين مكونين عسكريين غير متكافئين في التشكيل وفي القوة والعقيدة القتالية، أحدهما نظامي والآخر غير نظامي.. ومن هذه الزاوية يبدأ مسلسل الصراع الداخلي، وهو في حقيقته صراع استنزاف ينتهي ليس بتفكيك الجيش فحسب، إنما بتدمير الدولة وتفكيك المجتمع مذهبياً وطائفياً وإثنياً وعشائرياً وقبيلياً ومناطقياً يصب في خدمة الإستراتيجية الإسرائيلية – الأمريكية – الإيرانية – التركية .!!

 

www.albasrah.net/ar_articles_2011/0611/abahakm_210611.htm

 

حروب التفكيك هذه، الموجهة أساساً إلى العرب والمسلمين، تعد أبرز متغير خطير يظهر على مسرح الصراع الدولي، يتخذ أبعاداً محلية وإقليمية ودولية .. انفردت أمريكا في هذه الحروب ابتدأ بأفغانستان والعراق بعد عام 2001 حيث أفرغت أمريكا شحنتها العدوانية فتقهقرت، فيما شارك حلف شمالي الأطلسي حروب أخرى ذات طابع يحمل سمة الشراكة الإستراتيجية الإمبريالية المحدودة .

 

أما المتغير الآخر الذي ظهر على هذا المسرح بعد مضي عقدين من الصراع، فيتمثل بالفيتو الروسي والصيني، الذي يحمل بعدين أحدهما يمنع شن الحرب في خارج إطار النظام الدولي، والآخر يظهر ملامح قوية للتعاون الإستراتيجي الروسي- الأمريكي في حقل إدارة الصراع والأوضاع الدولية، وخاصة التي تمثل الأزمات الحادة عن طريق تحديد خطوط حمراء يرسمها التنافس على مراكز النفوذ، على أساس عدم التعرض للمصالح الحيوية من جهة، وعدم التعرض للمجالات الحيوية من ناحية ثانية لكلا الطرفين المتنافسين .

 

المتغير في إطار الجيو- إستراتيجي الأوربي الذي دفع أوربا إلى الخروج عن العقيدة العسكرية للحلف الأطلسي، وهي تتبنى الدفاع عن أوربا وترفض الخروج بصيغة هجوم في خارج نطاق الجغرافيا الأوربية المحكومة بمحددات قانونية وعقيدة عسكرية دفاعية إستراتيجية .. المتغير في هذه المنحى يتمثل بانكماش التوجهات الإستراتيجية الأوربية، استناداً إلى مقررات مؤتمر حلف الناتو الذي عقد  في لشبونة بتاريخ 20/11/2010، التي تشير إلى الانسحاب من أفغانستان، وهي تخفي حالة التريث في مسألة تقييم حالة الانجرار إلى الحرب خارج الجغرافيا الأوربية ، لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى .

 

إن هذه المتغيرات، التي تركزت على إعادة هيكلة المنطقة العربية حصراً و ( الشرق الأوسط ) عامة، هي إستراتيجية قائمة على مشاريع شرق أوسطية، ومنها مشروع " رالف بيترز " عام 2006، الذي يشير إلى تفكيك الكتل الكبيرة والقوية كالعراق ومصر، وبالتالي إخراج العرب والمسلمين جميعاً من معادلة الصراع .!!

 

أمام هذا الواقع الذي بدأ يأخذ طريقه نحو التحقيق، تبرز مهام القوى الوطنية والقومية والإسلامية الوطنية مسؤوليات جسيمة تتحدد في الإسراع بتوحيد صفوفها ورسم إستراتيجية من شأنها أن تفشل ذلك المخطط، الذي يستهدف كيان الأمة وهويتها القومية وقيمها ودينها الإسلامي الحنيف.!!

 

 

 





الاثنين ١٢ شــوال ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / أب / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة