شبكة ذي قار
عـاجـل










ونحن في نهاية شهر شعبان الكريم وعلى عتبات شهر رمضان الفضيل، استوقفتني خطبة سمعت فيها حديث لأبن عباس رضي الله عنهما ، فَرحتُ اقلبُ المعلومات وأتصفح الفؤاد الخاشع للرحمن جل في عُلاه، في مسعىٍ لتقديم عبارات وجمل قليلة اهديها لأخواتي وإخوتي في هذه المناسبة الإسلامية الإنسانية. ولم أجد حسب رأيي أفضل من هذه الكلمات" ثلاثٍ بثلاثٍ".


عن ابن عباس رضي الله عنه وصلى الله وسلم تسليما كثيرا على نبيه محمد ابن عبدالله، حيث قال: ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث، لا تقبلُ منها واحدة بغير قرينتها: الأولى قول الله تعالى ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه، والثانية قوله تعالى(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه، والثالثة قوله تعالى(أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه.


فأما القرينة الأولى، فأن الله سبحانه وتعالى اقرن طاعته بطاعة الرسول مصداقا لقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء/59، وقوله تعالى(مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ،وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) النساء/80.


وقول نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم(من أطاعني فقد أطاع الله ومن أحبني فقد أحبَّ الله)، من هذا علينا أن ندرس سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ونلتزم بأوامره ونواهيه وقبل ذلك أن نطبق شرع الله الوارد في كتابه الحكيم " القرآن الكريم"، فقد ترك نبي الرحمة فينا ولنا كتاب الله وسنة رسوله.


أما القرينة الثانية فهي ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) البقرة/43، حيث لا فائدة من صلاة دون زكاة،والزكاة هي سبب للنجاة من النيران، وسبيل للرحمة والغفران، مصداقا لقوله تبارك وتعالى ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ) الأعراف/156، والزكاة تعني التطهير والتزكية، حيث قال تعالى(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) التوبة /103.


من المهم أن يطلب المزكي وجه الله تعالى في زكاته، وألا يفسدها بالمن والأذى، قال تعالى( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) البقرة/264. وأن يكون مال الزكاة حلالا خالصا لا شبهة فيه، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وأن ينتقي للزكاة أحب ماله وأطيبه إليه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) البقرة/267.


فالزكاة تطهر نفس الغني من البخل والشح، وتطهر نفس الفقير من الحسد والحقد، وتطهر المال أيضا من تعلق حق الغير به، كما أنها تشعر الفقير بقيمته في المجتمع وأثره في حياته، فتطيب نفسه، وتزكو أخلاقه، فمن زكى ماله فقد طابت نفسه وطاب ماله، قال نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم ( إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقى من أموالكم). وضرورة تقديم المحتاجين من الأقارب والأرحام في الصدقة يؤجر به المزكي أجرا مضاعفا، قال صلى الله عليه وسلم ( إن الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة).


وأما القرينة الثالثة فهي أن الله سبحانه وتعالى في ملكوته ، قد أعطى للوالدين حقهما على الأبناء وأوجب شكرهم بل وربط شكر العباد لرب العباد بشكر الوالدين، وهذا لعمري دليل على اهتمام البارئ الخالق المصور الرحمن الرحيم بالوالدين واعترافا منه بفضلهم على الأبناء، فقال تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) لقمان/14. وقال أيضا جل في علاه (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) الأحقاف/ 15.


والآن أخواتي وأخوتي وأبنائي، ونحن في شهر فضيل وعلى أبواب شهر كريم ، علينا أن نسأل أنفسنا هل فعلا اقرنا طاعة الله بطاعة رسوله؟ وهل نقرن صلاتنا بزكاتنا؟ وهل نشكر والدينا كمقدمة لشكر الله وليرضى عنا؟


اللهم يا رحمن يا رحيم اغفر لنا وارحمنا وارزقنا في شعبان وبلغنا رمضان وأعنا يا رب على صيامه وقيامه، وكل عام وانتم بخير.

 

 





الجمعة ٢٦ شعبــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / تمــوز / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب اللواء الركن الدكتور نوري غافل الدليمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة