شبكة ذي قار
عـاجـل










" من يسبح في اليم .. ليس كمن يخوض في السواقي"

 

 

تلك من بديهيات وحقائق التاريخ التي تكرس منهج التحرير ومنهج البناء في مشروع تاريخي يستوحي طريقه وثباته من واقع الفكر السياسي العقائدي شرطاً لأي تحول منهجي يحدث في الشعب والأمة .. فالقادة التاريخيون لا يخوضون في المياه الضحلة ولا تشغلهم نزعة انتقام أو ثأر متهافت يسقط في وحله أنصاف القادة الذين لا يرون إلا بعين واحدة، ولا يفعلون، إنما تركبهم ردود الأفعال في ساحات تشترط فعل التحرير والبناء .. والتحرير حالة مستمرة سواء كان الاحتلال جاثماً على رقاب الشعب أو بعيداً عنه ، لأن الحالة ترتقي إلى تخليص الإنسان من الأدران العالقة به جراء المسير والعمل، لأن من لا يعمل لا يخطأ، ومن يخطأ عليه أن يتعلم من أخطائه ويتفاداها كلما أطلت برأسها كالأفعى في طريقه المحفوفة بمخاطر التصدي والصراع من جهة، وبمخاطر جهاد النفس أمام الذات الإنسانية وهي تخط طريقها الثابت صوب البناء .. والبناء لا يكون بناءً تحررياً ما لم يتم إحراز درجة من النقاء، ومن غير ذلك، فأن الحال يبقى بعيداً عن عميق حالة التحرر وحالة بناء أداة التحرر.. تحرر الإنسان في بناء المواطنة بعيداً عن أي نزعة مذهبية أو طائفية أو إثنية، إنما تكريس المواطنة منهجاً لتحرر الوطن وبنائه وطنياً .

 

القادة التاريخيون يحملون في يمينهم مشروعاً شاملاً للتحرير وآخر لإعادة بناء الوطن، الذي هدمته القوى الحاقدة على العراق وتاريخه ومكانته وإرثه وحضاراته .. فأمريكا عمقها  الحضاري لا يتعدى ثلاثة قرون، والعراق معروفة هي حضاراته الضاربة في عمق التاريخ التي علمت الإنسانية الحرف الأول .. وإيران التي كانت تحمل سيف قطاع الطرق تجوب حافات الهضبة الإيرانية الجرداء المطلة على بلاد السواد، تطارد بقية الشعوب بدافع الشعور بالهيمنة والتسلط العنصري والرغبة في التوسع، وهو الأمر الذي جعل الفرس يحقدون على العرب، وذلك بسبب "أسلمتهم" ووضع الفرس أمام خيارين إما الإسلام وإما الحرب، وكان خيارهم تفادي الحرب وتفادي دفع الجزية والقبول بالإسلام على أساس الـ ( تقيه ) .!!

 

والتساؤل هنا، لماذا يظهر الفرس سلوكاً شوفينياً ضد العرب عبر مراحل التاريخ؟ ولماذا يكره الفرس الأقوام التي طالما تعايشت بين ظهرانيهم على مر الأزمان، مثل عرب الأحواز، والأكراد، والتركمان والأذريين وغيرهم من الأقوام التي كان لها وزنها، ولحد الآن، أمام الأقلية الفارسية وهي تحكم بجبروت التصفيات ضد الإنسانية .. ألم يقتل " إسماعيل الصفوي"  الآلاف من الشعوب الأخرى المتعايشة حول الهضبة لمجرد أنها شعوب تختلف عن العنصر الفارسي، وتختلف عن مذهبه.. ألم يجبر " إسماعيل الصفوي" تلك الشعوب على التشيع الفارسي؟ وكذا الأمر بشأن السلوك الصهيوني الشوفيني الحاقد ضد العرب والمسلمين؟ وكذلك أمريكا ورؤساءها الذين يتناوبون حكم أمريكي احتكاراً بين حزبين، فيما يطالبون شعوب العالم بمزيد من الأحزاب والتكتلات بهدف، ليس الديمقراطية، بل وضع تلك الشعوب في دائرة مغلقة من الفوضى والتمزق.!!

 

وعلى أساس ما تقدم، يلاحظ أن رؤساء إيران وأمريكا و ( إسرائيل ) وقادتها يحملون حقداً انتقامياً حيال العرب والإسلام والمسلمين، ويشنون عليهم حروباً طائفية وعنصرية، ويحملون لهم مشاريع تدميرية تستهدف هويتهم وإيمانهم برسالتهم ووجودهم .. فلماذا كل هذا الحقد على العرب والإسلام والمسلمين ؟!

 

فمن يحقد على الشعوب من قادة إيران وأمريكا و ( إسرائيل ) ، ويسعى إلى تدميرها هل يكون صادقاً وأميناً وعادلاً حيال شعبه ؟ وكيف يمكن أن يكون القائد حاقداً على شعب ورحيماً بشعب آخر؟ وكيف يمكن أن يكون القائد إنسانياً وغير إنساني في آن واحد؟!

 

لماذا يسمى هذا القائد، بالقائد التاريخي؟ ما هي شروط القائد التاريخي؟ وما هي سماته التي تدخله التاريخ ؟ :

 

أولاً- أن تتجسد فيه الحالة التمثيلية لكل الشعب، وهي شرط لازم لتلك الحالة.

 

ثانياً- أن يرعى مصالح الشعب من خلال الحالة التمثيلية الموكولة إليه من لدن الشعب، وهو حق الشعب في قبول القائد أو عدم قبوله شعبياً .

 

ثالثاً- أن يدافع عن حياض الوطن ومصالح الشعب وقيمه وأهدافه.

 

رابعاً- أن لا يكون قد انحاز إلى أي شريحة اجتماعية أو فئة أو مذهب أو طائفة.

 

خامساً- أن يخطط ويعمل على بناء البلد على وفق خطة شاملة وواسعة ومتوازنة في ضوء الإمكانات والقدرات، وبما يخدم الشعب ويصب في أهدافه.

 

سادساً- أن يطبق العدالة والموضوعية والقانون في حكم العباد والبلاد دون تمييز بسبب المذهب والطائفية والدين والقومية، في إطار مشروع لبناء المواطن والوطن على قاعدة المواطنة والانتماء الوطني .

في العراق الإشكاليات مركبة ومتداخلة ، هناك في الجيش من هو قد انساق إليه بدافع العيش وطلب الرزق لعائلته، وكذا الأمر، هنالك عناصر كثر في الشرطة ما جاءوا ليخدموا إلا بدافع الحاجة وبعضهم كان مضطراً بعد أن أقفلت في وجوههم كل الأبواب، نتيجة لشظف العيش ولاحتكار الوظائف لعناصر الأحزاب الطائفية الحاكمة حصراً ، والتي هي من أصول فارسية صفوية، أي ليسوا عرباً ولا ينطبق عليهم توصيف المسلم .

 

إذن .. هناك واقع يتوجب التعامل معه، بذهنية القائد التاريخي :

- جيش الدمج المليشيوي .. وهو يتشكل من عناصر الأحزاب الطائفية موزعين على الأحزاب الحاكمة، ( كوته ) لكل حزب، لأن واقع تعامل هذه الأحزاب هو المحاصصة الطائفية .. ولكن هل كل هذا الجيش هو من التبعية الفارسية الصفوية ؟ كلا .. هنالك جنود هدفهم أن يؤمنوا لعائلاتهم العيش، ولا تهمهم سياسات المالكي ولا الجعفري ولا الحكيم ولا مقتدى ولا علاوي ولا النجيفي ولا غيرهم ، إنما المهم عندهم هو لقمة العيش .. هؤلاء يتوجب معرفة كيفية التعامل معهم، تحذيرهم وتبصيرهم وتنبيههم من مغبة الانغماس في المجازر والدم الذي يسفك يومياً والأموال التي تنهب بتخطيط قياديي هذه الأحزاب، مثل المالكي نفسه وعادل عبد المهدي واحمد الجلبي وعمار الحكيم والجعفري والشهرستاني والأديب، وهم كثر، كخط أول، أما الخطوط الأدنى الأخرى، فهم أكثر شراسة وشراهة في القتل والنهب وسفك الدماء .

 

- الشرطة بكل أشكالها، ومسمياتها، ليست كلها مليشيات تابعة للأحزاب الطائفية ، فهي أيضاً مشمولة بالتبصير والتنبيه والتحذير من مغبة تنفيذ أوامر قادتهم من القتلة واللصوص، لأن عقاب الشعب وحسابه عسير، إذ ليس بإمكان سلطة المنطقة الخضراء حماية نفسها فكيف تحميهم من غضب الشعب، فقادتهم هاربون لا محالة، ولن يجدوا لهم ملاذاً آمناً حتى في إيران، لأن القانون سيطاردهم أين ما ولوا وجوههم، والشعب العراقي لا ينسى قتلته ولصوصه والذين أهانوه طيلة أكثر من عشر سنوات .. الأمر الذي يستوجب تحريك الوطنية وقيم الرجولة والكرامة والشهامة العراقية في نفوسهم ، وتبصيرهم بعقاب القانون وثواب العفو شريطة عدم تنفيذ أوامر رؤسائهم بفتح النار على الشعب تحت مبررات بائسة ( محاربة القاعدة ) ، والتمرد على كل ما من شأنه أن يعرض حياة المواطنين العراقيين ومصالحهم، من لدن السلطة الطائفية الساقطة، إلى الخطر.

 

- أما عناصر المنظمة التي يسمونها ( سوات ) ، فهم تشكيل أمريكي إيراني، يستهدفون الشعب العراقي ( سنة وشيعة .. مسلمين ومسيحيين .. عرب وأكراد وتركمان وأي قومية أو ديانة تخالف مذهبيتهم وطائفيتهم ) .. هذه العناصر مؤدلجة تمتهن القتل، لا يجب التساهل معها وعناصرها جميعاً تدخل دائرة الحساب العسير طال الزمن أم قصر .. فهم في حقيقتهم مجموعة جبانة ليست لديها قضية، تتفكك وتتبعثر حين تحاصر وتطارد ويشدد الخناق عليها، فهي مهزومة لا محالة .

 

- عناصر الأمن والمخبرون السريون، لا فائدة من نصحهم إلا إذا كفوا عن إيذاء الشعب العراقي وأبناءه الوطنيين المناهضين للوجود الأجنبي بكل أشكاله وواجهاته .. وشعبنا الصابر الشجاع يحصي أنفاسهم ويراقب تصرفاتهم وهو على قناعة بأن أحداً منهم لن يفلت من العقاب أبداً، إلا إذا كف وتاب .

 

- اللصوص معروفون والقتلة معروفون أيضاً وملفاتهم جاهزة للعقاب ولا رحمة تنتظرهم أمام القانون الذي استكمل ملفاتهم ليوم الحساب .

 

كل ما تقدم ، أمام القائد التاريخي وهو يتعامل على أساس النظرة الشاملة للشعب والأمة بدون تفريق بين أطيافه وشرائحه، دياناته وقومياته، فهو رئيس الجميع وليس رئيس لفئة أو طائفة أو مذهب معين .. وعلى أساس هذا المنهج يتبوأ القائد مكانته التاريخية بكل ما يحمله هذا التوصيف من معنى .

 

فالقائد التاريخي ليس في منهجيته الانتقام ولا يمارس ثأراً ، بأي شكل أو معنى، لأن القائد التاريخي رحيم وعادل ومسامح لكل من اخطأ أو خانه تقدير الموقف، ولكنه كحد الشفرة على القتلة والخونة والعملاء والجواسيس، الذين لا أحد يشفع له أمام القانون، قانون الشعب، كل الشعب.!!

 

 





الخميس ٨ شــوال ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / أب / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة