شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

منذ أن استبدلت أمريكا نظام شاه إيران بنظام الخميني ، وإيران تفتش عن موضع قدم في الساحات العربية .. وموضع القدم هذا :

 

1- إما أن يكون عسكرياً- استخبارياً كما يحصل حالياً في جبال "صعدة " في اليمن حيث الإصرار الإيراني الوقح على تسليح "الحوثيين" ، والهدف هو دفع اليمن العربي الأصيل إلى الاضطراب والاقتتال ومن ثم التقسيم، والإطباق على السعودية من جهة جنوب البحر الأحمر، وتهديد حدودها من جنوب العراق بمليشيات الحاكم الصفوي .

 

2- وإما أن يكون موضع القدم مليشياً إستخبارياً كما يحصل على أرض سوريا، حيث عناصر ما يسمى جيش القدس والحرس الصفوي والخبراء العسكريون الإيرانيون والأموال وتوفير ما يندرج في قائمة الاحتياجات اللوجستية .

 

3- وإما أن يكون موضع القدم تأسيس خلايا التشيع الصفوي كما يحصل في دول المغرب العربي حتى مصر العربية، ودول الخليج العربي، تحت أغطية مراكز الثقافة والمطاعم والبقالات والحسينيات الإيرانية .

 

كل هذه الأغطية تستخدمها إيران للتدخل في شؤون البلدان العربية ، وتدار إستخبارياً من قبل السفارات والقنصليات الإيرانية التمثيلية في العواصم والمحافظات العربية، تحت مسميات تطوير العلاقات الثنائية .

 

تحدثنا في مقالين سابقين عن عزم نظام طهران الصفوي إنشاء أنابيب غاز باتجاه المشرق العربي ( عبر العراق )، حيث تحددت وجهة هذه الأنابيب إلى سوريا ومنها إلى جنوب لبنان ، وأنابيب أخرى للنفط العراقي إلى الأردن، وتحرك روسيا في الوقت ذاته لإقامة إحدى أضخم المصانع في الأردن - على أثر إيقاف المساعدات السعودية - ثم يأتي مشروع مد أنابيب النفط من الرميلة - البصرة إلى ميناء العقبة ومنه إلى مصافي مصر.

 

هل نزلت هذه المشاريع ذات الطابع الإستراتيجي فجأة من السماء إلى الأرض ؟ .. من حرك هذه الخطوط ومن ورائها ؟ ما هي ملامح هذه الإستراتيجية التي تسهر على تصديرها طهران إلى المشرق العربي ؟ هل عجزت ( إسرائيل ) عن التطبيع مع الوطن العربي منذ عام 1948، وإن ما عجزت عن تنفيذه ( إسرائيل ) تحققه إيران ؟! لقد حاول الكيان الصهيوني أن يندمج مع الكيان العربي بمشروعات اقتصادية اعتباراً من مؤتمر أوسلو إلى مؤتمر الدار البيضاء في المغرب و(نظرية شمعون بيريز التي تقضي إلى تكريس الاقتصاد بدلاً من استخدام القوة )، ولكن الكيان الصهيوني قد فشل بسبب كونه مغتصباً لأرض فلسطين والأراضي العربية، فهل أن إيران عن طريق أنابيب الغاز والنفط وحاجة بعض البلدان العربية التي تمر بظروف اقتصادية صعبة إضافة إلى عوامل أخرى، أن تمهد الأرضية ، بعد أن اكتسحها الـ" بلدوزر" الأمريكي في شكل سُمِيَ ربيعاً عربياً ، لتحقيق التطبيع مع الكيان الصهيوني في شراكة إيرانية - إسرائيلية - أمريكية لتحقيق حلم الشرق- أوسطية الجديد وحسب الرؤية الإسرائيلية ؟!  وهل أن المشروعين الإسرائيلي والإيراني، تحت خيمة المشروع الأمريكي، باتا يعملان على هذا النسيج الذي يحيك شبكة مصالح بعض الفرقاء في المنطقة ؟ أم أنه مجرد تصدير إيران لأزمتها نحو الخارج في كل مرة تشعر بفداحة المأزق الذي تعيش فيه ؟ .. الرؤية الأولى هي المؤكدة، فيما بات أسلوب تصدير إيران لازمتها إلى الخارج من تحصيل الحاصل في الرد المرن على تلك الأزمات المتنوعة والمتتالية .

 

أما العراق التابع في ظل الحاكم الصفوي فهو فاشل في الداخل وبليد في الخارج ، ولكنه مأمور تحركه إيران من خلال مستشاريه الصفويين مثلاً صوب " اليعربية " فيحرك مليشياته الحاقدة على قيم السماء والأرض، لتمارس إطلاق النار وتزهق بسبب تصرفاتها العدوانية أرواح العديد من البشر .. وتحركه إيران نحو الأردن ليسد منافذ الحدود فيفعل بدون مسوغ، ثم يقوم بفتحها بعد أن يختنق .. وتحركه أيضاً إلى الأردن بمنحة من نفط العراق ثم تطلب منه التحرك صوب مد أنابيب الغاز الإيراني ليصل إلى العقبة .. وتأمره بأن يمد أنابيب النفط العراقي ليكتمل الخطان في نسيج واحد إلى ميناء العقبة ليتفرع منه إلى الكيان الصهيوني والآخر إلى مصافي مصر العربية؟!

 

ملاحظات حول واقع صناعة النفط والغاز الراهنة في العراق :

أولاً- يصدر العراق (700) ألف برميل نفط يومياً إلى إيران بسعر (75) دولار للبرميل ، وتعيد إيران هذه الكمية مشتقات نفطية إلى العراق بسعر (200) دولار للبرميل ، فيما يصل سعر برميل النفط في السوق العالمية تقريباً إلى (120) دولار للبرميل (( هذا ما أفادت به وحدة العلاقات والمعلومات المشتركة (IAU) المختصة بقطاع النفط والغاز في العراق، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) - حسب المصدر الموثوق .

 

هل هذه سياسة نفطية وطنية أم نهب إيراني منظم يساعدها في ذلك الحاكم الصفوي في بغداد ؟ أين هي حقوق العراق؟ وأين هي حقوق شعب العراق ؟ .. هذا فقط ما تنهبه إيران، أما النهب الأمريكي والبريطاني والفرنسي وغيرها من الشركات، فأرقامها من الصعب إخفائها مهما طال الزمن .

 

ثانياً- المركز الدولي للضريبة والإستثمار، الذي تأسس عام 1993، يضم مجموعة شركات نفطية عملاقة مثل ( شل و بريتش بتروليوم و أكسن موبيل و شيفرن ) قد اصدر عام 2004 دراسة تحت عنوان (النفط ومستقبل العراق)، حدد فيها طبيعة التعامل مع قطاع النفط العراقي الاستثماري ومخزونه الإستراتيجي على مدى عشرين عاماً .!!

 

ثالثاً- كان عضو الكونغرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري " دينيس كويسينيج " قد صرح، بأن المؤسسة الحكومية الأمريكية المعروفة (International Development) قد دفعت (240) مليون دولار إلى شركة (Paring Point) مقابل كتابة قانون النفط والغاز والعمل على تمريره على البرلمان العراقي .

 

فإذا كانت أمريكا المحتلة للعراق هي التي كتبت قانون النفط والغاز للعراق، فأين هي موقع الحكومة الألعوبة التي يصفها الدستور الأمريكي ذاته من هذا القانون ؟ وأين هو البرلمان الديكور الذي نُصِبَ أعضاؤه لخداع البسطاء من الشعب العراقي ولتضليل الرأي العام العربي والعالمي أيضا ؟

 

في ظل هذه التحركات المريبة، التي تؤسس لقاعدة اقتصادية تتقدمها شبكة انابيب غاز ونفط إيراني عراقي .. تبرز على السطح الأفكار التي طرحها (شيمون بيريز) حول ما يسمى باقتصاد السلام القائم على التعاون، من اجل أمن ووجود (إسرائيل) ، يضمن لها دوراً مركزياً وقيادياً في المنطقة ... هذا ما سنبحثه في الحلقة القادمة.

 

يتبــــــــــــــع ...

 

 





الاربعاء ٢٣ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة