شبكة ذي قار
عـاجـل










إذن نحن أمام مواد تكرس هيمنة طائفة مذهبية على حساب بقية المذاهب الإسلامية الأخرى التي يدعي النظام الإيراني بدستوره مساواتها في الحقوق والحريات والمواطنة ، ولن تحلم أي طائفة بتغيير الوضع سلميا مهما بلغ تعددها السكاني وثقلها الانتخابي ففي حين تسمح المادة السابعة والسبعون بعد المائة بإعادة النظر في دستور جمهورية إيران في الحالات الضرورية إلا أن مضامين المواد المتعلقة بكون النظام إسلاميًا وقيام كل القوانين والمقررات على أساس الموازين الإسلامية والأسس الإيمانية وأهداف جمهورية إيران الإسلامية وكون الحكم جمهوريًا ، وولاية الأمر ، وإمامة الأمة ، وكذلك إدارة أمور البلاد بالاعتماد على الآراء العامة والدين والمذهب الرسمي لإيران هي من الأمور التي لا تقبل التغيير، كما أن توجه الدولة في سياستها الخارجية ونظرتها لمحيطها الإقليمي محكوم على أساس طائفي باعتبار أن أتباع المذهب الشيعي المعتقدين بولاية الفقيه هم رعايا للفقيه القائم مقام الإمام المعصوم وهنا تنعكس التبعية الفقهية إلى تبعية سياسيه لان ولي أمر المسلمين وفق نظرية ولاية الفقيه هو المرشد الأعلى للثورة الإيرانية وتنحصر بيده كل الأمور السيادية وهذا المفهوم يكرس في منطوق المادة الرابعة والخمسون بعد المائة من الدستور المتخصصة بشأن السياسة الخارجية الإيرانية حيث تنص على أن (( جمهورية إيران الإسلامية تقوم بدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أية نقطة من العالم ، وفي الوقت نفسه لا تتدخل في الشئون الداخلية للشعوب الأخرى )) ،

 

وشعار المستضعفين ضد المستكبرين اليوم يستخدم في أدبيات الأقليات الشيعية في المنطقة وهي تثور بمساندة بالولايات المتحدة ( الشيطان الأكبر) للوصول إلى السلطة ، ومن خلال هذه الرؤية السياسية التي تمنح النظام الإيراني الحرية المطلقة والحق في التدخل بالشأن الداخلي لدول الإقليم والعالم تحت يافطة نصرت المستضعفين وتحريرهم من التسلط العبودية والتسلط والحرمان ، ومن ابرز الشعوب المتضررة هم العرب وخاصة الأقطار الخليج العربي والجزيرة عبر التاريخ القديم والحديث وهناك من يدافع عن هذه التوجهات وينظر البعض إلى أن إيران اليوم هي حاملة لواء الإسلام والمدافعة عن الأمة الإسلامية وعن مقدساتها ، وهي نظرة في الحقيقة تدلل على الاستسلام الفكري للفرس المتطلعين إلى إحياء إمبراطوريتهم بأبعادها ، كما انه رأي لا يخلو من الغفلة وعدم الفطنة والتفحص والتحليل وغياب الوعي ونسيان التاريخ الذي يوثق كل العدوان والتجاوز الذي تعرض له الوطن العربي من بلاد فارس والمعارك الملحمية التي خاضتها ألامه دفاعا" عن تأريخها وتراثها ووحدتها المجتمعية ، فالعلاقة بين الأمة العربية و القومية الفارسية خلال عهود التاريخ لم تتسم باللقاء أو التصالح وبالرغم من تمكن الملك الفارسي كورش عام 542 ق.م من احتلال العراق وأرض الشام ومن تمكن ابنه من احتلال مصر وبعض بلاد العالم القديم ، إلا أن الجزيرة العربية ظلت مستعصية على الفرس ولم يخضع العرب لسلطان الفرس ، وإنما كان فيهم حلفاء لهم واستمر الحال كذلك إلى أن عمد الملك الفارسي سابور الثاني عام 370م بشن حملة إبادة ضد العرب فتك فيها بقبائل العرب على الساحل الإيراني وعبر الخليج ، وحاول التوغل في جزيرة العرب فقتل من تمكن منه من العرب ، وهجر قبائل منهم وقد خضع العرب في العراق أو ما كان يعرف بأرض الحيرة ، وفي البحرين على سواحل الخليج العربي للنفوذ الفارسي حتى مجيء الإسلام كما امتد نفوذ الفرس حتى اليمن وكان الفرس في حكمهم وقتالهم للعرب عتاة وقساة ومجرمون ، وكان العرب لتفرقهم أصعب من أن يواجهوا الفرس ويتغلبوا عليهم ومن بين المعارك المشهورة التي تغلب فيها العرب على الفرس معركة ( ذي قار ) ومعركة القادسية الأولى التي مهدت لمعركة فتح الفتوح ( نهاوند ) ليفتح المسلمين فيها بلاد فارس ومن هنا فان دخول الفرس للإسلام كان بحتف السيف العربي ، ولابد من الإشارة هنا إلى السلوك الاجتماعي الذي يميز الفرس بعلاقاتهم مع العرب فإنهم كانوا يستهينون بهم ويعاملونهم باستعلاء وعنصرية شديدة تعبر عن روح الحقد والكراهية ، وحيث أن الفرس كانوا أصحاب رؤية توسعية وحلم إمبراطوري فقد احتكوا منذ القدم بالغرب ودخلوا معه في صراع نفوذ وهيمنة على المنطقة الممتدة من إيران وحتى فلســـطين وقد ســـجل القرآن الكريم مشهدا لهذا الصراع في مطلع ســـورة الروم * ألم ، غلبت الروم في أدنى الأرض ، وهم من بعد غلبهم سـيغلبون ، في بضع سـنين ، لله الأمر من قبل ومن بعد ، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم* وقد عبر القرآن الكريم عن فرح المسلمين بانتصار الروم نظرا لكونهم أهل كتاب في حين كان الفرس عبدت للنار، فكان في انتصار أهل الكتاب إشارة لانتصار قيم الحق السماوية وهو ما يبشر المسلمين بانتصارهم على من سواهم نظرا للحق الإلهي المطلق الذي يحملونه ، وبعد هجرة الرسول الكريم النبي العربي القرشي ألمضري محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله وسلم إلى المدينة المنورة ، وعقب عقد اتفاق صلح الحديبية مع كفار قريش ، بعث الرسول الكريم ص إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام فبعث بعبد الله بن حذافة السهمي إلى ملك الفرس كسرى يدعوه للإسلام فما كان من كسرى إلا تمزيق كتاب النبي صلى الله عليه واله وســلم متطاولا على مقام الرسول بالشتم وتمزيق الكتاب وقتل حامله ، فلما أخبر الرسول الكريم بما كان من أمر كسرى دعا عليه بقوله ( مزق الله ملكه )

 

 

يتبع بالحلقة الرابعة

 

 





الجمعة ٧ صفر ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / كانون الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامـــل عــبـــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة