شبكة ذي قار
عـاجـل










1 ـ انتفاضات الشعوب لا تحكمها فواصل داخل المحطات التي تمر بها بقدر ما تحكمها المنعطفات التي تسجل الانتقال من محطة الي أخري ، و اذا كانت المقاومة العراقية الباسلة منذ انطلاقتها قد مثلت الفاصلة الأولي التي أسقطت نظرية " الصدمة و الرويع " و ماتتقصده أمريكا من خلالها من جعل الطريق مفتوحة أمام اعادة صياغة المنطقة جغراسياسيا بما يخدم مصالحها قيادة للعالم ــ مشروع الشرق الأوسط ــ ، و فرضت عليها الهزيمة الكاملة في مختلف أوجهها ، رغم ما كان لها كقوة دولية من امتدادات فاعلة في أقطار الوطن العربي أنظمة لم تتردد في أن تكون رديفا فاعلا متمما أو اعلام ملغوم لعبت فيه الجزيرة و العربية دورا متقدما ، اسقاط حرر المواطن العربي من استسلامه للأمر الواقع في جانب ، و حرك فيه دواعي الرفض واستحضار قيمه في جانبه الثاني فكان الحراك الشعبي في انطلاقته من تونس الفاصلة الثانية في محطة فعل الأمة العربية الهادف التحرر واستعادة البناء . فاصلة صححت صورة العربي لنفسه وجدانا و سلوكا فكانت الفاصلة الثالثة من مصر التي ألبست هذا الحراك تاج الحكمة و كيفية استخدام العقل علي طريق تحقيق عزة المواطن و الوطن و كرامة المواطن و تكريم الوطن ، و لم يبقي من فواصل المحطة غير بلوغ الحراك ساحة التحرير ببغداد و استعاداتها بما يمثل المنعطف التاريخي و نهاية محطة حكمتها غرائز منه ما هو قائم و ناتج تجريف و ظلم الأنظمة و منها ما هو متقصد بما وفره الحرمان من تسرب أطراف لا تضمر للأمة الا ما هو كارثي ، منعطف تاريخي بما سيمثله من كنس لعمائم السوء منذ أن وطأت أقدام هذه العمائم أرض العراق و فرخت ما فرخته من دينيين و معممين هنا و هناك و من دنيويون قدموا متخفين في احذية المحتل أو تحت غبار آلياته سواء منها الميكانيكية أو الاعلامية ، و بما سيؤشره من استعادة الأمة لتوازنها المفقود ، و لا يهم من يكون من أبناء الأمة من يرفع الراية ، المهم أن تحمي و تظلل الراية المرفوعة كل الأمة و الوطن العربي كرامة وتحررا و عزة.


2 ــ نعم العراق "رمح الله في الأرض" ابن الأمة البار و كنز رجالها من نبه بصوت عالي بنظرية المؤامرة منذ اكذوبة اسلحة الدمار الشامل، و تحت طائلتها حوصر و منع حتي من الطعام و الدواء ، و دفع ما دفع من ضحايا شيوخا و أطفال و مرضي ، خير بين التسليم و المقاومة فاختار و الخير في ما اختاره الثوابت و القيم بالرغم من تبعاتها المؤلمة ، احتل و دمر العراق، وحل جيشه الذي كان جيش الأمة العربية و أفعاله لا ينكرها الا من لم تلده ماجدة عربية و لم يرضع من معارف الأمة و ثوابتها ، ينكرها الا من رضع من خزين ملوث ك" قوميو ايران العرب ، أو دنيويو الغرب بليبرالييه و أممييه عابري الحدود ، أو من خزين ما تفرزه رؤوس تغطيها عمائم من كل لون مما هو قذر سام لا يعمل الا علي قتل الهوية و تذويبها " ، و قتل خيرة علمائه و كفاءاته ، و سجن مئات الآلاف من أبنائه و حرائره ، ورمّل مليون امرأة و يتّم اربعة ملايين طفل، و هجر طيف هام من شعبه تجاوز السبع مليون بين الداخل و الخارج ، و وضع بين فكي الطوائفية بعمائم السوء فيها تتهدده تقسيما و تشضية ، و من هو صامد فيه و هم كثر يعيش سجن تحكمه المفخخات و كواتم الصوت و الاعتقال المبرمج لم يقل هذا العراق لا بالصوت و لا حتي بالاشارة " آه منك يا أمة العرب "مؤتزرا بمقاومته و بحاضنتها شعبا أبيا حراكه يمتدد يوما بعد يوم رغم حجم التضحيات التي تؤشرها مجازر تجاوزت في بشاعتها و طبيعة جرمها ما سجل حتي الان في غيره من ساحات .


فهل وعيتم المؤامرة يا عرب و هي تتدحرج من ساحة الي ساحة من أقطار الوطن العربي و تطحن في أبناء الأمة العربية بعد أن جعلت من محركاتها العقيدة الدينية التي تلقفها الرعاع بما يضعونه من عمائم في جانب و في جانب ثاني منبتين عملاء سياسيين و اعلاميين في تناوب للمواقف دون اعتبار لما يراق من دماء؟ .


3 ــ ان من يضع الاسلام كعقيدة بكل ما تختزنه من قيم سمحة و رؤية تجمع بينما هو ذاتي خاص و ما هو موضوعي عام ، في يد من لا يري الدين الا بصيغة غطاء بمفهومما يرويه المثل القائل " صلي و صام لأمر كان يقضيه فما ان قضاه فلا صلي و لاصام " و من يمسك العقيدة بصيغة السيف من نصله بدلا من أن يمسكه من مقبضه قطعا لا يجني الا الخيبة رغم أنني ممن يتمني أنلا يقع كل من قال لا اله الا الله محمدا رسول الله في خيبة و لا حتي في دائرتها .أسوة بقول الرسول صلي الله عليه و سلم " هل شققت علي قلبه يا زيد".؟


4 ــ ان من لم يفهم بعد من ان المؤامرة تستهدف الأمة العربية كل الأمة في هويتها التاريخية بكلما تتظمنه من مفرادات بشرية كانت أو اقتصادية ، خاصة منها الجغراسياسية و الجغراستراتيجية طبقا للمتغيرات التي يسجلها العالم ، و ما استهدافها للعراق بالصيغة و الشكل الذي تم ولا زال قائما لا يمكنه أن يفهم لا اتجاهاتها و لا يمكنه في ذات الوقت وضع الحلول بصيغة الاعتراض حتي حماية لنفسه ان كانت قطرية في توجهاتها أو قافزة علي الحدود القومية بمفهوم الأسلمة او بمفهوم الأممية ، بما يجعل من المشروع القومي المرجعية العربية الجامعة كما صاغته بغداد سنة 1980 في مشروع الأمن القومي هو المتضمن للرد حماية و اعادة تاسيس لمحطة النهوض و هذا لا و لن يتم الا من خلال استعادة بغداد من الاحتلال .


5 ــ ان كل من يبني رؤيته علي واقع متحرك معتقدا أنه بمفرده رؤية و فعلا قادرا علي سبر أغواره وتجاوز ما يطرحه من عراقيل ، لا يعرف متي يمكن أن يبتلعه هذا الواقع ببعض من معطياته عامة و تحت تأثير جزئيات فاعلة لم يعرها أهمية . يبقي واهما في جانب و يمكن تصنيفه علي أنه يتعاطي الكبر ، و جماعة الأسلمة يعون ماذا يعني الكبر شرعا .


6 ـ ان ما يجب أن يفهمه الدينيون و الدنيويون أن أمتنا لا يمكنها الوقوف و السير علي ساق واحدة الا اذا كانت ستستند علي ساق مصطنعة مقدمة لها من وراء حدودها ــ و الأسلمة بمختلف لافتاتها كحركة سياسية تفهم ماذا يعني هذا الكلام ــ ، و كل منهما يدري ماذا يعني الارتهان و اذا لم يعوا ذلك فالشعوب أصبحت تعيه ، كما أنهم الدينيون و الدنيويون يعون أن مانح الساق المصطنعة لا يتحكمون في ارادته بحيث لا يدرون متي يسحبها أو يحركها بالصيغة و الشكل الذي به يكون السير في محصلته لصالحه كمانح .


7ـ بدل التعويل علي الاستيراد و ما يمكن أن يمثله من ارتهان للأخر الغريب ، و بدلا أن تهيمن عقلية بتر الواحد منهم ـ الدينيون ـ للأخر منهم ـ الدنيويون ـ أو العكس علي شاكلة ماتتقصده الأسلمة سواء ما كان منها في مصر أو ما هو سائد في تونس ـ و صياغة الدستورحالة تؤكد ذلك ـ ، و كل منهما يقول بأنه يرتبط بحوض ذات الأمة الواحدة ، ليصلح كلمنهما طريقة تفكيره و اليعدل كل منهم سيره بما يجعل الأمة تجد توازنها اذا ماأرادوا لها الوقوف و السير الي أمام دينيا و دنيويا .


8 ـ ان ما بلغه الشعب من وعي و تشبثه بحقوقه في الحياة بكرامة و عزة لا و لن تغيب عنه أي أداةبشرية مفرمطة ، ان كانت علي شاكلة البرادعي أو عمرو موسي أو غيرهم من عيينات اسلاموية أسقطها في مصر كما لا تغيب مثل هذه العيينات المفرمطة سواء في داخل الأسلمة أو من خارجها في الساحة التونسية ممن يمكن أن يعتقدوا في أنهم غير مكشوفون . لسبب بسيط هو ان عصر الفعل بالقنوات المستطرقة من خارج ارادة الشعب ولي دون رجعة .

 

فهل يعي من يعملون علي تسييس الدين من أن سكوت الشعب بصيغة تأمل لا يعني السكوت عنهم ؟



d.smiri@hotmail.fr

 

 





الاربعاء ١ رمضــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / تمــوز / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يــوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة