شبكة ذي قار
عـاجـل










ودع شتاتك قد جاءت الرسل =*= وقم على عجل فالركب مرتحل
شدت قوافل العائدين رحالها =*= الى بغداد الهوى ترنو لها مقل


منذ بداية السبعينات من القرن العشرين و نحن نخضع الي موجات متتالية من عمليات تغيير المفاهيم التي هي قيم ثابتة عند كل الأمم و تمثل جملة البراغي التي تربط مكوناتها إلا عندنا قيم لم نتردد في القبول بوضعها في مزادات التغيير بهدف استبدالها أي تفكيك روابط مكونات أمتنا بصيغة مشاركين فاعلين أما ترويجا تبريريا تحت حجة التعاطي الميداني # التكتيكي # أو السكوت السلبي ، فتحولت حروب التحريك الي حروب تحرير ، و تحول فيها الاستسلام الي سلام ، و الدفاع عن الوطن الي تآمر علي الأمة ، و الدعوة الي تحصين الأمن القومي الي دعوة للهيمنة ، و الخيانة الي تحرير لنصل الي اعتبار التخريب و الاستعانة بالعدو ثورة ، و القتلة و عصابات النهب الدولية الي ثوار ، و تجار الموت الي دعاة حقوق الانسان .


ان ما يجري في كل الوطن العربي يكشف هزيمة الكل الذي شكك في المشروع القومي و حاربه في تجربتين بائنتين بمفهوم المثال المرجعي للأمة في تاريخها الحديث تجربة عبد الناصر في مصر و تجربة البعث في العراق ، هذا الكل الذي يود صياغة مرجعية الأمة و الشعب من خلاله ، و يحصرها في ذاته بدل أن يجعل مما توفر للأمة من مرجعية في المثالين منطلقا للبناء عليها سواء بما يمارسه من نقد ايجابي لها أو بما يبنيه علي ما بنته من تطلعات فيها ما هو مادي مؤشر و ما هو معنوي بصيغة طموحا واقعيا متفاعل و ما فرضه العصر من تحولات ، هذا الكل بمن يمثله في :


الجانب الأول ليبراليين ببدلاتهم و تقليعات تسريحات شعرهم غرقوا في التقليد الشكلي للغرب و اعتبروا ماضي الأمة حالة تغني شوفيني و تناسوا من أن الغرب الذي يضعونه كمثال ما كان ليصل لما وصل اليه الا بعد ربطه لماضي بلاد الاغريق و روما في روحه بحاضرهم و جعلوه منطلقا لمستقبلهم بعضهم لا يتردد حتي في استعادته بصيغة مثال للبناء ،فأصبحوا منبتين فكرا و رؤية و في صدام مع المجتمع من حيث عاداته و تطلعاته الروحية الراسخة ارثا ايمانيا مرتبطا بطبيعة الانسان ، ارث لم يفهمه حتي الأممين بحيث ما ان تحاصر أي منهم نقاشا حتي تراه يستحضر تجارب و رموز الأمم الأخري معتبرها مرجعيته المثال متناسا أنه بهكذا خطاب يمهد عن قصد أو عن غباء منه فتح أكثر من ثغرة في المجتمع ليتسرب منها الآخر سواء بصيغة ثقافة أو بمفهوم المصلحة .. و خدم بفعله هذا الأرضية لما نراه اليوم من كوكتال متنافر ظاهريا من حيث الخطاب و متفق عمليا من حيث الفعل لفائدة تغييب الأمة و تفكيك أواصرها اجتماعيا و جغراسياسيا و مثال احتلال العراق يؤكد ذلك بما مثلته الأحذية البالية من فعل و تبني لإحتلال و تسويقه علي أنه تحرير، و لا تتردد الآن في السجود في مزارات و زوايا العمائم بمختلف مسميتها سواء ولاية الفقيه أو العثمانية الجديدة .العمائم التي مثلت الطرف الثاني من معادلة ضرب الجدار الأسفل للمجتمع مستغلة العقيدة بما تمثله من ايمان مترسخ في ضمير الشعب ، و تمسك بها من نصلها بدل مقبضها محولة ايها من عامل توحيد حاسم كما مثلته في انطلاقتها علي يد محمد صلي الله عليه و سلم بما مثلته من فعل موحد مندفع الي ما هو خير و بما ثبتته من قيم التسامح و العدل المقترن بالبناء المادي و الفكري ، الي عامل تشضية و تقسيم يلتقي من حيث النتائج مع ما مثله الطرف الأول .


طرفين و تحت طائلة " الصدمة و الترويع" التي هما بمنأي عنها ، الإستراتيجية رافقت احتلال العراق و جعلت المشروع القومي في أطرافه ينكفؤون فعلا داخل الشارع العربي رغم ما مثلته المقاومة العراقية من ألق بناء مستمر لهذا المشروع ماديا و معنويا " هزيمة الأمركان و تحريك نوازع التمرد في ضمير العربي" ، متخطيا كألق الحصار الاعلامي عامة و سياسات الكبت و التجريف الشامل للدكتاتوريات القطرية خاصة ، تحريك مثل عامل أساس في اندلاع الحراك الشعبي العربي . طرفين وجدا نفسيهما كنتاج للمحطة الأولي للحراك في قيادة مسيرة " التنوير و التثوير" رغم أن لا أحد منهما كان له فعلا تقريري و لا تسيري في اندلاع الحراك و لا حتي في صياغة شعاراته . وجود ينطبق عليه مفهوم " ملئ الفراغ التسييري لا التقريري بصيغة محاصصة علي نمط النظام المخلق أمريكيا في العراق كما هو في تونس أو بصيغة الانفراد في مصر" . فلا العمائم المصرية منفردة و لا العمائم و البدلات التونسية تمكنتا من الاقلاع . لسبب بسيط هو أن من لا يمتلك قدرة التقرير لا يمتلك مواصفات التسيير. النتيجة بدلا أن يكون الحراك منطلقا لتحصين الوطن و الأمة و اعادة بناء المواطن و المواطنة ، أصبح الحراك عامل من عوامل تدمير الأمة و فتح حدود الوطن و تيئيس المواطن و زيادة الدفع به نحو جحيم الفوضي بما يعنيه من أنهار الدماء و الجثث الممزقة الأوصال و الأمثلة في العراق و سوريا و ليبيا قائمة و بائنة .. و تغييب الدولة بصفة معنوية في ذهنه بعدما غابت بصيغة الاهتمام المادي به طيلة فترة ما بعد الاستقلال .


فهل يعي هــــــــذا الكل من أن تغييب المرجعية الوطنية و القومية و التاريخية كما مارسوها هو مقتل الأمم و الطريق الي اندثارها ؟


 

d.smiri@hotmail.fr
 

 





الاحد ٤ شــوال ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / أب / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة