شبكة ذي قار
عـاجـل










يقول المثل العراقي ما معناه : عندما يفتضح اللصوص والحرامية، يتهمون بعضهم بعضا ليحاول كل منهم ان يظهر شريفا وعفيف اللسان. المجرم جورج كيسي وكثير من اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي وممثلي سلطة الاحتلال الامريكي للعراق ظهروا البارحة في الاحتفال التضامني" نحو الحرية" في باريس في موقع الادانة لا الاشادة بما قالوها رياءاً ونفاقا، لانهم جزء من اركان الجريمة ضد العراق. بالامس اعلنوا تضامنهم مع ضحايا معسكر اشرف وبعدها معسكر ليبرتي، وظهروا في احتفالية متفردة، وكلهم بصفة الحمائم الوديعة الباكية على سلم المنطقة وأمنها.


لقد تمنطقوا بألسنة رجال حقوق انسان والدفاع عن العدالة الدولية والسلم والامن للانسانية القلقة من المصير المجهول الذي تقودنا اليه افعالهم ... قال بعضهم وبملئ فياههم .. وعلى المباشر ... العار لأمريكا... والعار للإدارة الامريكية وللإحتلال، رغم وجود شريكهم القاتل الجنرال جورج كيسي قائد القوات البرية الامريكية في العراق على المنصة الاحتفالية وممثليهم في مجلس الأمن ، ورغم انهم استمعوا الى شهادة الجنرال كيسي حول الجرائم الايرانية والامريكية المشتركة في العراق وصراحتهم بما جرى مع عميلهم المنفذ المحلي نوري المالكي، لكنهم لم ينتقلوا الى خطوة تتجاوز التشخيص الخطير هذا الى الادانة والمحاسبة ...


لن تمر تفاصيل الاحتفال الكبير في باريس الذي يراد تمريره بشعار " نحو الحرية" و تحت واجهة التضامن مع المقاومة الايرانية لادانة حكم خامنئي ورؤساء جمهورية ولاية الفقيه في ايران منذ اولهم الى آخرهم حسن روحاني من دون انة تثير حول المشاركين فيه الكثير من الاسئلة الملحة حول العديد من الفضائح والجرائم التي اعترفوا بارتكابها في العراق.


قالوا الكثير عن حق الانسان في الحرية ومقاومة الاحتلال؛ لكنهم اجتزأوا المواقف، وعلى طريقتهم المعروفة في الانتقائية السياسية والبراجماتية الغربية، كانوا يتباكون على ضحايا المقاومة الايرانية من منظمة مجاهدي خلق في مأساة مذبحة معسكر أشرف وبعدها في ليبرتي . لكنهم تناسوا جيرانهم ومضيفيهم من أبناء العراق في المحن المشتركة، وآخرها مجزرة الحويجة والعامرية وسليمان بيك التي نفذتها نفس الادوات المحلية والاقليمية الايرانية، وخاصة فيلق القدس الايراني وقوات سوات التي دربتها القوات الامريكية .


ونحن كعراقيين احرار ، كنا ولا نزال نتعاطف ونتضامن مع كل ضحايا القمع الوحشي الذي لاقاه ويلاقيه الوطنيين الإيرانيين، هؤلاء المناضلون والمقاومون الأشداء، الذين وجدوا يوما ما في العراق ملاذا آمنا وداعما لتطلعاتهم التحررية والانسانية، وهم قد تقاسموا ويتقاسمون معنا اليوم كل مشاهد القمع والانتقام الدموي والوحشي والمجازر اليومية المنفذة من لدن فيالق الحرس الثوري الايراني وعصابات المالكي ومليشياته القذرة واجهزته القمعية التي دربتها وتشرف عليها القوات الامريكية ضمن الزامية بنود الاتفاقيات الامنية مع الولايات المتحدة.


هاهي شهادة امريكية اخرى يقدمها الجنرال جورج كيسي تقدم الى الرأي العام العالمي، وعلى المباشر، تشهد وتدين ضمنيا مدى التنسيق القذر الذي تم بين قوات الاحتلال الامريكي والأيادي الايرانية العابثة بمصير العراق، ومعها مشاركة وتنفيذ الادوات المحلية العميلة التي تنشط تحت الواجهات والأحزاب والكيانات الطائفية المقيتة، كلها كانت، ولا زالت تتستر، على جرائم بعضها البعض، لانها تعرف مدى فداحة أفعالها، وهي المتشاركة في الجريمة تحت سمع وبصر ادارة الاحتلال الامريكي للعراق، وهي غارقة في الآثام والاجرام الصفوي الفارسي، ومنها جريمة تفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء ، تلك الجريمة الشنعاء التي استغلتها جميع هذه القوى المتحالفة ضد تطلعات شعب العراق وحريته ، وتناصب العداء والحقد لمقاومته وانتفاضته الوطنية .


كلهم مارسوا الافعال المنكرة والقذرة تلك، وحضروا لإشعال الحرب الطائفية في العراق، تلك الحرب التي تدربوا عليها مسبقاً، ووضعوا لها سيناريو جهنمي باخراج ايران، وتمويل وانتاج أمريكي، وتمثيل محلي قامت به مليشياتهم وقادتها وبكل إسهامات ودرجات تصنيفهم الاجرامي . لقد تشاركوا من دون خجل ، بمحاولة تشويه واتهام المقاومة الوطنية العراقية بأفعال لا تمت لها بصل، تلك المقاومة التي كانت تواجه ببسالة واخلاق وفروسية بمعاركها قوات الاحتلال وتسعى الى طرد الغزاة. وعندما فشلت تلك القوى الدخيلة على تراث شعبنا الثوري في ادانة المقاومة العراقية، ذهبت ومعها ايران ومنظماتها اللاعبة في ساحة احتلال العراق بشتى العناوين والمسميات الطائفية على هذا الجانب أو ذاك لتعيث فسادا وإجراما في تفجير المساجد والحسينيات والمحلات الشعبية والاسواق والمدارس والجامعات، وصاروا يتحدثون ، بافواه الاعلام الامريكي والايراني، عن مقاومة شريفة وأخرى مجرمة.


لقد سجلوا ابشع الصفحات الاجرامية في تاريخ العراق المعاصر، ونفذوا أفعال وجرائم لا تمت للمقاومة العراقية، ولا لأخلاقياتها الثورية ولأهدافها التحررية.


ساعود للكتابة عن هذا الموضوع والتعليق على فعاليات التجمع الجماهيري الضخم" نحو الحرية" الذي شهدته العاصمة الفرنسية بالامس، لاعلان التضامن مع المقاومة الوطنية الايرانية ضد حكم الملالي في طهران. ولإدانة الحكومة العميلة ببغداد، وتعرية مواقف مارتن كوبلر، وفضح منظمات عديدة أخرى تكتمت على الجرائم المنفذة، ايرانيا وأمريكيا، في العراق،.


لا بد من الاحتراس هنا من دوافع تنظيم الكثير من المؤتمرات والتصريحات والتسريبات الاعلامية ، خصوصا إذا كانت ورائها إيران او الولايات المتحدة الامريكية او يعملون بالوكالة لهما. عندما يتم تجاوز وتجاهل قوى شعبنا الوطنية المناوئة للاحتلال والنفوذ الايراني والعملية السياسية فان أي فعالية تنظم لا بد من تشخيصها لئلا نسقط في الافخاخ الموضوعة في درب الانتفاضة الوطنية . لا بد من الاحتراس من حقول الالغام والعمل من اجل بناء الجبهة الوطنية العراقية المناوئة للاحتلال وعملائه.


لنتذكر دوما انه ليس كل من ذرف الدمع بالأمس في تجمع باريس او اسطمبول او الدوحة علينا او على غيرنا كان مخلصاً، وليست قضيتنا اليوم تصنف ضمن المواضيع التي يجب ان تتناولها دراسات لجان حقوق الانسان في العراق وايران، ان قضيتنا ، كقضية الشعب الايراني ، هي قضية تحرر وطني وتطلع الى الحرية والديمقراطية ومحاسبة المجرمين وايقاف العنف الطائفي الذي يتجاوز الساحات المحلية وحتى الاقليمية.


ليس كل من تباكى بالأمس على ضحايا منظمة مجاهدي خلق والمقاومة الايرانية كان مخلصا، خصوصا أؤلئك الذين تناسوا عن غفلة أو تعمد أي ذكر لمقاومة شعبنا ولانتفاضتنا الوطنية في ساحات العز والكرامة، ليس كل من سب حكم الملالي ومر بدرجة اقل من الادانة لحكومة المالكي كان صريحا بالتعبير عن دوافع مثل هذا الحراك الدولي المطلوب ان يترجم بشكل اكثر وضوحا وموضوعية.


محنة الشعب الايراني ومقاومته الوطنية ومأساة اللاجئين الايرانيين في العراق هي في الوقت نفسه محنة اخوتهم العراقيين في. كلا الشعبين اختار طريق المقاومة بكل اشكالها وكلاهما يحتاج الى التضامن العالمي ، هناك نظام طائفي دكتاتوري دموي يصدر أزماته على ساحات جيرانه، فالمقاومة ومواجهة المظالم الشنيعة في العراق لا تتفهمها الا المقاومة الوطنية الايرانية فعليهما التنسيق والعمل المشترك لان خصمهما الاول واحدا.


ان احتفالية " الطريق الى الحرية" كان يجب ان تفهم جيدا الدرس التاريخي والحالة المعاصرة: ان مأساة الشعبين العراقي والايراني واحدة، وعلى العالم أن يفهم ان المعركة الشرسة القائمة ضد مظالم الملالي هي واحدة وتمتد من بغداد الى طهران، ولا نبالغ القول ان قلنا، انها ستمتد الى بيروت ودمشق وغيرها من عواصم العرب والمسلمين.


قد نتفائل من خلال رؤيتنا من فجوة هامة وكبيرة حدثت في جدار الصمت العالمي بباريس، كان لمجاهدي منظمة مجاهدي خلق الدور المثابر والصابر من أجل اعادة وعي العالم الى مكانه المطلوب، فقد نجحوا في التعبئة وأسمعوا العالم بما يجري في بلدهم ومحيطهم، ورغم نقدنا لأصوات عديدة حضرت الى الاحتفال لأسباب موضوعية تتعلق بالموقف من القضية العراقية، لكننا سمعنا الكثير مما يجب قوله حول العراق أيضاً وبايجابية نسبية. لقد قدمت الكثير من الشهادات الامريكية والغربية حول مأساة الشعبين العراقي والإيراني ومسؤولية الادارة الامريكية ودورها، من خلال غزوها للعراق، وهي التي اعطت لحكم الملالي بطهران الكثير من الامتيازات والفرص والوقت والإمكانيات التعبوية ليكون لاعبا اساسيا في المنطقة .


وعندما نسمع كثيرا من مواقف الادانة، وكذلك سمعنا الكثير من الندم على افعال الاحتلال الامريكي، وكلها استنتاجات هامة تذهب الى ما ذهبنا اليه، كعراقيين، ان العراق وشعبه كان الضحية الأولى من ضحايا التنسيق الامريكي الايراني القائم من خلال الادارة المشتركة للمضبعة الخضراء... وللموضوع عودة وصلة سنرجع اليها في التحليل في اقرب فرصة.

 

 





الاحد ١٤ شعبــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / حـزيران / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة