شبكة ذي قار
عـاجـل










هذا مقال نشره لي موقع البصرة في 24 آذار 2010 نقلاً عن صحيفة الوطن البحرينية، تطرقت فيه إلى مقاومة البغداديين للاحتلالين التتري والكوني، الذي قادته أمريكا، مما يتبين أن البغداديين لا يحتاجون إلى حث أو نخوة لمقاومة الاحتلالات أو الظلم الذي يمارسه المستبدون ضد شعب العراق، بوصف بغداد أم العراقيين جميعاً، ولكن البغداديين يعرفون اللحظة التي يدخلون فيها المعترك فيحسمون ما طال حسمه.


في خاتمة هذا المقال تساءلت: "وأين هم التتر الذين غزوا العراق عام 1258؟. ولسوف نقول يوماً: وأين هم الأمريكان الذين غزوا العراق عام، 2003 كما قلنا في القرن الماضي: وأين هم الإنجليز الذين غزوا العراق عام 1914؟.  


وفعلاً أينهم الآن، إذ هربوا وأبقوا ذيولهم ووكلاؤهم ؟
وأعجبني تعليق لعراقي على شبكة التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" قال فيه: بعد أيام قليلة سنقول عن جماعة المالكي أيتام النظام السابق.


وفي هذا القول، رغم قصره، ما فيه من مغزى عميق ومن ترجمة لتطلعات شعب كامل، لكنه جاء بصياغة بلاغية موحية ومكثفة.


أيها الأخوة أريد ان أطمئنكم إلى أن بغداد ستنتفض قريباً لتحسم الأمر .. فصبراً قليلا ..


http://www.albasrah.net/ar_articles_2010/0310/shama3_240310.htm

 

احتلال العراق بين التتار والأمريكان


شبكة البصرة
سلام الشماع


مع الاحتلال الأمريكي للعراق واجهنا أرقاماً فلكية حدثتنا عن أن هناك أكثر من مليونين و500 ألف شهيد (حسب إحصائيات وزارة الصحة العراقية والطب العدلي حتى ديسمبر 2008)، ومليون أرملة عراقية (حسب إحصائية رسمية صادرة عن وزارة المرأة العراقية عام 2008) وأربعة ملايين طفل يتيم (إذا كان معدل العائلة العراقية من 4 إلى 6 أطفال حسب تقديرات وزارة التخطيط) و800 ألف مغيب (حسب إحصائيات الدعاوى المسجلة لدى وزارة الداخلية العراقية حتى ديسمبر 2008)، و340 ألف سجين في سجون المحتل وسجون الدولة الحالية وما يسمى إقليم كردستان (حسب إحصائيات مراصد حقوق الإنسان، علماً أن القوات الأمريكية المحتلة كانت قد اعترفت رسمياً بوجود 120 ألف سجين لديها، وأربعة ملايين و500 ألف مهجَّر خارج العراق (حسب إحصائيات المتقدمين إلى جوازات فئة (ج) لدى مديرية الجوازات العراقية حتى نهاية ديسمبر 2008) إضافة إلى مليونين و500 ألف مهجر داخل العراق (حسب إحصائيات وزارة الهجرة والمهاجرين والمهجرين العراقية). وطبعاً هذه الأرقام قفزت منذ عام 2008 إلى الآن وارتفعت. قارنوا الآن بين ما حدث في بغداد عام 1258 وما جرى لها في عام 2003 وإلى الآن، وإلى أن يخرج المحتل مدحوراً تلاحقه لعنات اللاعنين. أردت من خلال هذا الحديث أن أتطرق إلى كلام مؤسف يتداوله بعض الناس هنا وهناك من دون أن يخضعوه إلى منطق العقل، وهو قولهم أن لا مقاومة في العراق وإن ما يحصل هو عمليات إرهابية، وهذا هو ما يشيعه المحتل الباغي عبر مكانته الإعلامية الهائلة، مع عدم امتلاك المقاومة الوطنية العراقية إعلاماً يصل إلى الناس. إن هذا يشبه ما روّجه الإعلام التتري عقب احتلال بغداد سنة 1258م والذي وصل إلينا عبر كتب التاريخ التي تحدثت لصالح الاحتلال التتري، مثال هذه الرواية التي تقول إن جندياً من المغول بمفرده أسر أربعين رجلاً من أهل بغداد، وأمرهم أن يقفوا مرفوعي الأيدي على حائط بيت من بيوت بغداد، وألا يتحركوا من أماكنهم؛ حتى يعود إليهم ويقتلهم، وبالفعل ظلّ هؤلاء الأشخاص في أماكنهم حتى عاد إليهم الجندي المغولي بعد فترة من الوقت وقتلهم!!!. لكن التاريخ حدثنا عن مقاومة البغداديين للتتر وأن التتر لما حاصروا بغداد لم يقووا على فتح ثغرة في سورها الذي يحيط به خندق تجري فيه المياه من بقاياه الآن حديقة الأمة في الباب الشرقي، فلا باب الطلسم ولا الباب الوسطاني ولا باب كلواذى ولا باب السلطان انهارت أمام هجماتهم فعمدوا إلى أوهن نقطة في هذا السور هي برج العجمي واخترقوا بغداد منها وجرى قتال شرس دام حسب كتب التاريخ أربعين يوماً. وقد رأيت بعيني القتال الشرس للبغداديين والعراقيين عموماً سواء قبل احتلال بغداد أو بعده عام 2003 وتنقلت بين أكثر من محافظة ولمست رعب الجيش الأمريكي من الأساليب القتالية غير المسبوقة التي اتبعتها المقاومة العراقية الباسلة والتي لاتزال إلى الآن توقع الخسائر بالمحتلين. فهل الأعداد الكبيرة من ضباط الجيش الأمريكي وجنوده الذين حملوا في توابيت إلى واشنطن ومن الضباط والجنود البريطانيين الذين حملوا في توابيت إلى لندن كان سبب موتهم صعقة كهربائية، أم هو فعل المقاومة التي دوختهم والتي لم يتوقعوها، بل كانوا يتوقعون الاستقبال بالورود؟.

 

إنهم يريدون تصوير الأمور على وفق هواهم، فقد روجوا أن المقاومة محصورة في المثلث السني، في حين أن أرض العراق كلها قاومتهم، من أم قصر في الجنوب إلى زاخو في الشمال، ثم قالوا إن المقاومة تشعلها (فلول البعث)، وإذا العراق كله يقاوم وصار كل شبر فيه يلد قتلاً للمحتل أو خوفاً وهلعاً، وإذا رجال المقاومة من العرب والأكراد والتركمان، من المسلمين والمسيحيين، من السنة والشيعة، وكل عراقي يقاوم بطريقته الخاصة. وقالوا إن هناك عصابات إرهابية تقتل الناس، والعراقيون عرفوا الفرق بين فعل المقاومة وبين فعل هذه العصابات التي أطلقها المحتل نفسه. وأريد أن أوجه هذا السؤال لمن صدق أضاليل المحتلين: هل يوجد شعب في الأرض لا يقاوم محتلاً يغزو بلده؟.. وإذا كانت لكل شعب غيرة على بلده فلماذا يُستثنى العراقيون من هذه الغيرة، وهم المعروفون بحبهم لبلدهم؟. إن المقاومة العراقية قلبت حسابات المحتل كلها، واستعجلته على الرحيل والانسحاب من العراق وأثبتت له أنه من الحماقة بحيث غزا شعباً لم يدرس تاريخه وطباعه قبل أن يفكر بغزوه، وسيأتي اليوم الذي تثبت فيه هذه المقاومة المظلومة التي لا يحتضنها إلا شعبها أنها انتصرت على جيوش أعظم إمبراطورية في العالم بسلاح هو من صنع يديها وبأساليب يبتكرها رجالها. ولسوف ترينا الأيام المقبلة أن أعظم جيوش الدنيا لا يمكن أن تنتصر إرادته على إرادة شعب مهما كان هذا الشعب من الضعف أمام جبروتها التكنولوجي، فكيف بشعب العراق الذي هو شعب مقاتل أصلاً؟.. وأين هم التتر الذين غزوا العراق عام 1258؟. ولسوف نقول يوماً: وأين هم الأمريكان الذين غزوا العراق عام ، 2003 كما قلنا في القرن الماضي: وأين هم الإنجليز الذين غزوا العراق عام 1914؟.


الوطن البحرينية

 

 





الاحد ١٥ ربيع الاول ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / كانون الثاني / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة