شبكة ذي قار
عـاجـل










قاد يهود فارس هذا الاتجاه ، وساعد على ذلك أن الدولة العباسية قامت بسيوف فارسية ، وأن مفكري الفرس اهتموا بالتفوق في مجالات الأدب والشعر والتفسير والفكر، وذلك ضمن لهم التفوق في المجال السياسي والفكري ، فأصبح الخلفاء يعترفون بفضلهم ، وأصبح منهم العديد من الوزراء والأدباء والسفراء والمفسرين والمؤرخين ، وهنا لابد من الاشارة الى نظرة الاٍسلام للعصبة والتعصب ، الاسلام جاء بتعاليم تعد ثورة تغييرية كبرى في شــــتى المجالات ، فكانت معالجة الاســــــــلام للعصبية القبلية مدعاة للتحابب والمســـاواة في الحقوق والواجبات بين المســــــلمين جميعا ، بمختلف ألوانهم ومشـــــــاربهم وأعراقهم ، وأصبح معيار الايمان هو المحك الوحيد للتمايز والتفاضل بين المســـــلمين مصداقا لقول رب العالمين * يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى ، جعلناكم شــــــــعوبا وقبائل لتعارفوا ، اٍن اكرمكم عند الله أتقاكم ، اٍن الله عليم خبير *   وقال الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم (( وليس لعربي فضل على أعجمي الا بالتقوى )) وقوله )) بعثت اٍلى الأحمر والأسـود )) وقوله (( ليس منا من دعا الى عصبية ، وليـــس منا من قاتل على عصبية ، وليس منا من مات على عصبية )) وســـــئل  صلى الله عليه واله يوما من أكرم الناس ؟  قال ((  أتقاهم   )) وقال الرسول الأمين أيضا )) ألا اٍ ن ربكم واحد ، وأباكم واحد ، لا فضل لعربي على أعجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا لأحمر على أسود ، ولا لأسود على أحمر اٍلا بالتقوى  ليست العربية منكم بأب ولا أم ، ولكن من تكلم العربية فهو عربي )) ، كذلك قال (( من بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه )) إن مبدأ المساواة يحدد مفهوم الإنسان ويمثل بالتالي حجر الزاوية الذي يرتكز عليه بناء النظام الاجتماعي ، وهذا الشعور خاص بالإسلام ، إذ لم يسبق أبدا لدين ، أو لأيديولوجية أن أكداه من قبل بهذه القوة ، وكان الأجدر بحكام بني أمية وســــــاستها أن يحكموا بما أنزل الله ، وهم أقدر على ذلك لما حباهم الله من ملك شـــــــــاسع وأمة تكاثر فيها العجم ، ليسهموا في تكوين دولة إسلامية ميزانها العدل والمساواة بين كافة المسلمين بمختلف نحلهم ومشاربهم ، خاصة وأنهم يحكمون شعوبا عهدهم بالإسلام قريب ، وارتدادهم قائم إذا كانت القدوة لا تستوفي شروطها ، لأن  ألشعوب مولعة بمعرفة مدى التطابق بين القــول والفعل ، كما فعله الخلفاء الراشـدون  ونصرتهم المظلوم  وما أوصى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بمراسلاته للولاة ومنهم مالك بن ألحارث الاشتر (( ولاتكونن عليهم سبعا" ضاريا"تغتنم أكلهم فانهم صنفان : أما أخ لك في الدين ، واما نظير لك في الخلق ، تفرط منهم الزلل ، وتعرض لهم العلل ، ويؤتى على ايديهم في العمد والخطأ ،فاعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفو )) ، وكمقولة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رض (( متى اسـتعبدتم الناس ، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا )) ، وما ذلك إلا نفحات عطرة من مســـك الاٍخاء الإســلامي المجسد في دنيا الواقع  وقد تنبه الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز رض والمكنى بالخليفة الراشدي الخامس إلى أخطاء سابقيه فخالفهم أساليب التعامل مع الرعية  غير أن ذلك لم يكن ليستمر لأنه غير مسيطر في أجندة الدولة الرسمية ، فراحت تطبق سياسة أخرى تتنافى في نهجها مع القيم المرسخة في عهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم  وخلفائه الراشدين من بعده والمنصف لهم يدرك بأنهم تحملوا عبء الفتوحات ، وكانت لهم الرياسة والحظوة ، وجاهدوا في سبيل اٍعلاء كلمته ، وكونوا دولة مترامية الأطراف ، وكانت الغلبية العددية لصالحهم ، ثم فقدوها بســبب ازدياد عددالموالي نتيجة الفتح ، غير أن ذلك لم يشفع لهم الأخطاء التي وقعوا فيها جراء تعاملهم مع أهالى البلدان المفتوحة ( الموالي )  والتي اتسمت بالآتي

 

* -  احتكارهم للمناصب ووظائف الدولة دون غيرهم من المسلمين الأعاجم ، واستثنوا طائفة الدهاقين وهم أمراء بعض الولايات الأثرياء وكبار الاقطاعيين عملا بقاعدة  والشريف من كل قوم نسيب الشريف من كل قوم  كما أشار الى ذلك ابن قتيبة في كتاب العرب والرد على الشعوبية  واتخذوا جواسيس ومفوضين فأثروا على حساب الطبقات الفقيرة    

 

    - *أما القضاء فكانت القاعدة أنه لايصلح اٍلا لعربي ، ولا يؤم بالكوفة اٍلاعربي  .

 

* -  احتقار الموالي وازدرائهم ومعهم غالبية جمهورالعرب لأن الناس على دين ملوكهم كما يشاع  وأطلقوا على من كانت أمه من غيرالعرب لفظة هجين ،والعربي يفخر بأنه ابن حرة ويعد ذلك في نظر المجتمع العربي مفخرة من المفاخر ، ويعير ابن الفارسية بنسبه كأنه نقيصة من النقائص وكان العرب يحتقرون الأعاجم ويسمونهم ( العلوج ) وقد شاع بينهم اطلاق أ سماء الحقارة مثل عبد و رقيق- على الموالي  و دية المولى في المدينة نصف دية العربي  


*
-  يجبر الموالي على المشاركة في الحرب راجلين ، وكانوا يقعدون بأحط الأماكن وأسوئها في الاجتماعات ، ويمنعون من دخول مساجد العرب ، ٍاذ كانت لهم مساجد خاصة بهم  ويتجنب العرب الاختلاط بهم اعتقادا منهم بانهم أرفع منهم أخلاقا وأنسابا ، وعندما كثر الموالي في الأمصار أمر الحجاج بردهم اٍلى قراهم ، فخرجو ا وجعلوا يبكون وينادون يامحمداه ، يامحمداه ، فجعل فقراء أهل البصرة يخرجون اٍليهم مقنعين ويبكون ،  ورغم ماقيل في معاملة أعراب بني امية للموالي ، اٍلا أنه من الانصاف القول بأن هناك من الأتقياء العرب الذين عاملوا الموالي برفق وٍاشفاق ، ووظف العروبيون الأمويون بدأ من سيطرتهم على السلطة ، أساليب الدهاء السياسي ، (( وهم أهل نفوذ ودراية موروثة تعود الى فترة ما قبل الاسلام )) ، وعرف عهدهم تنافسا شديدا على مستوى التصارع بالنصوص نتيجة اتساع الفتوحات وازدياد عدد الموالي ، ولا شك في أن هذا التصارع خلق جوا من التوتر والبحث عن مستندات للهجوم احيانا وللدفاع أخرى ، لهذا تكاثرت الأحاديث الموضوعة المعالجة لقضية الغلبة والتغليب للعصبيات المكونة للنسيج الاجتماعي للدولةالاسلامية فقد أحصى أحدالباحثين الجزائريين  خالد كبير علال - مدرسة الكذابين -  في رواية التاريخ الاسلامي وتدوينه  أكثر من 350 كذابا ، كان جلهم متخصصا في الحديث النبوي الشريف  تجاوزت مفترياتهم الخمسمائة ألف حديث مكذوبة ، بسبب الخلافات السياسية والمذهبية والعصبية القبلية التي عصفت بالمسلمين في فترة صدر الاسلام ، وهذا مادفع الحافظ شعبة بن الحجاج الذي عاش في منتصف القرن الثاني للهجرة اٍلى القول (( ما أعلم أحدا فتش الحديث تفتيشي ، وقفت على ثلاثة أرباعه كذب (( ،   وبهذا يتضح بأن التاريخ الاٍسلامي مليء برويات الكذابين ، وانتبه علماء الحديث اٍلى ذلك ، وركزوا على صحة الاٍسناد وأهملوا المتون حسب راي المحققين المعاصرين . لذا يجب نقدها وتحقيقها وفق منهج علمي شامل يجمع بين نقد الاسناد والمتن ، مع نشر الوعي لتخطي السقوط في مبتغيات الكذابين   ...

 

 

يتبع بالحلقة الرابعة

 

 





الثلاثاء ٢٢ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامـــل عــبـــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة