شبكة ذي قار
عـاجـل










قال " علي لاريجاني" رئيس مجلس الشورى الإيراني [ إن سقوط نظام بشار الأسد سيشكل مقدمة لسقوط الكويت .. وإن الكويت عمق إستراتيجي لإيران .. لن تتنازل إيران عن الكويت .. وعلى دول الخليج (الفارسي) أن لا تعرقل طموحات إيران العظمى، وإلا فأن العرب سينحسرون إلى مكة ، إلى ما كانوا عليه قبل 1500 عام ] !!

 

وحين سُؤلَ عن معنى سقوط الكويت .. أجاب : دعهم يفهمون ما يفهموه !!

 

هل هناك كلاماً أكثر وضوحاً من هذا الكلام الذي أطلقه "علي لاريجاني" رئيس مجلس الشورى الإيراني، أحد مصادر صنع القرار في إيران ؟ ، وقبل أن يفهم الأشقاء - الذي أقصده الشعب العربي في الكويت - لأن الحكام في قصر " دسمان" وإخوتهم في الخليج العربي هم الذين جعلوا هذا الغراب الفارسي ينعق وغيره من الصفويين .. وهم الذين سهلوا لقياصرة بلاد فارس، الذين يحملون عقد التاريخ، يزحفون كديدان الأرض، على بغداد السلام .. وهم الذين تعاملوا وما يزالون بمليارات الدولارات لإنقاذ اقتصاد النظام الصفوي في طهران، وأغلقوا منافذ الدعم السياسي والإعلامي وغيره عن الشعب العراقي، الذي يجاهد ويناضل بالدم والدموع من أجل إفشال الزحف الصفوي من العراق إلى مساكنهم وغرف نومهم ومضاجعهم .. وهم الذين تعاملوا ويتعاملون مع أعداء الله والإنسانية بعقلية التاجر وليس بعقلية القائد، الذي يرعى مستقبل شعبه وأمته بكل ما يملك .

 

قبل أن يفهم شعبنا في الخليج العربي، أود أن أرجع كلام هذا الغراب الفارسي الناعق بلغة أهل الكهوف الغارقة في جهالة عمق التاريخ، إلى عناصره الأولية، لكي يتفهم الجميع المعنى والمغزى والهدف من هذا النعيق قبل أن تأخذ الجميع الصدمة :

 

أولاً- يربط "علي لاريجاني" بين نظام دمشق ودولة الكويت .. والربط هنا ليس ربطاً لغوياً باعتبار أن دمشق والكويت هما دولتان عربيتان، وليس ربطاً جغرافياً، لأن عامل الجغرافيا ليس هو القاسم المشترك بين البلدين، على الرغم من أن أرضهما هي أرض عربية لا غبار عليها .. فإلى أي مرمى يأتي الربط إذن ؟!

 

ثانياً- يربط "علي لاريجاني" بين سقوط نظام دمشق، الذي ربما على وشك السقوط، وبين سقوط الكويت، وهي أحد أعضاء مجلس التعاون الخليجي، التي لا أحد يهددها سوى إيران .. ومثل هذا الربط ينطوي على تهديد جدي بشرط سقوط دمشق.!!

 

ثالثاً- وشرط التهديد هذا ينطوي أيضاً على هدف (دفاعي) إسنادي لنظام دمشق .

 

رابعاً- كما ينطوي شرط الربط أيضاً على مكانة نظام دمشق في التخطيط الإستراتيجي الإيراني، ليس الآن، إنما منذ أن فرضت دبابات الأسد الأب النظام العلوي على الشعب في دمشق العروبة، باعتبار أن هذا النظام بات منذ ذلك التاريخ يعد ذراعاً عسكرية طويلة، ليس باتجاه تحرير فلسطين، وليس بالضد من الكيان الصهيوني، إنما باتجاه تحويل الصراع العربي- الإسرائيلي إلى صراع فلسطيني- إسرائيلي ، ومن ثم إلى صراع فلسطيني- فلسطيني ثم صراعاً عربياً- عربياً ، لكي تمهد الساحة العربية كلها للتمدد الفارسي.. وهذا هو الاتفاق الصفقة بين صهاينة أمريكا ودهاقنة (إيباك) ومجوس ( قم ) .

 

خامساً- فإذا ما فقدت طهران نظام دمشق، قطعت ذراعها، عندها يموت حزب الله اللبناني رغم أسلحته الإيرانية الثقيلة، وإلا لماذا هذه المكانة الإستراتيجية لنظام دمشق في التخطيط الإستراتيجي الإيراني؟ لماذا تعتبر إيران سقوط نظام دمشق تهديداً جدياً لها ؟ لأنها تعتبر أن نظام دمشق فناءً أمامياً متقدماً تعمل إيران من خلاله لترويض طبيعة صراعات المنطقة وتحويل مجرى هذه الصراعات .. فسوريا كانت تقاتل الكيان الصهيوني إلى جانب مصر باستحياء، وقوات (الصاعقة)، التي أعلنت الكفاح المسلح ممنوع على عناصرها الاحتكاك بقوات العدو الصهيوني في الجولان وعموم خط التماس مع هذا العدو.. وتجربة جيش العراق العظيم مع الجيش السوري المخذول بقيادته التي تحكم دمشق، خير دليل على نهج الخيانة، التي مارسته تلك الطغمة.. سلوا قيادات الطيارين العسكريين العراقيين الأبطال، وقيادات القوات المسلحة العراقية الأبطال الذي أنقذوا دمشق من السقوط، وقبل انسحاب القوات العراقية والعودة إلى ثكناتها في العراق، حسب رغبة نظام دمشق، طالب هذا النظام القوات العراقية بدفع فواتير (إمدادات لوجستية – بنزين وماء وطاقة للمقرات الخلفية ومستلزمات أخرى) .. العراق يدفع دماً ، ونظام دمشق يطالب بدفع فواتير.. لكَ المجد أيها الجيش العراقي العظيم.!!

 

سادساً- لم يربط "علي لاريجاني" بين نظام دمشق وسقوط البحرين مثلاً، على الرغم من أن البحرين هي البيدق السهل لطهران على رقعة شطرنج الخليج العربي.. وعلى الجميع أن يعلم بأن أمريكا تُسَهل لطهران ابتلاع البحرين (ديمقراطياً) .. والديمقراطية الأمريكية هنا ، كطحلب الماء الذي يتسلق تدريجياً بهدوء، مهما طال الزمن، ليلتف على محركات السفن، من أجل إغراقها .. نعم إنها تُغرق الواحدة تلو الأخرى... فلماذا لم يربط هذا الغراب الناعق بين نظام دمشق وسقوط البحرين؟!

 

سابعاً- الربط بين نظام دمشق والكويت له علاقة بنظام بغداد.. فبغداد تحكمها عصابات طهران أو بالأحرى طهران ذاتها .. والكويت أقرب إلى العراق من البحرين، التي تعد البيدق الثاني في الخليج العربي.. وتاريخياً وجغرافياً الكويت جزء من العراق.. والكل يتذكر ما قاله "رفسنجاني" حين احتلت إيران (الفاو) العراقية " نحن أصبحنا قريبين من الكويت، ولن نتحمل كبير عناء للوصول إليها".!!

 

وحين اقتلع الجيش العراقي العظيم السرطان الفارسي من (الفاو) تنفس شعبنا العربي في الكويت الصعداء، وكذلك شعبنا العربي في الخليج العربي والأمة بأسرها.. أما حكام الكويت، وبعد انقشاع غيوم الحرب وانتصار العراق بأن أرغم رأس الأفعى في قم على شرب السم ، بدءوا يطالبون العراق بديونهم ويشددون الخناق حول رقبة العراق، ويصغون لهمس الصهاينة في مكاتب البيت الأبيض، حتى أجبروا العراق على اتخاذ قرار الدخول العسكري إلى الكويت - وهو قرار إستراتيجي خاطئ من الوجهة السياسية والمبدئية معاً - وحين أعلن عزمه على الانسحاب من الأسبوع الأول، طوقته قرارات الجامعة العربية وقرارات مجلس الأمن، ولم تترك له خياراً، ثم شن المجرمون عليه الحرب القذرة وحاصروه ثلاثة عشر عاماً، ثم أجهزوا علية ... الربط إذن .. بين سقوط نظام دمشق وسقوط الكويت له مغزاه العميق، ولم يأتِ اعتباطاً أبداً .!!

 

ثامناً- التهديد الإيراني بسقوط الكويت .. والسقوط هنا، هل يعني احتلال إيران للكويت ؟ أم أن السقوط، من حيث المفهوم، يعني الانهيار من الداخل ؟ والانهيار يعني أن هناك معاول للهدم الداخلي إذا ما سخرتها طهران أو طلبت منها بأن تقوم بعملية الهدم، ستنفذ أوامرها فوراً وبدون تردد، وهي جاهزة لهذا الأمر.. وإلا كيف ستسقط الكويت وكيف سيتهدم نظامها؟!

 

إذن.. الخلايا الفارسية النائمة في البرلمان وعمقه، وفي الجمعيات وأعماقها، وفي البقاليات وشوارعها الضيقة وفي أجهزة الشرطة والأمن ودوائر الدولة ومنافذها وصولاً إلى ممثلها في هيئة الأمم المتحدة.!!

 

هذه الخلايا التي تكشف عنها الأجهزة الكويتية المختصة باستحياء بين فترة وأخرى، هي المعاول التي تستخدمها إيران لغرض السقوط والهدم، هي المعنية وليس غيرها .. فهل نظفت حكومة مشيخة الكويت قاذوراتها من (مجلس الأمة وأجهزة الشرطة والأمن والجيش والمؤسسات السيادية لديها؟!)

 

حكام قصر "دسمان" لا يفكرون بهذه العقلية السياسية- الإستراتيجية الواقعية، إنما يفكرون بعقلية التجارة وتبويس اللحى والتآمر المبطن وتسريع تفكيك العراق وتقسيمه - تنفيذاً لمقولة عبد الله الشايجي، اللهم اجعل العراق حجراً على حجر، ولا يفكرون بأن هذا التقسيم سيكون وبالاً عليهم -  فإذا قُسِم َالعراق وأصبح تحت رحمة إيران، فالكويت ستجد نفسها في بالوعة إيران، ولن تنفع صداقة بريطانيا ومعاهدة حمايتها، كما لا تنفع صداقة أمريكا ووعودها بالحماية، لأن هؤلاء الكبار قد تفهموا من وراء ظهر الصغار ما دامت مصالحهم مضمونة.. وإذا لم يتقسم العراق وبات قوياً ورجعت عافيته سينجو من في قصر "دسمان" وخارجه من البالوعة الفارسية.. أما شعبنا في الكويت فعليه أن يجاهد على محورين: يحاسب الحكام على تآمرهم ويرغمهم الكف عن إيذاء الشعب العراقي، ويطهر صفوفه من الصفويين بلا تهاون وبلا هوادة .!!

 

تاسعاً- ماذا كان يعنيه "علي لاريجاني"  بأن (الكويت عمق إستراتيجي لإيران .. وإن إيران لن تتنازل عن الكويت) ؟ هل الكويت إيرانية أرضاً وشعباً ، كما هو رأي إيران بالبحرين ؟ ، عمقاً إستراتيجياً لمن وأمام منْ ؟ ، كما أن مفردة (التنازل) عنها، مسألة تأخذ بعداً خطيراً لم تفصح عنه إيران إلا بعد أن اشتد الخناق على دمشق، وقبلها تشديد القبضة الإيرانية على بغداد بمباركة أمريكية .. وكل هذا الذي يحدث والذي سيحدث هو نتيجة لسياسات (البعارين) الرشيدة تجاه العراق الوطني قبل أن يذبح أمريكياً وفارسياً .!!

 

عاشراً- لحد الآن .. وشركات شيوخ الكويت، باسم التجارة، تتاجر بأمن الشعب العراقي، وبدمائهم، باسم المفقودين، وتتاجر بشراكة على أرض العراق مع الصفويين، باسم الاستثمار، والقادة الصفويين يعلنون بصفاقة بأنهم لن يتنازلوا عن الكويت لأنها عمقاً إستراتيجياً لبلاد فارس .. هل ترون مدى قبح هؤلاء التجار الشيوخ الذين يعيشون وقلوبهم يملؤها قيح الحقد على الشعب العراقي، فهم في هذا يعمهون عن رؤية الحق والحقيقة .

 

أحد عشر- يرى "علي لاريجاني" أن دول الخليج (الفارسي) - ولهذا التوصيف دلالاته الإستراتيجية لسنا بصدد التعرض لها - تعرقل (طموحات إيران العظمى)، وإذا لم تكف فستنحسر هذه الدول إلى مكة، إلى ما كانوا عليه قبل 1500عام.!!

 

والمعروف تاريخياً، ولا جدال في ذلك، أن الخليج العربي كان يسمى بخليج البصرة ، وكانت حدود البصرة - كما تؤكده خريطة عثمانية قديمة ما تزال في أرشيف أنقرة - تمتد إلى جنوب قطر وعلى مسارها البحرين، والقبائل العربية كانت على ضفتي خليج البصرة الشرقي والغربي، كان ذلك حتى نهاية الحكم العثماني وبداية الاحتلال البريطاني للعراق عام 1917 .. هذه الحقائق التاريخية وأخرى تمتد إلى عمق التاريخ أيضاً وهي الحضارة السومرية وامتداداتها الهيكلية والتنظيمية صوب ذلك العمق .. وهذا يلقم غراب طهران بالحجر، كم أنه لا يعني أن العراق يرى في قطر جزء منه ويطالب ويعلن عدم تنازله عنها .. وكما نرى، إن حكماء بنو (قم) من الصفويين على توافق مع حكماء بني صهيون في المنهج والسلوك والتصرف، فكليهما يفتشان عن ذريعة حتى لو كانت عظام حمار ميت قبل ألف عام، ليقولوا كنا هنا ولنا في هذا المكان حقوق .. فهل فهم شيوخ تجار الكويت الرسالة البليغة .. اللهم أشهد.؟!

 

 





الاربعاء ٣ شعبــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / حـزيران / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د.أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة