شبكة ذي قار
عـاجـل










في ظني أن الوثيقة التي اصدرها المجلس الإسلامي الأعلى بتاريخ 12-12- 1998 تكشف حقيقة العلاقة التي تحكم المجلس الأعلى بالصدريين و( نظرة) المجلس إليهم والتي تتسم بالاحتقار والاستعلاء والتشكيك بافتقاد محمد صادق الصدر لكل ما يجب أن تنطوي عليه سريرة رجل الدين من خلق وسماحة وعلم . وأمام مثل هذه العلاقة المشحونة بسوء الظن لا يمكن فلسفة التحالف القائم اليوم بين التيار الصدري والمجلس الأعلى بغير تورطهما في خطيئة وضع المبدأ والعقيدة في خدمة السياسة , وليس وضع السياسة في خدمة المبدأ كما يتشدق منظرو الإسلام السياسي . يقول جليل الحبوش الذي كان يشغل مدير الامن العام في تلك الفترة ((بعد مدة من الزمن استدعاني السيد عزة ابراهيم وطلب مني زيارة السيد الصدر وإبلاغه تحيات السيد الرئيس والقيادة السياسية , وإخباره بأن القيادة لديها معلومات تفيد بوجود مؤامرة للاعتداء عليه , واستئذانه مع الرجاء بأن يسمح لأجهزة الأمن بحمايته وبالطريقة التي يرتئيها . وفي ذات اليوم توجهت إلى النجف واصطحبت محافظها السيد قائد العوادي لزيارة السيد الصدر ونقلت إليه تحذير القيادة ورجاءها , فرد عليّ بأنه يثمّن مشاعر السيد الرئيس والقيادة ولكنه يرفض الحماية من أية جهة لأنه يؤمن بأن الله هو الحامي . وقد واصلت إلحاحي عليه واقترحت تأمين حمايته بصورة غير مباشرة وبالطريقة التي يرغب فيها , ولكنه أصرّ على موقفه وكرر عبارته بأن الله يفعل ما يريد , ثم أنذرني بأنه سيكون منزعجاً فيما لو أحس بأن الدولة لجأت لترتيب الحماية له بدون علمه .)) وكانت رئاسة المخابرات رفعت تقريرا ورد من احد مصادرها المزروعة داخل فيلق القدس الايراني بان الايرانيين قد أعدوا عددا من الخطط لاغتيال السيد الصدر وافشال الخطة العراقية ، فأمر الرئيس الراحل صدام حسين بتشديد الحراسة على السيد الصدر والاسراع بتنفيذ برنامج تنصيبه مرجعا رئيسيا في الحوزة.


لكن مثل هذه الخطوة كانت بحاجة لوقت يتراوح بين 3-5 سنوات ادراكا لثقل ارث الفرس في النجف وفي الحوزة بالتحديد، كما ان الموضوع كان بحاجة الى خليط من اجراءات العلاقات العامة وكذلك بعض الاجراءات القاسية من اجل تذليل العقبات وكسب دعم اسر النجف وكربلاء الدينية وكذا اصحاب راس المال.


تم تشديد الحماية على السيد محمد صادق الصدر وافهم بضرورة ان يحدد حركته وكانت قوة حمايته الشخصية والمقربة منه ومن داره هي من وحدة الحماية الخاصة التابعة للمخابرات العراقية وأمن الرئاسة ناهيك عن قوة حراسة سرية من الامن العام في محيط منطقة سكناه. لكن أصرار وعناد السيد محمد صادق الصدر بضرورة ان لا يرى وهو يتحرك في المجتمع النجفي برفقة الحراسات الحكومية !!!.. ولكثرة ثقته بنفسه ومريديه فرض على الدولة ان تخفف هذه المظاهر وان تبدل الحراسات بمجموعة من مريديه واتباعه كي يشكلوا طوق حماية له في تحركاته العامة، وبالتالي تخدم خطة العلاقات العامة التي اراد ان ينفذها بنفسه.


استغل اتباع ايران الموضوع وتمكنوا من زراعة فرد منهم في طوق المريدين الذين اختارهم ليحموه وقام بتسريب خط سيره وتوقيته ذاهبا لصلاة الفجر وتمكنوا من اغتياله بطريقة بدائية لكنها نافذة . و يقول الحبوش في اوراقه المنشورة ((حين وقع حادث الإغتيال المشؤوم يوم التاسع عشر من شباط 1999 لسماحته ونجليه فقد كنت أول مسؤول حكومي يصل إلى النجف وتوجهت على الفور إلى مكتب المحافظ فوجدت عنده مدير أمن النجف العميد سامي الدجيلي , وكنت حزيناً وغاضباً فبادرت إلى إعفاء العميد الدجيلي من منصبه مع أنه لم يكن مسؤولا مباشرة عما حدث , وأمرت بأن يحلّ اللواء سعدون صبري محله . وأخبرني المحافظ عندما سألته عن تفاصيل الحادثة أن السيد ونجليه غادروا البرّاني بعد صلاة المغرب متوجهين إلى منزلهم فاعترضتهم سيارة من طراز " اولدزموبيل " وفتحت النار عليهم ثم فرّت إلى جهة مجهولة , وأن السيد محمد الصدر لازال حياً ويبذل الأطباء جهداً استثنائياً لإنقاذه كون إصابته بالغة الخطورة , ولكن نجليه مصطفى ومؤمل قد انتقلا على الفور إلى رحمة الله . وسألت عن إمكانية نقل السيد إلى إحدى مستشفيات بغداد حيث تتوفر إمكانيات طبية أفضل , فقيل لي أن الأطباء لا يحبذون نقله لأنه مصاب بنزف شديد وربما يسمحون بذلك في حال اجتيازه لمرحلة الخطر , فبقيت أتابع الأمر حتى الواحدة والنصف صباحاً عندما أخبرنا الأطباء بانتقاله إلى رحمة الله.)) ويضيف ((تشاورت مع المحافظ حول مراسم أداء الواجب الأخير تجاه السيد ونجليه , واستقر الرأي بعد أن جرى التذاكر مع السيد كلنتر وهو شخصية محترمة وتربطه علاقة مصاهرة مع عائلة السيد الصدر , أن يكون التشييع وقت الضحى بحضور نخبة من كبار العلماء وطلاب الحوزة وأسرة السيد وبعض المقرّبين . وقد حضر مجلس الفاتحة في اليوم التالي عضو القيادة محمد حمزة الزبيدي ممثلا لرئيس الجمهورية وحشد غفير من المسؤولين الحكوميين والمواطنين . ولدى مغادرتي شكرني السيد مقتدى الصدر على ما قمت به من جهد و قد أكدت له أننا لن ندّخر وسعاً للقبض على المجرمين , وبالفعل فقد تمكنا خلال أيام معدودة من كشف هوية القتلة وتم القبض عليهم وأذيعت اعترافاتهم على التلفزيون متضمنة كل تفاصيل الجريمة)) وكانت المخابرات العراقية قد تثبتت بعد القاء القبض على المنفذين وكانوا من فيلق بدر وقادهم شخصيا ابن عم ابن الخوئي الذي يعمل ضابطا رفيعا في فيلق القدس وبتسهيل تام وتعاون معلوماتي من جماعة محمد باقر الحكيم .. حيث كان جهدا جماعيا لاتباع ايران قد اثمر عن اغتيال السيد الصدر رحمه الله. وقد احضر السيد مقتدى الصدر لمبنى حاكمية رئاسة المخابرات في بغداد واستمع بنفسه لإفادات المتهمين وطلب ان ينفذ حكم الاعدام بهم هو بنفسه ، ووافق الرئيس الراحل صدام حسين على طلب مقتدى الصدر، لكنه تراجع في لحظة التنفيذ لأنه كان صغيرا ولا يقوى على تنفيذ الاعدام ، ونفذه بدلا عنه واحد من اتباعه اي اتباع مقتدى واسمه (جاسب السنيد) امامه في القاعة رقم 7 في سجن ابي غريب وكان الجناة ثلاثة بينما بقي الرابع هاربا عن وجه العدالة في ايران. لذا كان من بين اهم اهداف وأولويات مقتدى الصدر هو الانتقام من ابن الخوئي في الايام الاولى لاحتلال العراق ، وبالفعل قاموا بذبح عبدالمجيد الخوئي في ساحة الحضرة ، وكان مقتدى ينوي ان يكمل دائرة الانتقام من قاتلي أبيه لولا تدخل المرجعيات!!!.. لذا وازاء ما اتقدم فمن المؤلم جدا ان يكذب مقتدى الصدر الكذبة ويؤمن بها ويصدقها ويعيش اجوائها معتبرا ان الدولة كانت مسؤولة عن مقتل والده ..... في حين ان والده كان مشروع الدولة وشكلت وفاته نكسة لجهود مضنية دامت سبع سنوات عمليا..


حقائق ثابتة
ومن الجدير بالذكر ان مقتل السيد محمد الصدر هو اغتيال لمخطط النظام لتعريب الحوزة العلمية الدينية في النجف الذي سعت اليه الحكومة العراقية وعملت بهذا المشروع لاكثر من 15 عام متتالية . ومن الحقائق الثابتة التي تثبت تورط ايران بالجريمة ما يلي.


1- اطلاع مقتدى الصدر اعلى التحقيق وسيره في الامن العام وحضوره شخصيا مراحل التحقيق وتحدث مع المتهمين ومع آخرين من حاشية السيد الصدر(والده ) ، ولهذا عندما غزت امريكا العراق وسقط النظام قام مقتدى وانصاره بالبدء فعلا بالانتقام ممن يعرف اشتراكهم بقتل والده ، فنجح في قتل ابن الخوئي عبد المجيد (زوج ابنة المرجع علي السيستاني) في الاسبوع الاول من احتلال بغداد.


وكان ينوي قتل (محمد باقر الحكيم) ولكن سبقه غيره اليه ، كما كان يروم ايضا قتل عبد العزيز الحكيم ومحمد تقي المدرسي فكلاهما من ضمن اهدافه كما كان يريد الاستمرار بهذا المخطط .... ولكنه توقف لاحقا بأوامر من ايران التي احتضنته بواسطة مقلده السيد كاظم الحائري واوقفت مخططه الذي سينتج عنه صراع وشق للمذهب الشيعي في عموم العراق.


2- بعد اغتيال السيد الصدر ونجليه ذكر شهود عيان ( حسب رسالة وصلتني من احد المواطنين في كربلاء ان احدى الشخصيات الكربلائية المعروفة على المستويين الديني والاجتماعي والتي كانت حاضرة مجلس الفاتحة على روح السيد الصدر و{رافضا} ذكر اسمه لظروفه الشخصية وقال لي ما نصه:( كنت حاضرا في فاتحة السيد محمد صادق وقال لي السيد مقتدى ،وين يروحون بيت الحكيم دم والدي برقابهم.


3- الحقيقة الثالثة هي واقعة حسينية الرسول الاعظم في قم حيث اقيم مجلس فاتحة للسيد محمد صادق الصدر وعند حضور محمد باقر الحكيم الى مجلس الفاتحة انبرى له عدد من اتباع المرحوم محمد صادق الصدر وطردوه شر طردة ورموه بالاحذية وصيحات الغضب والاستنكار ورددوا هتافا (قاتل قاتل) .وهنا يظهر للعيان من كان يقف مباشرة وبشكل قاطع في جريمة أغتيال السيد محمد صادق الصدر.


كما ان القيادة تكفلت بمصاريف الفاتحة وتم صرف مبلغ عشرة ملايين دينار لذلك كما ارسلت سيارة اولدزموبيل موديل 1990 بيضاء اللون لعائلة الصدر ،قدم مقتدى الصدر حينذاك رسالة شكر وتقدير واعتزاز للرئيس صدام حسين والقيادة لرعايتها الابوية له ولإخوانه .هكذا بدء محمد صادق الصدر مسيرته في المرجعية وهكذا انتقم منه الايرانيون عنوة ولكن من المؤسف ان يكون دور ولده مقتدى ازاء ايران بهذه الوضعية التي تنطوي على الخنوع والمذلة وان يستدرج من خلال افكار ومفاهيم المرجع الديني كاظم الحائري من قياديي حزب الدعوة لايران وان يتنكر لمواقف القيادة الوطنية ويسير وراء سراب أعدائه ومكرهم وخادعهم ... انتهى

 

 





السبت ٢٢ رجــب ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / حـزيران / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب داود الجنابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة