شبكة ذي قار
عـاجـل










جمهورية الرقي سورها أخضر وبيوتها حمراء
وسكانها عبيد سود .... لغز للطفولة البريئة .... وعار على من قبل الدخول اليها



تمتد حالة الذعر والخوف والتفجيرات الدموية والدمار الشامل كافة مدن العراق من اقصى الشمال الى الجنوب، ورغم هذا لا زال المالكي متربعا على عرشه الهش في المنطقة المسماة أمريكيا بـ "الخضراء"، التي لم يبق من حالتها وأوصافها سوى حكايات العراقيين حولها بالتندر بها، كأضحوكة ومسخرة تاريخية مرت بالعراق. حتى الاطفال يبدون في تشبيهها بلغة فوازير رمضان بدولة الرقي.


نعم هي دولة "رقي " بامتياز، ولعل هذه التسمية بالرقي ستفجر بين المهتمين بعلوم النبات والزراعة خلافات وأفكار حول التصنيف النباتي، ان كان الرقي خضارا أم فاكهة؟ ام يكون من المناسب أن يدخل الرقي مفردة ومصطلحا ومسمى لدولة أو كيان أنشأه الاحتلال الامريكي في العراق، فسيكون لهذه المقالة مسارا آخر للتحليل حول مسميات الدول الخضرية عراقيا أو دوليا.


الرقي معروف عراقياً، له مختلف مسمياته في باقي الدول العربية فهو : الدلاع والمرحوم والدبشي، والبطيخ الأحمر (باللاتينية: Citrullus lanatus) ويسمى في بعض المناطق في الجزيرة العربية باسم (الحبحب). ويشتهر في المغرب العربي بـ (الدلاع)، وفي دول الخليج ‏العربي (الرقي) أو (الركي) وبعضهم يسميه (الجح)، وفي بعض بلاد الشام يطلقون عليه اسم (الجبس)‏.


وعموما يميل البعض الى اعتباره فاكهة صيفية، نباته ذو أغصان ممتدة، ينتج ثمارا كروية أو إسطوانية الشكل ذات لون أخضر فاتح أو أخضر غامق، ذات لب أحمر، تنتشر به بذور سوداء القشرة بيضاء اللب. الرقي حلو المذاق عادة ما دام ناضجاً. وعندما يكون غير ناضج يطلق عليه العراقيون بـ " الفطير" وتمتد تسمية الفطير الى الشخص الغبي والساذج.وهو سريع التلف والتفسخ في الرطوبة او تحت الشمس، وفي كل الاحوال هو موسمي سرعان ما يختفي عن الانظار في الاسواق.


كل الاسماء والفوازير حوله تشير الى انه أقرب تشبيه لهذه الفاكهة او الخضار الذي يمتلك شكلا يتميز بحالة قشرته المغلقة الخضراء، وفي باطنها يتواجد سديم مائي هش سريع التعفن، له لون قان احمر يشبه الدم، تنتشر به بذور سوداء، تظل حبيسة تلك القشرة التي قد تفتحها الفرصة المناسبة بين ساعة وأخرى، سواء ضربة مدية أو سكين او بقبضة قوية أو ركلة خفيفة.


الا يمكن توصيف دولة المالكي وطريقة اعدادها وبنائها وتكوينها وتسييرها الا بدولة رقي. والمالكي ورهطه يعرف الحالة التي أوصل بها دولة الرقي التي سلمت له من قبل ادارة الاحتلال الامريكي للعراق وفق مقاسات معينة. ولا اريد حتى مقارنتها بالقول بدولة البطيخ التي كان العراقيون يتندرون بها على مر أكثر من جيل لأن بطيخ رغم إجرامه كان شجاعا وقاطع طريق لا يمكن للمالكي ان يصل الى مكانته.


أهلنا في العراق قد سخروا منذ زمن طويل بولاية بطيخ وهم يتذكرونها عندما يرون حالات الانفلات وعدم الانضباط والضياع في اي مؤسسة حكم مرت عليهم خلال الدهور السابقة. ولا احد من العراقيين يعرف بالضبط أين تقع ولاية بطيخ في العراق، رغم ان الكثير منهم يتذكرها، ويتقول ويتندر بها، من خلال المثل الدارج القائل (قابل هيه ولاية بطيخ)؛ لكن هذا المثل الذي يضرب عند الخاصة والعامة ليس عبثاً يقال، خصوصاً عندما تعم الفوضى في مكان وزمان معين في العراق.


وما بين دولة الرقي المالكية وولاية بطيخ يكون العراقيون قد قطعوا أصعب مرحلة من مراحل حياتهم الشقية بعد الاحتلال الامريكي والتلويح بإذلالهم بقرب سيادة وسلطة ولاية أو قائمقامية المرشد الفقيه عليهم، وهم يتابعون أخبار الانتخابات الايرانية من خلال الفضائيات الشعوبية والطائفية التي توعدهم بقرب ظهور المهدي أو القبول بسلطة المرشد الاعلى وقرب ولايته على سائر بلاد المسلمين ومنها جمهورية الرقي المالكية في العراق.


وسواء كانت ولاية بطيخ أو جمهورية الرقي التي باتت مثلا للتندر، لكنها وللأسف باتت كيانا قائم الاركان، وتتجلى في وجوده عند موقع ببغداد يدعى المضبعة الخضراء، في كرادة مريم، وهي حالة غريبة وطارئة تتمثل فيها حالات حكم وتسيير سياسوي طائفي بإمتياز، لذا لا يمكن تشبيهها بدول الموز الامريكية اللاتينية، وكما يريد البعض من كتاب المقالات تسميتها ومقارنتها بتلك الجمهوريات المصطنعة التي عملت على تأسيسها ورعايتها وتسييرها وكالة المخابرات الامريكية في فترة من فترات إشتداد صراع الحرب الباردة وتقاسم النفوذ الدولي على قارات العالم المنكوبة بالاستعمار وتسليط العملاء والجواسيس لحكم بعض البلدان من خلال التدخل العسكري وحبك المؤامرات الامريكية .


ما يشترك بين ولاية البطيخ ودولة الرقي المالكية في العراق، وما سمي بجمهوريات الموز في أمريكا الوسطى مثل نيكاراغوا ، كوستاريكا، السلفادور، بنما ، غوانتيمالا، والهندوراس ، إن هذه الدول وغيرها عرفت بهذا الاسم للسخرية والانتقاص الدولي منها، على الرغم من أن تلك الدول كانت تعتمد اعتمادا كبيرا على صادراتها من الموز التي تتحكم بزراعته وتصديره شركات أمريكية تستحوذ على خيرات زراعته وتجارته من خلال حكومات محلية، غالباً ما كانت ضعيفة وفاسدة وخاضعة لإدارة الشركات الامريكية.


وعندما بدأت القارة الجديدة ارهاصات تكوين وانطلاق الحركات الثورية والتحررية منذ القرن التاسع عشر، ومن ثم القرن العشرين؛ خاصة بعد انتصار الثورة الكوبية 1958 وبروز قادتها كشخصيات ثورية وأممية عالمية متصفة بنكران الذات وبقوة المثل الثوري كالقائد الثائر فيديل كاسترو ورفيقه في السلاح والثورة أرنستو تشي جيفارا. في ستينيات القرن الماضي دق ناقوس الخطر على مصالح الولايات المتحدة في بلدان أمريكا اللاتينية كلها؛ مما دفع الادارات الامريكية ومخابراتها الى تنظيم حالات التسلل المخابراتي والاندساس في تلك الحكومات العميلة وكذلك المحاولة أيضا الى التسلل حتى الى جسد وتنظيمات الحركة الثورية المتصاعدة في بلدان أمريكا اللاتينية.


وبعد الصفقة الامريكية السوفيتية بعد أزمة خليج الخنازير والاكتفاء بتحديد وضع كوبا جغرافيا وسياسيا، وبعد مقتل القائد الثوري جيفارا وتصفية الحركة الثورية في كولومبيا ثم فقدان الحركة الثورية العالمية في مستهل السبعينيات عملاقين من عمالقة القرن العشرين هما الرئيس التشيلي الراحل سلفادور الليندي والشاعر التشيلي الكبير الحائز على جائزة نوبل بابلو نيرودا. كان الرئيس الراحل الليندي والشاعر الراحل نيرودا، رجلان وحدتهما في حياتهما مبادئهما الوطنية واليسارية الثورية وفرقهما الموت في تشيلي بعد الانقلاب الدموي في سانتياغو في غضون ايام عن بعضهما.


لسنوات طويلة، قيل للتشيليين وللعالم، وكما فبركت وكالات الانباء الأمريكية، : إن رئيسهم سلفادور الليندي قد انتحر خلال ساعات الانقلاب العسكري الأولى الذي قاده ضد الحكومة الديمقراطية المنتخبة الجنرال العميل أوغستو بينوشيت في الحادي عشر من سبتمبر / ايلول 1973. وقيل أيضا بعدها ان الشاعر بابلو نيرودا توفي بعد ذلك بـ 12 يوما نتيجة عجز القلب المتأتي عن سرطان البروستات الذي كان يعاني منه. وهكذا اريد طمس معالم جريمة المخابرات الامريكية ودورها عن مجازر تشيلي في سبهينيات القرن الماضي.


ولكن سقوط بينوشيت لاحقا وانتصار الحركة الثورية في تشيلي عن طريق الاقتراع الديمقراطي مرة أخرى، بعد معاناة طويلة ومرة وقاسية مع حكم الدكتاتورية والفاشية الموجهة من قبل السفارة الامريكية في العاصمة التشيلية سانتياغو دفع السلطات التشيلية الجديدة الى اتخاذ قرار اعادة التحقيق في وفاة الرجلين وكشف المستور عن جرائم الانقلابيين وعلى رأسهم بينوشيت الذي قدم الى المحاكمة.


تبين في الحالتين حجم الاكاذيب والدور القذر للإدارة الامريكية في واشنطن، أين تم الكشف عن دور الانقلابيين الدمويين وخلفهما الدور القذر لرجال المخابرات الامريكية ووكلائها المحليين التي ارادت ان تنصب في تشيلي دويلة موز، اسوة بجيرانها الآخرين في بنما وغيرها في نصف الكرة الغربي .


كان الانقلاب العسكري الدموي الفاشي ضد الرئيس التشيلي اللندي ومقتله على يد بينوشيت وضع تشيلي وعديد دول امريكا اللاتينية تحت طائلة المجازر الكبرى ضد الثوريين والوطنيين التشيليين والثوار الامريكيين اللاتينيين . وما تشترك به دول الموز ودولة بطيخ والرقي المالكية في العراق المحتل هو الدور القذر لعميل المخابرات الامريكية وسفيرها الى عالم الجرائم الكبرى نيغرو بونتي، وهو المعروف عنه وبالتعاون والتنسيق مع عصابات المخابرات الامريكية وشركات تجنيد المرتزقة قد خطط، لا لتصفية الحركة الثورية واليسارية في أمريكا اللاتينية؛ بل وصل به الأمر الى تصفية العديد من رجال الدين والكهنة والرهبان الثوريين في عديد بلدان أمريكا اللاتينية، والعمل على تنصيب مجموعات من العملاء على رؤوس الإكليروس والمؤسسات الدينية، بمساهمة وتنسيق مع البابا البولوني الاسبق يوحنا بولص الثاني، الذي يعتبر واحدًا من أقوى الشخصيات الدينية والسياسية في الربع الأخير من القرن العشرين، وهو الذي لعب دورًا بارزًا في إسقاط النظام الشيوعي في بلده بولندا، وكذلك في عدد من دول أوروبا الشرقية، وصولا الى إزاحة وسقوط جدار برلين، ومنها سقوط وتفكيك الاتحاد السوفيتي، مستغلا موقعه الكنسي وارتباطاته السابقة بالمخابرات الامريكية واليهود الصهاينة ولخبرته كضابط سابق في الجيش البولندي في سنوات الحرب العالمية الثانية ... الخ ..


خلال فترة بابويته قام البابا يوحنا بولس الثاني بزيارة 129 بلدًا، قطع أكثر من 1.1 مليون كيلومترا سفرًا وتجول عبر قارات العالم . كانت أول زيارة رسمية له إلى المكسيك والدومنيكان في يناير1979، بعدها سافر في يونيو/ حزيران 1979 إلى بلده وموطنه الأصلي بولندا ليشرع بالتحضيرات السياسية والتعبوية لإسقاط أول نظام شيوعي، إنطلاقا من بولندا، مستغلا أزمتها الاقتصادية وفساد حكمها وبيروقراطية الحزب الحاكم وتفسخه، ومن خلال تحضير البديل الكنسي واليهودي المدرب أمريكيا، شرع بتقوية ودعم نفوذ حركة التضامن بقيادة مؤسسها ليخ فاليسا بالتنسيق مع وكالة المخابرات الامريكية وحثالة من المثقفين الليبراليين ورجال الكنيسة الكاثوليكية ورهبانه .


وهكذا نجحت المخابرات الامريكية في تجنيد الإكليروس واللاهوت الكاثوليكي وغيره في عدد من بلدان العالم، تحت شعارات المطالبة بالديمقراطية والحرية واستغلال رياح التغيير لإسقاط الانظمة الإشتراكية، بمراحل، وكما تريدها الولايات المتحدة، اين تم ايصال العملاء والوكلاء والجواسيس وبعض قيادات الاحزاب الدينية المتنفذة في الكنيسة الى مقدمة الصفوف المطالبة بالتغيير، وبالتنسيق مع بعض القيادات الفاسدة في سلطات الدول الاشتراكية المستعدة للتآمر والمشاركة في اسقاط الانظمة الاشتراكية كالرئيس السوفيتي غورباتشوف والروسي بوريس يلتسين والجيورجي شفرنادزة... وغيرهم، وبعدها ليأتي الدور النهائي الى إسقاط وتفكيك الاتحاد السوفيتي برمته وبعده المعسكر الشرقي، وخلالها تم ضرب العراق وفرض الحصار عليه تمهيدا لاسقاط نظامه الوطني، في الوقت الذي استمرت فيه عمليات الاشراف والتوجيه والترتيب المخابراتي لقيادات الحكم والسلطات وحتى المعارضات السياسية في جمهوريات الموز في امريكا اللاتينية.


ولم تسر الامور دائما وفق الرغبات الامريكية ومخططات البنتاغون والمخابرات الأمريكية، عندما اعترضت تلك المخططات ممانعات ومعارضات ومقاومات امريكية لاتينية عندما نضجت ظروف ثورية جديدة، انطلاقا من دروس التجربة المرة والفشل السابق للحركة الثورية وإخفاقاتها في كل من الارجنتين وكولومبيا والمكسيك وبوليفيا وبنما وكوستاريكا والتشيلي...الخ.، وبفضل صمود النظام الكوبي وبقائه دون تراجع، ولعمق تأثير التراث الثوري المختزن في ذاكرة الاجيال تمكنت نيكارغواي ومن بعدها تشيلي ثم فنزويلا ان تعيد التوازن الى ساحة المواجهة مع الولايات المتحدة الامريكية باعتمادها على ارثها الثوري والوطني فجمعت الحركات الثورية واليسارية والديمقراطية بين اشكال عديدة من العمل السياسي والتعبوي حتى تمكن قادة وطنيون كأورتيغا وشافيز وغيرهم من المحسوبين على اليسار من الوصول الى قيادة السلطة في هذه البلدان عن طريق الاقتراع .


لقد نقل السفراء الامريكيون المعتمدون ببغداد بعد الغزو والاحتلال للعراق 2003 امثال بول بريمر ونيغرو بونتي وزلماي خليل زادة، وبعدهما كروكر تجارب نجاحات المخابرات الامريكية السابقة في دول امريكا اللاتينية بالعمل على توظيف رجال الدين وقادة الأحزاب الدينية ودعاة الطائفية وممثلي بعض الإثنيات والأقليات الصغيرة وإشراكهم في أعمال وتوجيهات وأنشطة تخدم أغراض مخبر المنطقة الخضراء لصناعة كيان لدولة عراقية جديدة مصطنعة على شاكلة جمهوريات الموز، وهي بمواصفات كيان يشبه الى حد ما ولاية بطيخ التي يعرفها ويتندر عليها العراقيون، وهذا الكيان الجديد، وبالرغم من مرور عشر سنوات على الغزو والاحتلال ظل عصيا على الوقوف كدولة قائمة في العراق لتتحول بها ذات أمراض هشاشة جمهوريات الموز ولتتحول الى محتشد سنسميه على نفس السياقات " دولة الرقي المالكية".


بنفس المواصفات المطلوبة لهذه الأشكال من الكيانات المرسومة سلفا في مخابر ومخيال مراكز الدراسات الامريكية تم اختيار العراق ليكون أول حقل للتجارب الامريكية الجديدة في تشكيل دول الشرق الاوسط الجديد، ويبدو ان التوقيت تم اعتماده قبل الشروع بتحريك أوضاع الربيع العربي في عديد الدول العربية، وبقيام حكومات جديدة منتظر تشكيلها وفق مقاسات معينة وجرى ترتيب أوضاعها وفق المنظور الامريكي والإسرائيلي المطلوب كدول وحكومات هشة وقابلة للانكسار والتفتت والاصطراع في أي وقت.


وهكذا بات العراق دولة جديدة وكيان تجريبي تابع ومرتهن للإرادة الأمريكية ومخبرها السياسي، وأعتبر كمزرعة خلفية لعبث وتجارب الشركات الامريكية والغربية العابرة للقارات، وحتم على العراق أن يكون له جيشه ووحداته العسكرية والأمنية المسلحة، التي يتم بنائها والإشراف عليها، على يد الخبرات الامريكية، وتكون مجرد وحدات عسكرية مدربة لمكافحة أعمال الشغب وممارسة القمع الحكومي ضد الشعب الأعزل، وبمثل هذه التجمعات المليشياوية الطائفية والاثنية، التي لا يمكن ان يطلق عليها تسمية جيش، سوف لا تدين بأية ولاءات وطنية أو تكون لها إرتباطات أو ولاءات قومية، وهي تقبل أن ينصب عليها مجموعات من العسكريين المحليين والمرتزقة المتعاونين مع شركات الحماية الأجنبية الخاصة والمستعدين الى الخضوع الى تسيير وتوجيه المخابرات الامريكية والتنسيق مع ضباط الارتباط المنسبين للاشراف عليها من القوات والمخابرات الأمريكية.


وللتعرف على رجال الكيان العراقي الممثل في دولة الرقي المالكية لا بد من العودة الى مقال ووصية الحاكم الأمريكي بول بريمر الموجهة الى رجال ادارته الإحتلالية في العراق والى خلفائه الامريكيين المكلفين بالإشراف على حكم العراق قبل وبعد الانسحاب العسكري الامريكي المزعوم.


الوصية البريمرية باتت معروفة للرأي العام، وقد نشرها منذ سنوات على عديد المواقع العربية بعد ترجمتها الاستاذ والاعلامي العراقي سلام الشماع، ومنها نسخة نشرت على صحيفة الأخبار البحرينية حينها. وهذه الوصايا سبق أن نشرتها معظم الصحف الأمريكية الكبرى مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز، ومنها تسللت الى باقي الصحف الامريكية والأوربية والدولية والعربية، وتناقلتها المواقع الالكترونية على الأنترنت كوثيقة دامغة في تشخيص نوع العملاء الذين جلبتهم القوات الامريكية معها لحكم العراق.


وللعودة الىى عنوان المقالة ولتسمية جمهورية المالكي الحالية، وبما يليق بها من مسميات وتوصيفات الفاكهة والخضروات الهشة، لا في اسواق الجملة والمفرد للفواكه والخضار فقط؛ بل وكما عرفها الناس في "العلاوي والدكاكين السياسية" التي افتتحها المحتل في العراق كأحزاب وكيانات ومنظمات مجتمع مدني مخترقة ومسيرة لخدمة المحتل، كلها تتصارع وتتنافح في خيمة السيرك الامريكي حسب الرغبات الامريكية والأدوار المناطة بها.


تبعا لمسميات العراقيين القديمة والجديدة عن شكل هذا الكيان الممسوخ الذي سمته امريكا " العراق الجديد بعد التحرير" ؛ لنتسائل مع أهلنا في العراق مرة أخرى: كيف تطورت المسميات السياسية لمثل هذه الدولة الممسوخة من " ولاية بطيخ " الى " جمهورية رقي "، وربما ستصبح رسميا ناحية وإقامة او قائمقامية للمرشد الفقيه بأمر الدولة الفارسية، لتحقيق ام الكوارث الصفوية المنتظرة في العراق، وهو سلخ العراق واجتثاثه نهائيا عن جذور هويته الوطنية وإنتمائه القومي العربي.


الصيغة الأخيرة، أي "مقام ولاية الفقيه" وكما يروج لها أصحابها وبنصوصهم نذكر بها هي كما يدعون هم اليها : [... ولاية وحاكمية الفقيه الجامع للشرائط في عصر غيبة الإمام الحجة (عج) حيث ينوب الولي الفقيه عن الإمام المنتظر(عج) في قيادة الأمة وإقامة حكم اللّه على الأرض].[وهي بالتالي طريق الحق والهداية، فأحكامها مستوحاة من كتاب الله تعالى وسنة نبية الكريم وآل بيته ألأطهار، سلام الله عليهم اجمعين؛ وبالتالي تؤدي الى رفاهية الشعوب واستقرار امنها وعدل احكامها]. ذلكم مختصر دستور ولاية الفقيه المطلوب اقامة كيانها في العراق المفرس شعوبيا.


ولكن ما جرى ويجري ألآن بالعراق، او كما يريده الأمريكيون والإيرانيون والصهاينة هو تشكيل وتخليق وإخراج ولاية من نوع آخر، ولاية سوف تتخلف حتى عن جمهوريات الموز، وهي تذكرنا محلياً بالمثل الشعبي حول (ولاية بطيخ).


ولهذا المثل حكايات وتفسيرات كثيرة عند العراقيين، كلها تدور حول موضوع واحد هو انها دولة ولاية او مدينة يسودها الفساد والعنف والتخريب وإيذاء الغير. وولاية البطيخ تذكر العراقيين بهذه القصة : ان هناك شقيان مشهوران كانا حديث الناس في بغداد زمناً طويلاً، ولم يزل يضرب المثل بأحدهما حتى الآن، وهما كامل البطيخ ومحمود محمد الأحمد. اما كامل البطيخ، فهو من عشيرة شمر طوكة من المجايلة الذين يسكنون مقاطعة الشاعورة الملاصقة لمقاطعة الدبوني في ناحية العزيزية، وانه من رؤساء العشيرة، وكان جده بطيخ رئيساً للمجالية، وكان طاغية، امتد نفوذه الى إيران من جهة بدرة. وان المثل (ولاية بطيخ) المشهور جاء نتيجة تصرفات بطيخ اللا معقولة التي لم تكن تخضع لأصول أو قواعد، أو حتى أعراف العشائر والقبائل العربية المعروفة في التعاملات في ما بينها وما بين جيرانها؛ بل كان المزاج اليومي الكيفي لبطيخ هو الذي يدير حياته والناس من حوله. ويحول حياتهم الى جحيم


وقد ارتكب كامل في شبابه جريمة قتل وكان مطلوباً الى العدالة، لذا فر هارباً يقطع الطريق سلباً وقتلاً بين بغداد والكوت، وهو ومساعده المدعو إيدام المنصور، إمتهنوا اللصوصية والقتل والإجرام، بعدها تمكنت قوات الأمن بعد جهد من القبض عليه، ثم إعدامه، والحكم بالحبس على مساعده إيدام، حيث انصرف الأخير الى الزراعة بعد انتهاء محكوميته، وتوفى في الخمسينيات، ولم يزل آل بطيخ يسكنون مقاطعة الشاعورة في العزيزية ويتندرون بولاية بطيخ البائدة في يوم ما.


اما الشقي الآخر فهو محمود محمد الأحمد، الذي قتل كاظم ابن الحجي ناجي، مالك البساتين في الجادرية، صاحب الانجليزية سكرتيرة المندوب السامي البريطاني ببغداد الآنسة بل، "المس بل"، المشهورة. ونتيجة لأسباب ما هرب محمود محمد الأحمد، وظل يقطع الطريق، متحولا الى لص وقاتل، ومتخذاً من السلب والقتل وسيلة للعيش الى ان قتل في الطريق المؤدي الى قضاء الحي بعد ان تعاونت العشائر مع الشرطة في عمل الكمين اللازم له للتخلص من شروره..


كامل بطيخ وصاحبه يذكروننا اليوم بأمثالهم في ظل سلطة الاحتلال الامريكي وحليفه البريطاني، شقاوات الراق الجدد كالمالكي أو مثل مقتدى الصدر وبهاء الأعرجي وواجهات أخرى كالبطاط وحسن العامري وغيرهم، من الذين قبلوا الاشتغال مع الامريكيين في أعمال مخبر الذبح اليومي للعراقيين وبتشكيل ما يسمى الكيان العراقي الجديد، لكنهم ويا للمفارقة انهم ظلوا يعلنون بين الفينة والأخرى انهم مقاومون، وإنهم تمردوا على القانون والدستور الذي وضعه الامريكيون لهم؛ وهم يأكلون مع المحتل الغلة صباحا ويشتمون الملة مساء، حتى إستوزر العديد منهم في وزارات الحكومات الإحتلالية المتعاقبة كالجعفري والمالكي وعادل عبد المهدي والخزاعي، ومنهم لازالوا يتخذون من النهب والقتل والسلب موردا لهم من خلال المحاصصة وتقاسم الامتيازات والصفقات، وهم يعاملون الوضع السياسي والاجتماعي في العراق وفق قواعد وإرث ولاية بطيخ، فلا اصول ولا قواعد ولا قوانين ولا التزامات عليهم في التشريع والتنفيذ والقضاء أيضا.


لا نبالغ ان قلنا ان بطيخ وحكاياته ونزواته عندما نتذكره هنا في سياق المقارنة مع البطيخيين الجدد يعتبر بمثابة الحمل الوديع امام هؤلاء جميعا الذي يجندهم المالكي في محصلة قوات مليشياته المسماة " القوات المسلحة " وينصب نفسه قائدا عاما عليها، ويعلن من خلالها: أنه يقود دولة قانون وهي ملحق لولاية الفقيه تحت قيادة المرشد الأعلى الصفوي الفارسي.


ومن الطبيعي أن الامريكيين سيبقون سعداء وهم يتلمسون ثمار مازرعوه على ارض العراق من خبائث، ويتفائلون بتطور نظريات الزراعة السياسية وتطبيقاتها بالنجاح والانتقال من نمط جمهورية الموز الى جمهورية الرقي المالكية الحالية القائمة في المنطقة الخضراء.


لقد وثق وكتب العديد من الكتاب العراقيين مواصفات ولاية بطيخ وولاية الفقيه المرشد، ومنها كتابات الاساتذة والإعلاميين أمثال صباح ديبس وقاسم سرحان وسلام الشماع وغيرهم كثيرون، وأنا سأتوقف هنا، ولو بإضافات وإقتباسات منهم للتذكير فقط عند وصف احوال جمهورية الرقي المالكية المعاصرة الجديدة وأزلامها، وسأحرص على التوقف عندها لمعرفة طبيعة وسلوك وأنماط سكان هذه الرقية الخضراء المالكية المتشكلة من بقايا الرقيق الإحتلالي بعمائمه البيضاء والسوداء والرمادية، وبما اختلفت الوانه ومسمياته الطائفية والإثنية ليتجمع كل هذا الكشكول الاسود عبيدا داخل هذه الجمهورية المصطنعة، التي أسسها بول بريمر، وحدد لها النواميس والدستور واللوائح التي يرضى عنها الامريكيون بمواصفات محددة من أنماط الاخلاق والسلوك الشاذ المطلوب عند التوظيف وفق مقاسات الميكافيلية الامريكية الجديدة.


وهم من ارتضوا العمل والخدمة فيها كعبيد وأجراء وعملاء وبعدها تمت ترقيتهم داخل هذا الكيان ليكونوا شركاء ومتحاصصين بصيغ عدة ومن حكومة الى اخرى.
اهم شئ في اقتباسات هذه المقالة هو : ما قاله ووثقه وأكده ونصح به الحاكم الأمريكي بول بريمر في وصيته المنشورة في عشرة نقاط نعيد نشرها للتذكير والعبرة والتأمل، فهي قد صارت دستورا وبرنامج عمل لخليفته الأمريكي المجرم التالي المدعو جون نيغرو بونتي!؟ وكذلك خليل زلماي زاده، اللذان عينا كسفراء للاحتلال في المنطقة الخضراء.


وكان نيغرو بونتي قد عين بوظيفة نائب وزير خارجية لدولة العدوان والجريمة والإحتلال في العراق. وعلينا ان نعترف اليوم ان الوصية البريمرية، بكل ما فيها من دقة التوصيف، قد نجحت في تشكيل نوعية حكام العراق المطلوبين حتى لو انسحبت القوات الامريكية من العراق. إن أحوال العراق، وبعد أكثر من عشرة سنوات من الإحتلال، باتت تتطابق تماماً لما رُسم له أمريكيا، وكما خطط له ونفذه هؤلاء المجرمون الامريكيون الغزاة، وكما نفذه لهم بطاعة عمياء عملائهم من العراقيين المتربعين اليوم على حكم جمهورية الرقي المالكية الخضراء .


هاهو العراق بات من أسوء دول العالم فقرا وفسادا وتخلفا وجريمة وسرقات ودمارا شاملا، وهو أسوء من جميع جمهوريات الموز في العالم تخلفا وبؤسا وقلقا وفوضى، وتخلف أيضا حتى عن مواصفات ديرة ودولة بطيخ، في كل جانب من جوانب الحياة.


وها هو العراق محتل ومغتصب، ومباع في سوق النخاسة المحلية والإقليمية والدولية بقرار امريكي، وبتنفيذ ايراني، وطاعة عبيد، محسوبين على العراقيين.
وهاهم العراقيون والعراقيات يُقتلون ويهجرون ويسجنون ويغتصبون، ومنقسمون وضائعون في هبوب العواصف والفوضى التي تجتاح العراق من كل صوب.
هاهم العراقيون، وتحديدا عربهم ، يقتلون على الهوية الطائفية، عندما تم تقسيمهم الى شيعة وسنة وطوائف أخرى.


وهاهي ثروات العراق وأمواله ونفطه وأرضه ومياهه وخيراته وكنوز حضاراته تسرق وتدمر و تحرق. هاهو العراق بوكالة دولة البطيخ وقائمقامية المرشد السفيه يحكمه الغزاة المحتلون، انطلاقا من سفاراتهم الامريكية والإيرانية ومكاتب شركات الحراسة الصهيونية، يتجمعون وينسقون في مقر جمهورية الرقي المالكية بالمنطقة الخضراء.


وللاقتراب من حال هذه العصابات الحاكمة، ومن يسمون انفسهم اليوم قادة العملية السياسية سنعرف سر تكوين جمهورية الرقي ومواطنيها. لنعود الى ما قال عنهم ووصفهم ولي نعمتهم وجامعهم في ما يسمى مجلس الحكم الانتقالي السفير الامريكي بول بريمر الذي غادر العراق، وحرص على كتابة مذكراته عن العراق، وعنهم وأصدرها في كتابه المعروف : (عام قضيته في العراق )، واصفا اياهم بكل كلمات الابتذال والخسة والنذالة وانعدام الضمير. ويتبين ذلك من خلال وصيته الى خليفته نيغرو بونتي، المكلف بعده في تسيير حكم العراق، والذي اشرف هو الآخر بشكل مباشر على تنفيذ أفضع المجازر الدموية وحالات التهجير والخراب الأشمل للعراق، وخاصة العمل على تدمير اللحمة الاجتماعية للشعب العراقي وتقسيمه اثنيا وطائفيا.


هذه هي الوصايا العشر التي تركها بول بريمر لخلفائه الامريكيين وغيرهم على حكم جمهورية الرقي في العراق وهي:


1ـ إياك ان تثق بأيّ من هؤلاء الذين آويناهم واطعمناهم، نصفهم كذابون، والنصف الاخر لصوص.


2ـ مخاتلون لا يفصحون عما يريدون ويختبؤون وراء اقنعة مضللة.


3ـ يتظاهرون بالطيبة واللياقة والبساطة، والورع والتقوى، وهم في الحقيقة على النقيض من ذلك تماما، فالصفات الغالبة هي : الوضاعة والوقاحة وإنعدام الحياء.


4ـ إحذر أن تغرك قشرة الوداعة الناعمة فتحت جلد هذا الحمل الذي يبدو حميميا وأليفا ستكتشف ذئبا مسعورا لا يتردد من قضم عظام أمه وأبيه، ووطنه الذي يأويه، وتذكر دائما ان هؤلاء جميعا سواء الذين تهافتوا على الفتات منهم أو الذين التقطناهم من شوارع وطرقات العالم هم من المرتزقة ولاؤهم الاول والأوحد لأنفسهم.


5ـ حاذقون في فن الاحتيال وماكرون، كما هي الثعالب، لاننا أيضا دربناهم على ان يكونوا مهرجين بألف وجه ووجه.


6ـ يريدون منا أن لا نرحل عن العراق ويتمنون أن يتواجد جنودنا في كل شارع وحي وزقاق وأن ىنقيم القواعد العسكرية في كل مدينة وهم مستعدون أن يحولوا قصورهم ومزارعهم التي اغتصبوها إلى ثكنات دائمية لقواتنا، لأنها الضمانة العملية الوحيدة لاستمرارهم على رأس السلطة، وهي الوسيلة المتوفرة لبقائهم على قيد الحياة، لذلك تجد أن هذه الوجوه تمتلئ رعبا ويسكنها الخوف المميت لانها تعيش هاجسا مرضيا هو (فوبيا انسحاب القوات الامريكية) الذي لا ينفك عنها ليلا ونهارا، وقد أصبح التشبث ببقاء قواتنا أحد أبرز محاور السياسة الخارجية لجمهورية المنطقة الخضراء..


7ـ يجيدون صناعة الكلام المزوق وضروب الثرثرة الجوفاء مما يجعل المتلقي في حيرة من أمره، وهم في الأحوال كلها بلداء وثقلاء، ليس بوسع أحد منهم أن يحقق حضوراً حتى بين أوساط زملائه وأصحابه المقربين.


8ـ فارغون فكرياً وفاشلون سياسياً لن تجد بين هؤلاء من يمتلك تصوراً مقبولاً عن حل لمشكلة أو بيان رأي يعتد به إلا أن يضع مزاجه الشخصي في المقام الأول تعبيراً مرضياً عن أنانية مفرطة أو حزبية بصرف النظر عن أي اعتبار وطني أو موضوعي.


9ـ يعلمون علم اليقين بأنهم معزولون عن الشعب، لا يحظون بأي تقدير أو اعتبار من المواطنين لأنهم منذ الأيام الأولى التي تولوا فيها السلطة في مجلس الحكم الإنتقالي المؤقت أثبتوا أنهم ليسوا أكثر من مادة إستعمالية وضيعة في سوق المراهنات الشخصية الرخيصة.


10 ـ يؤمنون بأن الاحتيال على الناس ذكاء، وأن تسويف الوعود شطارة، والاستحواذ على أموال الغير واغتصاب ممتلكات المواطنين غنائم حرب، لذلك هم شرهون بإفراط تقودهم غرائزية وضيعة، وستجد أن كبيرهم كما صغيرهم دجالون ومنافقون، المعمم الصعلوك والعلماني المتبختر سواء بسواء، وشهيتهم مفتوحة على كل شيء: الاموال العامة والاطيان، وإقتناء القصور، والعربدة المجنونة، يتهالكون على الصغائر والفتات بكل دناءة وامتهان، وعلى الرغم من المحاذير والمخاوف كلها فإياك أن تفرّط بأي منهم لأنهم الأقرب إلى مشروعنا فكراً وسلوكاً، وضمانةً مؤكدة، لإنجاز مهماتنا في المرحلة الراهنة، وإن حاجتنا لخدماتهم طبقا لاستراتيجية الولايات المتحدة، مازالت قائمة وقد تمتد إلى سنوات أخرى قبل أن يحين تاريخ انتهاء صلاحيتهم الافتراضية، بوصفهم (مادة إستعمالية مؤقتة) لم يحن وقت رميها أو إهمالها بعد.


تلك هي وصايا الحاكم الأمريكي السابق للعراق المحتل بعد رحيله وجهها الى زميله السفير والحاكم الامريكي المجرم جون نيغروبونتي، وقد عمل السفير نيغر وبونتي بوصايا بريمر ونصائحه في العراق المحتل مثل ما طمح ورغب وأراد سلفه؛ بل أنّ نيغروبونتي نقل هذه الوصايا الى اسلافه من السفراء والحكام الأمريكيين لحكومة المنطقة الخضراء.


وهذه الوصايا قائمة وأثبتت مدى دقة تشخيصها الى هذه الساعة، وتبقى وفاعلة وهامة عند ادارة الإحتلال الأمريكي وتعاملها مع أحزاب حكومة المنطقة الخضراء.


أما أحزاب المعارضة العراقية السابقة، أو تلك الأحزاب التي ألتحقت بمهام تنفيذ الغزو والاحتلال الأمريكي، بعد أباحة الدم العراقي وإستباحة ثرواته، وتنفيذ مشاريع تمزيقه، عن طريق ما يسمى النظام الفيدرالي الصهيوني الهجين، فانها كانت ولا زالت مدركة ما الذي يتوجب تنفيذه لتتطابق مواصفات قادتها مع مسطرة بول بريمر اللا أخلاقية، ومن بعده تعليمات خليل زادة و جون نيغرو بونتي لتقسيم وتدمير بلد، كان موحدا، وكان أسمه العراق منذ الأزل.


إنّ وصايا بول بريمر لسلفه جون نيغرو بونتي لحكم العراق، يدركها ويؤمن بها جميع من يعيشون في المنطقة الخضراء اليوم، وفي مقدمتهم نوري المالكي ورهطه الطائفي، كما ويدركها أيضا قادة التحالف الكردستاني من جلال طلباني ومسعود برزاني ومحمود عثمان، وكل من التحق بإدارات الاحتلال بأية صيغة من الصيغ، وحتى من بات يدير مؤسسة رسمية أو ادارية في ظلّ توجيهات حكم الإحتلال الأمريكي المباشر او بالوكالة وهو عالم بما خفي أو أُعلن.


العجيب والغريب في الأمر انّ حُكّام جمهورية الرقي المالكية ،تحتشد بمواطنيها العبيد والأقنان من كلّ الأحزاب المشاركة في العملية السياسية، وهم من كلّ الأديان والقوميات والمعتقدات والمذاهب تتفق شروط مواطنتهم وقنانتهم الى ما ذهب اليه الحاكم الأمريكي بول بريمر بخصوص مواصفات مرتزقته وعملائه المطلوبين للإيواء السياسي في المنطقة الخضراء في بغداد المحتلة. والأغرب من هذا كله، إنّ بعضهم والى يومنا هذا، وبعد تفجر السخط الشعبي وتطور واتساع المظاهرات والإعتصامات الى انتفاضة وطنية عراقية يمنون أنفسهم ويفضلون عودة قوات الإحتلال الأمريكي وبقاء قواته الأرضية والجوية في حالى تدهور الاوضاع القائمة الى الأسوء.


وانهم سعداء بترقيتهم في خدمة كيانهم الكسيح من ولاية البطيخ، متجاوزين جمهوريات الموز، الى اعلان كيانهم الهش المبتذل بعنوان "جمهورية الرقي المالكية". وتلك الرزمة العفنة التي تحتشد فيها كيانات العملاء والعبيد سوف لن تقاوم ابدا شمس العراق، ومئآلها المحتوم هو التفسخ والتعفن والتلاشي، ان لم تصلها في أية لحظة ركلة المقاومين الصلبة، فتصبح حكاية جمهورية الرقي المالكية مجرد رذيلة منبوذة، وكحكايات من سبقتها من التجارب الغبية والمرة التي شهدها العراق بعد كل احتلال او حالة فوضى.

 

 





الثلاثاء ٩ شعبــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / حـزيران / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة