شبكة ذي قار
عـاجـل










في هذا الموضوع سوف نتناول واحده من القضايا المهمة التي شهدتها الساحة العراقية . الا وهي جريمة اغتيال السيد العربي محمد صادق الصدر . وسبب تسليط الضوء عليها الان يعود الى كثره الاتهامات وعدم وضوح الحقائق للجمهور وتبصيره والواجب الاعلامي والاخلاقي يقتضي نقل الحقائق قبل كل شيء .. قد ينبري بعض ممن لهم مصلحة في اخفاء الحقائق عن الناس فأننا نقول حق الرد مكفول . ولكن وفق الاسس العلمية والمنطقية بعيدا عن السب والشتائم الذي هو ديدن الفاشلين الذين ليس لديهم حجة اقناع.


في عام 2004 صرح مقتدى الصدر بان (( قاتل ابيه ليس صدام حسين وانما من قتل ابيه موجود هنا في مجلس الحكم )) هذا التصريح نشرته في حينها جريدة الشرق الاوسط الصادرة في لندن وجريدة المنار الصادرة في بغداد. وقبل ان نحكم على هذا التصريح علينا ان نناقش فترة ما قبل الجريمة التي وقعت في 19 شباط 1999 وراح ضحيتها السيد محمد صادق الصدر ونجليه .


1- قبل عام 1999 بسنوات سماحة السيد محمد صادق الصدر كان شعاره المركزي قبل الغزو الأميركي بأعوام " كلا كلا أمريكا ".(( وهذا الشعار وحده ينفي شبهة العداء بين السيد الصدر والنظام )) والسبب هو كان النظام في حينها يحشد من اجل مقاومة الغزو الامريكي .


2- في نهاية عام 1989 اعلن السيد محمد صادق الصدر عودة ممارسة صلاة الجمعة في بغداد والنجف لعموم مريديه وفعلا أمٌ السيد محمد صادق الصدر جموع المسلمين سنّة وشيعة في صلاة الجمعة , وكانت خطوة هامة جداً في خدمة المسلمين , (( هذه الخطوة حظيت باحترام النظام وقوبلت بارتياح كبير من لدن القيادة السياسية في حينها ))


3- اصدر السيد محمد صادق الصدر فتوى بتحريم التجسس والتعاون مع الاجنبي، وهي خطوة احترازية ردا على ما اوصت به تقارير المخابرات بعد ايام قليلة من تبني الكونجرس الامريكي لقانون تحرير العراق


4- في تلك الفترة كانت هناك رغبة لدى الدولة في اصطفاء الحوزة الدينية في النجف الاشرف للمراجع العرب بعد أن هيمن عليها المراجع الفرس لمئات السنين , فمن بين سبعة وستين مرجعاً تناوبوا على تولّي الحوزة عبر تاريخها لم يكن من بينهم إلا خمسة مراجع من أصل عربي . وكان وقوف الدولة خلف السيد محمد صادق الصدر. لكونه كان يمثل المرجع العربي في هذا الاتجاه.


5- في عام 1992 شكل مجلس الامن القومي العراقي لجنة خاصة مكونة من مدير .. الامن العامة ورئاسة المخابرات وجهاز الامن الخاص وانيطت رئاستها بالعقيد روكان رزوقي أحد مرافقي الرئيس صدام حسين ، ليس لقيادتها ، اذ لم يعرف عن العقيد روكان العقلية الفذة. من اجل تنفيذ مشروع الدولة الاستراتيجي الرامي لتنصيب مرجعية عليا في حوزة النجف من العرب الاقحاح ، واحباط كل محاولات الفرس لربط المرجعية بهم ، وانهاء قصة المراجع الايرانية للشيعة .


6- بعد وفاة المرجع الديني الايراني السابق ابو القاسم الخوئي الذي كان مكملاً لسلسلة رجال الدين الايرانيين الذين توالوا على تسلم كرسي المرجعية وحوزتها العلمية وامتيازاتها السياسية ، وهذه المرجعيات مرتبطة ارتباطاً فكرياً وسياسياً بالحكومات الايرانية ومرجعية قم الايرانية وذلك لدواعي خفية متعددة يطول شرحها في هذا المقال ... تحركت السلطات الايرانية وحوزة قم لأملاء الفراغ المرجعي في النجف بعد وفاة المرجع طبقا لقاعدة التوارث التي توارثتها المرجعية في ايران لسنين طويلة ، ولذلك هيئت الحكومة الايرانية الشيخ {الااراكي} مرشحاً عنها لمرجعية النجف آنذاك .


7- بنفس الوقت كانت القيادة في العراق وعلى الرئيس صدام حسين رحمه الله عازمة على تغير مسار تلك الترشيحات التي ترسمها ايران اتجاه المرجعية ولذا اصبح التوجه الرسمي يهدف لترشيح رجل دين عربي عراقي ليكون على رأس المرجعية في النجف ولغاء ذلك السياق القديم .فوقع اختيار القيادة في حينها على رجل الدين محمد صادق في المقابل من ذلك كانت هناك اراء واعتراضات جدية وملاحظات جديرة بالاهتمام لشخصيات دينية واخرى اجتماعية فكان من بين رجال الدين المنتقدين لتوجهات وتصرفات السيد محمد صادق الصدر وسلوكه الشخصي ، وهم رجال الدين الايرانيين الساكنين النجف ومنهم الشيخ الغروي والشيخ البروجردي ومحمد سعيد الحكيم والبشير الباكستاني واسحاق الفياض والسيستاني ولهم تحفظات شديدة اتجاه شخصية الصدر وسلوكياته المثيرة للجدل .

 

وكان وقوف الدولة خلف السيد محمد صادق الصدر سبباً لمقت الشعوبيين له فتآمروا عليه ودبّروا له أمراً بليل فنالوا من هذه الشخصية التي دعت وعملت من أجل وحدة المسلمين . وبعد ان شعرت القيادة العراقية بذلك اصدرت توجيهات اخرى بدعم الصدر ماديا ومعنويا كمرجعية في النجف ومن ضمنها حث رؤساء العشائر في الفرات الاوسط والجنوب على دعم المرجعية الجديدة من خلال ارسال الحقوق الشرعية لان الصدر لا يتمتع بقبول شعبي ديني في النجف بسبب سيطرة رجال الدين الايرانيين على المحيط الشعبي الطائفي في الجنوب والفرات الاوسط وقيام حواشيهم واتباعهم ببث الاشاعات المغرضة ضد شخص محمد صادق الصدر وتشويه سمعته بحجة او دونها . وازدادت حملة التشهير والتحريض ضد الصدر عندما قرر اقامة صلاة الجمعة المعطلة منذ سنوات طويلة بسبب اراء مراجع الدين الايرانيين بشأن اقامتها مما اضطر الصدر ان يلتقي مع السيستاني بحضور الشيخ محمد حسن الانصاري احد مقربين من السيستاني وفي ذلك القاء اخبر الصدر السيستاني بقراره بإقامة صلاة الجمعة في كافة محافظات القطر وسيحضرها المسلمين شيعة وسنة فأجابه السيستاني ان صلاة الجمعة لا تقام الا في ضل حاكم عادل ( ولكن اليوم تقام الصلاة في ضل حاكم كافر وعميل فاجر وظلم جائر ) وان هذا الكلام ازعج الصدر الذي استخدم لغة واسلوب التهديد عند محادثته مع السيستاني كما حذره من مغبة ابدى المحاولات المحمومة ضد موضوع اقامت الصلاة سواء من قبله او بواسطة اتباعه الايرانيين وانه سيكون له تصرف ثان معهم وغادر دهليز السيستاني .

 

واقام السيد محمد صادق الصدر صلاة الجمعة في مسجد الكوفة وتحت حماية امنية وحزبية في المحافظة لتأمين سلامة المصلين الذين يتوافدون من المحافظات الجنوبية والوسطى وصدرت توجيهات من الرئاسة الى الاجهزة الامنية بعدم التدخل في خطبة الجمعة التي يلقيها الصدر على مسامع المصلين حتى لو كانت تلك الخطبة تسئ للدولة . من جهة اخرى الملاحظات التي ابداها رجل الدين حسين الصدر من الكاظمية ، وان الرجل كان يرتبط بعلاقات عمل لصالح مديرية الامن العام آنذاك وكان احد مصادرها الامنية النشيطة في الجانب الديني ، فقد اخبر حسين الصدر احد كبار ضباط مديرية الامن العام مبدياً رأيه في معارضة ترشيح محمد صادق الصدر وقال ( ان وصول محمد صادق الصدر الى كرسي المرجعية وحصوله على دعم الدولة وشخص الرئيس صدام حسين سيلحق ضرراً بالغاً بالدولة والشعب العراقي كمن يضع على يده عقرب ... وستندمون على ذلك ! ) .


{{ الى اللقاء في الحلقة القادمة ونسلط فيه الضوء على الصراع بين اطراف المرجعية بعد ترشيح السيد الصدر للمرجعية }}

 

 

 





الخميس ٢٠ رجــب ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / أيــار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب داود الجنابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة