شبكة ذي قار
عـاجـل










ضربوا معتقلا باطرافه الاصطناعية وحبسوا المعتقلين في اقفاص للكلاب .. الناس سمعوا عن ابو غريب ولم يسمعوا عن ناما السري
تحقيق : القوات البريطانية الخاصة ساعدت في حراسة مركز اعتقل فيه عراقيون في مطار بغداد الدولي



اعداد ابراهيم درويش : كشف جنود بريطانيون ولاول مرة عن دورهم في ادارة سجون سرية امريكية في العراق شهدت اسوأ الوان التعذيب، ونقل عن جنود سابقين في سلاح الجو الملكي البريطاني قاموا بحراسة هذه المراكز ووفروا وسائل النقل.


وقالوا ان معظم المعتقلين الذين احضرهم الجيش الامريكي هم من الذين قامت قوات الجو الخاصة وسلاح القوارب الخاصة باعتقالهم.


واطلق على العملية في حينه ‘المهمة الخاصة -121′ وهي عملية خاصة مشتركة امريكية ـ بريطانية وانشئت اولا لغرض البحث عن اسلحة السلاح الدمار الشامل المزعومة.


وعندما اكتشف المسؤولون الامريكيون ان نظام الرئيس العراقي صدام حسين تخلى عن برامجه في هذا المجال تم حرف مهامها للبحث عن اشخاص يعرفون مكان صدام حسين ورجال نظامه الذين خرجوا من بغداد، وبعد القاء القبض على صدام حسين تم تغيير مهمة الوحدة لملاحقة المنتمين لتنظيم القاعدة التي برزت بعد غزو العراق.


مطار بغداد


وفتحت الولايات المتحدة المعتقل السري في مطار بغداد الدولي حيث عرف المعتقل باسم ‘معسكر ناما’ حيث كان يتم احضار المعتقلين للتحقيق معهم من قبل محققين عسكريين ومدنيين امريكيين.


واستخدم هؤلاء المحققون وسائل تعذيب وحشية اثارت شجب ليس المنظمات الحقوقية الامريكية ولكن محققين ارسلتهم البنتاغون للتحقيق في ظروف السجن وكتبوا تقارير خاصة للوزارة.


ووصف جندي بريطاني سابق عمل في مركز الاعتقال ما كان يجري في المركز بقوله ‘رأيت رجلا نزعوا رجليه الاصطناعيتين واخذوا يضربونه بهما قبل ان يرمى في الشاحنة’. ويقول تقرير اعده ايان كوبيان في صحيفة ‘الغارديان’ انه في الذكرى العاشرة لغزو العراق تقدم عدد ممن عملوا في معسكر الاعتقال ووصفوا ممارسات الوحدة الخاصة 162 والاخرى التي تابعت عملها وهي ‘الوحدة الخاصة 6-26′.


واحصى الجنود اي شهود العيان الممارسات بانها اشتملت على احتجاز المعتقلين العراقيين ولمدد طويلة في زنازين ليست اوسع من البيوت التي يوضع فيها الكلاب، تعذيب العراقيين باجهزة كهربائية، وتغطية رؤوسهم باقنعة وبشكل روتيني، والتحقيق معهم في حاوية عازلة للصوت وكانوا يخرجون منها في حالة من التعب الجسدي.


ويقول الجنود انهم قدموا شكاوى لمسؤوليهم عن الممارسات لكن متحدثا باسم وزارة الدفاع البريطانية قال ان سجلات الوزارة لا تظهر اي شكاوى محددة من الجنود البريطانيين في مركز ‘ناما’. وايا كان الحال فالكشف عن ادلة لتورط بريطاني في مركز اعتقال سيىء السمعة يطرح اسئلة عن الموافقة الحكومية على المشاركة في ادارته والتي نتجت عن انتهاكات حقوق انسان واسعة.


ولكن جيف هون، وزير الدفاع البريطاني في حينه اكد انه لا يعرف عن مركز اعتقال بهذا الاسم، وعندما اشارت الصحيفة ان جنوده في ذلك الوقت وفروا الحراسة والنقل للمركز قال ‘لم اسمع ابدا بهذا المكان من قبل’.


وتضيف الصحيفة ان الوزارة بالمقارنة فشلت وبشكل متكرر في الاجابة على اسئلة تتعلق بموافقة الحكومة على العمليات البريطانية في المركز.


ممنوع الدخول


ويقول التقرير ان الطريقة التي كان ينقل فيها المعتقلون تقترح انهم كانوا سيتعرضون للخطر، حيث كانت القوات البريطانية الخاصة ‘اس اي اس′ ووحدة القوارب الخاصة ‘اس بي اس′ تنقل المعتقلين بمرافقة جندي امريكي الذي كان يسجل اسم الشخص المعتقل.


وهذه الترتيبات مكنت الحكومة البريطانية من تجاوز متطلبات ميثاق جنيف حول معاملة المعتقلين والذي كان يؤهلها الطلب باستعادة اي شخص نقل للحجز الامريكي في الوقت الذي ظهر انه لم يتلق معاملة حسب الميثاق.


ويشبه المركز عددا من المراكز التي انشأتها امريكا في العراق بعد غزوه، حيث كانت تحاط بسلسلة من الاسلاك الشائكة ودبابات ابرامز ووحدات الحراسة. وكان لا يدخل هذه المراكز الا عدد محدود من العناصر العسكرية. وفي احدى المرات منع ضباط كانوا يعملون في معسكر غوانتانامو من الدخول اليها. ولم يسمح ابدا لممثلي منظمة الصليب الاحمر الدولي ان يعتبوا ابواب هذا المعسكر. ومن الشخصيات المهمة التي كانت تزور المكان الجنرال ستانلي ماككريستال، قائد القوات الامريكية المشتركة في العراق في حينه.


وعلى الرغم مما كان يحدث في المركز من ممارسات الا انه لم يلفت انتباه الرأي العالمي بالطريقة التي انتبه العالم لسجن ابو غريب الذي لا يبعد سوى اميال عنه، حيث اصبحت صور تعذيب العراقيين والتفنن في اذلالهم علامة على الغزو الامريكي والفظاعة التي قام بها الجنود الامريكيون ضد العراقيين.


وما اسهم بالابقاء على سرية المعتقل ان السلطات فيه منعت التصوير والمرة الوحيدة التي حاول فيها عنصرين من عناصر القوات الخاصة التقاط صور، القي القبض عليهما. اضافة الى هذا فقد منع الجيش الحديث عما يجري في داخله.


ولا بد من الاشارة الى ان وحدة المهام الخاصة -121 كان يطلق عليها في السابق اسم وحدة المهام الخاصة -20 وفتحت لها سجنا في مكان بعيدا في الصحراء غرب العراق اطلق عليه اسم ‘اتش-1′ ويعتقد ان سجينا واحدا قتل فيه، حيث ركل حتى الموت وهو في طريقه للسجن على متن مروحية تشينوك.


وعلى الرغم من الدور البريطاني الا انهم ظلوا تابعين للامريكيين ومهام الاعتقال التي قاموا فيها اقل.


فحسب جندي خدم في مركز اعتقال ‘ناما’ فالامريكيون كانوا يخرجون كل ليلة ويحضرون معتقلين اما البريطانيين فكانوا يخرجون بمعية جندي امريكي مرة في الاسبوع.


ويضيف ان المعتقل عادة ما كان ينقل على متن مروحية التي كانت تحمل معتقلا واحدا في كل مرة الا انه شاهد خمسة احضروا مرة واحدة، حيث وضعت على رؤوسهم اقنعة وقيدت ايديهم باسلاك بلاستيكية، ‘وكانوا يحملون ويرمون على ظهرعربات تنقلهم الى مركز العمليات المشتركة’.


ومركز العمليات هذا كان عبارة عن بناية بطابق واحدة لا تبعد سوى امتار عن مدرج المطار الرئيسي .


ويقول الشهود ان القوات الامريكية والبريطانية عملتا معا وبشكل قريب لدرجة ان افرادهما بدأوا يرتدون قطعا من زي بعضهما البعض العسكري. وفي الوقت الذي كان يسمح فيه لعناصر الجيش البريطاني الاقتراب الى مدخل المركز فانه لم يكن يسمح الا للبعض منهم الدخول الى داخله حيث كان التحقيق يأخذ مجراه.


فالداخل كان ساحة للقوات الامريكية وضباط الاستخبارات ‘سي اي ايه’ والذين كان من بينهم عدد من النساء ويقول شاهد بريطاني ان واحدة منهم كانت تضفر شعرها على شكل ذيل وتحمل دائما مسدسين لدرجة اطلقوا عليها اسم ‘لارا كروفت’ اسم البطلة السينمائية المعروفة.


ازرق احمر اسود


ويصف الجنود البريطانيون السابقون مبنى العمليات المشتركة بانه كان مكونا من اربع غرف تحقيق: زرقاء وحمراء وسوداء وغرفة للراحة اضافة الى غرفة للتشخيص الطبي. وكان في غرفة الراحة ارائك وسجاد وهي الغرفة التي كان يعامل فيها المعتقلون بنوع من اللطف.


ولكن التعذيب القاسي كان يتم في الغرفتين والحمراء والسوداء، حيث لم يكن فيهما اي نوافذ وبطلاء اسود واحمر لكل الجدران.


واظهر تحقيق لمنظمة ‘هيومان رايتس ووتش’ الامريكية ان المعتقلين فيهما تعرضوا للضرب والبرد والتهديد بالقتل والاهانة واشكال اخرى من الانتهاكات والتعذيب النفسي’.


واشارت صحيفة ‘نيويورك تايمز′ الى ان المعتقلين ضربوا باعقاب البنادق واستخدموا كاهداف للتصويب عليهم.


ووضعت علامات على جدران المعسكر تقول انا التعذيب مسموح طالما لم يؤد الى اسالة دم المعتقل وعليه فلن يواجه المحقق اية عقاب.


ويقول شاهد اخر ان المعتقلين كانوا يؤخذون الى حاوية تقع خلف مركز العمليات المشتركة حيث كانوا يخرجون منها ‘وهم في حالة يرثى لها’، ويقول ‘الجميع شاهد صور ابو غريب لكنني شاهدتها بام عيني’.


وتقول ‘هيومان رايتس ووتش’ ان عنصرا من عناصر ‘اس اي اس′ شارك في ضرب معتقل اعتقد انه كان يعرف مكان ابو مصعب الزرقاوي. وفي الوقت الذي لم يكن يتعرض فيه المعتقلون للتحقيق كانوا يحتجزون في اقفاص مصنوعة من الاسلاك ومغطاة بالصفيح، وتصلح للكلاب. ‘كان هناك مئة منها وكان السجناء يتعرضون للبرد القارس في الليل والحر في اثناء النهار’.


ويقول الشاهد البريطاني ان معظم المعتقلين كانوا من الرجال مع انه شاهد امرأتين اخذتا للتحقيق ولم يعرف ماذا حدث لهما.


لم تسمع ولم تر


ويقول شاهد بريطاني آخر ان المشاهد في مركز الاعتقال كانت لا تحتمل ولهذا كانوا يلتفتون للجانب الاخر بدلا من معاينة ما يجري.


ويقول اخر انه اشتكى الى مسؤوليه في الجيش لكن شكواه تم قمعها ‘اتذكر انني كنت اتحدث الى ضابط في الجيش حول ما شاهدت ولكنه اجاب ‘انت لم تر ذلك، هل تفهم؟’.


ويضيف ان جوا من القلق كان بارزا في ذلك المكان حيث كان الضباط يخشون من استبعادهم من العملية لو ‘قمنا بعمل مشاكل’ اي الجنود.


ويقول تقرير هيومان رايتس ووتش ان مركز اعتقال ناما كان سريا بالدرجة التي منع فيها دخول الجنرال جيفري ميللر قائد مركز اعتقال غوانتانامو الذي ارسل كي يقدم النصح للمحققين حول كيفية التعامل مع المعتقلين وذلك في آب (اغسطس) 2003.


وفي نهاية عام 2003 ارسلت وزارة الدفاع محققا خاصا وهو العقيد المتقاعد ستيورا هيرنغتون الذي كان يعمل محققا خاصا في الاستخبارات للاطلاع على الاساليب التي يستخدمها المحققون في معسكر ناما، وقدم نتائج تحقيقه في كانون الاول (ديسمبر) من العام نفسه حيث كتب ان ‘ جروحا ظهرت على المعتقلين الذين تحتجزهم وحدة المهام الخاصة -121 مما استدعى بالطبيب في المعسكر للاستنتاج الى تعرضهم للضرب. ويبدو من الواضح انه يجب الاخذ على يد الوحدة كي تعامل المعتقلين باحترام’.


ومع ذلك فقد استمرت المعاملة كما هي حيث تم توجيه عقوبات انضباط لاكثر من ثلاثين عنصرا في الوحدة الخاصة، وظل زنازين او بيوت الكلاب كما هي في المركز، فيما استمر استخدام القوات البريطانية الخاصة لاختطاف المعتقلين واحضارهم كي يتم التحقيق معهم، ويقول شاهد اخر ‘كنا نوفر اللحم للمحققين الامريكيين’.

 

 





الاربعاء ٢٢ جمادي الاولى ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / نيســان / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب القدس العربي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة