شبكة ذي قار
عـاجـل










كنت استطلع صفحات هنا وهناك على المواقع الالكترونية , عندما لفت انتباهي عنوان كبير مفاده خطاب للشهيد صدام المجيد لم تسمعه من قبل , فقمت وبحركة سريعة ولا ارادية بفتح هذه الصفحة لسماع نص الخطاب , فالقائد رحمه الله لم يكن يتحدث إلا ما فيه مصلحة الأمة ورفعتها , ولم يكن يوما إلا منارة من منارات هذه الأمة وقادتها الخالدون في كل تاريخها المجيد , بدأ الحديث وكان صوت الشهيد , نعم بنبراته القوية وذلك الحزم الذي عهدناه سابقا , وذلك العمق الذي قراناه في سيرة قادة هذه الأمة الخالدون في ما مضى من عهد بعيد , وكان الشهيد صدام حسين رحمه الله هو من مثل هذا العمق في العهد الجديد لهذه الأمة المجيدة .


لم اعرف ابدا تاريخ هذا الخطاب او مناسبته , وكان كأنه تسجيل للخطاب حيث كان الشهيد رحمه الله يتوقف بين الفينة والأخرى ليعيد كلمة او معنى او عبارة , ويتبادل الحديث مع اخرين ليسألهم عن رأيهم في هذا التعديل , ولكنه صوته الجهوري وتلك النبرات والعبرات والعبر التي لم تكن تخلو في كل كلمة او خطاب او حديث لهذا القائد العظيم .


ابتدأ القائد رحمه الله خطابه بمجموعة من الأسئلة وجهت الى الأمة والى هؤلاء الحكام الذين نصبوا انفسهم لينوبوا عن هذه الأمة المجيدة ...... فمن من هؤلاء الحكام يمثل فعلا شعبه وأمته في موقفه الان وفي الماضي وكيف يتداولون المستقبل ؟ ..... وهل حقا انهم يمثلون امة الحضارة والمبادئ والرسالة ؟ ........ وما هو موقفهم من الصهيونية والامبريالية الامريكية الطاغية في نظرتها للأمة , وكل هذا الحقد والدمار الذي اوصلت الأمة اليه ؟ ..... وما هو تفكيرهم ( أي الحكام العرب ) اتجاه ما احتل من الأراضي وكيف يفكرون في استعادة ما احتل حقا بالفعل لا في القول ؟ .


فلا مجال اليوم للخداع الذي مارسه هؤلاء الحكام , والذي امتهنوه كأسلوب وطريق اتجاه خداع شعبهم , بعد ان هانت انفسهم اتجاه الباطل والأجنبي والصهيونية ليكونوا لهؤلاء خداما ينفذون اوامرهم ويطبقون الخطوات التي يرسمها لهم هؤلاء المستعمرين . وحيث عششت في قلوب وعقول هؤلاء الحكام مفاهيم من بينها التشكيك في قدرة الشعوب والأمم على التحرر والاستقلال , وساروا بمخططات الأجنبي لإخضاع هذه الشعوب ليكونوا جزءا لا يتجزأ من هذه المخططات . وكان مسارهم ( أي الحكام ) من خلال المفاهيم المنحرفة عن الكثرة والقلة , ودورهما وتأثيرهما واستحقاقهما , وانحرافات خطيرة أوصلت الأمة الى أن تكون الكثرة والتي يمثلها الشعب لا معنى لها امام قوة الاجنبي ورغباته وخططه . وصورت أن القلة المنعزلة هي بديلا عن الكثرة صاحبة الحق والمشروع والقلة هنا هي الحاكم المنحرف وأعوانه من الفاسدين والعملاء والمدسوسين .


وذهب القائد رحمه الله في كلامه ليضرب لنا مثلا حيا ان القلة التي يحق لها ان تمثل الكثرة وهي الشعب بكل مكوناته . فكان التاريخ العربي في ظروف النضال والجهاد والنموذج يحمل لنا الكثير من الأمثلة التي يبرز فيها القلة التي تمثل الكثرة بكل معاني التمثيل , وقد مثل الرسل والأنبياء عليهم السلام كل حسب مرحلته ومثل سيدنا محمد عليه السلام لوحده ومثل صحبه أجمعين , ومثل سيدنا عيسى عليه السلام لوحده ومثل صحبه أجمعين كل حسب مرحلته ومثلوا الأمة خير تمثيل .


واليوم يستطيع أي حاكم أن يمثل الأمة اذا كان موقفه مطابقا لقياسات ومعاني الأمة ومصلحتها العليا مع الفرق الكبير والجوهري والنوعي والعظيم بين تلك الأمثلة المشرفة وبين ما يريده الحكام العرب ومعهم كل هؤلاء المنحرفون الى طريقهم , فقد ارادوا في امثلة الضعف والسوء احلال القلة التي لا تحمل ضمير الأمة ومعانيها محل الشعب والأمة .


اما امثلة الاقتدار والإشراق عندما تكون هذه القلة تحمل معاني وتطلعات الكثرة الذين هم الشعب والأمة , وتكون هذه القلة هي التي تحمل العبىء في الظرف الصعب وما يستلزم منه باستحقاق على اساس النية والنظرة والموقف .


على هذا الأساس فان أي حاكم او حتى مواطن أن يمثل او ينوب او حتى ان يكون بديلا عن هذا الحاكم عندما يتردد ذلك الحاكم عن موقف وطني أو قومي مؤمن اتجاه امته او شعبه , او عندما يقلب بالضد من مصلحة الشعب والأمة .


وعلى هذا الاساس كما اشار حديث القائد الشهيد فان أي حاكم هو غريب عن امته وشعبه ولن يكون ابدا هو الممثل لهذا الشعب وهذه الامة عندما لا يرعى مصالحها , أو يتفق بالضد منهم او عندما يكون تحت الطلب ليخدم المستعمر والأجنبي , لذلك نجد الفرق بين عناوين القلة الظالمة والقلة الطليعية , أو الكثرة الشعبية المؤمنة , وهنالك فرق بين الظرف الطارئ والحالة المستديمة وبين التمثيل والإحلال . لهذا كانت الكثرة الشعبية وبخاصة المؤمنة منها وصاحبة القياسات الثابتة والشاملة لمشروعية كل العناوين .


وها هم الحكام العرب يقلبون هذه المفاهيم وكل ما سجله التاريخ المجيد لهذه الامة المصطفاة في ظنهم انهم قادرين على ان يطمسوا فيها الكثرة .
لذا علينا ان نتذكر ان صفات القيادة هي ما تنبثق من بيعة اصيلة وليست بالعمل على طمس الكثرة وإبراز القلة الظالمة والسير بركب المستعمر البغيض .


فها هم هؤلاء الحكام بعد أن اوقعوا انفسهم بعقدة الشعور بعدم الاستحقاق , ليعيشوا تحت سطوة الشعوب بالغربة والخوف من الحاضر والمستقبل , وها هم يشعرون بالانحصار والتناقص في قدراتهم الذاتية بعد ان تخلت قدرة الايمان عنهم عندما تخلوا عن معانيها وطريقها وقدسيتها وابتعادهم عن مرضاة الخالق عز وجل . مما جعل هؤلاء الحكام لا يمثلون الا انفسهم او بالأحرى مصالح اسيادهم على اختلاف مسمياتهم البغيضة .


من هنا ذهب القائد الشهيد رحمه الله في نص كلامه الى أن القلة التي تمثل الشعب والأمة هي القلة التي عمقت مواقف الثبات والصمود والتضحية ...........
او تلك القلة المتقدمة الى الأمام في القتال او النضال او الجهاد او البناء والتي تذود عن الامة في هذا الموقف الصعب ....
او القلة المنتخية للعفة في ظرف اخر .......
او القلة في السخاء والكرم أو القلة في الاقدام بعد ان تكون الكثرة في الاحجام او التردد ............
او تلك القلة التي تحمل المبدئية والوعي بعد ان تكون الكثرة في الخوف والتردد والخور .......


من هنا تكون القلة هي نموذج الكثرة وتحمل المعاني السامية التي ستورثها لاحقا للكثرة , وتنقل الأمة الى الحالة التي لا يكون فيها الفاصل الا الذي يمثل الفاصل في الصفات والتميز . وتكون نظرة الكثرة اتجاه هؤلاء القلة المضحين نظرة اجلال واحترام كونهم حملوا كل معاني التضحية والفداء في اللحظة التي كانت الأمة في غشاوة وغيبوبة وسبات .


نعم هكذا وصف لنا القائد رحمه الله الحال الذي نعيشه وبكل دراية وبعد , وبكل دقة واقتدار لأنه لم يكن ابدا قائد مرحلة فحسب بل كان مشروع امة ونهج وخطى على سيرة من سبقه من قادة الأمة في ماضي بعيد , من هنا فعلى الأمة ان تأخذ وتستلهم من هذا النهج التجربة والعبر لتأخذ مسارها وتعود الى نهجها ورسالتها , فلم يعد هؤلاء الحكام على اختلاف اسيادهم هنا او هناك , لم يعودوا ابدا يمثلون إلا انفسهم وهؤلاء الأسياد بكل مسميات الباطل التي يحملونها , اما القلة المتقدمة في القتال والنضال والجهاد والتي حملت رسالة امة بكل اقتدار , وكانت النهج والمشروع الذي حمى الحمى وحمى الأمة فهي وحدها من تمثل الكثرة أي الشعب والأمة بكل مبدئية ووعي وجرأة وإباء .


فتحية للمقاومة الباسلة التي كانت وستبقى بإذن الله هي الممثل للشعب والأمة , وهي حامي الحمى والنموذج الذي حمل المعاني السامية , والتي بإذن الله ستنقل الأمة الى العزة والكرامة والمجد لتكون كما هو وصفها حقا امة الرسالة الخالدة التي اصطفاها الله لتحمل هذا العنوان بكل اقتدار .

 

 





الجمعة ١٨ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المهندس صهيب الصرايره نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة