شبكة ذي قار
عـاجـل










معلمي الأول غادر دنيانا والتحق بالرحمن الرحيم الغفور التواب الكريم ..
هي سنة الحياة كما علمني والدي ولا ينبغي للمرء أن يحزن إذا غادر عزيز له ليتنعم برحمة الله ويحف بكرمه ومغفرته ويتقلب في نعيمه الأبدي أول دروس الوطنية تعلمتها منه قبل أن تتشكل في ذهني الطفل خارطة العراق.. يومها رأيته بملابس الجندية ببنطلونها القصير وحذائها الأسود اللماع الطويل ويلف رجليه بقماش، ويحلق لحيته يومياً، وسألته عن سر تغير ملابسه فجلس على الأرض ليفهمني معنى الوطن ووجوب الدفاع عنه بكلمات فهمت بعضها ولم أفقه بعضها الآخر، كما شرح لي معنى العلم، وله الفضل فيما بعد أنه حافظ على بيتنا من دخول الطائفية، وتربيتنا بعيداً عن مؤثراتها وتأثيراتها.


أنا حزين جداً ليس لأنه فارقنا ورحل في طريق الأبدية، فهو الذي كان يردد :
كل ابن انثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول


نعم أعترف أني حزين ليس لأنه غادرنا فذلك أمر محتوم ولكني حزين أني فرض علي أن أفارقه لأكثر من ثماني سنوات واعترفت له أن المكالمة الهاتفية بيننا لا تطفئ شوق الولد لوالده ولا شوق الوالد لولده، ولكنه كان يقدر أن ظروف العراق الذي وقع تحت احتلال بشع وفرضه غرباء لا يرعون بشعبه إلا ولا ذمة هو ما أوقع هذا الفراق، وكنت أشعر بدمعته تبلل خديه كلما تحدثنا، كما تبلل دموعي خديّ كلما استذكرته.


يا حاج كاظم يا أبا سلام .. أيها الأب الطيب الحنون الصارم يشهد الله وملائكته ورسله والناس أجمعون أنك أديت ما عليك للوطن فلم تنجسك الطائفية بأنجاسها ، ولم تفكر بغير الوفاء لعراقك ، وودت أن نحذو حذوك، ونحن عن طريقك لن نحيد.


يا أبا سلام نم قرير العين فالعراق لن يضيع، والطائفية لن تجد بين العراقيين مقاما ..
وسلام عليك يا والدي وإلى جنان الخلد

 

 





السبت ٢٧ شعبــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / تمــوز / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة