شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

من حق أي مواطن عربي ، وأنا واحد أتشرف بالانتماء إلى الوطن العربي فكراً وسلوكاً وهوية ، أن أتساءل بإخلاص ما هي فعلاً المهام المناطق بالمؤتمر القومي العربي ؟ هل هي محض دراسات وأوراق بحثية يقدمها أعضاؤه إلى الأمانة العامة في مواقيتها الثابتة، تنتهي ببيان ختامي ، وكفى المؤمنون شر القتال ؟ وكأن الأمر على حاله أشبه بإسقاط فرض تقتضيه أحداث الأمة الجسام ؟!

 

يعلم أخي في النضال ، إن الدولة التي يختل فيها القضاء ويُسَيَسُ لحساب فئة من فئات المجتمع ، يتعطل فعل القانون ، وعلى أساس هذه النتيجة تبرز الأجندات الفئوية الطائفية لتأخذ طريقها نحو تصفية حساباتها مع خصومها وغيرهم على وفق نزعة الإقصاء والاستحواذ على الحكم، ومن بين هذه السلوكيات غير القانونية وغير الديمقراطية وغير الأخلاقية، يتم التأثير على السلطات القضائية وهي المعينة من فئات السلطة الحزبية لتصبح بالتالي أداة في يد السلطة التنفيذية وليست أداة في يد القضاء .. ولما كان القضاء هو الآخر تابع للسلطة التنفيذية بحكم الانتماء السياسي، فلا مجال عندئذٍ الحديث عن الحقوق أبداً .

 

والإشكالية في هذا الأمر، أن طبيعة تشكيل السلطة هذه ( التنفيذية والقضائية والتشريعية )، جاءت من روح دستور يُفَصِلُ ويكرس الطائفية والعرقية المقيتة، ومواده تقود إلى تقسيم الشعب ومن ثم تقسيم البلاد.. وتلك حالة لا تستقيم مع طبيعة الشعب العراقي وتطلعاته نحو تعزيز وحدته الوطنية وانتمائه القومي العربي .. كما أن مكوناته قد حبكت نسيجه الاجتماعي بطريقة يصعب الحديث عن تطبيق دستور أعده الاحتلال وتحاول حكومته تكريسه على أساس الأمر الواقع قسرياً وبالإكراه.

 

والملفت أخي العزيز .. أن الجميع يعترف بأن هذا الدستور يتضمن ألغاماً ومن مصلحة الشعب العراقي تفادي هذه الألغام عن طريق الحرص على تغييره بما يتلائم ومصلحته ومستقبله .. وتغيير الدستور يتم لصالح كل الشعب وليس لصالح فئة أو مذهباً أو قومية معينة .. وحين يتم الحديث عن تغيير الدستور تثور ثائرة الفئة الطائفية الحاكمة في بغداد، وكأن الدستور حكراً لها عن باقي شرائح الشعب وقومياته .. وكأن الدستور شيء مقدس هبط من السماء ويصعب المساس ببنوده.!!

 

أخي العزيز الدكتور الأمين العام للمؤتمر القومي العربي ..

هل اطلعتم على ما قالته منظمة العفو الدولية في تقريرها الجديد الذي صدر الاثنين 11/3/2013 ، وهي قطعاً ليست منظمة بعثية ولا قاعدة ولا هي منظمة إرهابية كما توصم الحكومة الطائفية أي مطالب بحقوق مشروعة ، تقول المنظمة (( إن العراق ما يزال عالقاً في حلقة رهيبة من انتهاكات حقوق الإنسان، ومنها الهجمات ضد المدنيين ، وتعذيب المعتقلين والمحاكمات الجائرة)) .

 

وهل تعلمون أن تقرير المنظمة يحمل عنوان هو (( عقد من الانتهاكات )) ، إلى تعذيب المعتقلين وإساءة معاملتهم الإنسانية على أيدي قوات الأمن العراقية والقوات الأجنبية في أعقاب غزو العراق عام 2003 .. ويوضح التقرير (( عجز السلطات العراقية المستمر عن مراعاة التزاماتها باحترام حقوق الإنسان وحكم القانون )) .. والحقيقة أن حكومة الاحتلال الحالية في بغداد لم تكن عاجزة فحسب، إنما موغلة في نهج طائفي دموي لم يعرفه شعب العراق في كل حقب تاريخه الحديث.؟

 

وهل تعلمون أخي الأمين العام .. أن هذه المنظمة سجلت إعدام (4470) ألاف سجين عراقي منذ عام 2003، الأمر الذي يُعَدُ فيه العراق أحد أوائل بلدان العالم في تنفيذ حكم الإعدام تحت حكم الفقرة ( 4 ) إرهاب من المادة (13) سيئة الصيت، والتي يفصلها حاكم بغداد الطائفي على خصومه من كل المذاهب والقوميات عن طريق المخبر السري .. وكل ذلك يحدث في ظل انعدام القانون والقضاء النزيه العادل.؟

وإزاء هذا الوضع المأساوي أنتفض الشعب العراقي سلمياً مطالباً بحقوقه المشروعة التي جوبهت بالإهمال كما جوبهت بمزيد من الاعتقالات والتهديدات والقتل والإغتصاب .!!

 

ما هو موقفكم حيال كل هذه الانتهاكات، باعتباركم تقودون مؤتمراً قومياً عربياً من واجباته أن يأخذ على محمل الجد أحداث البلدان العربية، سواء كانت في تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن أو لبنان أو سوريا أو البحرين .. ولكن للأسف الشديد، حين يصل الأمر إلى العراق يصمت المؤتمر ولا يحرك ساكناً .. لماذا ؟! هل العراق وشعبه ليس عربياً ؟ وهل أن من واجبات المؤتمر القومي العربي فقط عقد مؤتمراته الاعتيادية والاستثنائية بناء على الحاجة الملحة، التي تفرض نفسها ؟ ألم تكن الانتفاضة السلمية العارمة في العراق مدعاة لأخذها ودراستها وتحديد موقف عربي قومي مشرف إزائها في مؤتمر استثنائي ؟! وهل أن من مهام المؤتمر القومي العربي عقد المؤتمرات وإصدار الدراسات والبيانات فقط ويغض النظر عن واجباته في تقصي الحقائق وتشكيل لجان التعبئة ولجان المتابعة على المستوى السياسي والصحافي والتعبوي الجماهيري العربي في شبكة اتصالات مع قوى الأمة وأحزابها وشخصياتها لنصرة الشعب العربي في أي ساحة ؟! .

 

ألم يكن شعبنا في العراق عربياً ، ألم يكن محتلاً ومظلوماً ومهاناً ومغتصباً منذ عشر سنوات على أيدي الأمريكيين والإيرانيين الذين تتحكم مليشياتهم بمقدرات العراق وشعب العراق ؟!

 

أخي الدكتور الأمين العام للمؤتمر أعزكم الله .. لماذا يصمت المؤتمر القومي العربي ؟ ما هي فعالياته ؟ لقد شارك في هذا المؤتمر عناصر رائدة في الفكر العربي السياسي والاقتصادي والثقافي والقانوني والقومي، وقدموا دراسات محكمة شخصت واقع الأمة العربية وحددت التحديات التي تجابهها، وتناولت مسارات الأحداث في تونس وليبيا ومصر واليمن ولبنان وسوريا وغيرها .. ولكن في العراق وما يحدث فيه من أهوال وكوارث وانتهاكات تقشعر لها الأبدان .. لم تحرك على ما يبدو ساكن المؤتمر لبقومي العربي .. وأقول ثانية ، لماذا ؟!

 

أطلب منكم بصفتي مواطناً عربياً ، تهزني أحداث مصر وسوريا ولبنان وتونس والبحرين وكل ساحة عربية ، أن يكون لكم موقفاً واضحاً ودقيقاً ومحدداً حيال ما يحدث في العراق ومخاطر محو هويته القومية العربية بأداة التنكيل الطائفي ، لأن جماهير الأمة تراقب عن كثب، كما هو التاريخ يرصد المواقف ويعطي حكمه العادل ما إذا كان المؤتمر القومي العربي حقيقة يمثل العرب ويحمي القومية العربية ومستقبل الأمة .. أم إنه صنع مجرد مركز للأبحاث في عواصم العرب لا غير .!!

 

مع خالص احترامي وأسمى تقديري .

 

 

 





الثلاثاء ٣٠ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة