شبكة ذي قار
عـاجـل










قبل اسبوعين كنت قد وجهت رسالة هذه الى بعض الاخوة من اعضاء المؤتمر القومي العربي  وامانته العامة من دون الاقدام على نشرها بأمل التبليغ المسبق والتعبير عن مخاوف حدوث كارثة قومية متوقعة  كانت ولا زالت تحيط بمسار المؤتمر القومي العربي وانحرافاته في السنوات الأخيرة وأخيرا تكرس الحدس بشكل مبين خلال دورة انعقاده الأخيرة في القاهرة التي انتظمت في أجواء ومنعطفات تشير بشكل جلي ونهائي الى حالة أسره الكلي من قبل ايران وأتباعها وقد حدث المتوقع والمحذور منه، لذا لا بد من نشر تلك الرسالة التي لم ننشرها قبل اسبوعين وهي كالتالي. 

 

منذ ان انعقدت في صنعاء يومي 26 و 27 كانون الثاني/يناير 2013، دورة الاجتماعات العادية للأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، بحضور اعضاء الامانة العامة من اغلب الدول العربية ماعدا العراق، لعدم الاشارة الى ذكر حضور الدكتور خضير المرشدي عضو الامانة العامة لاسباب نجهلها، يزداد القلق من تراجع الاهتمام بالقضية العراقية رغم أهميتها وراهنيتها، حيث جرى خلال تلك الاجتماعات النقاش في مختلف القضايا الراهنة ومنها جرى التطرق الى  القضية العراقية بصورة عابرة.

 

وللأمانة التاريخية والتوثيق لا بد من الاشارة الى أن من حضروا الى تلك الدورة هم الاخوة والاخوات المشار اليهم ببيان الامانة العامة: [... وقد حضر دورة صنعاء للأمانة العامة، إضافة إلى الأمين العام أ. عبد الملك المخلافي ( اليمن ) ، وكل من: الأمينين العامين السابقين أ. معن بشور ( لبنان ) ، أ. خالد السفياني ( المغرب ) ، ونائب الأمين العام د. يوسف مكي ( السعودية ) ، وأعضاء الأمانة:أ. أحمد الكحلاوي ( تونس ) ، د. إسماعيل الشطي ( الكويت ) ، أ. حسن عز الدين ( لبنان ) ، أ. الخليل ولد الطيب ( موريتانيا ) ، د. زياد الحافظ ( لبنان ) ، أ. الطيب الدجاني ( فلسطين ) ، أ. عبد الإله المنصوري ( المغرب ) ، أ. عبد الرحيم مراد ( لبنان ) ، أ. عبد العظيم المغربي ( مصر ) ، أ. علي عبد الله سعيد الضالعي ( اليمن ) ، أ. غناء المقداد ( اليمن ) ، د. ماهر الطاهر ( فلسطين ) ، أ. ماهر مخلوف ( مصر ) ، د. محمد الاغظف الغوتي ( المغرب ) ، د. محمد السعيد إدريس ( مصر ) ، أ. محمد حسب الرسول ( السودان ) ، د. محمد سعيد طيب ( السعودية ) ، أ. محمد فاضل زيان ( ليبيا ) ، أ. محمد فايق ( مصر ) ، د. مصطفى نويصر ( الجزائر ) ، د. هالة الأسعد ( سوريا ) ، د. هاني سليمان ( لبنان ) ، د. وداد كيكسو ( البحرين ) ، د. يوسف الحسن ( الإمارات ) ، وحضرت أيضاً مساعدة الأمين العام للشؤون الإدارية والتنظيمية أ. رحاب مكحل ( لبنان ) ].

 

وبتحديد موعد الاول والثاني من جوان/ حزيران 2013 ومكان الدورة 24 للمؤتمر القومي في القاهرة، وحسب بيان الامانة العامة سيناقش الاجتماع الذي يستمر لمدة يومين، عدداً من المشاريع العربية؛ منها بحث مشروع جديد للعمل الوحدوي العربي، وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، كقضية قومية، إضافة إلى موضوع العلاقة بين التيارين القومي والإسلامي، وقضية الملتقى المغاربي، والإطلاع على أنشطة المؤتمر ما بعد دورة تونس. وكان المؤتمر القومي العربي قد عقد مؤتمره الــ 23، خلال الفترة 4-6 يونيو 2012، في العاصمة التونسية. وسيعقد مؤتمره القادم للمرة الثانية منذ إنشائه عام 1990 في القاهرة يومي 1 و2 يونيو المقبل، لمناقشة تقريره حال الأمة العربية والأوضاع التي وصلت لها  الحالة العربية بعد ما يسمى "ربيع ثوراتها"، حسب بيان الامانة العامة.

 

 تتسم هذه الدورة بأهمية خاصة هذا العام، بسبب التداعيات الجارية في الوطن العربي ؛لا سيما الأحداث والتطورات الخطيرة التي أعقبت الانتفاضات والتظاهرات العربية وخصوصاً تصاعد  الأزمة السورية وبوادر تفاقم انفجار الأزمة العراقية وربما اللبنانية، ومشكلات تعاني منها البلدان العربية التي نجحت فيها الانتفاضات الشعبية في إزاحة رؤوس بعض الانظمة العربية السابقة في مصر وتونس واليمن وليبيا، بعد مرور أكثر من عامين من استمرار الغليان في الشارع العربي بدرجات متفاوتة بين بلد وآخر. وتأتي أهمية هذه الدورة أيضا، لأنها أول دورة تعقد في القاهرة بعد الثورة الشعبية الكبرى التي أطاحت بنظام حسني مبارك .

 

وحسب تصريحات الدكتور محمد السعيد إدريس رئيس اللجنة التحضيرية والمتحدث الرسمي للمؤتمر لـصحيفة "الأهرام العربي":  إن أهمية إقامة المؤتمر هذا العام في مصر، جاء بعد طرح الفكرة التي استقبلها جميع الأعضاء بالترحاب الشديد احتراما لثورة 25 يناير وإلى التجربة الناصرية التي كانت رمزا حقيقيا للتيار القومي في التاريخ كله، وللزيادة المفرطة هذه الأيام في مصر ودول الربيع العربي لشعبية التيارات القومية؛ خصوصا أنه بمقارنة التيار القومي بجميع التيارات الإسلامية أو الليبرالية نجده  التيار الأكثر شمولا واتساعا لضم كل الأيدلوجيات والطوائف، بعكس كل تيار على حدة. وأشار محمد السعيد إدريس:  إلى أن المؤتمرهذا العام سيضم أكثر من 200 شخصية من المثقفين والمفكرين والسياسيين العرب أصحاب التوجهات القومية، سواء الموجودين داخل أقطارهم العربية وداخل مصر، أم الموجودين في دول المهجر كأستراليا وكندا وأمريكا، ولا يقتصر على أعضاء التيار القومي فقط، بل هو نافذة مفتوحة لكل أبناء الوطن العربي المؤمنين بوحدة هذه الأمة ويسعى لتحقيقه.

 

ويذكر المتحدث الرسمي للمؤتمر ان أهداف المؤتمر تتمحور حول 6 مبادئ أساسية، وهى تفعيل الوحدة العربية والديمقراطية والتنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني والقومي والتجدد الحضاري وتحقيق التفاعل بين الوحدويين العرب في إطار من التنوع والتكامل وتعبئة الطاقات الشعبية، من أجل تحقيق هذه الأهداف واتخاذ المواقف المعبرة عنها.

 

ويضيف إدريس: أن المؤتمر سيركز من خلال جدول أعماله على مناقشة قضية الثورات العربية إلى أين، وتأثيرها على العلاقات العربية - العربية والصراع العربي - الصهيوني، بالإضافة لعرض التقرير السنوي الذي يعده مجلس دراسات الوحدة العربية عن حال الأمة خلال العام المنصرم في الشأن السياسي، بالإضافة لمناقشة القضايا الست التي تتمخض عن نفس مبادئ المؤتمر السابق ذكرها، ومن ثم يتم إعلان رؤية المشاركين الشاملة لمجمل القضايا ووضع حلول أمام المجتمع ومتخذي القرار.

 

وبطبيعة الحال كما يشير اعضاء الامانة العامة في تصريحاتهم ستكون للقضية الفلسطينية موقعها الخاص، كما كانت دائما في جداول أعمال الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي منذ تأسيسه.

 

بعد غزو العراق واحتلاله كان لا بد ان تكون القضية العراقية في مصاف القضية الفلسطينية من حيث العناية والإهتمام؛ كونها باتت قضية تحرر وطني تهم شعب شقيق في بلد يعاني الاحتلال والدمار الشامل بعد غزو استعماري بغيض استمر لعشرة سنوات، تبعها تسليمه الى صيغة احتلال ونفوذ إيراني، هو الأبغض، ولا يمكن التغاضي عنه، خاصة بعد إحلال النفوذ الايراني للتحكم بمصير العراق بدلا من الاحتلال الامريكي المباشر بعد انسحاب القوات الامريكية بفضل ضربات المقاومة العراقية الباسلة. الواقع يشير الى أن العراق يعاني اليوم من احتلال آخر بالوكالة،  يمارس عليه افعال لا تختلف بغضا وحقدا وتفكيكا عن سابقه، ويهدد عبر آليات انتقامية مبرمجة وجود ووحدة العراق الشعبية والترابية.

 

واذا كانت الدورة الاخيرة للأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، وحسب ما جاء في بيانها تشير الى خصوصية الوضع في الاراضي الفلسطينية المحتلة : "...  حيث جرى التأكيد على ضرورة توفير أفضل الظروف لانطلاق انتفاضة فلسطينية ثالثة تستطيع أن تطيح بالإحتلال، وأن تعزّز الوحدة الوطنية، وبرنامجها المستند إلى نهج المقاومة، وهي الوحدة التي تجلّت ابان المواجهة البطولية للحرب العدوانية الصهيونية على قطاع غزّة"، كما جاء في بيان الامانة العامة، وبهذا الوضوح تكون الامانة العامة قد حددت مستوى اهتماماتها بالوضع الفلسطيني، لكنها لم تعط القضية العراقية ومصير وحدة التراب والشعب العراقي ذات الإهتمام، وخاصة باتخاذ  الموقف القومي المطلوب من المؤتمر القومي العربي إزاء جملة من القضايا منها وضع المقاومة العراقية ومحاصرتها وتشويهها والانتفاضة العراقية وقمعها، والمخاطر التي تهدد هوية العراق وانتمائه القومي ووحدته ووجود دولته، التي تحث على تكريس خصوصية وجهد استثنائي مطلوب في التأييد والمتابعة من لدن نخبة قومية عربية وإسلامية ممثلة في المؤتمر القومي العربي بكل اتجاهاته، وهي التي كانت ترى في العراق حجر الاساس في الوجود العربي، ومنها قوى سبق لها أن إعترفت بان مقاومة شعب العراق كان لها الفضل الكبير في رفع معنويات الشعوب العربية وهي التي طردت بتضحياتها الكبيرة اعتى قوة استعمارية في العالم، وشكلت بفعاليتها مؤشرا وحافزا عربيا  يفتخر به في قضية نهوض العرب كأمة، لا زالت تواجه معركة تقرير مصيرها في مواجهة العدوان الامريكي الصهيوني المستمر عليها.

 

وللأسف لم تحظ القضية العراقية من أي دعم عربي، إلا ببضعة سطور وردت عبر بيانات عابرة، صيغت على قاعدة دبلوماسية لارضاء بعض المصالح في المنطقة وعلى قاعدة لا تطرد الذئب من الحمى، ولا تحمي الراعي وقطيعه من الإفتراس المحدق، خصوصا عندما سيطرت بعض القوى المحسوبة على القوى العربية والاسلامية على توجهات المؤتمر القومي العربي في دوراته الاخيرة، خاصة تلك القوى التي تحابى مواقف حزب الله اللبناني من جهة، وتعمل على عرقلة  اية مواقف لإدانة الدور الايراني وتدخلاته السافرة في أقطار المنطقة العربية. ولما لإيران وحزب الله اللبناني من موقعين مؤثرين في بيروت، حيث تتمركز فعاليات الامانة العامة للمؤتمر القومي ومقرها، اضافة الى الدور الواضح لبعض الامناء العامين السابقين للمؤتمر القومي العربي ممن وكلوا لأنفسهم مهمة الاشراف الابوي والوصاية على كل امانة عامة جديدة وأمين عام جديد، مستغلين امكانية حضورهم لأعمال الامانة العامة في دوراتها باستغلال نص تأسيسي يضعهم في وظيفة المستشارين والحاضرين دائما في أعمال واجتماعات الامانة العامة للمؤتمر القومي العربي وخاصة في اجتماعاته في بيروت.

 

لقد حظيت دراسة اوضاع الساحات العربية بمناقشات الدورة الاخيرة والاجتماعات الأمانة العامة في صنعاء وبيروت باهتمام متباين، وعلى ضوئها تم تحديد مكان وتاريخ عقد الدورة 24 للمؤتمر القادمة في القاهرة، بعد تسهيلات متواضعة اوموعودة من مصر، وقبول القيادة المصرية الجديدة باستضافة المؤتمر بدورته القادمة بعد دورة تونس في الحمامات؛ لكون كلا من البلدين مصر وتونس قد وصلت الى قيادتهما في السلطة شخصيات قومية وإسلامية كانت على صلة وعضوية ونشاط في المؤتمر القومي العربي كالشيخ راشد الغنوشي والعديد من قيادات الاخوان من مصر وتونس.

 

ولهذا سيحضر الشيخ راشد الغنوشي الى مؤتمر القاهرة وسيستقبل الرئيس المصري محمد مرسي اعضاء الامانة العامة، كما قيل، وسيحظى المشاركون في مؤتمر القاهرة باستقبال رسمي على عشاء رئاسي في القصر الجمهوري، ربما سيحضره محمد مرسي او من سينيب عنه. ولهذا وضعت الامانة العامة في صدر فعالياتها في القاهرة فقرة زيارة المشاركين الى ضريح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، وهي التي عبرت عن استيائها في بيانها الصادر من صنعاء ما يلي : " ... وقد توقفت الأمانة العامة أمام المعلومات الواردة من القاهرة حول قرارات الرئاسة المصرية المتعلقة بضريح الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، ورأت أنها تتعارض مع تقاليد مصرية عريقة، ويغذّي الانقسام الحالي داخل مصر، والذي نسعى لتجاوزه لمصلحة مصر والأمّة العربية". وباقتران ذلك الموقف مع موافقة السلطات المصرية تكون قيادة الاخوان المسلمين والرئاسة المصرية قد مهدت الطريق لاجواء مريحة لعقد المؤتمر القومي بدورته الرابعة والعشرين في القاهرة التي تسودها أجواء من التوتر نظرا للصدامات بين تيار الاخوان المسلمين والحركات الشعبية والناصرية الاخرى، التي سيجد بعض نشطائها الفرصة من خلال تواجدهم في عضوية المؤتمر القومي العربي كالسيد حمدين صباحي وغيره لاثارة معارضتهم لحكم الرئيس محمد مرسي وحكومة الاخوان في مصر.

 

وبطبيعة الحال يتوقع ان اجواء حفل الافتتاح لدورة  المؤتمر القومي العربي الثالثة والعشرين في تونس سوف لن تغيب عن مسرح القاهرة السياسي، حيث تمكن في العام الماضي النشطاء التونسيون المعارضون لحركة النهضة من صناعة الحدث الاعلامي بمنع الشيخ راشد الغنوشي من القاء كلمته الافتتاحية للمؤتمر القومي العربي بتونس، مكتفيا ببضعة كلمات ترحيبية وسط فوضى سادت القاعة وصراخ المحتجين على سياسات حركة النهضة وقياداتها في السلطة الفتية الجديدة بتونس.

 

كما يتوقع ان يعاد سيناريو مناقشة القضية السورية بين جدل الاعتراف بوجود المعارضة السورية والمدافعين عن شرعية النظام السوري، وخاصة من تلك القوى التي يتصدرها ويؤثر عليها حزب الله اللبناني، والتي كانت حاضرة بقوة في كواليس المؤتمر السابق، مانعة كل ما يدفع  او يطالب  بإدانة الدور الايراني وتدخلاته السافرة في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين. ويبدو ان الامانة العامة للمؤتمر القومي قد استدركت ذلك منذ الآن برسم الموقف من القضية السورية من خلال بيانها الصادر من صنعاء بالقول والإشارة الصريحة المطلوب تبنيها بمؤتمر القاهرة القادم : " ... وحول المحنة السورية الدموية المستمرّة ما يقارب العامين، فقد شدّد المجتمعون على ضرورة إعطاء الأولوية لوقف سفك الدماء وما يرافقه من دمار يهدّد الدولة السورية في مكوّناتها وبناها وقواها، ويفسح المجال للتدخلات الأجنبية الرامية إلى تدمير سوريا وجيشها وموقعها الاستراتيجي وموقفها القومي ودورها التاريخي".

 

وفي هذا الإطار أكّدت الأمانة العامة " على ضرورة الاستمرار في المبادرة الشعبية العربية لمناهضة التدخل الخارجي ودعم الحوار والإصلاح، التي انطلقت قبل عام ووفّرت بنودها إطاراً للعديد من المبادرات المماثلة التي تؤكد أن لا حلّ للأزمة السورية إلاّ عبر حوار سياسي ومصالحة وطنية تفضيان إلى تسوية تاريخية يقرّر السوريون وحدهم مضامينها وفق ما يصون حريتهم وكرامتهم ويحقق الديمقراطية والعدالة والالتزام بنهج المقاومة في الأمّة.".

 

ان ما يلاحظ على توجهات الامانة العامة للمؤتمر القومي العربي، وبعد دورة المؤتمر الأخيرة في شهر ماي / آيار من العام الماضي 2012 هو التعامل مع الملف العراقي كقضية ثانوية رغم المحنة الكبرى التي يعيشها شعبنا في العراق منذ اكثر من ثلاثة عقود متواصلة، وتمظهرت بأبشع صورها في الحصار الظالم ثم  ما جرى للعراق بعد الغزو والاحتلال الامريكي للعراق، وكان يجب ان تكون قضية العراق في مقدمة الملفات الاساسية التي يجب ان يتوقف عندها نشاط المؤتمر القومي وفعالياته ومؤتمراته القومية الأخيرة خاصة.

 

ورغم تصاعد الانتفاضة العراقية والتهاب اشكال واسعة من اعمال المقاومة العراقية ضد سلطات حكومة المالكي القمعية الا ان القضية العراقية لم تحظ بعد بالشكل والدعم القومي المطلوب من لدن الامانة العامة للمؤتمر القومي العربي، ولا حتى في بياناتها ومؤتمراتها التي عالجت قضايا قومية عديدة وستتوقف عند بعضها في مؤتمر القاهرة يومي السبت والاحد القادمين.

 

صحيح ان بيان الامانة العامة الصادر في صنعاء اشار، ضمن سياقه العام  وكما  ورد فيه : " ... واطلعت الأمانة العامة على تقرير حول التطورات الأخيرة في العراق، ورأت في الحراك الشعبي العراقي الواسع رسالة من أجل مراجعة جذرية لمجمل السياسات المعتمدة، ولإلغاء كل التدابير والإجراءات التي قام بها المحتل الأمريكي قبل اندحاره على يدّ المقاومة العراقية الباسلة... وفي هذا الإطار أكّدت الأمانة العامة على دعم المطالب الشعبية الرئيسية الأربعة التي يرفعها الحراك الشعبي الثوري المستمر، مشدّدة على أن المصالحة الوطنية العراقية القائمة على شراكة وطنية لا يستبعد منها أي طرف وطني عراقي، والعفو عن كلّ المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين وإلغاء كل قوانين الإلغاء والإقصاء والاجتثاث وإجراءاتهم، بما في ذلك قانون مكافحة الإرهاب، وخاصة المادة 4 منه، هي المدخل السليم لإستعادة العراق عافيته وصون وحدته وتأكيد عروبته واحترام كل حقوق مكوّناته".

 

لقد عبر العديد من الاخوة العراقيين من اعضاء المؤتمر القومي العربي عن كثير من الاستياء والنقد والخشية والعتاب نحو مواقف الامانة العامة للمؤتمر القومي وبياناتها حول القضية العراقية والعديد منهم طالبوا المؤتمر القومي العربي بضرورة تسمية الامور بمسمياتها من دون مجاملة لأي طرف عربي كان أم أجنبي، وخاصة الموقف من التدخل الايراني السافر في القضية العراقية لتكريس سلطة الحكم الطائفي وتغييب هوية العراق العربية. ومنها نشير الى بيان الاخ  الدكتور خضير المرشدي عضو الامانة العامة للمؤتمر القومي ومناشداتنا المتكررة خلال تواصلنا في الحوار مع بعض اعضاء الامانة العامة للمؤتمر القومي وتذكيرهم حول تجذير الموقف القومي من القضية العراقية واسماعهم رأينا في ان المصالحة الوطنية التي يطالب بها بيان الامانة العامة من صنعاء لا يمكن ان تتم مع  حفنة من العملاء والقتلة المأجورين وقادة عصابات الجريمة المنظمة والمليشيات الطائفية الذين حملتهم جحافل الدبابات الامريكية الى بغداد، وهم يرون في الغزو والاحتلال الامريكي للعراق "تحريرا" ويرون  في كل عمل معارض للعملية السياسية التي اقامها الاحتلال الامريكي وبدعم من ايران " ارهابا".

 

ان ما يجري في العراق اليوم من مجازر وقتل على الهوية وتأجيج الاحقاد الطائفية والعمل على تقسيم العراق وفدرلته يجب ان يتوقف عنده القوميون العرب بجميع اقطارهم وبكل التشكيلات والتوجهات الفكرية التي ينتمون اليها ومن خلال المؤتمر القومي العربي يجب رفض ما يجري في العراق من مظالم واضطهاد يرتفع الى مستوى المجازر الدموية المنظمة. يجب الارتفاع بمستوى التضامن والنصرة لشعب العراق في محنته اليوم الى القدر المطلوب والمستطاع.

 

ان الاكتفاء بمثل هذا الموقف النظري من قبل الامانة العامة للمؤتمر القومي العربي وببيانات تصدر في سياقات عامة لا يمكن قبوله،  خصوصا وقد خلت البيانات تماما من أي جهد تعبوي مطلوب تنفيذه لنصرة شعب العراق في محنة مصيره وحريته . ولم تقترن التصريحات والبيانات رغم شحتها بأية مبادرة عملية ملموسة للوقوف مع الشعب العراقي وانتفاضته الوطنية،  خصوصا بعد ان انفجرت الاحداث منذ 25 فيفري شباط 2011 وما بعدها حتى شملت الانتفاضة العراقية اليوم باعتصاماتها السلمية مدنا عدة وهي مستمرة منذ اكثر ستة اشهر متواصلة، وتتعرض جماهيرها الى المجازر الوحشية والرصاص القاتل كما هو الحال في الحويجة والعامرية، وتعيش بغداد والمحافظات العراقية كلها جحيم التفجيرات الدموية وهستيريا الاعتقالات وتنفيذ الاعدامات وتصاعد الاغتيالات ومطاردة جميع الوطنيين العراقيين المعارضين لسلطات المالكي الدكتاتورية التي تدعمها بكل وضوح حكومة ايران وشخصيات عربية اخرى محسوبة للأسف على المؤتمر القومي من داخل وخارج العراق.

 

لقد قدمت الى لجنة الصياغة في المؤتمر القومي العربي الأخير المنعقد في ماي/ آيار2012  بمدينة الحمامات التونسية في الدورة 23 للمؤتمر توصيات ومقترحات قدمها الاخوة العراقيون والعرب خلال المؤتمر تركزت حول قضايا نصرة القضية العراقية، لكنها تعرضت وللأسف الى التعديل والتحوير والاهمال بسبب عقلية ووصاية المحاباة لموقف النظام الايراني، وكثير من الصياغات المطلوب تبنيها قومياً جابهها البعض من داخل قاعة المؤتمر وباحتجاجات وردود فعل واضحة من ممثلي وأنصار حزب الله اللبناني ووكلائه في المؤتمر القومي العربي ؛ لذا نشر تقرير حال الامة وقد ادرجت فيه القضية العراقية وكأنها ليست قضية احتلال لبلد عربي، رغم ما تؤكدها كل الشواهد السياسية والأمنية والعسكرية الجارية في العراق، الذي بات يرزح تحت سطوة إحتلالين امريكي وإيراني، وبتنسيق واضح بينهما وبتنفيذ وكلائهما وسفارتيهما في المضبعة الخضراء ببغداد، شواهد على جرائم يندى لها الضمير الانساني ولا يمكن ان يتجاهلها أحد من المنصفين في العراق وخارجه.

 

الموقف الحالي في اولويات مهمات المؤتمر القومي العربي من قضية العراق يلح على التحرك قبل فوات الأوان والندم، فحتى القراءة العملية للورقة التي اصدرها المؤتمر القومي الداعية الى"  سبل استنهاض التيار القومي العربي"، ناهيكم عن كافة أدبيات المؤتمر القومي منذ تأسيسه،  وما يبشر له المؤتمر حول المشروع النهضوي العربي الذي يعتبر المؤتمر الإلتزام به شرطاً للانتساب إليه، يتم تجاوزها بشكل واضح وهو موقف مؤلم لكثير من العراقيين والعرب المنصفين لنصرة الشعب العراقي، ومنهم العديد من أعضاء المؤتمر القومي العربي الذي بات اليأس يتسلل الى ظنونهم بالمؤتمر.

 

وعندما يضم المؤتمر حوالى  800 عضو، وهم يمثلون نخبة من المفكرين  والباحثين والمهنيين، ورؤساء  دول  وحكومات سابقين، من الذين يؤمنون بالمشروع النهضوي العربي فالأمل يحدونا ان تتحرك ضمائرهم من أجل محنة العراق وتترجم الاقوال الى أفعال لنصرة شعب العراق.

 

هل نذكرهم بما تضمن المشروع النهضوي للمؤتمر وهي تتجلى في ستة أهداف متكاملة: الوحدة العربية، والديمقراطية، والتنمية المستقلة، والعدالة الإجتماعية، والإستقلال الوطني والقومي، والتجدد الحضاري. ونسأل أين كل ذلك من حالة العراق السليب.

 

واذا كان المؤتمر القومي يؤكد في كل ادبياته وقراراته السياسية وحقله الاعلامي والدعائي الوقوف مع القضية الفلسطينية، كقضية قومية وأساسية، وكذلك يعلن في جل مواقفه أيضا دعم المقاومة اللبنانية، ممثلة "بحزب الله اللبناني، فلماذا يتراجع مثل هذا الموقف من المقاومة العراقية والانتفاضة العراقية القائمة، رغم ان اغلب نشطاء المؤتمر القومي واعضاء امانته العامة يرون  وبلسان الاخ " معن بشور " الامين العام السابق والحاضر بكل اجتماعات الامانة العامة منذ تأسيس المؤتمر، في تصريحاته ردا على  منتقدي بعض سياسات المؤتمر القومي  ان : " موقف المؤتمر من دعم المقاومة في كل الأقطار هو موقف ثابت، مع تأكيدنا الدائم على ربط المقاومة بالوحدة الوطنية في كل قطر" . ونحن بدورنا نتسائل أيضا: هل هناك قضية مقاومة وتهديد للوحدة الوطنية الآن اكثر حرجا وصعوبة مما يجري في العراق منذ عشرة سنوات .

 

والاستاذ معن بشور اكثر من غيره كان صريحا عن:  " موقف المؤتمر من كل قضايا الأمة، لاسيّما في فلسطين ولبنان، وصولاً إلى العراق الذي خسرته الأمة يوم خذلته أنظمتها، بل وتواطؤ بعضها عليه مع المحتل الأمريكي، حتى باتت اليوم "عروبة الخليج"  مهدّدة بالفعل، فيما جناح دولها بات مكسوراً، وهو جناح ينكسر مع كل مرّة تخسر الأمة بلداً كبيراً من بلدانها، فلا تجد تلك الدول سوى واشنطن حامية "لعروبتها وإسلامها".؛ لكن هذا الاقرار بالخطر لا زال مستبعدا من الناحية العملية عند وضع ترتيبات وجداول اعمال المؤتمرات القومية في السنوات الاخيرة عندما يتطلب الامر الوقوف بشكل أكثر وضوحا من القضية والمقاومة العراقية، ولهذا ولاكثر من سبب برر بعض الاخوة العراقيين عدم حماستهم أو رغبتهم لحضور اعمال العديد من الدورات السابقة وربما الحالية للمؤتمر القومي العربي. فما بعد عقد مؤتمر الجزائر تراجع طرح القضية العراقية، كقضية مستقلة، ولم تطرح كقضية مقاومة لشعب من أجل الاستقلال واستعادة بناء دولته الوطنية أو يتعامل معها المؤتمر القومي العربي حركة تحرر وطني تقاوم الاحتلال وأذنابه في العراق بفعل تصاعد ونشاط وكلاء الدفاع عن النظام الايراني وحزب الله اللبناني ومحاولاتهم المكشوفة في الحد من ادانة واضحة لإيران حول ما يجري في العراق، وبما يستحق من وضع تشخيص دقيق لما يجري في العراق، بعيدا عن عموميات الصياغة الواردة في تقرير "حال الامة" الذي تصدره الامانة العامة للمؤتمر القومي بعد كل دورة من مركز دراسات الوحدة العربية.

 

لقد استبشر القوميون العرب  بميلاد وظهور المؤتمر القومي العربي قبل أكثر من عقدين، ورحب العرب الأحرار بما اعلنه المبادرون في تأسيسه بعد سلسلة من المراحل التي بدأت بدراسة استشرافية واسعة قام بها مركز دراسات الوحدة العربية في أواسط الثمانينيات، وكُلّف بإعدادها أكثر من 50 باحثا وأكاديميا عربيا، وحينها توصلت تلك الدراسة إلى وضع سيناريوهات ثلاث للمستقبل العربي: أولهما سيناريو التردي والتفتت لحال العرب، إذا بقي الواقع العربي على ما هو عليه، ( وهذا ما نراه ونلمسه اليوم بعد حوالي 30 عاماً على تاريخ تلك الدراسة ) ، وثانيهما سيناريو حلم تحقيق التجمعات الإقليمية ( وكانت احوالها مزدهرة آنذاك تمثلت في طموحات عربية في تشكل اتحاد دول المغرب العربي ودول اتحاد الخليج العربي، والتقارب بين عديد الدول العربية الاخرى بصيغ تعاون وتقارب وتحالفات اغلبها كانت ظرفية، وهو سيناريو قد توقف وفشل وقادت أوضاعه إلى المصير ذاته للسيناريو الأول ( أي التردي والتفتيت والتمزق العربي والاحتراب الاقليمي ) ، وما عدا حالة  اتحاد دول الخليج العربي ، فان بقية التجمعات العربية قد فشلت وتوقفت تماما في محطات بائسة ظل يسودها الافتراق والقطرية وغلق الحدود وصراع ارادات الحكام العرب في ما بينهم، وما بينهم وبين شعوبهم التي هبت بعد يأس من الاصلاحات وتوقف التنمية والتراجع الحضاري، وواجهت حكامها في انتفاضات ما سمي بـ "الربيع العربي".

 

وللتذكير هنا ان ظروف العدوان الامريكي والثلاثيني على العراق في منعطف 1990 /1991  وتخاذل الجامعة العربية عن الدفاع عن العراق وانخراط بعض الانظمة العربية في العدوان على العراق عسكريا ومحاصرته اقتصاديا، هي التي نضجت الفرصة المواتية للقوميين العرب من شتى فصائلهم واقطارهم الى الاجتماع  في مايو/ آيار من  العام ( 1991 )  لإعلان تشكيل المؤتمر القومي العربي حيث عُقد إجتماع في عمّان لمناقشة مسودة النظام الأساسي، وأقر الأعضاء أحكامه التي تحدد مهمة المؤتمر، وكيفية تشكيله، ومهمات أمانته العامة، وعدد أعضائها، ومدة توليها المسؤولية.

 

وفي شهر أكتوبر من نفس العام 1991، أقرت الأمانة العامة ( للمؤتمر القومي العربي ) أحكام نظامه الداخلي التي ترعى دقائق أجهزته، وعضويته، وتأليف أمانته العامة، ولجنته التنفيذية، وعملها، وماليته، وكيفية تعديله. وفي كل تلك المراحل حضر الوطنيون والقوميون العراقيون وأسهموا في إنجاح المشروع القومي.

 

جاء في المادة الأولى في التعريف بالمؤتمر: إنه تجمع من المثقفين من مختلف الأقطار العربية، ومن أجيال عدة، ممن لديهم إقتناع بأهداف الأمة العربية، والراغبين في متابعة العمل، من أجل تحقيق هذه الأهداف، وهو – أي المؤتمر-  يعمل على صعيد شعبي مستقل عن  أنظمة الحكم، وتقرر ان ينعقد سنوياً للنظر في حال الأمة، ومناقشة قضاياها الحيوية، وله أن يكون فروعاً في الأقطار العربية، وخارجها.


وفي المادة الثانية من أهداف المؤتمر، تم التأكيد على تحقيق الوحدة العربية، وذلك بالعمل على توثيق روابط التعاون والتنسيق مع الهيئات ذات الأهداف المماثلة لهدف المؤتمر. امام تلك الاهداف المعلنة للمؤتمر القومي العربي قبل أكثر من عقدين نتسائل اليوم اين هو الموقف العملي المطلوب قوميا  إزاء ما يجري في العراق والمخاطر التي تهدد وحدته وحريته وارتباطه بهموم امته العربية؟.

 

واذا كانت الجامعة العربية، التي بقيت ممثلة للأنظمة العربية دون طموحات شعوبها، قد خضعت للضغوط الامريكية فطبعت علاقاتها مع الحكام الجدد ببغداد من الذين نصبتهم الادارة الامريكية، وإنها لا زالت تتعامل معهم حتى اليوم، رغم لبوسهم رداء الطائفية المقيتة، بلونها الايراني الصفوي، فمن الذي يجبر المؤتمر القومي العربي ان يكون في الموقع للخط الموازي للجامعة العربية الذي باتت ترفضها جماهير الامة العربية وتدينها .

 

يرى الكثير من المتابعين العرب في طموحاتهم لصورة المؤتمر القومي العربي ودوره انه بمثابة  الجامعة الشعبية العربية التي تمثل الشعوب العربية وأمانيها، وليس ذيلا أو تابعا للحكومات، التي تمثلها جامعة الدول العربية الكسيحة. وهذه الجامعة الشعبية يرسمها البعض بأن لها تطلعات قومية نصت عليها لوائح تأسيس المؤتمر القومي العربي وقرارات مؤتمراته المتتابعة.

 

بفشل دور الجامعة العربية في حماية العراق وصد ووقف العدوان والحصار والاحتلال على شعبه تجدد الأمل بدور القوى والشخصيات القومية والتنظيمات الحزبية اليسارية والليبرالية والديمقراطية في الوطن العربي، وبالتحاور مع القوى الاسلامية لأجل السعي بقيام كتلة تاريخية في الأمة تضم التيارات الرئيسية في الأمة ( وهي التيار القومي الكلاسيكي، التيار الإسلامي العروبي، التيار اليساري الوحدوي، والتيار الليبرالي الوطني ) لكي تلتقي على مشروع نهضوي عربي وبعناصر ست:  ( الوحدة العربية، الديمقراطية، الاستقلال الوطني والقومي، التنمية المستقلة، العدالة الإجتماعية، التجدّد الحضاري ) ، مع الرفض لأية مقايضة بأي هدف من هذه الأهداف لحساب هدف آخر. مهما كان الثمن، وعلى طريق بناء هذه الكتلة التاريخية جاءت فكرة المؤتمر القومي العربي الذي ضمّ في صفوفه شخصيات من التيارات كلها، وبدأ التحضير للمشروع النهضوي العربي الذي شارك في إعداده مفكرون وباحثون من التيارات الأخرى، وكانت ندوة الحوار القومي – الديني في القاهرة في أواخر أيلول/سبتمبر 1989، أين قام يومها كل تيار بنقد ذاتي لتجربته مع التيار الآخر خصوصاً، ولتجربته كلها عموماً.  وقد بارك العراقيون من مختلف التيارات الفكرية اعلاه قيام وتشكيل المؤتمر القومي العربي، وأسهموا في جميع مؤتمراته ودوراته وقد ترأس الأخ الدكتور خير الدين حسيب من العراق الامانة العامة لأكثر من دورة بكفائة يشهد عليها الجميع .

 

وفي ضوء ذلك الحوار الواعي والمسؤول الذي عقب العدوان الثلاثيني على العراق والدروس المستقاة من النكبة الجديدة التي تجلت في الحصار على العراق وغزوه واحتلاله وانتقاص سيادته الوطنية باسقاط دولته الوطنية، وفرض الشروط المذلة عليه باسم الشرعية الدولية تارة، وبقرارات جائرة من  مجلس الامن الدولي تارة أخرى، تم اللقاء التاريخي بين أهم تيارين في الوطن العربي، عندما أطلق المؤتمر القومي العربي عام 1992 مبادرته لتأسيس المؤتمر القومي – الإسلامي،  كإطار للتفاعل والتواصل بين التيارين.

 

وعلى قاعدة المشروع النهضوي العربي، خاض إسلاميون وعروبيون ويساريون وديمقراطيون وطنيون نضالات مشتركة في عدّة بلدان، ومنها العراقيون، التقوا جميعاً على دعم كل مقاومة عربية للإحتلال، لاسيّما في فلسطين ولبنان. وزادت قناعتهم بجدوى العمل المسلح المقاوم عندما شرعت قوى العراق الوطنية باعلان حالة المقاومة الوطنية العراقية لمواجهة الاحتلال الامريكي منذ اللحظات الاولى للغزو. تلك المقاومة العربية الفريدة التي أكدت ببطولتها وشجاعتها الباسلة امكانية طرد الاحتلال وإجباره على الجلاء من العراق من خلال تقديمها التضحيات الجسام وملايين الشهداء والمناضلين والمجاهدين الذين هبوا من اجل الحرية واسترجاع العراق حرا مستقلا وفاعلا في حياة امته العربية وكفاحها.

 

وكان على العرب ومنظماتهم القومية، وفي صدارتها المؤتمر القومي العربي ان يمدوا يد المساعدة لهذه المقاومة العربية على ارض العراق لاستكمال هدفها النهائي حتى إنجاز التحرير الكامل للعراق، بدلا من قبول المساومات الدولية والمحلية، والدعوة الى التصالح مع تلك القوى العراقية التي استأثرت بالحكم، بدعم امريكي وإيراني، وهي تمارس اليوم اعتى انواع الدكتاتورية والقمع والمجازر وتعلن دون خجل عدائها لكل ما هو عربي وقومي، حتى وصل بها الأمر انها الغت كل اعتراف دستوري يشير الى انتماء العراق الى الامة العربية.

 

ان تلك القوى التي تمارس تنفيذ المذابح والمجازر اليومية في كل انحاء العراق، وحولت العراق الى سجن ومحتشد بشري رهيب يذكر العالم بفضائع النازية والفاشية، وهي تطارد كل من هو قومي وعروبي، وترتمي باحضان الطائفية الصفوية الفارسية، وبدلا من عزلها وفضحها عربيا ودوليا باتت تحظى بالاعتراف بها والتعاون معها والتقرب منها وحتى المشاركة في مهرجاناتها السياسوية الفولكلورية، مثل عقد مؤتمر القمة العربية ببغداد في العام الماضي، ومنح رئاسة المالكي لتلك القمة العربية، وبعدها تم اعلان بغداد المحتلة عاصمة للثقافة العربية.

 

ان كل هذا يتم وسط تنفيذ حمامات الدم والإعدامات بالجملة، ومطاردة عناصر المقاومة العراقية والصاق تهم الارهاب بهم واعتقالهم بالجملة، بل جرى الاجهاز على حياة الكثير من الاسرى من المقاومين العراقيين الذين سلمتهم القوات الامريكية لحكومة المالكي وتركت لها حرية التصرف والتنكيل بحياتهم وتعليقهم على اعواد المشانق وإغتصاب عوائلهم واخواتهم وزوجاتهم امام صمت وغياب إدانة واضحة من المؤتمر القومي العربي والنظام العربي الرسمي، الذي اكتفى بإصدار المناشدات والبيانات العامة، ولم يقدم جهدا تعبويا خاصا بالعراق وأحراره.

 

لقد تفرج الكثيرون على حال المقاومة العراقية خلال سنوات الغزو والاحتلال الامريكي العشرة ولا زال البعض يتفرج اليوم على حال الانتفاضة العراقية القائمة، حتى انها لم تدرج كبند رئيسي من اعمال الدورة القادمة المرجوة في القاهرة، ويتجلى ذلك بوضوح من خلال البرنامج المقترح على المشاركين والمعلن في الصحافة والاعلام للتداول.

 

اننا نطالب اعضاء المؤتمر القومي العربي المشاركين في الدورة 24 التي ستعقد في القاهرة في الاول والثاني من جوان/ حزيران 2013 ان يكرسوا جلسة خاصة بدراسة احوال العراق، والخروج بتوصيات عملية لدعم الانتفاضة والمقاومة العراقية، وإدانة الموقف الايراني وأتباعه ومريديه بكل صرامة، وتحميلهم مسؤولية التخطيط والتنفيذ لتقسيم العراق وتدميره والغاء هويته القومية وإلغاء دوره في كفاح العرب المعاصر.

 

ولو أعاد المشاركون في المؤتمر القومي العربي القادم النظر في مواقفهم السابقة من ايران والتي طالبنا بتصحيحها مرارا، ومنذ أكثر من دورة سابقة، وقبل استفحال الامور في منطقتنا العربية لما وصلت اليها الامور في كل من العراق وسوريا ولمنع ما ستسفر عنه  الاحداث المرتقبة في كل من لبنان واليمن ودول الخليج العربي، وحتى على مستوى القضية الفلسطينية ووحدة فصائلها ومقاومتها المرجوة.

 

وعندما نتسائل اليوم لماذا يتم الاخلال بواحد من اهم المبادئ التي تأسس عليها المؤتمر القومي العربي في استقلاليته الادارية والتنظيمية، وكما كنا  نتفق وندعو الى ما ذهب اليه منظروا المؤتمر القومي العربي ومؤسسوه وكتابه في تصريحاتهم المعلنة حول التأكيد على استقلالية المؤتمر والتي يعتبرها الكثير منا انها أحد مبررات قيامه وأسباب تواجدنا في صفوفه؛ لكونها أحد مصادر قوته وأحد أسباب استمراره لما يقارب من ربع قرن، بل نرى ان أحد مقومات قدرته على الانعقاد في العديد من الدول العربية، بغض النظر عن موقفه من سياساتها أو موقفها من ثوابته نابع من مدى احتفاظه بثوابته واستقلاليته، فلماذا يتم الاخلال بهذه الاستقلالية امام الضغوط الايرانية وعبر دور مرسوم لحزب الله اللبناني، ولأسباب باتت تؤكد مدى الانحياز الطائفي في تلك المواقف المتخذة عندما يتعلق الامر بالمقاومة العراقية ودعمها والاعتراف بها، وبما يتعلق الامر من وجود سلطة فاسدة وقمعية وعميلة تدعي تمثيلها لشيعة العراق، في الوقت الذي تؤكد جميع الوقائع على الارض، انها بعيدة كل البعد عن هموم وتطلعات عرب العراق وحتى قومياته الاخرى وطوائفه ومذاهبه.

 

واذا كان المؤتمر القومي العربي قد حرص ان لا يقدّم نفسه يوماً كحزب أو تنظيم سياسي أو ندوة فكرية، بل كإطار للتحاور والتشاور والتفاعل بين حاملي هموم الأمة فلماذا تنغلق مناقشاته اليوم امام طرح القضية العراقية من خلال البرنامج المقترح على دورته الرابعة والعشرين؟ . لذا نرى من حقنا أن نطالب المشاركين في هذه الدورة، خاصة، أن تخصّص جلسة خاصة للعراق لتقييم عمل وموقف المؤتمر القومي وسياساته الاخيرة من القضية العراقية وتصحيح المسار المطلوب منه قوميا بروح نقدية عالية،  لكي يواجه المؤتمر حال الامة بكل مسؤولية، ويكون قادرا على تجسيد طموحات الساحات العربية الثائرة والمنتفضة عملياً من خلال وقفة تاريخية يحتاجها شعب العراق وانتفاضته الوطنية المستمرة ضد الطغيان والدكتاتورية والطائفية السياسية والعزلة القومية التي فرضها عليه الاحتلال الامريكي وبعده التدخل الايراني السافر بكل شؤون العراق الداخلية.

 

ان شعبنا العراقي يتطلع من الاخوة المجتمعين في القاهرة تصحيح الموقف العام للمؤتمر القومي  وفك الارتباط، بأي شكل من الاشكال، مع فلك بعض الانظمة ذات الطبيعة الاستبدادية، ومنها النظام الإيراني، والحكومة العميلة التي نصبها الاحتلال الامريكي ببغداد وتدعمها اليوم ايران بشكل مستميت.

 

ولا بد من الاقرار بحقوق جماهير شعبنا في المقاومة في منازلة القمع الدموي، والتعبير عن مطالبها اليومية والسياسية من خلال التظاهر السلمي من اجل التغيير الديموقراطي والغاء العملية السياسية القائمة وإسقاط دستورها المشبوه القائم على المحاصصة الطائفية، وتقاسم غنائم الإحتلالين الامريكي والايراني للعراق على حفنة من عملاء الاحتلال والخونة.

 

ما الذي جرى في دورة المؤتمر القومي العربي الاخيرة في القاهرة  يومي السبت والاحد في الاول والثاني من جوان/ حزيران 2013؟ وهل صحت تخوفاتنا ومبررات تغيبنا عن الحضور؟. الجواب يعبر عنه بيان المؤتمر القومي العربي نفسه وما حدث في جلسة الافتتاح وخلال يومي المؤتمر ومن ثم بيانه الختامي الذي يوقع به البعض من ارتضوا به شهادة وفاة المؤتمر القومي العربي او دخوله نهائيا قاعة الانعاش والموت السريري مثل سائر المشاريع القومية التي وأدتها الحسابات القطرية والتدخلات الاجنبية.

 

في صباح حزيراني قاسٍ على العرب من أيام محنتهم، وخاصة على القوميين منهم كانت أحوال المؤتمر القومي العربي في دورته الرابعة والعشرين في القاهرة توصف بانها أكثر من بائسة وهو المؤتمر القادم الى ارض الكنانة بعد غياب طويل عنها ( منذ العام 1997 ) .  منذ التحضيرات الاولى له وفي كل لحظة من حياة المؤتمر القومي العربي كانت تؤشر الى دخوله في غيبوبة سريرية باتجاه توقيع شهادة وفاته النهائية.

 

في الصباح كان الصدام بين «القوميين» و«الإسلاميين» على وقع الإيقاع الدائر للحال المصرية  ولم تسعف المنظمون سياسات الترقيع البروتوكولي عندما حاولوا الاحتفاء بـ «الثورة المصرية»، فاختاروا حمدين صباحي ليلقي كلمة افتتاحية، خلال كلمة حمدين صباحين انسحب  نائب رئيس «حزب الحرية والعدالة» عصام العريان الذي حضر الجلسة الافتتاحية لكنه غادر القاعة خلال إلقاء حمدين صباحي كلمته ولم يشارك في أعمال المؤتمر.

 وبدا أن البعض قد «ابتلع» حديث صباحي الذي يبدو كأنه يتعارض مع «استراتيجية» عمل المؤتمر القومي العربي وخطته المقرة عبر دوراته، والتي تحاول ان تؤكد ثوابت طبيعة كل مؤتمر سنوي على أنها مجرد مناسبة للاجتماع وأخذ الصور التذكارية في «مؤتمر فكري سياسي نخبوي»، وليس ندوة فكرية ذات هموم قومية عريضة ومتجددة تحملها الساحات لمندوبين عرب يفترض ان يكونوا أمناء على حملها الى الامانة العامة لوضع جدول أعمال المؤتمر القومي، وبمحاولة تغييب مقاومة العراق وحجب وتكميم اصوات المعارضين السوريين لم يكن بالامكان لرئاسة المؤتمر منع شاب مصري  من التحدث اين قُدم على أنه «من شباب الثورة المصرية» وتبين في تقديمه لنفسه أنه «المتحدث الرسمي لحملة ( تمرد ) يسمى محمود بدر، التي جمعت توقيعات سبعة ملايين من المصريين وتطالب راعي الدورة الرئيس محمد مرسي بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وكحال الامة في دورة المؤتمر القومي الثالثة والعشرين عندما تمت مقاطعة كلمة الشيخ راشد الغنوشي ومنعه من الكلام احتجاجا على حضوره مؤتمرا صهيونيا في الولايات المتحدة  ليتكرر المشهد  المحرج ذاته في القاهرة امام  سادة المؤتمر ودهاقنته وامانته العامة وهم يسمعون بآذانهم تطرق محمود بدر إلى الرسالة التي وجهها مرسي إلى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، ثم بدأ عدد من أعضاء المؤتمر الخروج من القاعة غاضبين، خصوصاً حين قال بدر: «لا القومي ولا العروبي يوافق على التعامل الإسرائيلي بهذا الشكل، ولا يوافق على صداقة الأميركيين على حساب الأمل الفلسطيني، ولا يتعامل مع الأزمة الأفريقية بالمخالفة لما كان يتعامل به الزعيم عبد الناصر».

كان ابرز المدافعين عن الرئيس محمد مرسي اسامة حمدان عضو المكتب السياسي لحركة حماس الذي خرج من القاعة ثم  عاد إليها  بعدما انتهي كلام  محمود بدر، وطلب الكلمة، فقال «لقد قبلت عضوية المؤتمر منذ العام 1998 لأنه يضمن حرية الرأي والتعبير مع الأدب»، فقاطعته أصوات من القاعة مرتفعة رافضة إشارته إلى «الأدب»، وهتف البعض من الحضور «يسقط يسقط حكم المرشد»، «مصر دولة عربية.. مش ولاية وهابية.. ولا إمارة إخوانية».

 

وقد جرت محاولات مكثفة لتهدئة الأجواء من قبل عدد من مسؤولي المؤتمر، ولا سيما أمينه العام عبد الملك مخلافي والامين العام الاسبق معن بشور، وكانت نتيجتها قيام وفد من المؤتمر بزيارة مركز «حزب الحرية والعدالة» واللقاء بعدد من قيادييه وفي مقدمهم عصام العريان، حيث جرى البحث في العلاقة بين القوميين والاسلاميين وكيفية معالجة أجواء التشنج القائم. كما عقد لقاء على هامش المؤتمر بين صباحي وحمدان لترطيب الاجواء والتأكيد على ان يبقى النقد في الإطار الموضوعي. ان تصريحات معن بشور الامين العام السابق للمؤتمر القومي العربي وعبد الملك مخلافي الامين العام الحالي لا يمكنها ان تخفي مدى شقة الخلاف بين التيارين القومي والاسلامي  حيث دبت خلافات شديدة في أوساط أعضاء المؤتمرين حول ما يجري في ليبيا وسورية ووقوف تيارات قومية و إسلامية إلى جانب حلف الناتو في عدوانه وتدخله في البلدين العربيين كما ورد في معاتباتهم ، واستنكار البعض ما وصف "بدعمهم للإرهاب الذي تكتوي سورية بناره و الذي يستهدف المدنيين و الجيش السوري الوحيد الذي يقف في وجه إسرائيل" . في حين ترى شخصيات قومية أن الإسلاميين من جماعة الإخوان المسلمين خدعوا القوميين واستخدموهم لاختراق الصف القومي وتمرير تحالفهم  الجديد مع الإستعمار، وهم يدعمون الإرهاب في سورية وتجنيد عشرات آلاف الشباب للجهاد في سورية وطعن الجيش السوري ودفاعاته الجوية و قوته الصاروخية الموجه نحو إسرائيل .

 

وكان من المقرر ان يقوم وفد من المؤتمر بزيارة الرئيس المصري محمد مرسي، لكن عدداً من أعضاء المؤتمر اعترضوا على ذلك وطالبوا بأن يكون اللقاء حواريا وان يستمع مرسي إلى الملاحظات النقدية، ما أدى الى عدم الاتفاق على الزيارة وإلغاء الموعد.

 

وبانسحاب سامي شرف كواحد من أبرز الوجوه القومية الناصرية منه  بصمت من عضوية المؤتمر القومي العربي رافضا الاعلان عن مسببات انسحابه كانت الامور تشير الى الأسوء الذي لم يتم تجاوزه بحنكة وصراحة قومية عندما وضع جدول اعمال مسبق كان مخيطا على مقاس ترضية لإيران وحزب الله اللبناني  التي بدأت الاعتراضات عليهما.

 

أولى المفاجئات تقدم سامى شرف سكرتير الرئيس جمال عبد الناصر للمعلومات ووزير شئون رئاسة الجمهورية الأسبق للأمانة العامة للمؤتمر باستقالة من "المؤتمر القومى العربى " و "لمؤتمر القومى الاسلامى" لأسباب وصفها بأنها موضوعية وتاريخية وذلك نتيجة لقناعة شخصية  يرى فيها سامي شرف " بأن الواجب يحتم عليه الاقدام على مثل هذه الخطوة" . كما قال سامي شرف  انه " سيمسك على الأقل حاليا عن ذكر الأسباب لوقت مناسب حرصا منه على وحدة الصف؛ خصوصا مع الأوضاع التى تمر بها الامة العربية الآن:  " مؤكدا  انه " ... لا عودة عن هذه الاستقالة وانها خطوة نهائية طال التفكير فيها منذ سنوات .".

 

وبخطوة وقرار سامي شرف الجريئة كانت قناعات الكثيرين من اعضاء المؤتمر القومي تتبلور بنفس المسار لولا المجاملات والحسابات وتفاوت التقديرات الشخصية لكان العدد المستقيل ان يكون كبيرا، وهو ما ستفرزه الايام  والأشهرالقادمة.

 

في ظهيرة اليوم الاول للمؤتمر تمترس قوميون خلف محطات من « سايكس - بيكو» وهم يتناقشون حول مواجهة نزيف سوريا الدامي. وفي الليل وصباح اليوم التالي للافتتاح كان النزاع حول سوريا يستفحل طالما غابت الإدانة الواضحة لإيران ودورها في المنطقة التي كانت مطلبا للكثيرين منذ الدورة السابقة في الحمامات بتونس في العام الماضي.

 

وللمرة الثانية على التوالي غابت القضية العراقية بشكلها التفصيلي اليومي المؤلم والقاسي، ولكنها مرت من خلال عبارات التقرير العامة وبتوصياته بصيغ سبق تكرارها ومن دون ترجمة ووقفة عملية جادة من قبل المؤتمر حيث وردت في ثلاث مواقع علبرة من البيان الصادر عن اعمال الدورة 24 ، من مثل:

 

أولا: [يرى المؤتمر أن دائرة الاستهداف منذ كامب دايفيد، وغزو العراق واحتلاله بدأت تتسع لتشمل دولاً عربية عدّة، وفي مقدمها الدولة السورية نظراً لدورها المحوري في الصراع العربي – الصهيوني، ولارتباطها الداعم بقوّة للمقاومة في لبنان وفلسطين، من هنا كان للمؤتمر مواقف ويعيد تأكيدها اليوم تدعم الدولة السورية في مواجهة الحرب عليها. هذا في جانب].

 

ثانيا:  [وعلى قاعدة الربط بين إستهدافات المشروع الامبريالي – الصهيوني على امتداد الوطن العربي يرى المؤتمر أن ما يجري في العراق اليوم يدخل في صلب هذه الإستهدافات من محاولات تفكيك للدولة العراقية ونزع لهويتها العربية وتحويلها إلى جماعات عرقية ومذهبية متصادمة وموظفة في خدمة جهات إقليمية ودولية].

 

ثالثا: [ لذلك يجدّد المؤتمر تمسكه بوحدة العراق الجغرافية وبوحدة شعبه ووحدة دولته وبهويته العربية وبدوره العربي ما يبعد عنه كل أشكال التدخلات الإقليمية ويحرره من قيود العملية السياسية التي فرضها عليه قانون "بريمر" وملحقاته الدستورية والتشريعية].

 

و يجدّد المؤتمر دعوته إلى الشعب العراقي إلى التوحد وفق برنامج وطني تصالحي يحمي العراق من مشاريع التقسيم.

 

كما يدعو المؤتمر الحكومات العربية بإلغاء كل القيود على سفر العراقيين إلى البلاد العربية تخفيفاً لمعاناتهم، وذلك على طريق إلغاء التأشيرات أمام مواطني الدول العربية.

 

وبغياب ابرز الوجوه العراقية التي اعتادت الحضور في دورات المؤتمر القومي العربي السابقة  كالشيخ حارث الضاري والسيد احمد الحسني البغدادي وجواد الخالصي وعدد كبير من ابرز الاسماء العراقية المحسوبة على جميع الاطياف السياسية العراقية والتي حضرت سابقا في  اغلب دورات المؤتمر القومي العربي. اكتفى المؤتمر بتسجيل قائمة من اسماء سابقة او جديدة  تضم اربعة عشر شخصا حضروا بصيغ وبأسماء وعناوين محسوبة على العراق او على بلدان تواجدهم في الشتات العربي والأجنبي وهم:

 

أ.

إدريس محمد علي قبع

 ( العراق )

الأمين العام لجبهة الإنقاذ الوطني

أ.

حسن فضل الله محمد

 ( العراق )

عضو التيار القومي العربي، أستاذ جامعي

د.

خير الدين حسيب

 ( العراق / لبنان )

اقتصادي، رئيس مجلس أمناء مركز دراسات الوحدة العربية، الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي

د.

دينا حسيب

 ( العراق / مصر )

مدير إداري

أ.

سعدون المشهداني

 ( العراق/ السويد )

كاتب

أ.

سلمان عبد الله

 ( العراق / قطر )

نائب الأمين العام للمؤتمر التأسيسي العراقي الوطني

د.

عادل الحديثي

 ( العراق / مصر )

الأمين العام لاتحاد المهندسين العرب

د.

عدنان عيدان

 ( العراق / بريطانيا )

مهندس

أ.

عماد محمد كاظم التميمي

 ( العراق )

إعلامي

د.

فرح صابر

 ( العراق )

أستاذة جامعية

د.

قيس محمد النوري

 ( العراق / اليمن )

ناشط سياسي

د.

كاظم الموسوي

 ( العراق / بريطانيا )

كاتب

أ.

مزاحم التميمي

 ( العراق / الإمارات )

عميد قانوني

د.

هيثم غالب الناهي

 ( العراق / لبنان )

مدير عام المنظمة العربية للترجمة

 

 

وعندما  قُرئت فقرات من تقرير «حال الأمة». كان المعقبون والمناقشون قد تجاهلوا التقرير بصورة مجملة وخاصة في جانبه العراقي واحداث انتفاضته القائمة والتدخل الايراني في دعم دكتاتورية المالكي وترسيخ الاجواء نحو اشعال الحرب الطائفية والتدخل الايراني العراقي اللبناني بصورته الطائفية بالشأن السوري.

 

 انتقى البعض الموضوع السوري، أين انقسموا حوله في ثلاثة طوائف: قسم اعتبر أن الواجب القومي الآن هو الدفاع عن وحدة كل قطر عربي، وأن الدفاع عن وحدة سوريا في مواجهة الحلف الصهيوني الأميركي دفاع عن الأمة العربية وليس دفاعا عن النظام. وعبر العميد أمين حطيط عن هذا الرأي بقوة، بالاضافة الى سهام الاسعد. في المقابل، كان الهجوم على النظام في سوريا وحزب الله ضاريا، كما كان الدفاع عنه مستميتا. وبدت كلمات السيد حسن عبد العظيم، الذي وصف نفسه بأنه «قومي ناصري وحدوي» كأنه بحث عن منطقة وسط «عقلانية». وطالب حلفاء النظام وحلفاء المعارضة جميعا بالكف عن دعم الطرفين، وخلص النقاش إلى أن «الأمر يتطلب توافقا دوليا - إقليميا - عربيا على إنهاء النزاع المسلح من خلال الذهاب إلى» جنيف 2»، مشددا على أن «الشعب السوري مصمم على إنهاء النظام».

 

في أصداء الموضوع السوري تناثرت كلمات عن النزاع السني - الشيعي وخطط «الأمبريالية والصهيونية» لإشعاله لتقسيم الدول القطرية المرسومة وفق معاهدة سايكس - بيكو ( 1916 ) بين فرنسا وبريطانيا. وجاهر كثيرون بأن الخطر حاد وحقيقي، وأن القومية والعروبة الآن تعني الدفاع عن الحدود القطرية الحالية.

 

عندما يتجاهل المؤتمر القومي العربي الاوضاع في العراق التي اشرنا اليها في مستهل رسالتنا الى بعض اعضائه فانه بذلك يتجاوز مبررات وجوده كهيئة قومية عربية مطالبة بالوقوف بوجه التدخلات الايرانية. وعندما تفجرت الانتفاضة العراقية  القائمة ظلت الامانة العامة للمؤتمر متفرجة عليها من برجها واقامة امانتها العامة ببيروت  في الوقت الذي حاول الطائفيون، من كل جانب، وسم الانتفاضة العراقية  بالطائفية، ولعب النظام الايراني وحلفائه وإعلامه في المنطقة دورا في توصيفها بأقذع الاوصاف، مثله مثل تعامل الاعلام الطائفي المحلي والاقليمي التي تديره ايران التي رأت في الانتفاضة تعبير عن هاجس قومي لدى عرب العراق من تدخلاته وتعاونها مع المحتل الامريكي ولمصلحة عملائها في حكم العراق لذا تآمرت ايران على انتفاضة ابناء العشائر العربية وجماهير المدن العراقية في بعض مناطق غرب ووسط وشمال العراق المنتفضة بمسميات مثل المتمردين السنة، والمتحركين بأوامر وتعليمات الاجندات ألاجنبية، تركية أو خليجية.. وغيرها.

 

 وكما كانت الادارة الامريكية للغزو في العراق تسمي المناطق المشتعلة بالمقاومة الوطنية ضدها بمناطق  سميت بـمسميات مثل : "المثلث السني" و" مناطق جمهورية العراق الاسلامية" و " القاعدة" و "بقايا البعث الصدامي" تواصل ايران وحلفائها اطلاق نفس المسميات، وذات النعوت على كل حركة مقاومة او انتفاضة عراقية. كما تجند ايران اليوم، وبالتنسيق مع  حكومة المالكي نفس الاوصاف والنعوت وتبث سمومها الطائفية عبر عشرات الفضائيات والبرامج التلفزية والاعلامية الموجهة طائفيا لتحديد المناطق المنتفضة ضد دكتاتورية وسلطة المالكي وعزلها، ووسمها بمسميات طائفية لأجل عزل اي تحرك شعبي عروبي في محافظات الجنوب العراقي من الالتحاق بالانتفاضة العراقية القائمة، وهي سياسة خبيثة وحالة خطرة  كان لا بد من إدانتها وفضحها من قبل المؤتمر القومي العربي لانها سياسة تُنبأ عن تطورات دراماتيكية مقلقة تسعى الى  اشعال الحرب الطائفية المطلوب تفجيرها في المنطقة كلها، وفي أية لحظة، تلبية لرغبات وطموحات اسرائيلية وأمريكية وحتى ايرانية، إذا اقتضى حال السياسة الايرانية قيامها عند اللزوم كما هو الحال في المشهد السوري اليوم.

 

بات المؤتمر القومي العربي رهين حسابات ضيقة قادته الى هذه العزلة القومية والجماهيرية، والحالة هذه تحتم على العرب التواصل لايجاد صيغ وبدائل أكثر استقلالية وأكثر فاعلية من صيغة العمل المكررة التي تراوح مكانها منذ سنوات. ومن دون رفع الوصايات على المؤتمر القومي وامانته العامة لا يمكن ان تكون التعبئة من خلاله ذات جدوى وفعالية. ان القوميين العرب الحريصين على مستقبل وجودهم كقوى فاعلة عليهم اتخاذ الخطوات الجريئة التي خرج بها المناضل القومي سامي شرف وشرع بها الكثيرون ممن لم يحضروا دورات المؤتمر يأسا منهم بامكانية التغيير في ظل ظروف أسر المؤتمر القومي العربي ووضعه رهينة لحسابات القوى المحلية والاقليمية وفي مقدمتها ايران وحزب الله اللبناني والتأثير عليه بصيغ وأساليب جعلته المنظمة التي لا جدوى من بقائها وهي تعيش على أمصال التنشيط السنوي في كل دورة من الدورات التي تتدحرج به الى النهاية المحتومة بتوقيع شهادة وفاته النهائية.

 

ان الشعوب العربية المتطلعة للتحرر والإنعتاق والتخلص من الاستبداد جدير بها ان لا تستنزف طاقاتها الا من اجل الوحدة والحرية والتحرر والتطلع  بروح ثورية وبقيادة قومية مؤمنة تتطلع الى مستقبل ومصير معاركها القومية المنتظرة مع عدو لا زال جاثما على الكثير من مواقع ارضنا العربية في فلسطين والجولان وسائر المناطق العربية الاخرى المحتلة بصيغ ووسائل واتفاقيات، ولا زال العدو يحتفظ بالكثير من قواعده العسكرية العدوانية في العراق وبلدان الخليج العربي، انها مرحلة تحرر وطني وقومي يجري التغاضي عن تشخيصها وتعطيل ادواتها الفاعلة على المستوى القومي لذا لا بد من خلق البديل الأكفأ والانجع والخروج من حالة الترهل والانسحاق .

 

 





الجمعة ٢٨ رجــب ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / حـزيران / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة