شبكة ذي قار
عـاجـل










يقول الدكتور محمد عبد المعز نصر (( الديمقراطية ليست مجرد شكل من أشكال الحكم ، فهي ليست أساسا شكلاً من أشكال الحكم ، فالحكم الديمقراطي يعني دولة ديمقراطية ، ولكن الدولة الديمقراطية لا تعني بالضرورة حكومة ديمقراطية ، فالدولة الديمقراطية تتسق مع أي نوع من الحكومات – ديمقراطية ، أوتوقراطية ، ملكية – وقد تضع السلطة العليا في أيد دكتاتورية كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية من الناحية الواقعية في أوقات الأزمات فيما يتصل برئيس جمهوريتها ، وكما يقول " هيرنشو " إن كل ما تعنيه كلمة الديمقراطية ، هو أن المجتمع ككل يملك سلطة السيادة ويحتفظ بالسيطرة النهائية على الأمور العامة ، فالديمقراطية كشكل من أشكال الدول هي مجرد طريقة لتعيين الحكومة والإشراف عليها وعزلها )) وهنا ألسؤال يطرح وبقوة هل ائتلاف دولة ألفافون وهيكليته حزب الدعوة العميل وما تشعب منه من كتل وكيانات تظهر هنا وهناك يؤمن بالديمقراطية ويعطيها البعد الرقابي والإشرافي على مؤسسات الدولة الطافية على بحر الفساد والإفساد وسرقة المال العام ؟ ، دستور الدولة – أية دولة – في ديباجته أو في مواده الأولى عادة ما يتناول مفردات منها ، بأن الدولة ديمقراطية أو دستورية وبالتأكيد فإن الإشارة إلى ذلك من خلال الدستور لا تكفى بأن تكون الدولة ديمقراطية ، أو أن نظام الحكم فيها هو نظام ديمقراطي إذا كان المنفذ لمواد الدستور غير مؤمن بها وكحد أدنى غير متوافق معها ، فالأساس في تحديد ذلك هو الممارسة الفعلية من حيث التطبيق واستنباط القوانين والأفعال الإجرائية من وحي الدستور، والأسلوب المطبّق في ممارسة السلطة هو الذي يحدد الخط الذي تسير عليه الدولة وكما هو الحال السائد ألان في العراق الذي يدعونه جديدا" وحقيقته النظام المرتد على الشرعية بفعل الغزاة والمحتلين ومن انتهج نهجهم وارتضى أن يكون دليلا ذليلا" لهم ، والاشتراط الأساس إذا كان النظام يتيح بشكل واضح المجال للشعب كل الشعب لممارسة السلطة أطلقت عليه صفة الديمقراطية التي هي أصلا تعني ، كما أشرنا حكم الشعب أو سلطته ، وهنا بودي الإشارة إلى حقيقة وهي أن الإصلاح الديمقراطي من وجهة النظر الغربية بات متعلق إلى حد كبير بشخصية الحاكم ، فإذا كان رأس النظام السياسي في دولة ما فردا كان أو مجموعة أفراد خاضعا بشكل يلبي ما يحتاجه الغرب وأمريكا ، فإن ذلك يجنبه متاعب الإصلاح ، وإذا كان ليس كذلك فإن الدول الكبرى القوية اقتصادياً وتكنولوجياً وأيضاً عسكرياً تفرض عليه الإصلاح الديمقراطي بالمقاييس التي ترسمها له ، بغض النظر عما إذا كان النظام السياسي ديمقراطياً أم لا في كلتا الحالتين ، من اجل التواجد الفعلي ضمن تلك الدولة بالمباشر أو غير المباشر للحفاظ على مصالحها أو مصالحهم الإستراتيجية ،

 

إن تناول مسألة الديمقراطية من منظور تقليدي ، لا يزيدها إلا ضبابية وتداخل في المعاني ، والبعد بها أكثر عن المدلول الأساسي الذي دعت إليه الحضارة الإغريقية القديمة ، فإذا ما وجهنا سؤالاً محدداً لكل أنظمة الحكم السياسية بمختلف تسمياتها ملكية كانت أم جمهورية أو إمارة أو سلطنه كيف تقيّمون نظام الحكم عندكم ؟ ، ستكون الإجابة تقليديا" وبالرغم من الاختلاف في البناء السياسي لتلك الأنظمة ، بأن نظمهم ديمقراطية وهنا تبتعد الديمقراطية عن مدلولها الحقيقي ، لتكون أسلوب حكم يكفل مصالح من هم في إطار النظام السياسي ، وبذلك يختلف أسلوب ممارسة الديمقراطية من نظام لآخر ، في الوقت الذي يؤكد الواقع السياسي والاجتماعي والباحثين في علوم السياسة والاجتماع بأن (( ليس للديمقراطية إلا أسلوب واحد ونظرية واحدة وما تباين واختلاف الأنظمة التي تدعي الديمقراطية إلا دليل على أنها ليست ديمقراطية ، ليس لسلطة الشعب إلا وجه واحد ، ولا يمكن تحقيق السلطة الشعبية إلا بكيفية واحدة وهي المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية )) ، وبذلك جاءت النظرية الجماهيرية بحل مشكلة كبر حجم المجتمعات الذي تدعيه النظم السياسية التقليدية ، حيث أن تقسيم المجتمع إلى مؤتمرات شعبية وإلى كومونات يجعل من اليسير تواجد كل المستهدفين قانونيا رجالاً ونساء يمارسون الديمقراطية المباشرة بكل يسر ويكون لمنظمات المجتمع المدني الحقيقية التي نشأت بفعل الحاجة المجتمعية وليس من خلال إيجاد موطئ القدم للقوى التي تعمل من اجل الاحتواء والهيمنة والتسلط في كافة الميادين ، فمثلا عندما كانت دولة المدينة في العهد الإغريقي كانت الديمقراطية المباشرة تعني تجميع كل الرجال الأحرار بالدولة في مكان عام كي يناقشون كل ما يتعلق بأمورهم ، إلا أن الأمر اختلف بعد عصر النهضة في أوربا وقيام الدولة الحديثة ، التي تميزت بالعدد الهائل للسكان ، ما دعا المفكرين إلى الدعوة أولاً لإقامة النظم الديمقراطية في أوروبا ، خاصة بعد عصور الظلام التي مرت بها والناجمة عن قيام الكنيسة بتولي مسؤولية الحكم وأصبح القس هو الفاعل الأساس في الحياة اليومية مما ولد التشويه الفعلي لإنسانية الروح المسيحية الداعية إلى الألفة والمحبة والسلام ، فكان الحكام في ظل النظام الثيولوجي القائم حينها ، هم ظل الله في الأرض ،

 

بعد ذلك كان هَم العلماء والمفكرين هو كيفية ممارسة الشعب للسلطة ، وحيث أنه حسب وجهة نظرهم ، لا يمكن جمع الناس في مكان واحد ، فإن الأصلح هو أن يختار الشعب من يمثله وينوب عنه في ممارسة السلطة ، فكان ذلك سمة مميزة للعصر الحديث الذي تم فيه تأويل مصطلح الديمقراطية ، بحيث صارت الديمقراطية تعني أن الشعب هو مصدر السلطة والقوة الرقابية التي تحدد تجاوز الإدارة لحدود مسؤولياتها التي تحددها الدساتير ، لكنه لا يمارسها مباشرة بالضرورة ، فيستطيع أن يوكلها إلى مجموعة من أفراده اتفق على يطلق عليهم وصف النواب لإنابتهم الشعب من خلال المحددات العددية التي يتم الانتخاب بضوئها ليتولوا ممارستها نيابة عنه ، فأصبح بذلك المعنى المقصود غالباً بالنظام الديمقراطي هو النظام النيابي أو البرلماني ، إلا أن مساوئ هذا النظام بدأت تبرز ومن أهمها أن النائب بعد فوزه في الانتخابات سرعان ما ينفصل عن قاعدته الشعبية فبدلا من تفقد الشعب وناخبيه يعمل على أن يكون الناخب هو الباحث عنه والمطيع له والملبي لرغباته ومن هنا يكون الانحراف التسلطي الذي تم الاتفاق على أن يسمى بالتسلط الفردي أو الدكتاتورية التي تتيح للسلطة أن تتشرعن بغيها وترى كل ما يتعارض مع حاجات الشعب هو الحقيقة وليمثل مصالحه الخاصة التي لا تتعارض مع مصلحة النظام السياسي القائم ، وحتى وإن كان النائب ذو ضمير حي ، فإنه لا يستطيع بأي حال أن يعبر عن كل احتياجات أفراد الشعب التي لا يعبر عنها سواهم ، وبذلك فإن النظرية العالمية الثالثة استلهمت الفكر الإنساني ومعاناته لتقدم الحل النهائي لمشكلة الديمقراطية ، حيث يجب أن يمارس الشعب السلطة مباشرة ، دون نيابة ودون وسيط ، وذلك عن طريق مؤتمراته الشعبية ولجانه الشعبية ، وما يترتب عن ذلك من بناء سياسي

 


يتبع في الحلقة السادسة

 

 





السبت ١٤ ربيع الاول ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / كانون الثاني / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامـــل عــبـــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة