شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

حين ينصَبُ التفكير في زاوية واحدة، لا يلامس هذا التفكير كل الحقيقة .. في الوقت الذي يقتضي فيه إدراك الحالة من زواياها المختلفة.. لأن حقيقة الهرم لا تكمن في أحد أضلعه، إنما في كليته على أساس النظرة الشاملة المتفحصة.. بمعنى أيضاً لا يجب النظر إلى الحالة العامة من نظرة خاصة تمثل حقيقة جزئية، رغم أهميتها القصوى في الميزان الذي أطلق عليه (توازن الردع).!!

 

هل تحل مشاكل الشعب كله بهذه النظرية، التي تُحِلُ الخاص محل العام أو تسحبه عليه بدون أي ربط موضوعي وكأن الحالة كائنة في ميدان فرز عسكري بين فريقين يشترط الحال التخندق مع طرف دون الآخر، وكأن الصراع على مستوى خلق الرعب من أجل الردع حالة عامة تخدم بناء الإنسان والمجتمع والدولة .؟!

 

وحين تكون الخنادق متداخلة هل تنفع سياسة الردع بطريقة توازن الرعب ؟ ، ثم ماذا بعد هذه السياسة ؟ وما هي الوسيلة التي ستستخدم للوصول إلى أهداف التحرر وبناء الدولة والمجتمع والإنسان بناءً وطنياً وليس طائفياً أو عرقياً ؟

 

وتبعاً لتلك اللغة التي يتحدث بها أحد الكُتَاب عن الردع في (موقع كتاب من أجل الحرية)، رغم أهميته، فأن المُحاجَةُ الموضوعية، هل أن كل الشيعة هُمْ من أصول إيرانية ؟ ألم تكن غالبيتهم عرب ؟ هل من الصواب وضعهم بمستوى الذين هم من أصول فارسية كما فعل الزرقاوي ؟ وهل كلهم يكرهون أهل السنة والجماعة ؟ هل يخلوا هذا المذهب من متطرفين ؟ وكذا الأمر، هل يخلوا المذهب السني من متطرفين ؟ ألم يكن كل الأديان، الإسلام والمسيحية واليهودية، بكل طوائفها وفرقها، فيها متطرفون ؟ ألم يشكل المتطرفون الاستثناء في قاعدة عامة هي الاعتدال ؟ وهل من المنطق الخلط بين القاعدة والاستثناء على خط التصادم لخلق سياسة الردع ؟!

 

نعم ، سياسة الردع مطلوبة، مطلوبة الآن لحماية المواطنين من التهديد الذي يصل إلى بيوتهم، ولكن من حيث المبدأ ، لا يجوز مواجهة الرد الطائفي برد طائفي مقابل ، وإلا فأن المأزق سيكون طائفياً .. وهل أن الحلول يتوجب أن تكون طائفية ؟ ولما كان الشيعة الصفويون يمارسون الطائفية في كل سلوكياتهم ويثقفون عليها، فهل يجوز مقابلتهم بالأسلوب الطائفي ذاته في أوساط الشعب الذي يرفض الطائفية جملة وتفصيلاً ، أم تعريتهم وكشفهم على حقيقتهم ؟

 

هنالك مقاربة أخرى، تعتبر مدخلاً للحديث عن السلوك والمنهج في لغة الكاتب .. ففي الوقت الذي يتمسك فيه الحاكم الصفوي في بغداد بالفقرة (4) من المادة (13) إرهاب سيئة الصيت ، هل يجوز أن تقدم له (جهة لغة الردع) على سبيل الافتراض ، ذريعة أو مبرر للتمسك بهذه الفقرة ، التفجيرات على أساس سياسة الردع ؟! ألم يشكل هذا الفعل مدخلاً للشك والريبة ؟ فبدلاً من إسقاط الذرائع والعمل على سحب البساط من تحت أقدام الحاكم الصفوي، يأتي الأمر على النقيض .. لماذا ؟ نعم ، الصهاينة يقتلون اليهود من أجل خلق الذريعة .. والصفويون ينسفون مناطق الشيعة من أجل خلق الذريعة ، والحالة هذه ينبغي احتسابها بكل دقة ، فلماذا الاستغراب ؟

 

أما المنهج، فأن عملية التحرير تقتضي إستراتيجية شاملة - وهي موجودة - للتحرير والبناء، تنطلق من قاعدة عامة تراعي استثنائها ولا تلغيه، ألا وهو الردع.. وترى عدم جواز أن تنطق البندقية بدون منهج، والسياسة هي التي تجعل البندقية تتكلم في المكان والزمان المعينين، ولكن بلغة البندقية إذا اشتد أوارها، وبلغة السياسة والفطنة الدبلوماسية إذا اقتضى الأمر ذلك، وكلاهما جناحان متكاملان يعتمد أحدهما على الأخر.. فلا حوار سياسي ناجح بدون دعم القوة، والقوة لوحدها غير كافية بدون منهج سياسي واضح ودقيق ومقبول.. وعلى هذا الأساس اعتمدت حركات التحرر في العالم على هذين الجناحين، العسكري والسياسي، اللذين يديران عملية الصراع ، على وفق قواعد العمل الإستراتيجي في إطاره العام، دون إغفال موازين القوى الذاتية والموضوعية وقياساتها على من حولها أولاً، ودون إهمال العمق الإستراتيجي المادي والسياسي والإعلامي والبشري ثانياً .

 

المهم في الأمر هو العمق الإستراتيجي، وفي مقدمته تقع الحاضنة الجماهيرية التي يتوجب حمايتها بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، بما فيها استخدام أسلوب الردع المحدود، حيث إمكانية الجمع بين الدفاع "الحماية" وبين الهجوم "الردع" في آن واحد.

 

(( المعلومات المؤكدة التي تم التعتيم عليها محلياً تشير حسب مصدرها إلى :

 

1- الحركة التي قامت بها عمليات نينوى يوم 12/2/2013 بالالتفاف حول الجزيرة الممتدة ما بين محافظتي نينوى والأنبار للسيطرة على خط الحدود العراقية السورية، بواقع (34) آلية عسكرية مدعومة بمروحيتين عسكريتين .. تصدت لها المقاومة الوطنية العراقية في معركة خاطفة دمرت خلالها تلك الآليات وفتكت بمن فيها وأسقطت أحدى المروحيتين ولاذت الأخرى بالفرار.

 

2- تحركت يوم 17/2/2013 قوة عسكرية قوامها أكثر من (150) آلية عسكرية مدعومة بسلاح جوي .. وكذا الحال حيث أنقضَتْ عليها فصائل المقاومة الوطنية بمعركة حادة ألحقت بها هزيمة ساحقة وكبدتها خسائر بالأرواح والمعدات ، أحرقت معظم العجلات العسكرية، كما تم إسقاط مروحية . )) .

 

فالحماية قائمة والردع قائم في الإطار العام التعبوي، والشروط الذاتية قد تبلورت على طريق الإنضاج والتكامل، ولا خوف على المنهج السلمي لثورة الشعب على جلاديه، واليقظة تأخذ زخمها كالنار في الهشيم من الشمال إلى الجنوب، لأن المشكلة واحدة تكمن في الظلم العام وفساد حكومة عميلة ودستور صنعه الاحتلال، وما دام الظلم قد وقع على الجميع فأن عزف أحزاب السلطة المارقة على المظلومية والطائفية من الصعب تصديقه والرهان عليه .

 

وعلى هذا الأساس، من الصعب تقبل حالة الفرز، وكأن الميدان محكوم بمعسكرين اثنين يحضران أرض المعركة ، وإغفال حالة تداخل الخنادق الكائنة في نسيج المجتمع بشكل عام، وفي الوقت ذاته الانتباه إلى تأثير الفرز أو العزل بجدران الفصل الطائفي في مناطق، وفرض الإقامة الجبرية على مكون، ومحاولة طرد وتشتيت هذا المكون من مناطقه والتهديد بإبادته ، الأمر الذي يستوجب الرد .

 

الحاكم الصفوي يطلق ضباعه من اجل التهديد بإخلاء المناطق، والخيار هو التهجير القسري أو القتل .. الأمر الذي يستوجب الرد الرادع القوي، وضرب العصب المغذي للحراك المعادي للشعب .. العصب المؤثر في ميزان القوى على أرض الواقع من أجل تغيير المعادلة برمتها .!!

 

 

 





الجمعة ١١ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / شبــاط / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة